الخميس 29 / ذو الحجة / 1446 - 26 / يونيو 2025
إِنَّ هَٰذِهِۦ تَذْكِرَةٌ ۖ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلًا

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"هذه السورة تذكرة لأولي الألباب:

يقول تعالى: إِنَّ هَذِهِ [سورة المزمل:19] أي السورة تَذْكِرَةٌ أي يتذكر بها أولو الألباب، ولهذا قال تعالى: فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا أي ممن شاء الله - تعالى - هدايته كما قيده...

قوله: إِنَّ هَذِهِ يمكن أن يرجع إلى السورة، فتكون الإشارة المقصود بها السورة، إن هذه السورة، ويمكن أن يعود إلى ما مضى من آيات السورة، ويمكن أن يعود إلى جميع آيات القرآن أي إن هذه الآيات تذكرة، ويمكن أن يكون ذلك عائدًا إلى الوعيد الذي ذكره قبله من قوله - تبارك وتعالى -: إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالًا وَجَحِيمًا ۝ وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا ۝ يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَّهِيلًا [سورة المزمل:12-14] إلى هنا، يقول: هذه تذكرة أي أهوال ذلك اليوم وما يحصل فيه من الأوجال.

"ولهذا قال تعالى: فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا أي ممن شاء الله - تعالى - هدايته كما قيده في السورة الأخرى: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا [سورة الإنسان:30]".

فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا يقول: نحن وعظناكم، وحذرناكم؛ فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً، فمن شاء طلب سبيل النجاة، وذلك بسلوك طريق العبودية لله ، من شاء أن ينجو فعليه أن يبحث عن المخرج، ويسلك الطريق الموصلة إلى النجاة، فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا طبعًا هذه المشيئة مقيدة كما في الآية الأخرى: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ وهي تدل على إثبات المشيئة للعبد، ونحن لا نتوسع في الفوائد، وإلا ففي هذه الآيات من العبر، والمواعظ، والفوائد الشيء الكثير.