السبت 12 / ذو القعدة / 1446 - 10 / مايو 2025
وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ ۚ وَعَلَى ٱلْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّۢا بِسِيمَىٰهُمْ ۚ وَنَادَوْا۟ أَصْحَٰبَ ٱلْجَنَّةِ أَن سَلَٰمٌ عَلَيْكُمْ ۚ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ ۝ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاء أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا  رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [سورة الأعراف:46-47].
لما ذكر تعالى مخاطبة أهل الجنة مع أهل النار نبَّه أن بين الجنة والنار حجاباً، وهو الحاجز المانع من وصول أهل النار إلى الجنة.
قال ابن جرير: وهو السور الذي قال الله تعالى فيه: فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ [سورة الحديد:13] وهو الأعراف.


تفسير السور في قوله تعالى: فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ [سورة الحديد:13] - أي: بين المؤمنين وبين المنافقين - بأنه الأعراف ذكره الحافظ ابن كثير - رحمه الله - وذكره أيضاً كبير المفسرين ابن جرير وذكره طائفة من أهل العلم كابن القيم وكذلك الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحم الله الجميع -، ويكون ذلك من قبيل تفسير القرآن بالقرآن، ولكن في مثل هذا الموضع لا يجزم بأن هذا هو تفسيره فقد يكون كذلك وقد لا يكون، ومعلوم أن تفسير القرآن بالقرآن منه ما يلوح فيه وجه الارتباط كقوله - تبارك وتعالى - : وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ [سورة الأنعام:146] مع قوله: وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ [سورة النحل:118] فآية النحل هذه تفسرها آية الأنعام، وهكذا في مثل قوله: الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [سورة الفاتحة:2] مع قوله: قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ ۝ قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا [سورة الشعراء:23-24] بهذا يفسر هذا اللفظ، لكن تفسير قوله: وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ [سورة الأعراف:46] بقوله: فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ [سورة الحديد:13] هذا احتمال قد يكون كذلك، وقد يكون السور الذي يضرب بين المؤمنين والمنافقين ليس هو الحجاب المذكور في سورة الأعراف، والعلم عند الله .

وهو الأعراف الذي قال الله تعالى فيه: وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ [سورة الأعراف:46] ثم روى بإسناده عن السدي أنه قال في قوله تعالى: وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ [سورة الأعراف:46]: وهو السور وهو الأعراف.
وقال مجاهد: الأعراف حجاب بين الجنة والنار، سور له باب.
قال ابن جرير: والأعراف جمع عُرف، وكل مرتفع من الأرض عند العرب يسمى عُرفاً، وإنما قيل لعرف الديك عرفاً لارتفاعه، وقال السدي: إنما سمي الأعراف أعرافاً؛ لأن أصحابه يعرفون الناس.


ومن أهل العلم من وجهه مثل قول السدي: أي أن أصحابه يعرفون الناس باعتبار أنهم في مكان مشرف على أهل الجنة وأهل النار فيعرفون أهل الجنة بعلاماتهم كمواضع السجود التي لا تأكلها النار، ويعرفون أهل النار بعلاماتهم، ومن علاماتهم ما ذكره الله تعالى في قوله: وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا [سورة طـه:102] ويعرفونهم بالسواد كما قال : يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ [سورة آل عمران:106].

وأصحاب الأعراف هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم.


هذا القول هو المشهور في تفسير أصحاب الأعراف، وهو الذي عليه عامة السلف من الصحابة ومن بعدهم، ولم يرد تحديد ذلك في شيء ثابت عن رسول الله ﷺ ولم يتفق الصحابة على معنىً فيه، وإنما فيه أقوال متعددة، لكن هذا هو الأشهر، أي: أنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، وهذا أحسن من أن يفسر أصحاب الأعراف بأنهم من الملائكة؛ لأنهم لو كانوا كذلك فإن السياق بعده لا يساعد على هذا، كما سيأتي في قوله تعالى: لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ [سورة الأعراف:46] يعني أصحاب الأعراف - على الراجح - وهذا لا يرد في الملائكة.
وكذلك القول بأنهم ناس من أفضل أهل الإيمان قد فرغ من حسابهم فتفرغوا للاطلاع على حال هؤلاء وهؤلاء – كما قال بعضهم - فهذا قول فيه بعد أيضاً؛ لقوله تعالى: لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ [سورة الأعراف:46] فأهل الإيمان السابقون لا يكونون بمثابة من يطمعون في دخول الجنة، وإنما يكون هذا في قوم يرجون دخولها لم تبلغ بهم أعمالهم أن تدخلهم الجنة.
ويبعد قول من قال أيضاً: إنهم الذين خرجوا للجهاد في سبيل الله وقتلوا في سبيله ممن لم يأذن لهم آباءهم فحبسوا عن الجنة لذلك، وكذلك قول من قال: إن هؤلاء أولاد الزنا وكذا قول من قال: إنهم أهل الفترة، فأهل الفترة ورد أنهم يمتحنون ولذلك لا يحكم على جميعهم أنهم لم يدخلوها وهم يطمعون، والمقصود أن أقرب هذه الأقوال - والله أعلم - أنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فلم ترجح كفة السيئات فيدخلوا النار ولم ترجح كفة الحسنات فيدخلوا الجنة، فبقوا على الأعراف بسبب ذلك، والله أعلم.

وأصحاب الأعراف: هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، نص عليه حذيفة وابن عباس وابن مسعود  وغير واحد من السلف والخلف - رحمهم الله -.
وروى ابن جرير عن حذيفة أنه سئل عن أصحاب الأعراف قال: فقال: هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، فقعدت بهم سيئاتهم عن الجنة وخلّفت بهم حسناتهم عن النار، قال: فوقفوا هناك على السور حتى يقضي الله فيهم.


وأبعد الأقوال قول من قال: إن أصحاب الأعراف هم الأنبياء، فالأنبياء لا يقال في حقهم: لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ [سورة الأعراف:46].
والقول: إنهم العدول من كل أمة من الأمم - الشهداء يوم القيامة - الذين يشهدون على الناس هذا لا دليل عليه.

وقال معمر عن الحسن: إنه تلا هذه الآية لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ [سورة الأعراف:46] قال: والله ما جعل ذلك الطمع في قلوبهم إلا لكرامة يريدها بهم، وقال قتادة: قد أنبأكم الله بمكانهم من الطمع.


التمني هو أن يرجو المرء حصول شيء يستحيل وقوعه، أو يطلب حصول شيء يستحيل وقوعه أو يبعد في مجاري العادات كما قال الشاعر:

ألا ليت الشباب يعود يوماً فأخبره بما فعل المشيب

ومن صور طلب المستحيل أن يتمنى الإنسان المفرّط المهمل أن يكون متفوقاً في دراسته ونتائج اختباره، فمثل هذا يسمى تمنياً.
أما الرجاء والطمع فهو الشيء قريب المنال، ولهذا قال الله : فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [سورة الأحزاب:32] وذلك أنها إذا خضعت بالكلام وتغنّجت وتكسرت مع الرجال الأجانب فإنهم يطمعون فيها، بمعنى أنّ أخْذها قريب وأنها سهلة التناول بتغنجها وتكسرها خلافاً للأخرى النزيهة الشريفة العفيفة فإنهم لا يطمعون فيها، ولذلك تقول: أطمعته فطمع أي أنك ترجّيه حتى تجعل ذلك الشيء قريب المنال بالنسبة إليه فيطمع في حصوله، فهؤلاء لم يدخلوا الجنة وهم يطمعون بدخولها؛ لأن دخلوها أمر قريب بالنسبة إليهم، فهم في حال لم ييأسوا معها من دخول الجنة خلافاً لأهل النار ولذلك لا يكون ذلك تمنياً بالنسبة إليهم بل هو شيء قريب المنال، فهم من أهل الإيمان وعندهم من العمل الصالح ما يُطمعهم بدخول الجنة لكن عملهم السيئ هو الذي أقعدهم، والعبرة بما غلب؛ فالله يضع الموازين وتوزن أعمال الناس فمن غلبت حسناته نجا، وويل لمن غلبت آحاده عشراته فهذا هو الهالك.
وفي قوله تعالى: لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ [سورة الأعراف:46] بعض أهل العلم يفسر الطمع بالعلم، يعني وهم يعلمون، وهذا خلاف الظاهر المتبادر، والله أعلم.
والضمير في قوله: لَمْ يَدْخُلُوهَا [سورة الأعراف:46] هل يرجع إلى أصحاب الجنة أم إلى أصحاب الأعراف؟ بمعنى هل أصحاب الأعراف يقولون: إن أصحاب الجنة لم يدخلوا الجنة وهم يطمعون وإنما دخلوها برحمة الله أم أن أصحاب الجنة هم الذين يقولون: إن أصحاب الأعراف لم يدخلوا الجنة وهم يطمعون في ذلك؟
الثاني هو الأقرب، والله تعالى أعلم، يعني أن أصحاب الأعراف لم يدخلوا الجنة وهم يطمعون بدخولها، وهذا المعنى هو الذي اختاره ابن القيم - رحمه الله - وهو الذي يدل عليه قول قتادة وقول الحسن – رحمهما الله - فقد قال الحسن: لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ قال: والله ما جعل ذلك الطمع في قلوبهم إلا لكرامة يريدها بهم، وقال قتادة: قد أنبأكم الله بمكانهم من الطمع، وهذا يدل على أن الضمير يعود إلى أصحاب الأعراف، أي أن الله يصف حالهم في هذه الآية فيقول: إنهم ما دخلوا الجنة بعد وهم يطمعون في دخولها. 
 

مرات الإستماع: 0

"وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ أي: بين الجنة، والنار، أو بين أصحابهما، وهو الأرجح لقوله: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ."

وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ يعني بين الجنة، والنار هذا قال به مجاهد، والمقصود به السور، والحجاب كل ما يستر المطلوب، ويمنع من الوصول إليه، فأصل الحجاب يدل على المنع وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ.

قال: أو بين أصحابهما، وهو الأرجح لقوله: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ الحافظ ابن كثير - رحمه الله - فسره بالحاجز المانع، وصول أهل النار إلى الجنة[1] وفسره ابن جرير[2] بالسور الذي قال الله فيه: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ [الحديد: 13] بنحو هذا قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي[3] - رحمه الله -.

المقصود أن بين أهل الجنة لأن الحديث عنهم وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ بينهم سور يمنع من وصول أهل النار إلى الجنة - والله أعلم -.

"قوله: الْأَعْرَافِ قال ابن عباس: هو تل بين الجنة، والنار[4] - وفي نسخة: جبل بين الجنة، والنار - ومجاهد: حجاب بين الجنة، والنار[5] وقيل: سور الجنة."

الأعراف هنا قال عن ابن عباس: هو تل بين الجنة، والنار؛ يعني "حُبس عليه ناس من أهل الذنوب" هذا قول ابن عباس - ا - تمام كلامه حُبس عليه ناس من أهل الذنوب، وذكر السُّدي أنه سمي بذلك "لأن أصحابه يعرفون الناس"[6] بهذا الاعتبار.

يقول: مجاهد: حجاب بين الجنة، والنار؛ والحاجز بينهما حجاب، وعلى الأعراف يعني نفس السور، أو الحجاب، وقيل: سور الجنة؛ سور الجنة قيل له: الأعراف عمومًا؛ لارتفاعه، كل مرتفع عند العرب يقال له عُرف كما قال ابن جرير - رحمه الله -: "كل مرتفع، يقال له عرف"[7].

فهذا فسره كثير من أهل العلم بالسور الذي يكون بين الجنة، والنار عليه رجال كما سيأتي بهذه الصفات، استوت حسناتهم، وسيئاتهم فلم تسعف الحسنات لدخول الجنة، ولم تكن السيئات غالبة فيؤمر بهم إلى النار.

قوله تعالى: رِجَالٌ هم أصحاب الأعراف، ورد في الحديث: أنهم قوم من بني آدم استوت حسناتهم، وسيئاتهم، فلم يدخلوا الجنة، ولا النار [8].

هذا الحديث أخرجه ابن جرير لكن لا يصح من جهة الإسناد، ولو صح لكان تفسيرًا لهذه الآية: قوم استوت حسناتهم، وسيئاتهم.

وقد أشار الحافظ ابن كثير - رحمه الله - إلى أن الاختلاف عبارات المفسرين فيهم هذا الاختلاف لكنها مع ذلك قريبة ترجع إلى معنى واحد، وهو المذكور هنا: "أنهم قوم استوت حسناتهم، وسيئاتهم" وهذا مروي عن جماعة من الصحابة فمن بعدهم كحذيفة، وابن عباس، وابن مسعود[9] وغير هؤلاء.

وهو الذي اختاره الحافظ ابن القيم[10] والحافظ ابن كثير[11] أن أصحاب الأعراف هم قوم استوت حسناتهم، وسيئاتهم؛ يعني من ثقلت موازين الحسنات دخل الجنة، ومن ثقلت موازين السيئات دخل النار، هؤلاء استوت حسناتهم، وسيئاتهم فحبسوا عن الجنة، ولم يدخلوا النار.

"وقيل: هم قوم خرجوا إلى الجهاد بغير إذن آبائهم، فاستشهدوا، فمنعوا من الجنة لعصيان آبائهم، ونجوا من النار للشهادة." 

يعني هذا يرجع إلى المعنى الآخر؛ وهو استواء الحسنات، والسيئات يعني، وجود المقتضي، وقيام المانع، يعني لا يبعد - والله أعلم - أن القائل بهذا أراد المثال تفسير المثال، كأنه كذلك - والله تعالى أعلم - يعني أراد أن يفسر بالمثال.

وبعضهم يقول: بأن أصحاب الأعراف هؤلاء هم الشهداء.

وبعضهم يقول: فضلاء المؤمنين خيار المؤمنين لما تفرغوا من شغل أنفسهم تفرغوا لمطالعة أحوال الناس.

وبعضهم قال: أنبياء.

وبعضهم يقول: هؤلاء عدول القيامة الذين يشهدون على الناس من كل أمة لاحظ هذه المعاني مختلفة تمامًا يعني على القول أنهم استوت حسناتهم، وسيئاتهم، ليسوا هم العدول، الأخيار من كل أمة.

وكون هؤلاء استوت حسناتهم، وسيئاتهم هذا هو الأقرب، وعليه الأكثر - والله أعلم -.

"قوله تعالى: يَعْرِفُونَ كُلاً بِسِيمَاهُمْ [الأعراف: 46] أي: يعرفون أهل الجنة بعلامتهم من بياض وجوههم، ويعرفون أهل النار بعلامتهم من سواد وجوههم، أو غير ذلك من العلامات."

السمة: هي العلامة التي يتميز به الشيء عن غيره، وأصل الوسم يقال: للأثر، والمعلم يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ [آل عمران: 106] هذه علامات لأهل الجنة، وأهل النار وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ۝ ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ ۝ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ ۝ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ [عبس: 38 - 41] لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ۝ وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ [يونس: 26 - 27] هذه علامات لأهل الجنة، وأهل النار.

"قوله تعالى: وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ [الأعراف: 46] أي: سلم أصحاب الأعراف على أهل الجنة.

قوله تعالى: لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ [الأعراف: 46] أي: أن أصحاب الأعراف لم يدخلوا الجنة، وهم يطمعون في دخولها من بعد."

جاء عن الحسن قال: "والله ما جعل الله ذلك الطمع في قلوبهم إلا لكرامة يريدها بهم"[12] يعني وجود هذا الطمع في دخول الجنة معناها أن الرجاء قريب، وأن دخولها قريب، فهم يرجون ذلك.

وجاء عن قتادة: قد أنبئكم الله بمكانهم من الطمع يعني إشارة إلى أنهم سيدخلون الجنة، وأن مصيرهم هنا لم يذكر مصيرهم صراحة، لكن مثل هذه الإشارة تدل على أن مصيرهم إلى الجنة.

وبعضهم يقول: بأن قوله: لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ يعني يعلمون، يطمعون أن يدخلوا الجنة لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ.

وبعضهم يقول: بأن المراد بذلك أصلاً أهل الجنة، وليس أصحاب الأعراف، أن أصحاب الأعراف قالوا لأهل الجنة: سلام عليكم حال كون أهل الجنة لم يدخلوها، وهم يطمعون، وحمل الحافظ ابن القيم - رحمه الله - الضمير في المعنين على أصحاب الأعراف[13] كأن هذا - والله أعلم - هو الأقرب، أنه لم يدخلوها يعني أصحاب الأعراف وَهُمْ يَطْمَعُونَ أي: أصحاب الأعراف يطمعون في دخلوها. 

  1.  تفسير ابن كثير (3/417).
  2.  تفسير الطبري (22/402).
  3.  أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (2/15).
  4.  تفسير الطبري (10/210) وتفسير ابن كثير (3/418).
  5.  انظر: تفسير الطبري (10/208) وتفسير ابن كثير (3/418).
  6. تفسير ابن كثير (3/418).
  7.  تفسير الطبري (10/209) وتفسير ابن كثير (3/418).
  8.  الزهد، والرقائق لابن المبارك، والزهد لنعيم بن حماد (1/483) برقم (1372).
  9.  تفسير ابن كثير (3/418).
  10.  طريق الهجرتين، وباب السعادتين (ص: 382).
  11.  تفسير ابن كثير (3/418).
  12.  تفسير الطبري (10/226) وتفسير ابن كثير (3/422).
  13.  طريق الهجرتين، وباب السعادتين (ص: 383).