الثلاثاء 27 / ذو الحجة / 1446 - 24 / يونيو 2025
رَّبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلًا

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وقوله تعالى: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا أي هو المالك المتصرف في المشارق والمغارب الذي لا إله إلا هو.

هذه فيها قراءتان متواترتان: وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا ۝ رَبِّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ "ربِّ" بالكسر فتكون عائدة إلى "ربِّك"، أي واذكر اسم ربِّك ربِّ المشرق والمغرب، تكون "ربِّ" عائدة إلى "ربِّك"، وقراءة الرفع "ربُّ المشرق والمغرب" أي واذكر اسم ربِّك وتبتل إليه تبتيلًا هو ربُّ المشرق والمغرب، أو ربُّ المشرق والمغرب وخبره لا إله إلا هو، إذاً فيها قراءتان متواترتان بالرفع والجر، وهناك قراءة غير متواترة مروية عن ابن عباس وابن مسعود: "رب المشارق والمغارب فاتخذه وكيلًا".

سؤال: هل بين القراءتين فرق؟ أعني المشارق والمشرق؟

بعض القراءات من حيث المعنى يكون بينها فروق، وأحيانًا لا يوجد فرق، فهنا من جهة المعنى لا يوجد فرق؛ لأن المشرق جنس والجنس يعبر به عن القليل والكثير، فرب المشرق يمكن أن يُأخذ منه "رب المشارق"؛ ولهذا في بعض المواضع في القرآن رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ كما هنا، وفي بعضها يذكر المشارق والمغارب، وفي بعضها يقول بالتثنية رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ[سورة الرحمن:17] فذَكَرَ المفرد، والمثنى، والجمع، فالآن يأتي السؤال لماذا يعبر تارة بالجمع، وتارة بالمفرد، أو المثنى؟ ما الفرق بين المشرقين والمشرق والمشارق؟ بماذا توجه هذه الصيغ؟

يمكن أن يقال: مشرق الشمس ومغربها مثلًا، أو الجهة جهة المشرق وجهة المغرب، و"رب المشرقين ورب المغربين" المشرقان: يمكن أن يقال: الشمس والقمر، والمغربان: مغرب الشمس والقمر، ويمكن أن يقال: الشمس لها أقصى جهة في المشرق في الشتاء، وأقصى جهة في الصيف درجة الانحراف، ومعلوم أن الشمس لا تنطلق دائماً من نقطة واحدة من الشرق إلى الغرب؛ وإنما تتحرك في الشتاء والصيف؛ لتعمّ أكبر قدر من مساحة الأرض، فأقصى نقطة في الصيف، وأقصى نقطة في الشتاء؛ فهذان مشرقان، وكذلك في الغروب؛ فهذا وجه "رب المشرقين ورب المغربين"، ورب المشارق والمغارب يمكن أن يقال: مشارق الكواكب، والنجوم، ومغاربها، فيدخل فيها الشمس، والقمر وغير ذلك، ويمكن أن يقال باعتبار التعدد، فهي تنتقل درجة درجة من الشتاء إلى الصيف، فهذه المتعددة على الأيام والليالي هي مشارق، وكذلك في الغروب، رب المشارق والمغارب.

"وكما أفردتَه بالعبادة فأفرده بالتوكل فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا[سورة المزمل:9] كما قال تعالى في الآية الأخرى: فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ[سورة هود:123]، وكقوله: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[سورة الفاتحة:5] وآيات كثيرة في هذا المعنى فيها الأمر بإفراد العبادة والطاعة لله، وتخصيصه بالتوكل عليه".

قوله: فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا [سورة المزمل:9] أي معتمَدًا، وملاذًا، وملجأ تفوض إليه أمورك، فتركن إليه وحده لا لأحد سواه وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ [سورة المائدة:23]، وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ [سورة الفرقان:58].