الإثنين 29 / شوّال / 1446 - 28 / أبريل 2025
يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تَخُونُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوٓا۟ أَمَٰنَٰتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ۝ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [سورة الأنفال:27-28]، في الصحيحين قصة حاطب بن أبي بلتعة أنه كتب إلى قريش يعلمهم بقصد رسول الله ﷺ إياهم عام الفتح، فأطلع الله رسوله على ذلك، فبعث في إثر الكتاب فاسترجعه واستحضر حاطباً، فأقر بما صنع فقام عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله ألا أضرب عنقه، فإنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين؟، فقال: دعه فإنه قد شهد بدراً، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم[1]. قلت: والصحيح أن الآية عامة وإن صح أنها وردت على سبب خاص، فالأخذ بعموم اللفظ لا بخصوص السبب عند الجماهير من العلماء.


قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ [سورة الأنفال:27] ، قصة حاطب بن أبي بلتعة لم تكن سبباً لنزول هذه الآية، والخون أصله النقص، كما أنه يقابله الوفاء وهو بمعنى التمام، من التوفية وهي التكميل، فالخيانة تكون بترك العمل بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ ويدخل في ذلك مواطئة المشركين وموالاتهم والإفضاء إليهم بأسرار المسلمين كما وقع من حاطب  وكل من ضيع ما ائتمن عليه فقد خان، ولذلك قال الله  : وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ [سورة الأنفال:27]، والأمانات تشمل كل التكاليف التي كلفنا الله - تبارك وتعالى - بها من العبادات والقيام بما أمرنا الله به، وترك ما نهانا عنه، فالوضوء أمانة، والصلاة أمانة، والصيام أمانة، وكلمة الحق أمانة، والصدق مع الناس أمانة، والنصح لكل مسلم أمانة.

والخيانة تعم الذنوب الصغار والكبار اللازمة والمتعدية، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس - ا - : وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ الأمانة الأعمال التي ائتمن الله عليها العباد، يعني الفريضة. يقول: لا تخونوا: لا تنقضوها.
وقال عبد الرحمن بن زيد: نهاكم أن تخونوا الله والرسول كما صنع المنافقون.
  1. رواه البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة الفتح وما بعث به حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة يخبرهم بغزو النبي ﷺ (4/1557)، برقم (4025)، ومسلم، كتاب الفضائل، باب فضائل أهل بدر  وقصة حاطب بن أبي بلتعة (4/1941)، برقم (2494).