الإثنين 29 / شوّال / 1446 - 28 / أبريل 2025
يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ أَطِيعُوا۟ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَوَلَّوْا۟ عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ ۝ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ ۝ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ ۝ وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ  [سورة الأنفال:20-23].
يأمر تعالى عباده المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله ﷺ، ويزجرهم عن مخالفته والتشبه بالكافرين به المعاندين له، ولهذا قال: وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ أي: تتركوا طاعته وامتثال أوامره وترك زواجره، وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ أي: بعدما علمتم ما دعاكم إليه.
 وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ.


قوله: أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ الضمير مفرد وقد ذكر قبله طاعة الله، وطاعة الرسول ﷺ، فذكر شيئين وأعاد الضمير بالإفراد، فيحتمل أن يكون الضمير يعود على أحدهما، ويحتمل أن يعود إلى الأخير، كما هي القاعدة: أن الضمير يعود إلى أقرب مذكور، أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ أي: عن رسوله ﷺ، وهذا القول يمكن أن يرجَّح لأنه أقرب مذكور، ومن جهة أخرى أن الآية قد تحتمل معنيين فأكثر، ويكون أحد القولين متضمناً للقول الآخر أو مستلزماً له، فتحمل الآية عليه أو عليهما، باعتبار الملازمة، فإما أن نرجح ونقول: إنه يعود إلى النبي ﷺ إلى قوله: وَرَسُولَهُ باعتبار أنه أقرب مذكور، وباعتبار أن طاعة رسول الله ﷺ طاعة لله ، أو يقال: إنه عائد إلى الله  وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ؛ لأن طاعة الله هي المقصودة، وطاعة الرسول ﷺ تبع لطاعة الله  ، ويحتمل أن يعود الضمير إلى الأمرين، بناء على أن الآية تحتمل معنيين، ويكون أحد المعنيين مستلزماً للآخر، أو متضمناً له، فتحمل عليهما جميعاً؛ لأن من أطاع الرسول ﷺ فقد أطاع الله، وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ أي: الرسول ﷺ وطاعته طاعة لله، كما في قوله تعالى مثلاً: وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ [سورة الفلق:3]، الغاسق: القمر، وبعضهم يقول: الليل تنتشر فيه الهوام والسباع والشياطين من شياطين الإنس والجن، وهذان القولان بينهما ملازمة؛ فالقمر يظهر ليلاً فلا يحتاج أن نرجح، وقوله: وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ يحتمل أن يكون أصلاً المراد به طاعة الرسول ﷺ ابتداء، ولكنه قد يُذكَر أمران ويعود الضمير إلى أحدهما والمقصود الجميع، وكأحد الأقوال المشهورة في قوله - تبارك وتعالى - : وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا [سورة الجمعة:11]، أعاد الضمير مفرداً إِلَيْهَا​​​​​​​ ما قال: إليهما، ويمكن أن يفسر بغير هذا، لكن على هذا القول يكون داخلاً ضمن هذا الأصل الذي تقدم.