الجمعة 10 / شوّال / 1445 - 19 / أبريل 2024
حديث «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره..» إلى «أفضل الذكر..»
مرات الإستماع: 0

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعدُ:

ففي "باب فضل الذكر" أورد المصنف -رحمه الله- حديث أبي موسى الأشعري عن النبي ﷺ قال: مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت[1]، رواه البخاري، ورواه مسلم، فقال: مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت[2].

قوله ﷺ: مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت الأمثال تقال كما هو معلوم لتقريب المعقولات في صورة المحسوسات في أشهر إطلاقاتها، أعني الأمثال، فيقرب المعنى المعقول بصورة يدركها السامع، أو المخاطب محسوسة، فالذكر فيه حياة القلب، فهذا الذي يذكر ربه يعني: أنه يكثر من ذكر الله والذي لا يذكره كمثل الحي والميت فالميت لا حياة فيه، كما أن الذي لا يذكر ربه قلبه يكون في حال من الموات، كحال الجثة التي فارقتها الروح، وهذا المثل أبلغ ما يكون في تصوير هذه الحقيقة، ومهما قال القائلون، وتكلم الشراح في بيانها، وذكر تفصيلاتها وأبعادها ومتعلقاتها، فإنهم لا يبلغون هذا المعنى، لا يوجد صورة -أيها الأحبة- في الموات أكثر من حال الميت الذي فارقت روحه جسده.

فجعل النبي ﷺ هذا الذي لا يذكر ربه بهذه المثابة، وهذا الموت هو موت القلب، ويكون للقلب من الحياة على قدر ما يكون فيه من الذكر، وكلما كان ذاكرًا لله أكثر كانت حياته أتم وأكمل، وهذا الذكر كما ذكرنا سابقًا يشمل ذكر اللسان، وذكر القلب؛ بأن يكون عامرًا بمراقبته وتعظيمه ومحبته وإجلاله، وذكر الجوارح بالعمل بطاعته.

فهذا على كل حال يدخل فيه دخولاً أوليًا الذكر باللسان مع مواطأة القلب؛ لأن ذكر اللسان بمجرده من غير مواطأة القلب لا يحصل به رفع الغفلة، ولا يحصل به حياة للقلب، ولا يحصل به أنس وانشراح، كثيرًا ما نقول لأولئك الذين يعانون من ضيق الصدر: أكثروا من ذكر الله ذكرًا تسمعه آذانكم، أكثر من ذكره، الهج بذكره، فإن ذلك يؤثر انشراحًا وسرورًا وسعادة غامرة في القلب، لكن إذا كان هذا الذكر من غير مواطأة القلب، يعني: اللسان يتحرك والقلب مشغول بشيء آخر، فإن هذا لا يؤثر فيه، نعم يؤجر على الذكر فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ۝ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة:7-8] لكن حياة القلب هذه لا بدّ مع الذكر من مواطأة القلب، ومواطأة القلب هذا من ذكره، من ذكر القلب أن يكون حاضرًا في حال ذكر  اللسان، وما على من يعاني من ضيق الصدر، إلا أن يتعاطى هذا العلاج والدواء، بل هذا الشفاء، ولا أقول دواء؛ لأنه مقطوع النتيجة، حتمي التأثير: إن كان خالصًا لله ، وحصلت مواطأة القلب، فإني أضمن لهذا الإنسان أن يحصل له من السعادة والانشراح والسرور واللذة ما لا يجده الغافلون.

ولا شك أن الإنسان حينما يكون غافلاً فتحصل له آثار الغفلة من الوحشة، وضيق الصدر، فيبدأ يذكر الله -تبارك وتعالى- أن الأثر يحتاج إلى شيء من المعالجة والوقت حتى يحيا القلب، لكن أولئك الذين يذكرونه دائمًا هؤلاء لا يستوحشون، ولا يجدون هذا الضيق، وإن حصل ذلك لأمر عارض كمصيبة نزلت، أو أمر يكرهه حصل، أو رآه، أو سمع به، فما عليه إلا أن يجدد العهد مع الذكر، فيرجع إلى حاله من الانشراح، فمثل هذا لا تدوم علته وضيقه، وانقباض قلبه، كما يحصل لكثيرين.

فيكفي -أيها الأحبة- هذا، ولا أجد عبارات أبلغ من هذه كمثل الحي والميت المقارنة بين الحي والميت، مثل السمك في الماء إذا أخرجته مات، الأشجار والزروع والغراس حينما تترك من السقي بالماء ما الذي يحصل لها؟ تذبل وتصفر، ثم بعد ذلك تموت، قد تأتي بزهور ومزهريات، وما إلى ذلك من حاويات النباتات، وما إلى ذلك في أحسن صورة، وتدفع فيها الأموال، ثم بعد ذلك يبدأ الإنسان يسقيها في يوم أو يومين أو أسبوع، ثم بعد ذلك يغفل عنها، كما يحصل كثيرًا، ما الذي يحصل لها؟ تبدأ بالذبول، ثم تجف وتيبس، ثم بعد ذلك تبدأ تتساقط أوراقها، حتى تصير في حال لا يسر بالنظر إليها، بعدما كانت مبهجة، فالقلب حينما لا يسقى بماء الذكر ما الذي يحصل له يحصل هذا الجفاف والضيق والوحشة.

وارجعوا إلى ما ذكره الحافظ ابن القيم -رحمه الله- في الوابل الصيب في فضائل الذكر، حيث ذكر ما يقْرُب من مائة فائدة له، فباختصار حياة القلب بالذكر، وموته بالغفلة، فمن أراد قلبًا حيًا وقادًا، فعليه أن يكثر من ذكر الله كما أمر الله قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ [آل عمران:191] بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ [الأعراف:205].

وفي الرواية الأخرى عند مسلم: مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت لاحظ مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت هنا مثل البيت فذاك البيت الذي هو القلب بمنزلة الحي والميت خراب، والبيت الذي يسكنه الإنسان إن كان معطلاً من ذكر الله فهو موات، كيف إذا كان يعمره مادة الخراب من القنوات الفاسدة، واللهو، والغفلة، والمعازف وما أشبه ذلك، هذا بيت تجتمع فيه الشياطين، وإذا اجتمعت الشياطين في بيت فما ظنكم؟ ماذا ستفعل هذه الشياطين بأهل هذه الدار؟ يصدونهم عن ذكر الله، ويؤزونهم للمعاصي والفواحش والمنكرات، ويزينون لهم معصية الله ، ويقعدونهم عن طاعته، ويشغلون قلوبهم بالخواطر السيئة، والأفكار المضلِلة، والأمور المقلقة، ولربما ركبتهم الشياطين فحصل لهم من المس ما يعاني منه كثيرون، تتخبطهم الشياطين فيسقط -نسأل الله العافية للجميع- الواحد من تخبط الشيطان له يصرع، فإذا رقي تكلم هؤلاء الشياطين على لسانه، ولربما أخرج الواحد منهم فدخل مكانه جمع من هؤلاء الشياطين، أحيانًا يتكلم مجموعة في شخص واحد، ما الذي سلطهم عليه؟ سلطهم عليه الغفلة، وقد سمعت بعض هؤلاء يتكلم في رجل مصروع، ويقول: هذا الرجل لا يذكر الله، مع أنه متدين وملتحي، يقول: لا يذكر الله، أما أصحابه فعليهم حصن، فقيل له: ما هذا الحصن؟ قال: الأذكار، هذه سمعتها على يد أحد هؤلاء حينما تخبط هذا المصروع، وفقد وعيه، فبدأ آخر بصوت آخر يتكلم بلكنة أعجمية على لسانه، فنحن لا نحتاج إلى مثله، لكن أقول: هو أمر مشاهد، ويكفينا قول النبي ﷺ، فالقلب يكون بهذه المثابة، والنفس وكذلك أيضًا البيت الذي لا يذكر الله فيه، أين نحن من قوله ﷺ في البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة: إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة[3]، فهذه البيوت تدخلها الشياطين، ونحن نعرف الحديث: وإذا دخل، فلم يذكر الله عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله عند طعامه، قال: أدركتم المبيت والعشاء[4]، وقد يذكر الرجل ربه إذا دخل، لكن أولاده قد ينسون، قد ينسى واحد منهم، فيدخلون معه، فيبيت معه شياطين في البيت، ولو صور له هؤلاء الشياطين بصورة مرئية، فهل يطيب له مقام، ويستطيع المبيت في هذه الدار؟ لا يستطيع، ولكن حيل بين الناس وبين مشاهدة هذا مع غلبة الغفلة، فمن أراد أن يعمر بيته، وقبل ذلك أن يعمر قلبه فعليه أن يكثر من ذكر الله ، فلنكثر ذكر الله في بيوتنا، ومن ذكره أن نصلي فيها غير الفرائض؛ ولهذا قال النبي ﷺ: لا تجعلوا بيوتكم مقابر[5].

ثم ذكر حديث أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم[6]، متفق عليه.

يقول الله تعالى هذا حديث قدسي أنا عند ظن عبدي بي الظن هنا فسره بعض أهل العلم: بالعلم؛ لأن العلم يعبر عنه بالظن الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ [البقرة:46] يعني: يتيقنون ويعلمون، ما هو الظن الذي بمعنى ترجح أحد الطرفين أنا عند ظن عبدي بي يعني: بحسب ما ينعقد في قلبه تجاه ربه أن الله يجيب دعاءه، أن الله يرحمه، وأن الله يعطيه، وأن الله يخلصه، ونحو ذلك، فالله عند ظن العبد به، ما ظنه بربه؟ فمن من الناس من تسوء ظنونهم بالله وليس ذلك للمؤمن؛ لأن الله قال في الذين يظنون به ظن السوء: يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ[آل عمران:154] هذا من المنافقين، فهذه ظنون أهل الجاهلية وهي الظنون السيئة، وقال: الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ[الفتح:6] فلا يجوز للإنسان أن يسيء الظن بالله.

وقد ذكر أهل العلم كالحافظ ابن القيم -رحمه الله- كلامًا طويلاً في الظنون السيئة بالله ، كمن ظن أن الله لا ينصر دينه، أو لا ينصر أولياءه، أو أن العاقبة لا تكون لهم، أو أن الله يديل الكافرين على المؤمنين إدالة دائمة، أو أن الله يخيب من رجاه، أو أنه يرد من دعاه، أو أنه لا يكرم أهل الإيمان، أو أنه لا يدخلهم الجنة، أو أن الله لا يقبل توبة التائبين، هذا كله من الظنون السيئة بالله -تبارك وتعالى-.

فهنا قال: أنا عند ظن عبدي بي فعلى المؤمن أن يحسن ظنه بالله، فأنه إن توكل عليه كفاه، وإن سأله أعطاه، وأنه الذي يحقق له ما يرجوه، وأنه الذي يشفيه من علله وأوصابه، وأن الله كريم يعطيه ويرزقه ويعافيه، وأن الله -تبارك وتعالى- يتقبل عبادته.

وبعض الناس يقول: أنا أعمل، ولكن أنا في نفسي أنها لا تقبل عبادتي لا تقبل طاعتي، وبعض الناس يقول: أنا أدعو، لكن ما يستجاب لي، هذا سوء ظن بالله -تبارك وتعالى-.

وقال: وأنا معه إذا ذكرني أنا معه هذه معية خاصة تكون مع الذاكرين، كمعيته مع المتقين والمحسنين والمؤمنين إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ[النحل:128] وكذلك أيضًا قال الله لموسى وهارون -عليهما السلام-: إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى [طه:46] فهذه معية بالحفظ والكلاءة، والنصرة، والرعاية، كل ذلك هي المعية الخاصة، أما المعية العامة لجميع الخلق بالعلم والإحاطة، مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا [المجادلة:7] فهذه معية بالعلم يعلم نجواهم وسرهم.

قال: وأنا معه إذا ذكرني فمن أراد المعية الخاصة مع الله أن يحفظه الله، ويكون قريبًا منه، فعليه أن يكثر ذكر الله بقلبه ولسانه وجوارحه، فأكثر الناس ذكرًا هم أهل معية الله .

فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ليس المقصود ذكرني في نفسه يعني: في قلبه فقط؛ لأن مثل هذا الذكر -كما سبق- لا يقال له: ذكر بالمعنى الشرعي، هذا الذكر لا يقال له: ذكر بالمعنى الشرعي، لا بدّ من مواطأة اللسان، وتحريك الشفتين، وأن يجري في الهواء، لكن هنا ما المقصود ذكرني في نفسه يعني: ما ذكره في ملأ جالس لوحده، ويذكر الله ذكرته في نفسي يعني: أن الله لا يذكره في ملأ من الملائكة.

وإن ذكرني في ملأ جمع من الناس ذكرته في ملأ خير منهم وهذا يدل على أن ذكر الله في الملأ أفضل من ذكره في السر، لكن بشرط الإخلاص أن يريد ما عند الله ، فيذكره الله في ملأ أفضل من الملأ الذين ذكره عندهم، والجزاء من جنس العمل، هذه أمور سهلة، واليوم لربما يكون غريبًا بين الناس الذي يكون في المجلس، ويسمع منه ذكر الله ، إنسان في مجلس يقول: لا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، سبحان الله، والحمد لله، بشرط أن يريد ما عند الله، أن يكون مخلصًا، والله لا يخفى عليه شيء، فإن خشي على نفسه، فإن ذكره في نفسه أولى من ذكره في الملأ، إذا خاف على نفسه الرياء أو السمعة، أو نحو ذلك.

وعلى كل حال كذلك حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: سبق المفردون سبقوا يعني: سبقوا غيرهم في الفضل والأجر والمنزلة، فأطلقه النبي -ﷺ وسبق في حديث أبي هريرة لما اشتكى الفقراء، وقالوا: إن الأغنياء سبقونا بما يحصل لهم من فضل صدقة، ونحو ذلك يعملونها لا يستطيعها الفقراء، فأرشدهم النبي ﷺ إلى ما سبق من التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل، وأخبرهم أنهم بذلك لا يلحقهم من بعدهم، ويسبقون من تقدمهم، ويدركون من سبقهم، فهنا سبق المفردون قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات[7]، رواه مسلم.

فهنا سماهم بالمفردين كأنهم انفردوا عن الناس بهذه الصفة والخصلة التي جعلتهم يتقدمون على غيرهم، ينفردون عن الناس بالسبق في هذه التجارة مع الله -تبارك وتعالى-، وهي تجارة لا تختص بالأغنياء، ولا بالأذكياء، ولا بالعلماء، ولا بالأقوياء، إنما يدركها كل أحد على تفاوت العقول، وعلى تفاوت الإمكانات، والقدر المالية، وعلى تفاوت العلوم، من الذي يعجز عن هذا؟ الجاهل والعالم والغني والفقير والقوي والضعيف كلهم يصلون إلى هذا ويستطيعونه، ولكن النفس قد تقعد صاحبها.

وقوله ﷺ: والذاكرات هذا من باب زيادة الإيضاح والتوكيد والتعميم، وإلا فإن قوله ﷺ: الذاكرون الله كثيرًا يدخل فيه النساء؛ لأنهن تبع للرجال، وهن يشتركن مع الرجال في هذه القضية.

وروي المفرِّدون بتشديد الراء، وتخفيفها المفردون والجمهور على التشديد.

وعلى كل حال لعلي أختم بهذا الحديث، وهو حديث جابر قال: "سمعت رسول الله ﷺ يقول: أفضل الذكر لا إله إلا الله"[8]، رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.

أفضل الذكر لا إله إلا الله كلمة التوحيد هي أجلّ كلمة، وأعظم كلمة، وقد جاء في الحديث الآخر: إن أحب الكلام إلى الله: سبحان الله وبحمده[9]، وفي حديث آخر ذكر الكلمات الأربع وهي: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر[10]، فهذا أحب الكلام إلى الله.

فبعض أهل العلم قال: إن ذلك لا منافاة بينه؛ لأن قوله: لا إله إلا الله ينتظم هذا إذا تأملته، فالتسبيح تنزيه، فيدخل في قوله: لا إله ينزه عن الشريك والنقص، وما إلى ذلك، وإلا الله هذا فيه تعظيمه وتكبيره وحمده، والثناء عليه، وكل هذه منتظمة في هذا الجزء.

وبعض أهل العلم قال: هذا في الفضل أفضل الذكر لا إله إلا الله لأنه يتضمن كلمة التوحيد، وذاك أحب الكلام إلى الله وإذا ضم إلى حديث: أحب الكلام إلى الله أربع وفيها لا إله إلا الله التي هي سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر فبعضهم قال: إن قوله: أحب الكلام إلى الله في الحديث الآخر: سبحان الله وبحمده قال: لعل ذلك ذكر كأنه اختصارًا.

وعلى كل حال إذا ضم إلى حديث الأربع التي معها التسبيح، ومعها التهليل فالتهليل لا شك أنه أحب الكلام إلى الله، وزيادة وهي أنه أفضل الذكر، كما قال النبي ﷺ هنا فصار التهليل له مزيتان:

الأولى: أنه أفضل الذكر.

والثانية: أنه أحب الكلام إلى الله مع التسبيح والتحميد والتكبير، فصار له هذا وهذا، فكانت له تلك المزية، وبعض أهل العلم قال: لعل فيه تقدير من إن من أحب الكلام إلى الله سبحان الله وبحمده أو إن من أفضل الذكر لا إله إلا الله فيكون ذلك جميعًا في المنزلة العليا التسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، وقول الإنسان: سبحان الله وبحمده.

فعلى كل حال هذا أفضل الذكر، وذاك أحب الكلام إلى الله ومنه التهليل، فالخلاصة: أن التهليل هو أفضل الذكر وهو من أحب الكلام إلى الله .

فهذه -أيها الأحبة- ما تحتاج إلى حفظ، ولا تحتاج إلى جهد، ولا تحتاج إلى فهم عميق، ولا تحتاج إلى كثرة ذكاء وإنما هي أمور سهلة قريبة المنال.

فأسأل الله أن يعيينا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته.

  1. أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب فضل ذكر الله -عز وجل- برقم (6407).
  2. أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته... برقم (779).
  3. أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته، وجوازها في المسجد برقم (780).
  4. أخرجه مسلم في كتاب الأشربة، باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما برقم (2018).
  5. أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته، وجوازها في المسجد برقم (780).
  6. أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران:28] برقم (7405) ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة، باب الحث على ذكر الله تعالى، وباب فضل الذكر والدعاء والتقرب إلى الله تعالى وفي التوبة باب الحض على التوبة والفرح بها برقم (2675).
  7. أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب الحث على ذكر الله تعالى برقم (2676).
  8. أخرجه الترمذي ت شاكر في أبواب الدعوات، باب ما جاء أن دعوة المسلم مستجابة برقم (3383) وحسنه الألباني.
  9. أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل سبحان الله وبحمده برقم (2731).
  10. أخرجه مسلم في كتاب الآداب، باب كراهة التسمية بالأسماء القبيحة وبنافع ونحوه برقم (2137).

مواد ذات صلة