الإثنين 29 / شوّال / 1446 - 28 / أبريل 2025
إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَآبِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلْبُكْمُ ٱلَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

ثم أخبر تعالى بأن هذا الضرب من بني آدم شر الخلق والخليقة، فقال: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ [سورة الأنفال:22]، أي: عن سماع الحق، الْبُكْمُ عن فهمه، ولهذا قال: الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ فهؤلاء شر البرية؛ لأن كل دابة مما سواهم مطيعة لله فيما خلقها له، وهؤلاء خُلقوا للعبادة فكفروا، ولهذا شبههم بالأنعام في قوله: وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء [سورة البقرة:171] الآية، وقال في الآية الأخرى: أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [سورة الأعراف:179]، وقيل المراد بهؤلاء المذكورين: نفر من بني عبد الدار من قريش، روي عن ابن عباس - ا - ومجاهد واختاره ابن جرير.
وقال محمد بن إسحاق: هم المنافقون. قلت: ولا منافاة بين المشركين والمنافقين في هذا؛ لأن كلا منهم مسلوب الفهم الصحيح والقصد إلى العمل الصالح، ثم أخبر تعالى بأنهم لا فهم لهم صحيح، ولا قصد لهم صحيح، لو فرض أن لهم فهماً فقال: وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْرًا [سورة الأنفال:23]، أي: لأفهمهم، وتقدير الكلام: ولكن لا خير فيهم فلم يفهمهم؛ لأنه يعلم أنه ولو أسمعهم أي: أفهمهم لتولوا عن ذلك قصداً وعناداً بعد فهمهم وَهُم معْرِضُونَ عنه.