قوله تعالى: قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ يعني خائفة، وجَفَ قلبه بمعنى خاف، واضطرب، فالقلوب الواجفة هي المضطربة، القلقة، الخائفة لما عاينت من أهوال القيامة، هذا قول الجمهور، والأقوال الأخرى التي قالها السلف هي في الواقع ترجع إلى هذا المعنى، ولا تخالفه، وإن اختلفت عباراتهم، كقول السدي مثلاً: زائلة عن أماكنها، ما الذي أزالها عن أماكنها؟ شدة الخوف، فإن الله قال عن المؤمنين في يوم الأحزاب: وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ على المعنيين اللذين ذكرناهما هناك، إما أن الرئة تنتفخ كما يقال: انتفخ سحره أي رئته من شدة الخوف، فالعرب تقول: إن الرئة تنتفخ من شدة الخوف، ولا أعرف هل هي الرئة التي تنتفخ، أو ما يسميه الأطباء اليوم القولون يضغط على الحاجز فيضغط على القلب؛ لذلك بعض الناس قد يتألم، ويظن أن ذلك لوجع في قلبه، والواقع أنه يعاني من القولون فيضغط على الحاجز، أنا لا أعرف هل العرب تقصد هذا المعنى، أو لا؟ لكن العرب يقولون: إذا خاف الإنسان، وتعاظم خوفه؛ انتفخ سحره، يعني رئته، فيرتفع معها القلب إلى أعلى بحيث لا يكون القلب في حال طبيعية.
وبعضهم يقول: هذا كناية عن شدة الخوف، كأن القلوب أرادت أن تخرج، ولم يمكنها ذلك فبقيت، بلغت الحناجر كأنها من شدة الخوف ستخرج من أماكنها، فالقلب من شدة الخوف يحصل له مثل هذا.
وهنا قال السدي: زائلة عن أماكنها، هذا يرجع إلى شدة الخوف، فهو لا ينافي ما سبق، وهكذا قول من قال كالمُؤرِّج: قلقة مستوفزة، يعني خائفة خوفا شديداً تترقب، وقول المبرد: يعني مضطربة، هذا كله يرجع إلى شيء واحد.
هذه القلوب في غاية الخوف، والاضطراب، والقلق الذي يكاد أن يقلبها، أو أن يزيلها من أماكنها.