قلت: الحديث في الصحيحين من رواية أسامة بن زيد - ا - قال: قال رسول الله ﷺ : لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم[2] ومعنى قوله: إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ [سورة الأنفال:73]، أي: إن لم تجانبوا المشركين وتوالوا المؤمنين وإلا وقعت الفتنة في الناس، وهو التباس الأمر واختلاط المؤمن بالكافر، فيقع بين الناس فساد منتشر عريض طويل.
قوله – تبارك وتعالى - : وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ [سورة الأنفال:73]، حمل بعض أهل العلم هذه الآية على المواريث، وإيراد المصنف - رحمه الله - لقول النبي ﷺ : لا يتوارث أهل ملتين يشعر بهذا، وإن كان المصنف في آخر كلامه حملها على المحبة والنصرة، والراجح أن الآية ليست في المواريث، وإنما هي في الموالاة المعروفة من المحبة والمودة والنصرة، ولكن حينما تتحقق الموالاة للمؤمنين والبراءة من الكافرين فينقطع التوارث؛ لأن مقتضى البراءة من الكفار هو عدم التوارث، وقطع الموالاة له صور كثيرة، ولهذا كان من أبلغ صور معاداة الكفار وقطع الموالاة عنهم الهجرة من بلادهم ومقاتلتهم، وهذا الذي حققه المسلمون مع نبينا ﷺ فقد قدموا الرابطة الإيمانية على رابطة النسب، وهذه المعاني أصول للدين، لا يجوز المساس بها والعبث بها تحت أي عذر كان، وينبغي أن تربى الأجيال عليها، والوقوف عندها، لا يجوز لأحد أن يتجاوزها، ولا يحرف الكلم عن مواضعه، ولا أن يسمي الأشياء بغير مسمياتها، فقد وصل الأمر بالبعض أن يستكثر على الكافر أن يقال عنه الكافر، فيقول له: الآخر.
- المستدرك، كتاب التفسير، باب قراءة النبي ﷺ مما لم يخرجاه وقد صح سنده (2/262)، برقم (2944).
- رواه البخاري، كتاب الفرائض، باب لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم (6/2484)، برقم (6383)، ورواه مسلم، كتاب الفرائض، (3 / 1233)، برقم (1614).