الأحد 11 / ذو الحجة / 1446 - 08 / يونيو 2025
مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"وقوله: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ أي: ما تركك".

وهذا جواب القسم وَالضُّحَى ۝ وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ۝ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ما ودعك أي: ما تركك، ما قطعك قطع المودع كما قالت هذه المرأة، وَمَا قَلَى أي: وما أبغضك، قلاه يعني أبغضه، وهنا مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى هنا ما قال: وما قلاك مراعاة للفاصلة، أواخر الآيات وَالضُّحَى ۝ وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ۝ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى بعض أصحاب كتب التفسير التي تُعني بالجوانب البلاغية يذكرون هنا أمرًا من اللطائف التي قد تصح وقد لا تصح، يقولون: هذا من باب الأدب في الخطاب، ما وجه إليه مثل هذه العبارة: قلاك، وإنما قال: "قلى"، كقوله - تبارك وتعالى - تأديبًا مثلاً: لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا [سورة البقرة:104]، وقول إبراهيم ﷺ: وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ [سورة الشعراء:80] "مرضت" فنسب المرض إلى نفسه، ونسب الشفاء إلى الله ، إلى غير هذا من أمثلة، فبعضهم يذكر هذا من هذا القبيل مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى يعني وما قلاك، أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا [سورة الكهف:79] نسب العيب إلى نفسه، وهناك في الجدار قال: فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا [سورة الكهف:82] أراد ربك فهنا نفع، إيصال النفع لهم، فنسبه إلى الله ، والعيب قال: فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا ما قال: فأراد ربك أن يعيبها.

"وَمَا قَلَى أي: وما أبغضك".