"ثم قال تعالى يعدد نعَمه على عبده ورسوله محمد - صلوات الله وسلامه عليه -: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى وذلك أن أباه تُوفّي وهو حَملٌ في بطن أمه، ثم توفيت أمه آمنة بنت وهب وله من العمر ست سنين، ثم كان في كفالة جده عبد المطلب؛ إلى أن توفي وله من العمر ثمان سنين، فكفله عمه أبو طالب، ثم لم يزل يحوطه، وينصره، ويَرفع من قَدره، وَيُوقّره، ويكفّ عنه أذى قومه بعد أن ابتعثه الله على رأس أربعين سنة من عمره، هذا وأبو طالب على دين قومه من عبادة الأوثان، وكل ذلك بقدر الله، وحُسن تدبيره، إلى أن تُوفي أبو طالب قبل الهجرة بقليل، فأقدم عليه سفهاء قريش، وجُهالهم، فاختار الله له الهجرة من بين أظهرهم إلى بلد الأنصار من الأوس والخزرج، كما أجرى الله سُنَّته على الوجه الأتم والأكمل، فلما وصل إليهم آوَوه، ونَصَرُوه، وحاطوه، وقاتلوا بين يديه أجمعين، وكل هذا من حفظ الله له، وكلاءته، وعنايته به".
قوله: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا اليتيم معروف هو من مات أبوه وهو دون البلوغ في بني آدم، أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى يعني فآواك، فهنا ما قال: فآواك؛ لمراعاة الفواصل، وبعضهم يقول: من أجل أن يعم ذلك النبي ﷺ وغيره، هكذا قال بعض أهل العلم، قالوا: فإن الله آواه وآوى به أيضًا.