يقول تعالى: ومن المنافقين قوم يُؤذون رسولَ الله ﷺ بالكلام فيه، ويقولون: هُوَ أُذُنٌ أي: من قال له شيئاً صدقه، ومن حدثه فينا صدقه، فإذا جئنا وحلفنا له صدقنا".
أُذُنٌ يعني أن من جاءه قَبِل منه، يصدق، ويقبل مِن كل من حدّثه، فالعرب تعبر بذلك على سبيل المبالغة فسموه "أذناً" كأنهم سموه بالجارحة التي يسمع بها وهي الأذن، كما يقال للجاسوس: إنه عين، فأطلقوا على هذا اسم الجارحة، فأُذن للمبالغة، وهم يقصدون الإساءة أنه يقبل ويصدق كل من جاء إليه، وكلمه، هُوَ أُذُنٌ فيسمع فينا، وإذا أتيناه أيضاً قبِلَ منا.
يعني كأنه قال نعم هو أذن، ولكن نِعْم الأذن هو لكم، هو أُذُنُ خَيْرٍ يعني يسمع ما فيه صلاحكم، ونفعكم، ولهذا نهى النبي ﷺ أصحابه أن يحدثوه عن أحد من الصحابة بشيء يكرهه، وعلل هذا أنه يحب أن يخرج إلى أصحابه وليس في قلبه شيء على أحد منهم فـ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ بمعنى أنه خير للمؤمنين، ويسمع ما فيه النفع لهم، ويؤمن بالله، ويؤمن للمؤمنين، يصدقهم، وأما الكفار، والمنافقون؛ فإنه لا تنطلي عليه أكاذيبهم.
وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ إذاً لا يصدق المنافقين، والكافرين وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ، وأما الكافر فهو ﷺ نبي الملحمة هذا على قراءة الجمهور برفع وَرَحْمَةٌ، وقرأ حمزة بالجر فيكون هكذا قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٍ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ يعني: أذن خيرٍ، ورحمةٍ، والمعنى واضح على هذه القراءة.