الأربعاء 21 / ذو الحجة / 1446 - 18 / يونيو 2025
عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وقوله تعالى:عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ[سورة المدثر:30] أي:من مقدَّمي الزبانية، عظيم خلْقهم، غليظ خلُقهم. عدد خزنة جهنم وما قاله الكفار حول ذلك:

عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَمن مقدَّمي الزبانية، عظيم خلْقهم، غليظ خلُقهم،عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَتسعة عشر على ظاهره: تسعة عشر ملكاً، وهذا هو الذي أوقع الاشتباه والإشكال عند المشركين، فقالوا:مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا[سورة المدثر:31] لماذا تسعة عشر؟ ما كمّل على الأقل الرقم إلى العقود كأن يقول: عشرون، ثلاثون، مائة، فهذه ناحية في الاشتباه، لماذا تسعة عشر بالذات؟ لماذا نقص من العدد الكامل واحداً؟ والاشتباه الثاني: أن تسعة عشر عدد قليل، الجن والإنس منذ آدم ﷺ إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها تسعة عشر!؛ ولهذا قال من قال كأبي الأشد وهو كان من أقوى قريش، كان يقف على جلد البقرة ويأتي عشرة رجال يجرونه من تحته فيتمزق الجلد وهو لا يتحرك من مكانه، صخرة، فكان يتبجح ويقول: تسعة عشر عشرة أضربهم بمنكبي الأيمن، وتسعة بمنكبي الأيسر -باعتبار الأيسر أضعف- وينتهي الأمر، وربما قال غير ذلك، فكان ذلك فتنة لهم وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِالملائكة هؤلاءإِلَّا فِتْنَةً يعني هذا العدد، من جهة القلة ومن جهة اختيار الرقم تسعة عشر، لماذا اختارهم؟

نقول: الله لا يسأل عما يفعل، ولا حاجة لقول من قال: إن هؤلاء هم النقباء، وكل واحد معه جماعة لا يحصيهم إلا الله من الأعوان، كما أن ملك الموت واحد ومعه أعوان قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ[سورة السجدة:11]،حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ [سورة الأعراف:37] جمع رسل، كيف تجمع بينقُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِوبين جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ؟ يقال: ملك الموت له أعوان.

بعض العلماء هنا قال: الأمر كذلك، هؤلاء هم النقباء، وكل واحد معه مجموعة لا يعلمها إلا الله ، يقال: هذا لا حاجة إليه ولا دليل عليه، وإلا كيف يكون فتنة؟، وبعضهم يقول: عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَأي: تسعة عشر صفاً من الملائكة، وهذا بعيد جداً في غاية البعد، وهؤلاء الذين قالوا بهذه الأقوال كأنهم تقالّوا هذا العدد تسعة عشر، والله أخبر أن هذا فتنة للكفار، فالمؤمن يستيقن أن هذا حق وثابت، وأن الملائكة لا يقاسون بالبشر، وأن جنود الله لا يعلمها ويحصيها إلا هو، ومع ذلك اختار هذا العدد، فملَك واحد يأخذ قرى قوم لوط، ذُكر أن جبريل ﷺ بريشة من جناحه حمل القرى -التراب والأرض وما عليها من البشر والحيوانات والحجارة وكل شيء- ورفعها فوق، ثم قلبها، وأتبعهم بالحجارة، ملك واحد، الملائكة ليس كالبشر، بعضهم يقول:تِسْعَةَ عَشَرَتسعة عشر صنفاً من الملائكة كل صنف عددهم لا يحصيه إلا الله، هذا تكلف لا حاجة إليه، يعني الذي حملهم هو استغراب العدد، ولا يليق هذا بالمؤمن.