هذا تعليم من الله تعالى لعباده المؤمنين آداب اللقاء وطريق الشجاعة عند مواجهة الأعداء فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن أبي أوفى عن رسول الله ﷺ : أنه انتظر في بعض أيامه التي لقي فيها العدو حتى إذا مالت الشمس قام فيهم فقال: يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف، ثم قام النبي ﷺ وقال: اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم[1].
وعن كعب الأحبار قال: ما من شيء أحب إلى الله تعالى من قراءة القرآن والذكر ولولا ذلك ما أمر الناس بالصلاة والقتال، ألا ترون أنه أمر الناس بالذكر عند القتال فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ [سورة الأنفال:45].
قوله – تبارك وتعالى - : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ [سورة الأنفال:45] أي: لا تنهزموا وتفروا، ثم ذكر – سبحانه - أهم الأمور التي يحصل بها الثبات، فقال: وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ، والفلاح هو تحصيل المطلوب والنجاة من المرهوب، والظفر والنصر من الفلاح، والذكر هو السبب في هذا الفلاح، وسبب لتفريج الشدائد، وقد مدح الله – تبارك وتعالى - الذاكرين بقوله: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [سورة الأحزاب:35]، وأمر عباده بالذكر فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [سورة الأحزاب:41-42]، وقال ﷺ في أهل الذكر: سبق المفردون قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟، قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات[2].
وذكْر الله شيء يسيركلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان[3]، ويستطيع العبد أن يذكر ربه على أي حال، ولهذا قال الله : فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ [سورة النساء:103].
- رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب لا تمنوا لقاء العدو (3/1101)، برقم (2861)، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب كراهة تمني لقاء العدو والأمر بالصبر عن اللقاء (3/1362)، برقم (1742).
- رواه مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب الحث على ذكر الله تعالى (4/2062)، برقم (2676).
- رواه البخاري، كتاب الدعوات، باب فضل التسبيح (5/2352)، برقم (6043).