يخبر تعالى بما يخاطب به أهل النار على وجه التقريع والتوبيخ إذا استقروا في منازلهم أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا "أن" هاهنا مفسرة للقول المحذوف و"قد" للتحقيق أي قالوا لهم: قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُواْ نَعَمْ كما أخبر تعالى في سورة الصافات عن الذي كان له قرين من الكفار فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدتَّ لَتُرْدِينِ وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ [سورة الصافات:55-59] أي: ينكر عليه مقالته التي يقولها في الدنيا ويقرِّعه بما صار إليه من العذاب والنكال، وكذلك تقرعهم الملائكة، يقولون لهم: هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنتُمْ لَا تُبْصِرُونَ اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاء عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [سورة الطور:14-16].
وكذلك قرَّع رسول الله ﷺ قتلى القليب يوم بدر فنادى: يا أبا جهل بن هشام، ويا عتبة بن ربيعة، ويا شيبة بن ربيعة -وسمى رءوسهم- هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً؟، فإني وجدت ما وعدني ربي حقاً وقال عمر: يا رسول الله، تخاطب قوماً قد جيِّفوا؟، قال: والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكن لا يستطيعون أن يجيبوا[1]
ويحتمل أن يكون الخطاب كان بهذه الصورة؛ لسقوط مرتبة هؤلاء الكافرين عن رتبة التشريف بالخطاب، أي لم يتوجه إليهم خطاب الله لانحطاط مرتبتهم، والعلم عند الله - تبارك وتعالى -.
هنا لم يحدد من هذا المؤذن، لكن بعض أهل العلم يقول: إنه من الملائكة، وليس على هذا دليل من الكتاب ولا من السنة، فالله تعالى أعلم.
- أخرجه النسائي في كتاب الجنائز – باب أرواح المؤمنين (2075) (ج 4 / ص 109) وأحمد (182) (ج 1 / ص 26)