الإثنين 29 / شوّال / 1446 - 28 / أبريل 2025
وَلَا تَكُونُوا۟ كَٱلَّذِينَ قَالُوا۟ سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قال المفسر - رحمه الله تعالى - في تفسير قوله تعالى: وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ [سورة الأنفال:21]: وقال ابن إسحاق: هم المنافقون، فإنهم يظهرون أنهم قد سمعوا واستجابوا، وليسوا كذلك.

فقوله - تبارك وتعالى - : وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ المراد بذلك ما نُقل عن ابن عباس ومجاهد أنهم نفر من بني عبد الدار، قال: واختاره ابن جرير، هذا صح عن ابن عباس - ا -، والذي اختاره ابن جرير - رحمه الله - : أن المراد بذلك كفار قريش، واحتج لترجيح هذا القول بالسياق، قال: السياق في هذه الآيات يتحدث عن كفار مكة الذين جاءوا بجيشهم لقتال النبي ﷺ، وقول ابن إسحاق بأن المراد أهل النفاق، لأنهم أظهروا الاستجابة بألسنتهم، والقبول والانقياد ولكن قلوبهم معرضة فهي منطوية على الكفر، وهذا لا شك أن ظاهره يصدق على المنافقين قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ، ولكن قد يستشكل هذا القول باعتبار أن النفاق لم يكن موجوداً في أول الهجرة، ووقت غزوة بدر، وإنما وجد النفاق بعد غزوة بدر، فعبد الله بن أبي لما انتصر المسلمون في بدر سارت لهم قوة وشوكة فقال لأصحابه: هذا أمر قد توجه فأرى أن تدخلوا فيه ظاهراً، أي أظهروا لهم الموافقة، لا تصادموا هذه القوة التي لا تستطيعون الوقوف في وجهها، فبدأ الكيد الخفي، فبهذا يتبين أن قول ابن جرير - رحمه الله - هو الراجح، والحافظ ابن كثير - رحمه الله - حمل الآية على المعنيين، والآية بظاهرها وعمومها تشمل كل من يصدق عليه هذا الوصف، أي كل من أظهر قبولاً وطاعة وانقياداً وهو ليس كذلك.