الأربعاء 02 / ذو القعدة / 1446 - 30 / أبريل 2025
وَٱلَّذِينَ هُم بِشَهَٰدَٰتِهِمْ قَآئِمُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"وقوله تعالى: وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ أي: محافظون عليها لا يزيدون فيها، ولا ينقصون منها، ولا يكتمونها: وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ [البقرة:283]".

وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ قراءة الجمهور في هذا الموضع بالإفراد: "بشهادتهم"، والقراءة التي نقرأ بها هي قراءة حفص، وهي رواية عن ابن كثير بالجمع: بِشَهَادَاتِهِمْ.

الحافظ ابن القيم - رحمه الله - له تعليق في هذا، يقول - رحمه الله تعالى - معلقاً على قوله تعالى: وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ: "فيكون قائمًا بشهادته في باطنه وظاهره، وفي قلبه وقالبه، فإن من الناس من تكون شهادته ميتة، ومنهم من تكون نائمة، إذا نبهت انتبهت، ومنهم من تكون مضطجعةً، ومنهم من تكون إلى القيام أقرب، وهي في القلب بمنزلة الروح في البدن، فروح ميتة، وروح مريضة إلى الموت أقرب، وروح إلى الحياة أقرب، وروح صحيحة قائمة بمصالح البدن، وفي الحديث الصحيح عنه ﷺ: إنّي لأعلم كلمةً لا يقولها عبد عند الموت إلا وجدتْ روحُه لها رَوحًا[1] فحياة هذه الروح بهذه الكلمة، فكما أنّ حياة البدن بوجود الروح فيه، وكما أنّ من مات على هذه الكلمة فهو في الجنّة يتقلَّب فيها، فمن عاش على تحقيقها، والقيام بها، فروحه تتقلّب في جنة المأوى، وعيشها أطيب عيش قال تعالى: وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ۝ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى [النازعات:40-41].

فالجنة مأواه يوم اللقاء، وجنةُ المعرفةِ، والمحبة، والأنس بالله، والشوقِ إلى لقائه، والفرح، والرضا به وعنه مأوى روحه في هذه الدار"[2].

هذا الموضع أيضًا في كلام ابن القيم غير موجود في هذه الطبعة ذات المجلدات الخمس، وإنما موجود في الطبعة الجديدة في ثلاثة مجلدات، مما يبين لك فضل هذه الطبعة المختصرة، وهي ليست مختصرة، لكن - كما سبق - حذف منها ما لا تعلق له بالتفسير.

  1. رواه أحمد، رقم (187)، وقال محققو المسند: "حديث صحيح بطرقه".
  2. الجواب الكافي (196- 197).