فقوله - رحمه الله - : "جاءتهم صيحة من السماء ورجفة شديدة من أسفل منهم" هذا جمع بين ما ورد في كتاب الله مما يُذكر فيه عقوبتهم، فقد ذكر الله - تبارك وتعالى - أنهم أخذتهم الرجفة، والرجفة: هي الزلزلة، أي اضطربت بهم الأرض واهتزت بهم.
وبعضهم يقول: أي الصيحة الشديدة، كما قال الله في سورة هود: وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ [سورة هود:67] وأحسن ما يقال في هذا - والله تعالى أعلم - هو ما ذكره الحافظ ابن كثير ومشى عليه جماعة من المحققين، وممن قال به الشيخ محمد الأمين الشنقيطي من المعاصرين، وهو أن الله أخذهم بالرجفة، حيث صاح بهم الملك فاضطربت بهم الأرض ورجفت بهم فصاروا في دارهم جاثمين.
وأصل الجثوم هو اللصوق بالأرض والجُثِيّ على الركب والوجوه، والمقصود أنهم هلكوا وماتوا وفارقت أرواحهم أجسادهم.
يقول: "إلا جارية كانت مقعدة واسمها كلبة بنت السِّلْق ويقال لها: الزريقة" ويقال لها: الزريعة - هكذا ضبطُه في تفسير ابن جرير، وهو الذي رجحه الشيخ محمود شاكر - رحمه الله - ؛ باعتبار أن العرب تقول للكلاب أولاد زارع.
والسِّلْق هو الذئب، فهي كلبة بن السلق وأولاد زارع يعني الكلاب، ولذلك يقال لهذه الزريعة، والعرب تقول: بأن الذئب ينزو على الكلبة ويولدها.
قال عبد الرزاق عن معمر أخبرني إسماعيل بن أمية أن النبي ﷺ مرَّ بقبر أبي رغال فقال: أتدرون من هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هذا قبر أبي رِغال رجل من ثمود كان في حرم الله فمنعه حرمُ الله عذابَ الله، فلما خرج أصابه ما أصاب قومه فدفن هاهنا ودفن معه غصن من ذهب فنزل القوم فابتدروه بأسيافهم فبحثوا عنه فاستخرجوا الغصن وقال عبد الرزاق قال معمر قال الزهري: أبو رغال أبو ثقيف[1].
هذه الرواية عن معمر عن إسماعيل بن أمية عن النبي ﷺ فهي واضحة أنها من المرسل، ولذلك ضعفها أهل العلم، فالله أعلم.
- أخرجه أبو داود في كتاب الخراج - باب نبش القبور العادية يكون فيها المال (3090) (ج3 / ص 148) والطبراني في الأوسط (2788) (ج 3 / ص 158) وعبد الرزاق في مصنفه (20989) (ج 11 / ص 454) وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة برقم (4736).