كما قال الله : إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ [سورة الإنفطار:1] تنفطر السماء، وتنكدر النجوم، وتتفتت الجبال؛ ثم بعد ذلك تكون هباء منبثًا، وتسير الجبال، وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ [سورة التكوير:3] كل هذه الأمور، السَّمَاء مُنفَطِرٌ بِهِ أي بسبب هوله، فالسماء على قوتها، ومتانتها؛ تنفطر، وتتشقق لشدة هول ذلك اليوم، فالسماء منفطر به، ويمكن أن تكون "الباء" هنا بمعنى "في" أي السماء منفطر فيه، أي في ذلك اليوم، وهذا الذي يسميه أهل اللغة بالتضمين، حروف الجر هذه تتناوب، فرعون يقول: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ [سورة طه:71] يدخلهم في وسط الجذع؟ يحفر الجذع، ويدخلهم فيه أو على جذوع النخل؟، على جذوع النخل، لأصلبنكم على جذوع النخل، فـ "في" تأتي بمعنى "على" فتتناوب، ولا شك أن هذا يدل على أنه من شدة ربطهم في الجذع كأنهم يُدخَلون فيه، وهكذا في أمثلة كثيرة تقول مثلًا: نحن نمشي في الأرض وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ [سورة الأنعام:38] يعني على الأرض، نحن نمشي في الأرض يعني نمشي على الأرض.
هذا يحتمل ما ذُكر، ويحتمل معنى آخر كان وعده "الهاء" هذه يمكن أن تكون عائدة إلى اليوم فكيف تتقون يومًا؛ لأنه هو المحدث عنه، والأصل أن الضمير يرجع إلى أقرب مذكور فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا السَّمَاء مُنفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا وعد ذلك اليوم كان مفعولًا، فتكون "الهاء" هنا عائدة إلى اليوم، فيكون من باب إضافة المصدر - وعد يعد وعدًا - إلى المفعول "الهاء"، ويحتمل أن يكون المعنى كان وعده أي الله، من الذي وعد بهذا اليوم؟ الله، فيكون من باب إضافة المصدر "وعْد" إلى الفاعل "الهاء"، قد يقال: الله ما له ذكر قبلها، والأصل أن الضمير يعود إلى أقرب مذكور، فيقال: هذا لا إشكال فيه؛ لأنه يمكن أن يعود الضمير إلى غير مذكور اكتفاء بالعلم به، السامع يعلم أن الذي وعد باليوم الآخر هو الله كَانَ وَعْدُهُ أي: وَعَدَ اللهُ بمجيئ ذلك اليوم، أَتَى أَمْرُ اللّهِ [سورة النحل:1] بمعنى سيأتي أمر الله لكنه عبر بالماضي لتحقق الوقوع أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ، إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ [سورة غافر:59] فالله وعد به، "كان وعده" أي وعد الله وقوع ذلك اليوم.