الأحد 28 / شوّال / 1446 - 27 / أبريل 2025
أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِى كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ ۝ وَإِذَا مَا أُنزلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ [سورة التوبة:126-127].
يقول تعالى: أولا يرى هؤلاء المنافقون أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ أي: يختبرون فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ أي: لا يتوبون من ذنوبهم السالفة، ولا هم يذكّرون فيما يستقبل من أحوالهم.
قال مجاهد: يختبرون بالسَّنَة، والجوع".


يعني يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ قال: بالسَّنة، والجوع؛ لكن هل هذا حاصل أن المنافقين يفتنون على عهد النبي ﷺ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ بالسَّنة، والجوع؛ حتى بعدما وسع الله على المسلمين؟، ومعلوم أن المنافقين أحرص ما يكونون على دنياهم، فهم يشحون بالنفقة، وأحرص ما يكونون على أخذ الغنيمة كما قال الله : أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ [سورة الأحزاب:19] يعني المال، ويقول: فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ يعني يقولون: أعطونا من الغنيمة، أعطونا من مال الله، فهم بهذه المثابة والله وصفهم قال: وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ [سورة المنافقون:4] لشدة عنايتهم بهذه الأجسام فهم مُترِفون لها، مُنعِّمون لها؛ هي غايتهم، ومنتهى مطالبهم، فتفسيره بأنهم يفتنون بالجوع أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ قد لا يخلو من إشكال، وبعضهم قال: إن ذلك يكون بالغزو مع رسول الله ﷺ، فهم يبتلون بهذا وهو أثقل ما يكون عليهم؛ لأنه فيه مشقة كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ [سورة البقرة:216] وهذا خلاف مقصود المنافق تماماً، وكذلك بما يرون في هذا الغزو من ظهور الإسلام، وعلو المسلمين، ويرون من دلائل صدق النبي ﷺ أشياء، فهذا معنى ذكره بعض أهل العلم، وذكر بعضهم أن هذا الفتْن يكون بما يحصل لهم من العوارض كالمرض الذي لا يخلو منه إنسان، فهو يحصل لهم، وهذه المعاني محتملة، ولهذا قال ابن جرير - رحمه الله -: إنه يجوز أن يكون ذلك بالغزو مع رسول الله ﷺ، أو بالجوع؛ يحصل لهم شدة تقع أو نحو هذا.