الأربعاء 20 / محرّم / 1447 - 16 / يوليو 2025
وَٱلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى أي: "سكن فأظلم، وادلَهَمّ" قاله مجاهد، وقتادة، والضحاك، وابن زيد، وغيرهم، وذلك دليل ظاهر على قدرة خالق هذا وهذا كما قال: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ۝ وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى، وقال تعالى: فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ [سورة الأنعام:96]".

قوله - تبارك وتعالى -: وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى هنا قال: أي: سكن فأظلم، وادلهم، قاله مجاهد، وقتادة، والضحاك، يقول: "سكن، واستوى"، وهذا أشهر معانيه، وبهذا قال آخرون أيضًا غير من ذَكر كعكرمة - رحمه الله -، واختاره ابن جرير - رحم الله الجميع -، وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى من قولهم: "بحر ساجٍ" البحر الساجي يعني الساكن لا تتلاطم أمواجه، هادئ، وَالضُّحَى ۝ وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى يعني إذا سكن، كما يقول ابن جرير: سكن بأهله، وثبت بظلامه، وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى، وجاء عن ابن عباس في رواية في إسنادها ضعف وبذلك قال الحسن: يعني أقبل وَالضُّحَى ۝ وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى يعني أقبل، فهو حينما يسكن بظلامه يكون قد أقبل، لكنه جاء عنه من رواية علي بن أبي طلحة أنه قال: ذهب، فيكون كقوله: وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ [سورة المدثر:33] لكن المشهور أن سجى بمعنى سكن، ومن فسره بأقبل فإن ذلك من مقتضياته، يعني هو حينما يسكن بظلامه، حينما يعم الظلام، حينما تحصل هدأة الليل، وسكونه؛ فإن ذلك يكون إذا أقبل الليل، فهذه معانٍ متلازمة، ويكون بهذا الاعتبار معنى سجى أرخى سدوله، سكن بظلامه، عم بظلامه، سكن بأهله، والمقصود عموم الظلام، وما يحصل من ذلك وبسببه من هدأة الليل، تهدأ فيه النفوس، تهدأ فيه الحركة.