الجمعة 19 / رمضان / 1445 - 29 / مارس 2024
[15] من قول الله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ} الآية 32 إلى قوله تعالى: {فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} الآية 34
تاريخ النشر: ٠٦ / صفر / ١٤٢٧
التحميل: 1469
مرات الإستماع: 2556

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المفسر -رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى:

مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ۝ إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ۝ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [سورة المائدة:32-34].

يقول تعالى من أجل قتل آدم أخاه ظلمًا وعدوانًا كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أي: شرعنا لهم وأعلمناهم أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا أي: من قتل نفسًا بغير سبب من قصاص، أو فساد في الأرض، واستحل قتلها بلا سبب ولا جناية، فكأنما قتل الناس جميعًا؛ لأنه لا فرق عنده بين نفس ونفس.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فقوله -تبارك وتعالى: مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا [سورة المائدة:32] وجه التعلق –والله تعالى أعلم- بين هذه الآية وبين ما قبلها -أعني المناسبة- هو أن السياق في تعداد جنايات بني إسرائيل وجرائمهم، وما كتبه الله عليهم، وما كان في ذلك، فذكر لهم هذه القضية لا سيما أنهم أهل عدوان وظلم وبغي وحسد وإلا فإن هذا لا يدل على أن هذا التحريم إنما وقع لبني إسرائيل وأنه قبل ذلك لم يكن بهذه المثابة من التحريم.

وقوله: مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ هذا للتعليل، ومن أهل العلم من يفسر لفظة أَجْلِ بمعنى جناية، ويذكر شواهد ذلك من كلام العرب، يقول: من جناية ذلك كتبنا على بني إسرائيل، وهذا ليس هو المعنى المتبادر، ومنهم من يقول: إن قوله: مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ متعلق بقوله: فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ [سورة المائدة:31] أي فأصبح من النادمين من أجل ذلك، والمعنى أنه لما رأى الغراب أحسن حالًا منه في هذا التصرف ندم من أجل ذلك، وهذا الربط فيه شيء من التكلف، فالأقرب -والله تعالى أعلم- أنها للتعليل أي من أجل ما وقع من ابن آدم كتبنا على بني إسرائيل ما كتبنا، أي: شرعنا لهم وأعلمناهم، وهذا لا يختص بهم.

قوله: أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ [سورة المائدة:32] تفسره الآية التي ستأتي وهي قوله تعالى: إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ [سورة المائدة:33] فهذا معنى أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ [سورة المائدة:32]، وهذا من تفسير القرآن بالقرآن، ويدخل تحت هذا أمور كثيرة جدًا، من قتل النفوس المعصومة، والتزوير، ومَن غيَّر منار الأرض ومن خرب الأنهار وغوَّر الآبار وأفسد على الناس حياتهم العامة، وغير ذلك مما يمكن أن يتصور من الجناية على الأعراض أو النسل إلى غير ذلك من الصور التي لا تحصى، كل ذلك من الإفساد في الأرض.

وفي قوله تعالى: مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا [سورة المائدة:32] يقول الحافظ ابن كثير -رحمه الله: "من قتل نفسًا بغير سبب من قصاص، أو فساد في الأرض واستحل قتلها بلا سبب ولا جناية فكأنما قتل الناس جميعًا؛ لأنه لا فرق عنده بين نفس ونفس": هذا تفسير لمعنى قوله: فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وهذا ذهب إليه كثير من أهل العلم؛ لأنه لا فرق عنده بين إزهاقه لنفس واحدة وبين إزهاق سائر النفوس؛ لأنه تعدى على حرمتها وانتهك ذلك عدوانًا وظلمًا فلا فرق بين نفس ونفس، فمثل هذا يكون قد جنى على زيد ولا فرق عنده بين زيد وعمرو وصالح وسعيد، فالنفوس المعصومة حرمتها واحدة، فمن انتهك ذلك فكأنما انتهك حرمة جميع الناس.

وتكلف بعضهم في تفسير هذه الآية فقال: هذا فيمن قتل نبيًا أو إمامًا عادلًا، وهذا لا دليل عليه إطلاقًا، وإن كان هذا أشد، لكن سياق الآية مَن قَتَلَ نَفْسًا و"نفسًا" هنا نكرة في سياق الشرط، والنكرة في سياق الشرط تفيد العموم، يعني أيّ نفس، لكن توضحه الأدلة الأخرى وهو أن هذه النفوس يراد بها النفوس المعصومة، فالنبي ﷺ قال: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث[1] فإذا كانت هذه النفس مستحقة للقتل فلا ينطبق عليها هذا.

وكذلك الأمر في قوله تعالى: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [سورة النساء:93] فمثل هذا الأمر الذي يقع لمثل هذا الإنسان الذي قتل واحدًا ويكون مستحقًا له كذلك الذي قتل ألفًا أو آلاف الناس؛ فالذي قتل واحدًا يشترك في الجزاء مع من قتل نفوسًا كثيرة أو جميع النفوس، وهذا من حيث أصل الجزاء الذي هو الخلود في النار واللعن والغضب، وهكذا من سلم الناس منه فلم يقتل واحدًا من الناس فإنه قد سلمت منه سائر النفوس.

هكذا قال أصحاب هذا القول وهو قول له وجه، واختاره كبير المفسرين ابن جرير الطبري -رحمه الله- فيكون أقرب ما يقال في الآية -والله تعالى أعلم- هو ما ذكره الحافظ ابن كثير -رحمه الله- وهذا القول، أي من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا؛ لأنه انتهك حرمة النفوس المعصومة ولا فرق بين نفس ونفس من هذه النفوس، أو يقال: يشترك جزاء من قتل نفسًا واحدة مع من قتل نفوسًا كثيرة أي في أصل الجزاء، ولا يبعد أن يكون المراد -والله تعالى أعلم- أن ذلك بالنظر إلى هذه الجناية وبالنظر إلى جزائها قيل فيه ذلك، والله أعلم.

وقول الحافظ ابن كثير -رحمه الله: "من قتل نفسًا بغير سبب من قصاص، أو فساد في الأرض واستحل قتلها بلا سبب ولا جناية": العلماء -رحمهم الله- يحومون حول هذا المعنى وهو ما عجز عنه المعاصرون في تحديد المراد به، وهو ما يسمونه بالإرهاب، فالإرهاب عرفه بعضهم فقال: هو الإنسان الذي يحمل قنبلة، فقيل لهم: لو أن إنسانًا قتل ولدك وحملت هذا السلاح ووضعته لقاتل ولدك بأن وضعته على السيارة أو في بيته، فهل هذا بمفهومك يسمى إرهابًا؟ الجواب أنهم لا يريدون هذا المعنى أبدًا وإنما يريدون شيئًا آخر.

ولو تأملنا في عبارة ابن كثير التي يحوم حولها كثير من السلف "من قتل نفسًا بغير سبب من قصاص أو فساد في الأرض واستحل قتلها بلا سبب ولا جناية فكأنما قتل الناس جميعًا" نجد أنه لا يدخل فيها من يقطع الطريق على أناس معينين بينه وبينهم مشكلة وعداوة فأراد أن ينتقم منهم وأن ينفرد بهم في مكان خال من الناس، فالجنايات الخاصة المبنية على ثارات أو عداوات شخصية ليست مقصودة هنا، وإنما المراد هو ارتكاب هذه الأشياء من غير مسوغ ولا سبب وإنما على سبيل الفساد.

والذي نختلف فيه مع الكفار هو أن الكفار يحملون ذلك على المسلمين فيصفون المسلمين ومن يدافع عن عرضه وعن بيته وعن أهله وعن بلده بهذه الأوصاف –إرهابيين- ويبرئون أنفسهم منها، فمفهومهم أن من يقاتلهم ويردهم عن دياره وبلاده وماله وعرضه، وكل من يقف في وجوههم وأطماعهم فهو موصوف بهذا الوصف –إرهابي- أما هم فلا مانع أن يأتوا من وراء البحار ويهدموا المدن على أهلها بأفتك أنواع الأسلحة حتى تذوب اللحوم ولا يبقى إلا العظام، وحتى تحرق الجثث والبلاد على من فيها فلا ترى إلا نارًا تضطرم، بل هذا عندهم يعتبر نشرًا للحريات -نسأل الله العافية- فهذا هو مفهومهم، ولذلك من الخطأ أن نجاريهم على مثل هذه الإطلاقات التي لم يُحدد المراد منها، فنحن لنا استعمالاتنا الشرعية، ومنها أن الذي يفسد في الأرض ويخرب من غير جناية وقعت عليه فهذا محارب.

ولذلك لما نستعمل الألفاظ الشرعية فإننا نسد الطريق على الكفار، ونقول بكل وضوح: إن الكفار هم أعظم المحاربين لله ورسوله والساعين في الأرض فسادًا فلا مجال لتلاعب بالألفاظ، فمن الخطأ مجاراة هؤلاء في أمور ضبابية هم لم يحددوا المراد منها ويختلفون فيها غاية الاختلاف، ويتنصلون في المؤتمرات التي تقام هنا وهناك من تحديد المعنى المراد بدقة، من أجل أن يلقوا ذلك على كل من أرادوا ممن يقف ضد أهوائهم حتى ولو لم يحمل سلاحًا، كأن يكون داعية إلى الله  فإنهم يصمونه بهذا. 

ولذلك لم يسلم منهم أحد سواء على مستوى الأفراد من التجار والعلماء والدعاة وحتى على مستوى الدول، ولذلك ترى المسلمين في فلسطين منذ خمسين سنة يمطرون بأصناف الأسلحة ويعيشون حياة لا تعيشها حتى الحيوانات ومع ذلك هم إرهابيون، وحتى لما جاءوا بالانتخابات بالطريقة الحضارية التي يرتضونها تجدهم يسعون سعيًا حثيثًا في خنقهم وإفشال حكومتهم وحثّ بل أمر للعالم أن يقاطعونهم مع أنهم يقولون: ديموقراطية وحريات وما أشبه ذلك من الألفاظ والعبارات. 

لكن كما هو معلوم فإنهم يقصدون الحريات التي توافق أهواءهم وتعبد فيها الشهوات ويعظم فيها غير شرع الله -تبارك وتعالى- أما الحريات التي يعظم فيها شرع الله فهي مرفوضة. 

والمقصود أن هذا الكلام الذي ذكره الحافظ ابن كثير والذي يحوم حوله غيره من أهل العلم وهو أن من وقع منه الإفساد لغير جناية خاصة فإنه يصدق عليه هذا الوصف المذكور في الآية: مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا [سورة المائدة:32] يعني من قتل على سبيل الإفساد فكأنما قتل الناس جميعًا، وهذا الفهم في غاية الأهمية، وإلا فإنك إذا أتيت إلى الكفار وقلت لهم: لو أن أحدًا من الناس أخذ سيفه وضرب به إنسانًا بينه وبينه عداوة فماذا يمسى هذا عندكم؟ فإنهم سيقولون: إنها جريمة مجرم، ولو سألتهم عن شخص أخذ السيف وخرج إلى الكفار الذين غزوا بلاده واحتلوها لقالوا: هناك فرق بين هذا وبين هذا، فالثاني إرهابي، والأول جناية خاصة، فهذا هو حالهم. 

حتى إنهم وصفوا الإسلام بالإرهاب وقالوا: إن الإسلام انتشر بالسيف، وعبروا عنه بنحو تلك العبارات الشنيعة، فللأسف اختلطت المفاهيم وحصلت فتنة وفساد كبير وذلك لما لم ننضبط مع الضوابط الشرعية كما أمرنا الله حتى إنه وقع إفساد في الأرض باسم نصر الإسلام وذلك بما نشاهد ونرى من أغيلمة سفهاء يهلكون الحرث والنسل تحت اسم الدين واسم الجهاد، فتجد أحدهم يموت شر ميتة وهو عند نفسه أنه في غاية القربة إلى الله -تبارك وتعالى، فمثل هذه الأشياء ينبغي أن تحرر وتستعمل فيها الألفاظ الشرعية، وأن نقف عند حدود الله -تبارك وتعالى- في كل شيء، وأن نفرق بين الأشياء ومعدن الحق ومعدن الباطل ومعدن الشبهات، والله المستعان.

وللأسف فإن مثل هذه القضايا - أعني مثل هذا الكلام الذي ذكره ابن كثير أو غيره- التي تبين الحق من الباطل والصواب من الخطأ فإنك لا تجد لها طرْقًا أصلًا في هذا الموضوع الذي عم وطم –الإرهاب- وصار يذكر في كل إذاعة وفضائية وصحيفة بالمفهوم الغربي، مع أن المفروض على المسلمين أن يقولوا للكافرين: قفوا، فنحن عندنا مبادئنا وعندنا أحكامنا الخاصة بهذه الشريعة، ولا نقبل أن يملي علينا أحد أحكامًا مثل هذه ثم بعد ذلك يطلب منا أن نجري خلفه فيها ونرددها.

وَمَنْ أَحْيَاهَا [سورة المائدة:32] أي: حرَّم قتلها واعتقد ذلك فقد سلم الناس كلهم منه بهذا الاعتبار، ولهذا قال: فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا [سورة المائدة:32].

وقال الأعمش وغيره عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: دخلت على عثمان يوم الدار فقلت: جئت لأنصرك، وقد طال الضرب يا أمير المؤمنين، فقال: يا أبا هريرة، أيسرك أن تقتل الناس جميعًا وإياي معهم، قلت: لا، قال: فإنك إن قتلت رجلًا واحدًا فكأنما قتلت الناس جميعًا، فانصرفْ مأذونًا لك، مأجورًا غير مأزور، قال: فانصرفت ولم أقاتل.

هذا الذي وقع من عثمان وقع لكمال ورعه ولأنه لم يرض أن يُقتل أحد بسببه وإلا فالمقام يقتضي هذا أصلًا؛ لأنه إمام المسلمين والخليفة الراشد، وهؤلاء تجمعوا ظلمًا وعدوانًا واجتمعوا على داره يريدون قتله، فلو اجتمعوا على قتل إنسان من آحاد الناس ظلمًا وعدوانًا لوجب دفعهم، فكيف عن عثمان الخليفة الراشد؟!

كان ينبغي أن يُدفعوا ويقتلوا إن كانوا لا يُدفعون إلا بقتلهم؛ فهم جاءوا وقتلوه واستولوا على المدينة وصاروا هم الذين يصلون في المسجد، وصاروا هم الأئمة، وأصحاب النبي ﷺ يصلون خلفهم، وبقي الناس في كرب وفي غربة، في زمن الخلفاء الراشدين، فمثل هؤلاء لا ينبغي أن تبقى الأيدي مكتوفة يتفرجون عليهم، لكن لكمال ورع عثمان كان يحرج، حيث جاءه أبناء الصحابة كالحسن والحسين وجماعة أمثال عبد الله بن الزبير وكلهم أرادوا الدفع عنه، فكان يحرج على من دخل عليه أن يرفع سلاحًا أو تراق قطرة دم بسببه ، لكن لا يؤخذ من هذا حكم بأن يقال: لا يجوز الدفع عن أحد من المسلمين ولو كان الخليفة بسبب أن الآية تدل على هذا، فالآية لا تدل على هذا، لكن هو شيء رآه عثمان مما يختص به.

وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس -ا: هو كما قال الله تعالى: مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا [سورة المائدة:32] وإحياؤها أن لا يقتل نفسًا حرَّمها الله فذلك الذي أحيا الناس جميعًا، يعني أنه من حرم قتلها إلا بحق حيي الناس منه، وهكذا قال مجاهد: وَمَنْ أَحْيَاهَا أي: كفَّ عن قتلها.

يعني لو أن كل أحد كف عن القتل لما قتل أحد فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا حيث يسلم الناس منه ومن شره، وبعض أهل العلم حمله على معنىً آخر فقال: أنقذها من هلكة كالغريق ينقذه إنسان، أو ينقذ إنسانًا من حريق، أو ولي الدم يعفو عن القاتل فيكون قد أحيا هذه النفس، لكن هذا المعنى لا يختص بهذه الأمور إطلاقًا، وإنما من ترك القتل والجناية على النفوس فإن الناس يسلمون منه ومن شره، ولذلك كأنما أحيا الناس جميعًا.

وقال العوفي عن ابن عباس -ا- في قوله: فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا يقول: من قتل نفسًا واحدة حرمها الله فهو مثل من قتل الناس جميعًا.

وقال سعيد بن جبير: من استحلَّ دم مسلم فكأنما استحل دماء الناس جميعًا، ومن حرَّم دم مسلم فكأنما حرم دماء الناس جميعًا.

قال ابن جريج عن الأعرج عن مجاهد في قوله: فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا من قتل النفس المؤمنة متعمدًا جعل الله جزاءه جهنم وغضب عليه ولعنه وأعد له عذابًا عظيمًا، يقول: لو قتل الناس جميعًا لم يزد على مثل ذلك العذاب.

قال ابن جريج: قال مجاهد: وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا قال: من لم يقتل أحدًا فقد حيي الناس منه.

قوله تعالى: وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ [سورة المائدة:32] أي بالحجج والبراهين والدلائل الواضحة، ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ [سورة المائدة:32] وهذا تقريع لهم وتوبيخ على ارتكابهم المحارم بعد علمهم بها كما كانت بنو قريظة والنضير وغيرهم من بني قينقاع ممن حول المدينة من اليهود الذين كانوا يقاتلون مع الأوس والخزرج إذا وقعت بينهم الحروب في الجاهلية، ثم إذا وضعت الحروب أوزارها، فدوا من أسروه وودوا من قتلوه، وقد أنكر الله عليهم ذلك في سورة البقرة حيث يقول: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ ۝ ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [سورة البقرة:84-85].

وقوله: إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ الآية [سورة المائدة:33].

المحاربة: هي المضادة والمخالفة، وهي صادقة على الكفر وعلى قطع الطريق وإخافة السبيل، وكذا الإفساد في الأرض يطلق على أنواع من الشر.

يلاحظ أنه أول ما ذكر منها الكفر؛ لأنه أعظم جناية وفساده عظيم لا يعادله فساد، ويدخل فيه الذي ينشر الخلاعة في المسلمين والمجون، والذي يتخذ فيه مصنعًا ينشر فيها السيديهات التي فيها الفواحش، فهذا مفسد في الأرض، حيث تراه يبيعها بأرخص الأثمان على الأرصفة ويوزعها في كل مكان. 

وهكذا توجد صور كثيرة من نشر الشر بين الناس سواء استعمل في ذلك السحر أو استعمل في ذلك وسائل حديثة، أو كان ذلك بطريق نشر المخدرات في المجتمع، أو كان بقتل النفوس، أو بتخريب مصالح الناس العامة، أو بالجناية عليهم من غير موجب بمعنى أنه يقف للناس مثلًا في طريق، وكل من مر به إما قتله أو قلبه في سيارته أو نحو ذلك ليأخذ ماله أو ينتهك عرضه أو نحو هذا، أو صار يمتهن مهنة بأن يقفز إلى بيوت الناس وينتهك أعراضهم، فمثل هذه الصور لا تعتبر جنايات خاصة وإنما هي إفساد في الأرض. 

ولذلك تكلم أهل العلم في من فعل ذلك في قبة الإسلام، أو من كان في بلاد الشرك، أو من كان خارجًا عن الأمصار من الذي يصدق عليه أنه محارب، هل يقتصر ذلك على الذي يعيث في المدن، أو على الذي يقف في الخلاء والبرية حيث لا يجدون ناصرًا فيقطع عليهم الطريق، أو هو الذي يكون في بلاد الكفار خارجًا عن بلاد الإسلام فيجني عليهم لكنه يركن إلى بلاد الكافرين؟

الصحيح أنه يصدق على هؤلاء جميعًا، فكل من وقع منه هذا الإفساد العام فهو داخل في هذا أيًّا كان المكان الذي يوجد فيه، وكلام أهل العلم في هذا كثير جدًا، ويختلفون في بعض التفصيلات، والله أعلم.

روى ابن جرير عن عكرمة والحسن البصري قالا: إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ [سورة المائدة:33] إلى: أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [سورة المائدة:34] نزلت هذه الآية في المشركين، فمن تاب منهم من قبل أن تقدروا عليه لم يكن عليه سبيل.

هذه الآية لا تختص بالمشركين -وإن قال به بعض السلف- فعامة أهل العلم على أنها لا تختص بالكفار، بل إن الله يقول: قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ [سورة الأنفال:38] والنبي ﷺ أخبر أن الإسلام يجب ما قبله[2]، فالكافر الأصلي –المشرك- إذا جنى جنايات وقطع الطريق وقتل وحارب المسلمين ثم أسلم، فإنه لا يطلب بشيء مما فعله وجناه في جاهليته؛ لأن الإسلام يجب ما قبله، فهذه الآية لا تختص بالمشركين، لكن لو قُدِر على المشرك قبل إسلامه وهو يفعل هذه الأفاعيل فهو من أعظم المفسدين في الأرض؛ لأنه جمع الكفر مع هذه الأعمال، لكن لو صدرت هذه من أحد من المسلمين، فإنه يصدق عليه هذا ولا فرق؛ لأن الله جاء به بصيغة العموم في قوله: إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ [سورة المائدة:33] فلم يخص المشركين، والآيات تدل على أن المشرك إذا تاب لا يطالب بشيء مما جناه أيام الشرك.

وليست تحرز هذه الآية الرجل المسلم من الحد إن قتل أو أفسد في الأرض أو حارب الله ورسوله ثم لحق بالكفار قبل أن يقدروا عليه، لم يمنعه ذلك أن يقام عليه الحد الذي أصاب.

طبعًا هذا الكلام على أن المسلم غير مراد، وهذا قول قال به بعض السلف لكنه قول مرجوح، فهو يقول: هذه الآية إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ [سورة المائدة:34] لا تحرز المسلم وإنما هي في الكفار فقط إذا أسلموا، فالكفار إذا أسلموا يُغفر لهم ما قد سلف، وهذا معلوم فالنبي ﷺ ما كان يأخذ الكفار بجناياتهم، وقادة الكفر الذين قادوا المشركين في يوم أحد والأحزاب أسلموا وما طُلبوا بشيء لا بقليل ولا بكثير.

فالكلام ليس في هؤلاء الكفار الذين أسلموا إنما هو في المسلم، فالمسلم الذي حصل منه إفساد في الأرض ثم تاب قبل أن يُقدر عليه فهذا ينفعه بينه وبين الله لكن تبقى حقوق الخلق، إن قتل اقتص منه، إن أخذ المال طولب به، ويؤخذ بجناياته.

ورواه أبو داود والنسائي من طريق عكرمة عن ابن عباس -ا: إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا [سورة المائدة:33] نزلت في المشركين من تاب منهم قبل أن يُقدر عليه لم يمنعه ذلك أن يقام عليه الحد الذي أصابه.

والصحيح أن هذه الآية عامة في المشركين وغيرهم ممن ارتكب هذه الصفات، كما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي قلابة -واسمه عبد الله بن زيد الجرمي البصري- عن أنس بن مالك أن نفرًا من عُكْل ثمانية قدموا على رسول الله ﷺ فبايعوه على الإسلام فاستوخموا المدينة.

قوله: "فاستوخموا المدينة" يعني لم تلائمهم فاعتلت أجسامهم، فأرادوا الخروج منها، تقول: استوخم البلد يعني سكنها فلم تلائمه فاعتلّ.

فاستوخموا المدينة وسقمت أجسامهم فشكوا إلى رسول الله ﷺ ذلك، فقال: ألا تخرجون مع راعينا في إبله فتصيبوا من أبوالها وألبانها؟ فقالوا: بلى، فخرجوا فشربوا من أبوالها وألبانها فصحوا فقتلوا الراعي وطردوا الإبل، فبلغ ذلك رسول الله ﷺ فبعث في آثارهم فأُدركوا فجيء بهم، فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم، وسمرت أعينهم ثم نبذوا في الشمس حتى ماتوا[3].

يعني أن النبي ﷺ حينما قطع يدًا ورجلًا من كل واحد منهم لم يحسم الجراح إثر القطع بالنار حتى ينقطع الدم، وإنما تركهم في حر الشمس ينزفون إلى الموت حتى إنهم كانوا يستسقون الماء فلا يسقون.

وقوله: "وسمرت أعينهم" أي سملت أعينهم وفي هذه الرواية سمرت أعينهم، والمعنى أنه كحلها بمسامير محماة ففقأها حيث إنهم فعلوا في الراعي مثل هذا ومثلوا به فهو عاملهم بالمثل.

ومن أهل العلم من يقول: إن هذا الحديث منسوخ بنهي النبي ﷺ عن المثلة، وبعضهم يقول: إنه منسوخ بغير هذا، لكن النسخ لا يثبت بالاحتمال إطلاقًا، وإنما لابد من دليل يدل عليه، ولذلك الأقرب -والله تعالى أعلم- أن من مثّل بإنسان فيجوز أن يمثَّل به على سبيل المقاصة لكن المثلة لا تجوز ابتداءً، والعفو وترك هذا والقتل بالسيف أكمل وأفضل؛ لعموم قوله ﷺ: إذا قتلتم فأحسنوا القتلة[4]، فيكون هذا أكمل والعلم عند الله .

وعلى كل حال فالنبي ﷺ فعل بهم هذا مع أنها عقوبة شديدة؛ لأنهم يستحقونها، وفي المقابل: إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ [سورة المائدة:34] أي من هؤلاء المحاربين فلا يطلبون بشيء على الراجح، لا بدم ولا بمال، ومن تضرر من الناس ممن قتل لهم من قِبَل هؤلاء المحاربين أو أخذت أموالهم فليس لهم أن يطلبوا شيئًا؛ لأنه نقل الإجماع عن بعض أهل العلم أن إمام المسلمين هو ولي ذلك، يعني ليس صاحب الدم هو ولي الدم ولذلك يقولون: إنه –بالإجماع- لو أن ولي الدم قال: أنا عفوت، وصاحب المال قال: أنا عفوت، فإن القضية لا تنتهي عند هذا الحد وإنما وليها هو إمام المسلمين؛ لأن هذه من القضايا العامة.

وقوله: إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ [سورة المائدة:34] الراجح أنهم إن تابوا قبل القدرة عليهم فإنهم لا يطلبون بشيء، والحاصل من أقوال أهل العلم أن منهم من قال: هذا في المشركين خاصة إذا أسلموا من المحاربين، وهذا لا دليل عليه، وبعضهم قال: هذه يدخل فيها المسلم المحارب إذا أعطي الأمان أو ارتد ولحق بدار الكفر ثم استأمن فأعطي الأمان بأن قيل له: إن رجعت وأتيت نعفو عنك، فهذا قال به بعض السلف، لكن إذا لم يعطَ الأمان يقولون: تنفعه التوبة بينه وبين الله لكن تبقى حقوق الناس فيؤخذ بجنايته، فيطالب بهذه الأشياء. 

وبعضهم يحمله على العموم فيقول: كل من تاب، وبعضهم يقول: هي خاصة بمن تاب وقد لحق بدار الكفر، وبعضهم يقول: من كان يلجأ إلى فئة تمنعه ممن أراده، بمعنى أنه غير مقدور عليه، عنده فئة تمنعه سواء بلجوئه إلى فئة في بلاد الكفار أو في بلاد المسلمين، يعني أن الفرق عند هؤلاء القائلين أن هذا الإنسان لو كان في طريق أو في برية وحدثته نفسه وسولت له وزيَّن له الشيطان فجنى على بعض المارة من المسافرين وأخذ ما عندهم، فلو طلبه السلطان لأدركه ولا يستطيع أن يمتنع فمثل هذا يقولون: الذي يقدر عليه لو طلب فإنه غير داخل فيما ذكر.

وبعضهم كما يقول كبير المفسرين ابن جرير -رحمه الله: الممتنع بنفسه أو بطائفة أي ممتنع بنفسه بأن يجابه ويدافع أو يتحصن ويتحرز وما أشبه ذلك بحيث لو طلبوه لا يقدرون عليه أصلًا فهذا ممتنع عند ابن جرير، ويقول: مثل هذا إذا تاب قبل القدرة عليه فإنه لا يطلب بشيء، لا بمال ولا بدم ولا غير ذلك، وبعضهم يقول: تنفعه فيما بينه وبين الله مما يختص بحقوق الله مثل الحدود كأن يكون قد شرب خمرًا أو نحو ذلك، فالحدود تسقط دون حقوق الآدميين.

وعلى كل حال ابن جرير -رحمه الله- مع ذلك يقول: لو وُجد معه مال بعينه بأن كانت هذه سيارة فلان، وهذه العشرة الآلاف لفلان وجدناها بربطتها قد أخذها من بيت فلان أو من المسافر الفلاني، فمثل هذا يقول: تؤخذ منه وتعطى لهؤلاء الناس، وهذا قول له وجه، فالأقرب -والله تعالى أعلم- أن هؤلاء إذا تابوا لا يطلبون بشيء متى ما تابوا، وبالنسبة لله من تاب تاب الله عليه، وبالنسبة لحقوق الخلق فمثل هذه الأمور العامة ليست كالجنايات الخاصة بحيث يقتص أو لا يقتص أو تقطع يده إن سرق أو لا، والله تعالى أعلم، هذا خلاصة كلام أهل العلم في معنى قوله تعالى: إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ [سورة المائدة:34].

والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.

  1. أخرجه البخاري في كتاب الديات – باب قول الله تعالى: أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [سورة المائدة:45] (6484) (ج 6 / ص 2521) ومسلم في كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات - باب ما يباح به دم المسلم (1676) (ج 3 / ص 1302).
  2. أخرجه أحمد (17812) (ج 4 / ص 198) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (2777).
  3. أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير - باب إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق (2855) (ج 3 / ص 1099) ومسلم في كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات - باب حكم المحاربين والمرتدين (1671) (ج 3 / ص 1296).
  4. أخرجه مسلم في كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان - باب الأمر بإحسان الذبح والقتل وتحديد الشفرة (1955) (ج 3 / ص 1548).

مواد ذات صلة