السحر الذي جاء به السحرة الذين أرادوا أن ينتصروا به على موسى ﷺ هو من باب سحر التخييل، لكن ليس معنى ذلك أن السحر بجميع أنواعه من هذا القبيل، فبعض أهل العلم يقول: السحر هو سحر أعين الناس فقط بمعنى أنه لا حقيقة للسحر وإنما هو تخييل وتزييف فيتراءى للإنسان مثلاً أن هذا يدخل حديدة في جوفه، فهذا تخييل، لكن ليس كل السحر تخييلاً، فمثلاً من يرفع الإنسان ويجعله معلقاً بالهواء - كما تعرض بعض القنوات الفضائية - هذا قد يكون تخييلاً للناس وهو ليس كذلك، وقد تكون الشياطين هي التي ترفعه، ولذلك إذا جاء أحد وذكر الله، وقال رقية أو نحو ذلك فإن هذا المعلق يسقط، حيث يبطل عمل الساحر ويتخلى عنه الشيطان الذي يحمله كما حصل لأناس كانوا يرتفعون بالهواء ويطيرون فلما حصل لبعض من ورث ذلك عن أبيه وذكر الله لما ارتفع سقط وتكسر وتحطمت عظامه.
والمقصود أن السحر الذي وقع من سحرة فرعون كان من قبيل سحر التخييل، وإلا فإن السحر منه ما له حقيقة، ويُمرض بإذن الله ، وقد يقتل بإذن الله لكن تبقى بعض التفاصيل مثل: هل يستطيعون تغيير حقائق الأشياء مثل تغيير الإنسان إلى بهيمة فعلاً أم لا؟ هذه مسائل العلماء تكلموا عليها لكن يبقى الأصل أن السحر له حقيقة، وبالنسبة للسحر الذي وقع للنبي ﷺ هو من قبيل سحر التخييل.
روى سفيان بن عيينة عن ابن عباس - ا - : ألقوا حبالاً غلاظاً وخشباً طوالاً، قال: فأقبلت يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى.
الإسرائيليات في هذا لا تحصى، فهناك أمور عجيبة وغريبة ذكرت في الأشياء التي ألقوها، وكم وكيف كانت تملأ الوادي، لكن مثل هذه الإسرائيليات لا يعول عليها.