وقوله: وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [سورة الأنفال:28] أي: ثوابه وعطاؤه وجناته خير لكم من الأموال والأولاد، فإنه قد يوجد منهم عدو، وأكثرهم لا يغني عنك شيئاً، والله سبحانه هو المتصرف المالك للدنيا والآخرة ولديه الثواب الجزيل يوم القيامة.
قوله: وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ [سورة الأنفال:28]، هم فتنة لشدة تعلق القلب بهم، وقد ذكر النبي ﷺ أن الولد مجبنة مبخلة محزنة[1]، فالولد سبب للبخل وسبب للجبن، ومجلبة لكثير من الأحزان، وقد قال الله – تبارك وتعالى - : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ [سورة التغابن:14] فـ"مِن" للتبعيض فليس كل الأزواج والأولاد أعداء، فمن الأولاد والأزواج من يأمر بطاعة الله ويكون سبباً لكل خير، ولكن يوجد منهم من يكون صارفاً، وهذه العداوة الجالب لها المحبة والشفقة، فلشدة محبتهم له يقعدونه عن كثير من المطالب العالية، ويثبطونه عنها، فإذا أراد الصغير أن يصلي الفجر قالوا: يتعب، وإذا أراد الكبير أن يحج ويعتمر قالوا: تتعب، وإذا أراد أن يفارقهم في سفر طاعة قالوا: إلى من تتركنا؟، وهكذا، والنتيجة يخرج من الدينا قليل البضاعة في العلم والعمل، فيكون أهله قد فعلوا به فعل عدوه المبغض.
- مسند أبي يعلى (2 / 305)، رقم (1032)، وضعفه الألباني، انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (10 / 308).
- رواه البخاري، كتاب الأدب، باب الحب في الله (5 / 2246)، برقم (5694)، و مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان خصالٍ من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان (1/66)، برقم (43)، والنسائي، كتاب الإيمان وشرائعه، باب حلاوة الإيمان (8 / 96)، برقم (4988) واللفظ للنسائي.
- رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب حب الرسول ﷺ من الإيمان (1/14)، برقم (15)،ومسلم، كتاب الإيمان، باب وجوب محبة النبي ﷺ أكثر من الأهل والولد والناس أجمعين وإطلاق عدم الإيمان على من لم يحبه هذه المحبة (1/67)، برقم (44).