الأحد 20 / ذو القعدة / 1446 - 18 / مايو 2025
قَالُوٓا۟ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ ٱللَّهَ وَحْدَهُۥ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ ءَابَآؤُنَا ۖ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّٰدِقِينَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

 
قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ۝ قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ ۝ فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ[سورة الأعراف:70-72].
يخبر تعالى عن تمردهم وطغيانهم وعنادهم وإنكارهم على هود : قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ الآية [سورة الأعراف:70]، كقول الكفار من قريش: وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [سورة الأنفال:32].
وقد ذكر محمد بن إسحاق وغيره أنهم كانوا يعبدون أصناماً، فصنم يقال له: صدى، وآخر يقال له: صمود، وآخر يقال له: الهباء، ولهذا قال هود : قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أي: قد وجب عليكم بمقالتكم هذه من ربكم رجس، قيل هو مقلوب من رجز، وعن ابن عباس - ا - : معناه سخط وغضب.

مرات الإستماع: 0

"أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ [الأعراف: 70] أي: استبعدوا توحيد الله مع اعترافهم بربوبيته؛ ولذلك قال لهم هود: قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم [الأعراف: 71] أي: حق عليكم، ووجب عذاب من ربكم، وغضب.

قوله تعالى: أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا [الأعراف: 71] يعني الأصنام، أي: تجادلونني في عبادة مسميات أسماءٍ، ففي الكلام حذف، وأراد بقوله: سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم [الأعراف: 71] جعلتكم لها أسماء، فدلَّ ذلك على أنها محدثة، فلا يصح أن تكون آلهة، أو سميتموها آلهة من غير دليل على أنها آلهة، فقولكم باطل، فالجدال على القول الأول في عبادتها، وعلى القول الثاني في تسميتها آلهة، والمراد بالأسماء على القول الأول المسمى، وعلى القول الثاني التسمية".

هو يريد - والله أعلم - أنه لا حقيقة لها، مما تزعمون، من جهة كونها آلهة، وإنما هي أسماء سميتموها من عند أنفسكم، ولكنها لا تُمثِّل حقيقةً واقعةً، وإنما هي أبطايل، وإن أُطلق عليها مثل هذه الأسماء، أنها آلهة، وأرباب، ونحو ذلك من الأسماء التي سمَّوها بها، كأسماء آلهة، ومعبودات قوم نوح، كـ (ود، وسواع، ويغوث، ويعوق) فهم يسمونها بهذه الأسماء، ولكنها لا تحمل - أعني هذه الأسماء - دلالات، ومعاني حقيقية، وإنما هي أسماء مجردة أطلقوها عليها، ولا حقيقة لها، ولا تمثل إلاهيةً، أو ربوبيةً، أو نحو ذلك، فهم اخترعوا هذه الآلهة، واخترعوا لها هذه الأسماء، بخلاف الإله الحق، فهو حقٌ في ذاته، وفي أسمائه، وفي صفاته، وتلك أباطيل.

وفيما يتعلق في تسميتها، قال: والمراد بالأسماء على القول الأول: المسمى، وعلى القول الثاني: التسمية، هذا واضح، يعني هو إما أن يتحدث عن المسمى، وإما أن يتحدث عن الاسم نفسه، والاسم دالٌ على المسمى، وتارةً يُطلق الاسم، ويُراد به اللفظ الدال على المسمى، وتارةً يُطلق، ويُراد به المسمى.