وذرني والمكذبين أولي النعمة ذرني بمعني اتركني، ودعني، وهذا يقال للتهديد، دعني معهم أعاقبهم، وأحلّ بهم نقمتي، فلا تكترث بهم وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ خلِّ بيني وبينهم فأنا أكفيك أمرهم، وأتولى عقابهم أُولِي النَّعْمَةِ بفتح النون من هم أولي النعمة؟ بعضهم يقول: هم المطعِمون من المشركين في غزوة بدر، وفي سير المشركين من مكة حتى وصلوا إلى المدينة، فالذين تولوا إطعام الجيش يذبحون تسعاً أو عشراً من الإبل في كل يوم؛ عشرة أشخاص هؤلاء من كبار قريش، ومن وجهائهم، ومن أغنيائهم، وكان آخر الأيام على العباس بن عبد المطلب فأُسر ومعه الدراهم التي كان يريد أن ينحر بها الإبل، وأخذت معه، وانشغلوا عن النحر في ذلك اليوم حيث نُحِروا فلم يأكلوا في ذلك اليوم، فأكلوا في تسعة أيام، فبعض أهل العلم يقول: أُولِي النَّعْمَةِ هم هؤلاء المطعِمون في بدر، وهذا ليس عليه دليل، ولا حاجة إلى تخصيصه بهم، وإنما المقصود وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ يعني المترفين المتنعمين من هؤلاء المكذبين الكفار، وخصهم بالذكر؛ لأنهم الكبراء، والسادة، والناس تبع لهم، فتوعد هؤلاء الذين كانوا بهذه المثابة، وبعضهم يقول: أُولِي النَّعْمَةِ هنا هم أبناء المغيرة الوليد بن المغيرة وإخوته، وهذا لا دليل عليه، فلا يخص به، وإنما يشمل هؤلاء وغيرهم.
سؤال: ما الفرق بين النَّعمة والنِّعمة وإن شئت أن تقول أيضًا: والنُّعمة؟ هنا قال: أُولِي النِّعْمَةِ فما الفرق بين هذه الأشياء الثلاثة؟
النِّعمة بالكسر هي الحالة الحسنة، كالثياب نعمة، والمراكب نعمة، والمال نعمة، وما يتنعم به الإنسان من ألوان المطعومات، والمشروبات؛ يقال له: نعمة.
والنَّعمة بالفتح هي التنعم، أولي النعمة أي أصحاب التنعم.
والنُّعمة: السرور، والسرور متى يكون؟ يكون مع النِّعمة.