السبت 05 / ذو القعدة / 1446 - 03 / مايو 2025
لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَّٱتَّبَعُوكَ وَلَٰكِنۢ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ ٱلشُّقَّةُ ۚ وَسَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَوِ ٱسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَٰذِبُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ [سورة التوبة:42].
يقول تعالى موبّخًا للذين تخلفوا عن النبي ﷺ في غزوة تبوك، وقعدوا بعدما استأذنوه في ذلك، مظهرين أنهم ذوو أعذار؛ ولم يكونوا كذلك، فقال: لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا قال ابن عباس: غنيمة قريبة، وَسَفَرًا قَاصِدًا أي: قريباً أيضاً، لاتَّبَعُوكَ أي: لكانوا جاءوا معك لذلك".


لَوْ كَانَ عَرَضًا العَرض ما يعرض من منافع الدنيا، لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا يعني غنيمة قريبة لا تحتاج إلى سفر، ومشقة، وعنت، وَسَفَرًا قَاصِدًا السفر القاصد فسر بالقريب، هذا الذي عليه الأكثر، ومنهم من نظر إلى هذه اللفظة باعتبار أن القصد يأتي بمعنى التوسط يعني سفراً متوسطاً، لكن السياق يدل - والله أعلم - على أن المقصود وَسَفَرًا قَاصِدًا أي سفراً قريباً ليس بعيداً كتبوك في شدة الحر، وطيب الثمار.

"وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ أي: المسافة إلى الشام، وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ أي: لكم إذا رجعتم إليهم لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ أي: لو لم تكن لنا أعذار لخرجنا معكم، قال الله - تعالى -: يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ".


يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ يعني بأيمانهم الكاذبة، ولا شك أن قعودهم أيضاً هو السبب لهلاكهم، يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ فيحلفون كذباً للنبي ﷺ فكانت أيمانهم هذه سبباً لاستمرائهم الباطل كقوله - تبارك وتعالى -: اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ [سورة المجادلة:16] صدوا في أنفسهم، وصدوا غيرهم، فهذه الأيمان جعلتهم يستمرئون ما هم فيه من القعود عن طاعة الله ، والنفاق، ومحادة الله ورسوله ﷺ - والله أعلم -.