وهذا جواب القسم وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ما ودعك أي: ما تركك، ما قطعك قطع المودع كما قالت هذه المرأة، وَمَا قَلَى أي: وما أبغضك، قلاه يعني أبغضه، وهنا مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى هنا ما قال: وما قلاك مراعاة للفاصلة، أواخر الآيات وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى بعض أصحاب كتب التفسير التي تُعني بالجوانب البلاغية يذكرون هنا أمرًا من اللطائف التي قد تصح وقد لا تصح، يقولون: هذا من باب الأدب في الخطاب، ما وجه إليه مثل هذه العبارة: قلاك، وإنما قال: "قلى"، كقوله - تبارك وتعالى - تأديبًا مثلاً: لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا [سورة البقرة:104]، وقول إبراهيم ﷺ: وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ [سورة الشعراء:80] "مرضت" فنسب المرض إلى نفسه، ونسب الشفاء إلى الله ، إلى غير هذا من أمثلة، فبعضهم يذكر هذا من هذا القبيل مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى يعني وما قلاك، أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا [سورة الكهف:79] نسب العيب إلى نفسه، وهناك في الجدار قال: فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا [سورة الكهف:82] أراد ربك فهنا نفع، إيصال النفع لهم، فنسبه إلى الله ، والعيب قال: فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا ما قال: فأراد ربك أن يعيبها.