هذا كلام العرب، ذكره الفرّاء وذكره ابن جرير - رحمه الله -، كثيراً ما ينقل عن الفرّاء، قد يسميه، وقد لا يسميه، كما ينقل البخاري - رحمه الله - في تراجم الأبواب كثيراً معاني الغريب هذه، غير مرويات علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
يعني هنا الفرق بين قبَره وأقبره، ومعنى وأقبره: جعله ذا قبر، وليس معناه قبره، تقول العرب: قبرتُ الرجل إذا وَلِيَ ذلك منه، يعني: إذا قام هو بدفنه بقبره، وأقبره الله: يعني جعله ذا قبر.
أعضبتُ قرنه يعني: كسرت قرنه، وأعضبه جعله أعضبًَ، وبترتُ ذنب البعير وأبتره الله، يعني: جعله أبترَ.
هذا الفرق بين قبره، وأقبره، ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ [عبس: 21] يعني: جعله ذا قبر، المراد الامتنان عليه بأن الله تصرف في خلقه بهذه الأطوار، وأيضاً إكراماً له بعد الموت جعله ذا قبر، فدفن الميت لا شك أنه إكرام له، تصور لو أن الناس إذا ماتوا أُخذ الواحد، ورُمي في المزبلة، فهذا فيه غاية الامتهان، وفيه أذى له ولأهله، لو كان هكذا ما في دفن - قبر -، لكن يؤخذ، ويغسل، ويكفن، ويصلى عليه، ويذهب معه الناس يشيعونه، ولهم أعظم الأجور في ذلك، في صلاتهم وفي تشييعهم، ثم بعد ذلك يتسارعون في دفنه، وهم أيضاً يؤجرون على هذا، ويقفون على القبر، يستغفرون له، فهذا في غاية الإكرام، لكن لو أن الإنسان يؤخذ، ويرمى إذا مات فهذا خلاف الإكرام، والله - تبارك وتعالى - قد أنعم على هذا الإنسان بهذه النعم المتوالية ابتداءً، وانتهاءً، فعلى أي شيء يكفر؟ ما الموجب للكفر؟ لماذا يتمرد على ربه - تبارك وتعالى -، ويعرض عن الإيمان؟