قوله تعالى: هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ [سورة الأعراف:53] يعني وقوع ما أخبر به؛ لأن التأويل من الأَوْل وذلك يأتي لمعنيين: الأول: هو التفسير، وتأويل الكلام هو تفسيره، وتأويل الرؤيا يأتي بمعنى تفسير الرؤيا كما قال تعالى: نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ [سورة يوسف:36] أي بتفسيره، وتأويل الرؤيا أيضاً وقوعها وتحققها كما قال تعالى: هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ [سورة يوسف:100] وذلك لما رأى الشمس والقمر قد سجدوا له.
ويأتي التأويل بمعنى ما يئول إليه الشيء في ثاني الحال، وتأويل الأمر هو فعل المأمور كما في حديث عائشة – ا - أنها قالت: "كان النبي ﷺ يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك الله اغفر لي يتأول القرآن"[1] أي: يمتثل قوله تعالى: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ [سورة النصر:3].
وتأويل الخبر يعني وقوع المخبر به وهو المراد بقوله تعالى: هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ [سورة الأعراف:53] يعني وقوع ما أخبر به من القيامة والبعث والنشور والجنة والنار.
وأما صرف اللفظ من المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح فهذا اصطلاح حادث لا يفسر به القرآن؛ لأنه لا يجوز حمل القرآن على مصطلح حادث.
وقوله: يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ [سورة الأعراف:53] أي: يوم القيامة.
قال ابن عباس - ا - : يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ [سورة الأعراف:53] أي: تركوا العمل به وتناسوه في الدار الدنيا.
قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا [سورة الأعراف:53] أي: في خلاصنا مما صرنا إليه مما نحن فيه أَوْ نُرَدُّ إلى الدار الدنيا فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ [سورة الأعراف:53] كقوله: وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ [سورة الأنعام:27-28] كما قال هاهنا: قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ [سورة الأعراف:53] أي: خسروا أنفسهم بدخولهم النار وخلودهم فيها وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ [سورة الأعراف:53] أي: ذهب عنهم ما كانوا يعبدونهم من دون الله فلا يشفعون فيهم ولا ينصرونهم ولا ينقذونهم مما هم فيه.
- رواه البخاري: (1/163)، ومسلم: (1/350).