إذا تأملت في هذه الأقوال تجد أن بعضها محمول على عود الضمير الهاء إلى الشمس، وأن بعضها محمله على عود الضمير على النهار، وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا إذا فُسر هذا بالنهار وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا فهنا قال: وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا قال مجاهد: تبعها، تبع ماذا؟ هذا يرجع إلى الشمس يعني تبع الشمس، وابن عباس من طريق العوفي قال: يتلو النهار وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا القمر يتلو النهار، والقمر هو آية الليل فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً [سورة الإسراء:12]، فالشمس آية النهار، والقمر آية الليل، تلاها أي: تلا النهار، وقول قتادة مقيد وهو على أن الضمير يرجع إلى الشمس لكن ليس ذلك بإطلاق، يعني أن القمر يكون بالليل، يكون بعد غروب الشمس مثلاً، وإنما قال: إذا تلاها ليلة الهلال، إذا سقطت الشمس رؤي الهلال هنا هذا تفسير محمله على اللفظ لكن في أدق، وأخص معانيه، يعني هنا فسرت على اللفظ لكن بمعانٍ متفاوتة، فهنا هذا أدق معانيه، متى يكون القمر يتلو الشمس مباشرة؟ هو لاحَظَ لفظة "تلاها" هذا في الليلة الأولى من الشهر يسقط قرص الشمس فيبدو الهلال، هذا لا يكون في وسط الشهر، ولا يكون بعد ولادة الهلال بأيام، ولا يكون ذلك في آخر الشهر بحال من الأحوال كما هو معروف، فهنا هذا لاحظ لفظة "تلاها"، متى يتلوها مباشرة؟ في أول ليلة يسقط قرص الشمس مباشرة يُرى الهلال في وقت يسير بعد غروب الشمس كما هو معلوم حينما يتراءاه الناس في أول ليلة.
لاحظ الآن هذا المعنى، ابن جرير لاحظ تفسيره على اللفظ لكنه وسعه قليلاً، يعني ما قيده بأول ليلة، وإنما قيده في النصف الأول من الشهر، النصف الأول من الشهر إذا غابت الشمس يتلوها الهلال، وفي كل يوم يكون طلوعه متفاوتًا عن اليوم الذي قبله، بهذا يقول ابن زيد من السلف.
النصف الثاني العكس يكون القمر أمامها فهنا حينما لاحظ هؤلاء اللفظ، وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا لما لاحظوا اللفظ نظروا إلى أن القمر يتلو الشمس إما مباشرة كقول من قيد ذلك في أول ليلة، أو في النصف الأول من الشهر، بمعنى أنه بعد غيابها هنا يكون طلوع القمر، والذين نظروا إلى المعنى حملوه على ما هو أوسع من ذلك، بمعنى أن القمر يكون طلوعه ليلاً - والله أعلم -.