السبت 12 / ذو القعدة / 1446 - 10 / مايو 2025
وَنَادَىٰٓ أَصْحَٰبُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَٰبَ ٱلنَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا ۖ قَالُوا۟ نَعَمْ ۚ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌۢ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّٰلِمِينَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

قال المفسر - رحمه الله تعالى - في تفسير قوله تعالى: وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ۝ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ [سورة الأعراف:44-45].
يخبر تعالى بما يخاطب به أهل النار على وجه التقريع والتوبيخ إذا استقروا في منازلهم أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا "أن" هاهنا مفسرة للقول المحذوف و"قد" للتحقيق أي قالوا لهم: قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُواْ نَعَمْ كما أخبر تعالى في سورة الصافات عن الذي كان له قرين من الكفار فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ ۝ قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدتَّ لَتُرْدِينِ ۝ وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ۝ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ ۝ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ [سورة الصافات:55-59] أي: ينكر عليه مقالته التي يقولها في الدنيا ويقرِّعه بما صار إليه من العذاب والنكال، وكذلك تقرعهم الملائكة، يقولون لهم: هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ ۝ أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنتُمْ لَا تُبْصِرُونَ ۝ اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاء عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [سورة الطور:14-16].
وكذلك قرَّع رسول الله ﷺ قتلى القليب يوم بدر فنادى: يا أبا جهل بن هشام، ويا عتبة بن ربيعة، ويا شيبة بن ربيعة -وسمى رءوسهم- هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً؟، فإني وجدت ما وعدني ربي حقاً وقال عمر: يا رسول الله، تخاطب قوماً قد جيِّفوا؟، قال: والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكن لا يستطيعون أن يجيبوا[1].
فإن أهل الجنة لما خاطبوا أهل النار قالوا لهم: فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا [سورة الأعراف:44] فلم يقولوا: هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً، ووجه ذلك يحتمل أن يكون - والله أعلم - باعتبار أن الوعد هاهنا لا يختص بهم بل هو لكل الناس، فالله توعد جميع المكذبين وتوعد من كذب وأعرض أي لم يكن الوعيد متوجهاً لهؤلاء بأعيانهم أو بخصوصهم وإنما هو وعيد عام.
ويحتمل أن يكون الخطاب كان بهذه الصورة؛ لسقوط مرتبة هؤلاء الكافرين عن رتبة التشريف بالخطاب، أي لم يتوجه إليهم خطاب الله لانحطاط مرتبتهم، والعلم عند الله - تبارك وتعالى -.
وقوله تعالى: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أي: أعلم معلم ونادى مناد.أَن لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ أي: مستقرة عليهم.

هنا لم يحدد من هذا المؤذن، لكن بعض أهل العلم يقول: إنه من الملائكة، وليس على هذا دليل من الكتاب ولا من السنة، فالله تعالى أعلم.
  1. أخرجه النسائي في كتاب الجنائز – باب أرواح المؤمنين (2075) (ج 4 / ص 109) وأحمد (182) (ج 1 / ص 26)

مرات الإستماع: 0

"مَا وَعَدَنا رَبُّنَا حذف مفعول، وعد استغناء عنه بمفعول، وعدنا، أو لإطلاق الوعد، فيتناول الثواب، والعقاب.

قوله تعالى: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أي: أعلم معلم، وهو ملك."

أي: نادى منادي، وأعلم بصوت عالٍ باعتبار أن النداء يكون بصوت رفيع.