السبت 12 / ذو القعدة / 1446 - 10 / مايو 2025
قَالُوٓا۟ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِى ٱلْمَدَآئِنِ حَٰشِرِينَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

فلما تشاوروا في شأنه وائتمروا فيه اتفق رأيهم على ما حكاه الله تعالى عنهم في قوله تعالى: قَالُواْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ ۝ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ [سورة الأعراف:111-112].
قال ابن عباس - ا - : أَرْجِهْ [سورة الأعراف:111] أخِّرْه وَأَرْسِلْ [سورة الأعراف:111] أي: ابعث فِي الْمَدَآئِنِ أي: في الأقاليم ومدائن ملكك حَاشِرِينَ أي: من يحشر لك السحرة من سائر البلاد ويجمعهم.
 

مرات الإستماع: 0

"قوله تعالى: أَرْجِهْ [الأعراف: 111] من قرأه بالهمز فهو من أرجأت الرجل إذا أخَّرته، فمعناه: أخرهما حتى ننظر في أمريهما.

وقيل: المراد بالإرجاء هنا السجن، ومن قرأ بغير همزٍ، فتحتمل أن تكون بمعنى المهموز، وسُهِّلت الهمزة، أو أن تكون بمعنى الرجاء، أي: أطمعه، وأما ضم الهاء، وكسرها فلغتان، وأما إسكانها فلعله أجرى فيها الوصل مَجرى الوقف". 

قوله: أَرْجِهْ [الأعراف: 111] يقول: "من قرأه بالهمز" وهذه قراءة ابن كثير، وهشام، وابن عامر[1] بالهمز مع الإشباع: (أرجئُهُ) يعني كأن فيها الواو.

وفي قراءة أبي عمرو: (أرجئهُ)[2] يعني من غير إشباع، مع الضم.

وفي قراءة ابن عامر، من رواية ابن ذكوان: (أرجئهِ)[3] بالكسر من غير إشباع.

يقول: "فهو من أرجأت الرجل إذا أخَّرته" يعني أخرهما حتى ننظر في أمريهما، باعتبار مجيء السحرة، ومقابلة هذه الآية بالسحر. 

وقيل: "المراد بهذه الآية هنا السجن" بمعنى أن هذا الذي حُبِس كأنه أُخِّر، وأُبعد فلا يختلط بالناس، ولا يرونه، لكن هذا فيه بُعد؛ لأنهم قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ [الأعراف: 111] يعني أخِّر أمره حتى تأتي بالسحرة، فيقابلون ذلك بالسحر.

يقول: "ومن قرأ بغير همزٍ" وهو عاصم، وحمزة أَرْجِهْ [4].

وفي قراءة نافع، والكسائي (أَرْجِهِ) بإشباع الكسرة[5] فتحتمل أن تكون بمعنى المهموز، وسُهِّلت الهمزة بمعنى واحد، أو يكون بمعنى الرجاء أَرْجِهْ بمعنى أطمعه، ليكف، ويركن إلى ما تعطيه من العطاء المادي، فيترك ما هو فيه.

وأما ضم الهاء، وكسرها فلغتان: (أرجُهُ) و(أرجِهِ) سواء بإشباع، أو بدون إشباع، فهاتان لغتان.

"قوله تعالى: حَاشِرِينَ [الأعراف: 111] يعني الشُرط، أي: جامعين للسحرة". 

أصل الحشر هو سوقٌ، وبعث، ويقال لإخراج الجماعة عن موضعهم، أو مقرهم، إما إلى حرب، أو غير ذلك، يعني يرسل إليهم شُرط، أو نحو ذلك، يحشرون هؤلاء، ويجمعونهم إليه، ويُحضرونهم بالإلزام.

  1.  السبعة في القراءات (ص: 287) ومعاني القراءات للأزهري (1/415) والعنوان في القراءات السبع (ص: 96).
  2.  العنوان في القراءات السبع (ص: 96).
  3.  السبعة في القراءات (ص: 288).
  4.  حجة القراءات (ص: 290).
  5.  المصدر السابق.