السبت 27 / شوّال / 1446 - 26 / أبريل 2025
يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَكُونُوا۟ مَعَ ٱلصَّٰدِقِينَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"ولهذا قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ أي: اصدُقوا والزموا الصدق تكونوا من أهله، وتنجوا من المهالك، ويجعل لكم فرجاً من أموركم، ومخرجاً".


اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ الكون مع الصادقين هنا ما المراد به؟ ابن جرير - رحمه الله - يقول: "كونوا من أهل ولاية الله، وطاعته - يعني في الدنيا -؛ تكونوا مع الصادقين في الآخرة"، في الجنة، في العاقبة؛ كما قال الله : وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا [سورة النساء:69] فهذا معنى، واحتج له بأن كون الإنسان في الدنيا مصاحباً لأهل الصدق، مجتمعاً معهم ببدنه؛ أن ذلك لا يغني عنه من الله شيئاً ما لم يكن متصفاً بأوصافهم، متحلياً بأخلاقهم، عاملاً بطاعة الله، وطاعة رسوله ﷺ، وقال: إن المنافقين كانوا مع المؤمنين في الدنيا يصلون معهم، ويخالطونهم، ومع ذلك لم ينفعهم، وليسوا من الصادقين، هذا الذي ذهب إليه ابن جرير - رحمه الله -، ويمكن أن تفسر الآية - والله تعالى أعلم - وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ أي في حكمهم، وعلى حالهم، وصفتهم، تعملون بعملهم.

"وقد قال الإمام أحمد عن عبد الله - هو ابن مسعود - قال: قال رسول الله ﷺ: عليكم بالصدق؛ فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق، ويتحرّى الصدق؛ حتى يكتب عند الله صديقاً، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب، حتى يكتب عند الله كذاباً[1]، أخرجاه في الصحيحين.
  1. رواه البخاري، كتاب الأدب، باب قول الله - تعالى -: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [سورة التوبة:119]، وما يُنهَى عن الكذب، برقم (5743)، ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب قبح الكذب وحسن الصدق وفضله، برقم (2607)، واللفظ له.