الأربعاء 02 / ذو القعدة / 1446 - 30 / أبريل 2025
أَلَمْ يَعْلَمُوٓا۟ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِۦ وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَٰتِ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"وقوله: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ هذا تهييج إلى التوبة، والصدقة؛ اللتين كل منها يحطُّ الذنوب، ويمحصها، ويمحقها".


من أهل العلم من يقول: إن هذا الخطاب أَلَمْ يَعْلَمُوا لغير التائبين يحرضهم على التوبة، يحثهم عليها، وبعضهم يقول: إن هذا لهؤلاء الذين تابوا، الخطاب للذين تابوا قبل أن يقبل توبتهم كما سيأتي في آخر السورة لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ [سورة التوبة:117] إلى أن قال: وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ [سورة التوبة:118] فخصها بعض أهل العلم بهؤلاء، ومن أهل العلم - كابن جرير - من حملها وخصها بالذين أوثقوا أنفسهم، فالصحابة الذين تخلفوا الثلاثة جاءوا، واعتذروا إلى النبي ﷺ، وبقوا ينتظرون، ومن الصحابة من أوثق نفسه حتى يتوب الله عليه، يعني لا يفك وثاقه حتى يتوب الله عليه، فابن جرير - رحمه الله - حملها على هذا المعنى، أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ يعني ابن جرير - رحمه الله - يقول: لماذا يفعلون هذا بأنفسهم، ويقولون لا نطلق وثاقنا حتى يطلقنا رسول الله ﷺ؟ كان يكفيهم أن يتوبوا إلى الله، فإن التوبة تكون لله، وليسوا بحاجة إلى هذا، هكذا خصها بهؤلاء، وعلى أساس هذا هم اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئاً.

"وأخبر تعالى أن كل من تاب إليه تاب عليه، ومن تصدق بصدقة من كسب حلال فإن الله - تعالى - يتقبلها بيمينه، فيربِّيها لصاحبها، حتى تصير التمرة مثل أحد، كما جاء بذلك الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: إن الله يقبل الصدقة، ويأخذها بيمينه؛ فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مُهره، حتى إن اللقمة لتَصير مثل أحد[1]، وتصديق ذلك في كتاب الله : أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ، وقوله: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ [سورة البقرة:276]".
  1. رواه الترمذي، كتاب الزكاة، باب ما جاء في فضل الصدقة، برقم (662)، وقال الألباني: صحيح لغيره، في صحيح الترغيب والترهيب، برقم (856).