الأحد 18 / ذو الحجة / 1446 - 15 / يونيو 2025
يَحْذَرُ ٱلْمُنَٰفِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِى قُلُوبِهِمْ ۚ قُلِ ٱسْتَهْزِءُوٓا۟ إِنَّ ٱللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنزلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ [سورة التوبة:64].
قال مجاهد: يقولون القول بينهم، ثم يقولون: عسى الله ألا يفشي علينا سرنا هذا".


بمعنى أنّ "يحذر" هذا خبرهم أنهم حذرون من تنزل سورة تفضحهم، هذا هو الراجح، وهو المتبادر، وأنه من قبيل الخبر، خلافاً لمن قال: إن هذا صيغة الخبر وهو مضمن معنى الإنشاء يعني بمعنى الأمر ليحذرْ.

"وهذه الآية شبيهة بقوله تعالى: وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ [سورة المجادلة:8]".


هذه الآية الثانية هي في اليهود، لكن وجه الإرتباط وجه الشبه أن المنافقين يحذرون في أنفسهم أن تنزل سورة تفضحهم، واليهود حينما كانوا يقولون للنبي ﷺ السام عليك وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ يحتمل معنيين أن الواحد يتلجلج في نفسه، يقول في نفسه: إن هذا لو كان نبياً لاستجيب له فيما يقول: وعليك، فدعاؤه علينا يستجاب، وكذلك قولنا له: السام عليك لو كان نبياً لعذبنا الله بما نقول، ويحتمل أن وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ يعني فيما بينهم، فإن المجتمعين على أمر ينزلون منزلة النفس الواحدة كقوله تعالى: لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ [سورة النساء:29]، فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ [سورة البقرة:54]، وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ [سورة النساء:29].

"وقال في هذه الآية: قُلِ اسْتَهْزِءُُواْ إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ أي: إن الله سينزل على رسوله ما يفضحكم به، ويبين له أمركم كما قال: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ إلى قوله: وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ [سورة محمد:29-30]؛ ولهذا قال قتادة: كانت تسمى هذه السورة "الفاضحة"، فاضحة المنافقين".