الأربعاء 23 / ذو القعدة / 1446 - 21 / مايو 2025
وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

وقوله: وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا [سورة الأعراف:84] مفسر بقوله: وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ ۝ مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ [سورة هود:82-83].
وهذا السجِّيل المنضود مفسر أيضاً بقوله - تبارك وتعالى - : حِجَارَةً مِّن طِينٍ [سورة الذاريات:33] فالسجيل هو الطين.
ولهذا قال: فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ [سورة الأعراف:84] أي: انظر يا محمد كيف كان عاقبة من يجترئ على معاصي الله ويكذب رسله.
وروى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن ابن عباس - ا - قال: قال رسول الله ﷺ: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به[1].

العلماء اختلفوا في عقوبة من فعل ذلك، فبعضهم قال: يلقى من أعلى بناء ثم يتبع بالحجارة، كما فعل الله  بهم حيث رفعهم ثم قلب عليهم القرى ثم أتبعهم بالحجارة، وقال بعضهم غير ذلك، والراجح هو ما ورد في هذا الحديث، أي يقتل الفاعل بهذه الطريقة، والمفعول به إذا كان راضياً فإنه يقتل بالسيف، ولا يفرق في هذا الأمر بين بكر ولا ثيب، وقد جاء في الحديث الآخر عن ابن عباس – ا - أيضاً أن من وقع على بهيمة قتل وقتلت البهيمة، وقد ذكر بعض أهل العلم أن الحكمة من قتل البهيمة مع أنه لا ذنب لها أنها تُذكّر بهذا الفعل القبيح، فمن رآها تذكر هذه الفاحشة، والله تعالى أعلم.
  1. أخرجه أبو داود في كتاب الحدود - باب فيمن عمِِِل عمَل قوم لوط (4464) (ج 4 / ص 269) والترمذي في كتاب الحدود – باب حد اللوطي (1456) (ج 4 / ص 57) وابن ماجه في كتاب الحدود – باب من عمِل عمَل قوم لوط (2561) (ج 2 / ص 856) وأحمد (2732) (ج 1 / ص 300) وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم (2422).

مرات الإستماع: 0

"قوله تعالى: وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا [الأعراف: 84] يعني الحجارة، أُصيب بها من كان منهم خارجًا عن بلادهم، وقُلبت البلاد بمن كان فيها".

كما قال الله : فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا [هود: 82] رُفِعت البلاد، وقُلِبت عليهم؛ ولهذا سُميت المؤتفكة وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى [النجم: 53] مؤتفكات باعتبار أنها كانت عدة قرى، ولم تكن قرية واحدة، وإذا قيل: قرى، لا يعني أنها قرى صغيرة، كما نُعبِّر اليوم، لكن هذه كانت بلادًا قائمة، ومدنًا عامرة، فرفعها الله جميعًا، وقلبها عليهم، كما قال الله: فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ ۝ مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ [هود: 82 - 83] لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ ۝ مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ [الذاريات: 33 - 34].

وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا [الأعراف: 84] فالمطر هنا مبهم، وجاء مبيَّنًا بهذه الآيات، أنه حجارة من سجيل، ومن طين.