من المفيد مما لم أذكره: ما العلاقة بين المعنى اللُّغوي والمعنى الشَّرعي؟ هل هناك علاقة؟
إذا قلنا: إنَّ النَّسخ يرجع مثلًا إلى معنيين أصليين: الأول: النَّقل، والثاني: الرَّفع والإزالة، ما العلاقة بين المعنى اللغوي والمعنى الشَّرعي؟
هناك علاقة؛ إذا قلنا: الرَّفع، فلا شكَّ أنَّ النَّسخ رفعٌ، فالعلاقة بينه وبين المعنى اللُّغوي واضحة.
وعلى المعنى الآخر الذي هو: النَّقل، فالعلاقة أيضًا موجودة؛ وذلك أنَّ النسخ فيه نقلٌ للحكم، أو نقلٌ للمُكلّف من حكمٍ إلى حكمٍ، فيه نقلٌ، فيكون هذا وجه العلاقة بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي.
كما ترون هذه الآيات جميعًا يجمعها: أنَّ كل آيةٍ فيها إعراض، أو إمهال، أو مُتاركة، أو عفو، قالوا: فإنها منسوخة.
يقول هنا: وفي التوبة: فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ، فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ [التوبة:7].
وفي يونس: فَانْتَظِرُوا يعني: وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ [يونس:20]، هذا -كما سبق- ليس بمنسوخٍ، فَانْتَظِرُوا هذا على سبيل التَّهديد.
وهكذا: فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ [يونس:41]، مضى الكلامُ على نحوها.
وفي قوله: وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ [يونس:46]، فهذا أيضًا ليس بمنسوخٍ، يعني: أنَّ الأمر بيد الله ، يُعجّل لهم العقوبة، وترى ذلك، أو أنَّ ذلك يُؤخَّر، فالأمر كلّه لله.
فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ [يونس:108]، هذه كما سبق، قال: لأنَّ معناه الإمهال.
لاحظوا: أنَّ بعض هذه الآيات هي خبر، ومعلومٌ أنَّ الأخبار لا يدخلها النَّسخ؛ لأنَّ دخول النَّسخ على الخبر تكذيب، وإنما يدخل النسخُ في الإنشاء: الأمر، والنَّهي، لكن يقولون: إنَّ النَّسخ يدخل في الخبر الذي يكون مُتضمّنًا معنى الإنشاء.
فمثل هذا هنا: فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ هذا خبر، لكن يقولون: مُضمّن معنًى، وهو الإمهال، وأنَّك ليس من مُهمّتك القيام على هؤلاء، وإنما ذلك إلى الله -تبارك وتعالى-، ففهموا منه أنَّ ذلك يعني: ألا يُجاهدوا، قالوا: فنسخت: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ.
وهكذا في قوله: وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ [يونس:109]، فهذا أيضًا ليس بنسخٍ؛ لأنَّه مأمورٌ باتِّباع ما أُوحي إليه، والصَّبر على ما يلقى في سبيل ذلك، لكن هكذا يفهمون من ذلك -الذين قالوا بالنَّسخ-: أنَّ "اصبر" يعني: تحمّل، وذلك يعني عندهم: ألا يُقاتَل هؤلاء، ولا يُجاهَدوا.
وهكذا: فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ [هود:12]، هذا في التَّسلية للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ [هود:12]، في مقام التَّسلية للنبي ﷺ، وليس ذلك من النَّسخ في شيءٍ، يقول: أي تُنذر، ولا تُجبر.
وهكذا في قوله: وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ [هود:93]، فهذا أيضًا كما سبق في نظائره.
وهكذا في قوله: وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ [هود:121- 122]، فهذا أيضًا كذلك.
وفي الرعد: وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ [الرعد:40]، فكما سبق في الحجر: ذَرْهُمْ يعني: يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا [الحجر:3]، فهذا على سبيل الوعيد والتَّهديد.
وهكذا في قوله: وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ [الحجر:85]، هذا في أوقاتٍ، هذه الآية مكية، وهذه الآية في أوقات الضَّعف؛ فالصفح، والعفو، والاحتمال.
لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا يعني: أصنافًا مِّنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ، قال: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ [الحجر:88]، هذا ليس بمنسوخٍ: النَّظر والتَّطلع إلى ما عند الكفَّار من الزينة والمتاع، كذلك الحزن على عدم إيمانهم، هذا كلّه غير منسوخٍ.
وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ [الحجر:89]، هذا خبر، وليس بمنسوخٍ، لكن فهموا منه أنَّ مُهمته كانت تختصّ بهذه النَّذارة دون المجاهدة.
وهكذا في قوله: فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ [الحجر:94]، وفي النحل: فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ [النحل:35]، هذا أيضًا كما سبق.
وهكذا: فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ [النحل:82]، وفي قوله أيضًا: وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ [النحل:125]، وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، هل معناه: أن يُجادَلوا بالتي هي أخشن؟
هم يقصدون أنَّهم يُقاتَلون ويُجاهَدون بالسيف، وهذا ليس بمرادٍ، فإنَّ المجادلة بالتي هي أحسن ثابتة، ومُحكمة، فالمجادلة إنما تكون بالتي هي أحسن؛ لأنَّها نوعٌ من الدَّعوة إلى الله -تبارك وتعالى-، وإنما قيّدت بهذا، ولم يُقيَّد به ما قبله من قوله: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ، فالدَّعوة تكون بالحكمة والموعظة الحسنة، لكن لما جاء للمُجادلة قال: وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ؛ لأنَّ المجادلة يكون فيها من حضور النَّفس مما يحمِل غالبًا على الرَّغبة في الانتصار والشّدة؛ ولذلك قيل: أصلها مأخوذ من الجَدَالة، وهي الأرض الصّلبة.
فالمجادلة يكون فيها نوعٌ من ...، خلاف تقديم الدَّعوة ابتداءً من غير جدالٍ، فهذا يمكن أن يكون على طبقٍ من ذهبٍ كما يُقال.
لكن إذا جاء جدالٌ هنا تكون مُجاذبة، ومُجاوبة، واحتجاج؛ فتحتدم النفوس، فقُيّدت بهذا القيد: وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، لا تتحول المجادلة إلى نوعٍ من العراك والشّدة، واستعمال العبارات التي لا يحصل معها مقصود المجادلة، والله أعلم.
يقول أيضًا: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ [النحل:127]، الصَّبر مطلوبٌ، لكنَّهم فهموا منه أنَّه هنا في مقام الدَّعوة: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ أنَّه ليس أمامك إلا الصَّبر، فلا مُجاهدة لهؤلاء. وهذا ليس بمرادٍ.
قال: وفي الإسراء: رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا [الإسراء:54]، هذا هو الشَّاهد: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا، فكما سبق.
وفي مريم: وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ [مريم:39]، هذا غير منسوخٍ، وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ يعني: هل هذا الإنذار رُفِعَ؟ فقط لا يُواجَه هؤلاء إلا بالقتال؟
هذا إنذارٌ ثابتٌ، ومُحْكَمٌ.
فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا [مريم:75]، يعني: بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ [الحج:15]، هذا أيضًا ليس بمنسوخٍ، يقولون: هذا في الإمهال. وهذا كلّه في سياق التَّهديد والوعيد.
فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا [مريم:84]، هذا أيضًا كذلك: قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى [طه:135]، هذا أيضًا كذلك، كونه ينتظر عاقبة هؤلاء، وهم ينتظرون عاقبته وما يحلّ به، هذا ليس بمنسوخٍ.
وفي الحجِّ قال: وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحج:68]، هذا في مقام المجادلة، وليس بمنسوخٍ.
لكن هنا في الهامش في التَّعليق على قوله: وفي الأنفال: وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ [الأنفال:72] قال: يعني: المعاهَدِين. يقول: في ألف –يعني: نسخة ألف-: المجاهدين. وهذا كذلك في طبعة دار الأرقم، كُتِب عليها: تحقيق الخالدي، ولكن لا عبرةَ بها؛ لأنَّها كثيرة الأخطاء.
اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ يعني: هؤلاء الذين تركوا الهجرة، وبقوا في الأعراب، أو بقوا في قومهم الكفَّار، هل هؤلاء يكونون مُجاهدين، استنصروكم في جهادهم؟
الجواب: لا، ولا يقول قائلٌ: يعني: المجاهَدين؛ لأنَّ تسلّط الكفَّار عليهم ليس بجهادٍ حتى يُقال: مُجاهَدين، ولكن إن استنصروكم بأن وقع عليهم ظلمٌ، وقع عليهم عدوانٌ؛ فعليكم النَّصر: إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ [الأنفال:72]، فالتعبير هنا بالمجاهدين فيه إشكال، فيبدو أنها تبعٌ للتي بعدها.
يقول: وفي المؤمنين: فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ [المؤمنون:54]، كما ترون، كل تركٍ قالوا: منسوخ.
ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أحْسَنُ [فصلت:34]، الدَّفع بالتي هي أحسن مطلوب مع المسلمين، ومع غير المسلمين.
حينما يُسيء إليك مُسيءٌ في تعامله، في مُخاطبته، أو نحو ذلك، هل أنت مأمورٌ من جهة الكمال أن ترُدّ مثل هذا بمثله؟
لا بأس أن ينتصر الإنسانُ من بعد ظلمه، ولكن في جميع الآيات يأتي الإرشاد إلى الدَّفع بالتي هي أحسن، إلا في موضعٍ واحدٍ، كل المواضع ادفع بالتي هي أحسن: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أحْسَنُ [فصلت:34]، إلا في موضعٍ واحدٍ، في مقام المدح قال: وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ [الشورى:39]، موضع واحد.
وهذا يُحمل -والله تعالى أعلم- على حالٍ، وهي: ما إذا كان العفو والصَّفح يُورِث المؤمن مهانة ومذلّة؛ فالمؤمن لا يكون ذليلًا، فهنا يُحمد الانتصار؛ لأنَّ العزّة لله ولرسوله.
فرقٌ بين أن ينتصر الإنسانُ لنفسه على كل مَن ظلمه، أو أساء إليه، فالعفو أفضل: وما زاد اللهُ عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا[1]، لكن إذا كان العفو يُورثه المهانة والمذلّة، فهنا: وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ؛ ولذلك في بعض المواضع يُقال للإنسان: لا تعفُ، لا تتنازل عن حقِّك، لماذا؟
لأنَّ هذا الذي حصل، وبهذا السياق هو مهانة ومذلّة، وهنا يكون مقام الانتصار، لا سيّما مَن كان عفوه لا يعود عليه فقط هو، بل يعود على غيره ممن لا يصلح أيضًا أن يطالهم شيء من هذه المهانة والمذلّة، فإنَّ الإنسان قد يحتمل في نفسه، لكن أن يرجع ذلك على غيره بالمهانة؛ فلا.
ومن أبرز الصور في هذا المقام: الناس الذين ينتسبون إلى الحسبة والهيئة، فإن كان الإنسانُ يقوم بنفسه هو يحتسب، مُتطوّع، ونحو هذا، فإذا أساء إليه أحدٌ، أو نحو ذلك؛ عليه أن يصبر؛ ولهذا قال لقمانُ لابنه: وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ [لقمان:17]؛ فلهذا كما قال شيخُ الإسلام: فلا ينبغي أن ينتصر لنفسه[2]. يعني: يتحوّل من مُحتسبٍ إلى مُنتقمٍ ومُنتصرٍ لنفسه، فهذا لا يليق، وإنما كما هي حال الرسل: اللهم اغفر لقومي؛ فإنَّهم لا يعلمون[3]، ضربوه فأدموه، ويقول مثل هذا!
لكن في مقامات لا، يكون هذا الإنسان يعمل في الحسبة، وبصفةٍ رسميةٍ، ثم بعد ذلك يكون في مقام مهانة ومذلّة، يُتطاول عليه باليد واللّسان من كل صغيرٍ وحقيرٍ من أهل الباطل، والمنكر، والفساد، ثم بعد ذلك يُقال له: تعفو، وتصفح. ثم بعد ذلك يبقى يتلاعب به النساء والغلمان في الأسواق؛ فهذا يبصق عليه، وهذا يُصوّره، وذاك يبصق، والثالث يتناوله بشيءٍ معه يضربه به، والرابع ...؛ فيتعطل الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر بهذه الطَّريقة، ولا يمكن أن يكون له قيامٌ بهذا الاعتبار، بل كما قال العلماء: بأنَّ مقام الحسبة -مَن يتولى الحسبة كولاية- يرجع إلى السلطة، والمهابة، والقوة، بخلاف موضع أو مقام القضاء، ففرقٌ بين المقامين.
القضاء يحتاج إلى وقارٍ، ويحتاج إلى هيبةٍ تنفُذ معها الأحكام، لكن مقام الحسبة لا، فيه تسلّط، وفيه ...، بحيث يزجر هؤلاء؛ فيُؤدِّب هذا، ويرفع صوته على هذا، وما إلى ذلك، أمَّا القاضي فما يحتاج أن يرفع صوتَه على أحدٍ، إنما يحتاج أن يحكم بين الناس، أما والي الحسبة فلا.
فهذا المقام الوحيد: وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ، وتنزيله على ما ذُكِر، وليس المقصودُ به مجرد الانتصار للنفس، فإنَّ ذلك يجوز بقدر ما ظُلِمَ، ولكن الأكمل هو العفو والصَّفح، فهذه مراتب.
قال: وفي المؤمنين: فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ [المؤمنون:54]، ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ [المؤمنون:96].
وفي النور: فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ [النور:54]، وهذا كما سبق.
وفي النمل: إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ [النمل:91- 92].
لاحظ: هي نفس ...: إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ، لـمّا يُذكَر فيه (إنما) بصيغة الحصر: إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ يعني: هل معنى ذلك أنَّه ليس عليه أن يُجاهدهم؟
ليس هذا هو المراد، هذا كلّه في سياق الوعيد والتَّهديد.
وهكذا في القصص: وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ إلى قوله: لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ [القصص:55]، وهذا كالذي قبله.
وفي العنكبوت: وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ [العنكبوت:50]، قال: لِما يقتضي من عدم الإجبار.
وكذلك الأمر، يعني: هم لا يُجبَرون على دخول الإسلام، لكن يُشرع جهادهم حتى يكون الدينُ لله، فيكون شرع الله يحكُم الناس، ثم بعد ذلك مَن دخل في دين الله واهتدى فبها، وإلا فهؤلاء لهم أحكامهم من الجزية التي تُؤخذ من أهل الكتاب ومَن أُلحِقَ بهم كالمجوس.
قال: وفي الروم: فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ [الروم:60]، فالصَّبر مطلوبٌ، وليس بمنسوخٍ في الدَّعوة، وفي الجهاد، وفي الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، وفي العمل الصَّالح، وفي ترك المعاصي.
قال: وفي لقمان: وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ [لقمان:12]، فهذا أيضًا كما سبق: وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ، وهكذا.
فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانتَظِرْ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ [السجدة:30]، فهذا ليس بمنسوخٍ.
وفي الأحزاب: وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا [الأحزاب:48]، وَدَعْ أَذَاهُمْ، ما المقصود بـوَدَعْ أَذَاهُمْ؟
يأتي -إن شاء الله- الكلام عليه في موضعه، لكن هذا المعنى ليس بمقطوعٍ، يعني: الذي بنى عليه القول بالنَّسخ أصلًا.
لو قيل: إنَّه كذلك المعنى، وأنَّه تُحمل عليه الآية: وَدَعْ أَذَاهُمْ، وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ تحتمل معنيين؛ فإنَّ الأذى هنا مصدر مُضاف يحتمل أن يكون من قبيل الإضافة إلى الفاعل، أو من قبيل الإضافة إلى المفعول: وَدَعْ أَذَاهُمْ بمعنى: لا تُوصِل الأذى إليهم. وَدَعْ أَذَاهُمْ يعني: لا تُؤذهم، فيكون الضميرُ المتعلق بهم: وَدَعْ أَذَاهُمْ الأذى واقعٌ عليهم، يكون مفعولًا به.
ويحتمل أن يكون: أَذَاهُمْ أنَّ الهاء هنا الضَّمير قد صدر عنهم.
وَدَعْ أَذَاهُمْ يعني: الأذى الذي يُوصلونه إليك لا تقف عنده، تجاوز، سامح، أعرِض، هذا معنًى آخر.
إذا آذوك فاحتمل: وَدَعْ أَذَاهُمْ، وهذا الواصلُ منهم لا تُحاسبهم عليه، اصبر، وتحمّل.
المعنى الآخر: وَدَعْ أَذَاهُمْ لا تُؤذهم. لاحظ.
فعلى كل حالٍ، هذه الآية إذا قيل بأنَّ المراد: وَدَعْ أَذَاهُمْ يعني: لا تُؤذهم، فهذا هل معناه: أنَّ هؤلاء لا يُجاهَدون، وأنَّ هذا نُسِخَ بآية السَّيف؟
كذلك المعنى الآخر: إذا آذوك فاحتمل الأذى، ولا تقف عند الإساءة، ولا تكترث، ولا يصدّنك ذلك عمّا أنت بصدده من الدَّعوة إلى الله والبلاغ، فهل هذا منسوخٌ؟
قال: وفي سبأ: قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ [سبأ:25]، وهذا أيضًا في مقام التَّهديد.
وهكذا في فاطر: إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ إِنْ أَنتَ إِلَّا نَذِيرٌ [فاطر:22- 23]، الحصر بالنَّذارة، هذا أيضًا كما سبق.
وفي يس: فَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ [يس:76]، وهذا أيضًا ... آيات التَّسلية والتَّصبير للنبي ﷺ ليست منسوخةً، وهي للدُّعاة إلى الله من بعده؛ ألا تذهب أنفسُهم حسرات على مَن ضلَّ وانحرف وزاغ عن الصِّراط المستقيم، أو لم يستجب للدَّعوة، أو نحو ذلك، ولا يتحسّر الإنسانُ على مثل هذا: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ [الأنعام:112]، ألا تذهب النفسُ حسرات على ضلال هؤلاء؛ لأنَّ الله قد أرداهم، وأذلهم، ولو شاء لهداهم، واصطفاهم، واجتباهم، فهذا إنما يضرّ نفسَه بهذا الذي يصنعه، وهذا الإعراض.
قال: وفي الصَّافات: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِين وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ [الصافات:174- 175]، فهذا التَّولي هل معنى ذلك أنَّه ترك الجهاد؟
قال: وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ [الصافات:178- 179] في الموضع الآخر كذلك، وما يليهما، يعني: (وأبصر).
قال: وفي ص: اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ [ص:17]، أيضًا الأمر بالصَّبر ليس بمنسوخٍ، قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ [ص:65]، فهذا أيضًا كذلك.
وفي الزمر: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [الزمر:3]، فهذا أيضًا ليس بمنسوخٍ، بل هذا خبر، ولا يُقال: إنَّه مُضمن معنى ترك الجهاد. قال: لما فيه من الإمهال هنا.
يقول -بالزمر أيضًا-: قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ [الزمر:14- 15]، حينما يقول لهم: فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ ليس معنى ذلك ترك الجهاد، وإنما على سبيل التَّهديد.
قال: قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ الآية [الزمر:39]، هذا كذلك أيضًا.
وفي قوله: إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ [الزمر:41]، هذا أيضًا ليس بمنسوخٍ.
وهكذا: قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [الزمر:46]، قال: لأنَّ فيه تفويضًا. فهذا كلّه -كما سبق- ليس بمنسوخٍ.
وفي المؤمن -يعني: غافر-: فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ [غافر:55]، قال: في موضعين. يعني: الموضع الآخر: فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ [غافر:77].
وفي فصّلت: ادْفَعْ يعني: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [فصلت:34]، وهذا كما سبق؛ فهو مأمورٌ به، ومُحْكَم.
وفي الشورى: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ [الشورى:6]، أيضًا كما سبق.
وهكذا: فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ إلى قوله -تبارك وتعالى-: لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ [الشورى:15] يعني: هو يُخاطبهم يقول: لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ، وهكذا في قوله: فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ [الشورى:48].
وفي الزخرف: فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ [الزخرف:83]، فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [الزخرف:89]، هذا كلّه ليس بمنسوخٍ.
وفي الدخان: فَارْتَقِبْ إِنَّهُم مُّرْتَقِبُونَ [الدخان:59].
وفي الجاثية: قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [الجاثية:14]، هذا في أوقات الضَّعف.
وفي الأحقاف: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ [الأحقاف:35]، هذا ثابتٌ، ولا يُقال: إنَّه أيضًا في وقت الضَّعف، بل هو في كل حالٍ.
وفي القتال: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا [محمد:4]، هل هذا منسوخ؟
فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا، المنّ على الأسرى، وأخذ الفداء منهم، هذا غير منسوخٍ، فهو مُخير بين الاسترقاق أو المنّ، يعني: إطلاق هؤلاء الأسرى بلا مقابلٍ، أو أخذ الفدية.
قال: وفي ق: فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ [ق:39]، فالصَّبر مأمورٌ به، ليس بمنسوخٍ في كل حالٍ، وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ [ق:45]، فكذلك أيضًا.
وفي الذاريات: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ [الذاريات:54].
وفي الطور: قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُتَرَبِّصِينَ [الطور:31]، وفي قوله: وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا الآيات [الطور:48]، الأمر بالصَّبر هذا ليس بمنسوخٍ: فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ [الطور:45].
وفي النجم: فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا [النجم:29].
وفي القمر: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُو الدَّاعِي إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ [القمر:6]، هذا كلّه على سبيل التَّهديد والوعيد.
وفي ن: فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ [القلم:48]، سَنَسْتَدْرِجُهُم [القلم:44]، الاستدراج ثابتٌ، وليس بمنسوخٍ.
وفي المعارج: فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا [المعارج:5]، هذا أيضًا مأمورٌ به على كل حالٍ، فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا [المعارج:42]، هذا على سبيل التَّهديد.
والمزمل: وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ [المزمل:10-11]، أيضًا هذا على سبيل التَّهديد.
وفي المدثر: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا [المدثر:11]، هذا أيضًا على سبيل التَّهديد.
وفي الإنسان: فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا [الإنسان:24].
وفي الطارق: فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ [الطارق:17].
وفي الغاشية: لَسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِر [الغاشية:22].
وفي الكافرين: لَكُمْ دِينُكُم [الكافرون:6]، هذا ليس بمنسوخٍ، والله تعالى أعلم.
"الباب الثامن: في جوامع القراءات، وهو على نوعين: مشهورة، وشاذّة.
فالمشهورة القراءات السّبع، وهي: حرف نافع المدني، وابن كثير المكي، وأبو عمرو ابن العلاء البصري، وابن عامر الشَّامي، وعاصم، وحمزة، والكسائي الكوفيين".
هنا قسّم القراءات إلى: مشهورة، وشاذّة.
والعلماء -رحمهم الله- يُقسّمون ذلك بتقسيمات مُتنوعة؛ بعضهم يجعل ذلك على ثلاثة أقسام، وبعضهم يجعل ذلك على أربعة، وبعضهم يزيد، فقد يذكر بعضُهم ستة.
وعلى كل حالٍ، لا مُشاحة في الاصطلاح.
وهو يعني هنا بـ"المشهورة" ما يُعبِّر عنه غيره بـ"المتواترة"، وهو يقصد المتواترة. وجعل القسم الآخر من قبيل الشَّاذ.
وبعض أهل العلم يُقسّمون بتقسيمات أخرى، فقد تجد لفظة "مشهورة" يُراد بها معنًى آخر، يعني: أخصّ، وكذلك التَّعبير بـ"الشاذّة"، قد يقصدون بها معنًى أخصّ، فيُنتبه لهذا بحسب الاصطلاح.
وهنا يقول: "المشهورة القراءات السّبع"، يعني: إذًا هو يقصد بذلك القراءات المتواترة، مع أنَّ القراءات المتواترة كما سيذكُر أنَّه يُلحق … يجري مجراها في الصحة والشُّهرة، وذكر بعد ذلك بعض القراءات الثلاث، ذكر ثلاث قراءات، لكن ليس أحد هؤلاء -كما سيأتي-، ليس هو من الثلاثة الذين ذكرهم عامَّة أهل العلم.
وهنا يقول: "حرف نافع المدني"، نافع المدني هو: نافع بن عبدالرحمن. "وابن كثير المكي"، هؤلاء تجدون تراجمهم في الهامش: نافع متوفى سنة مئة وتسع وستين، وعبدالله بن كثير المتوفى مئة وعشرين. "وأبو عمرو ابن العلاء البصري" متوفى سنة مئة وأربع وخمسين. "وابن عامر الشامي"، عبدالله بن عامر اليحصبي المتوفى سنة مئة وثماني عشرة. "وعاصم ابن أبي النَّجود" هذا من قُرّاء الكوفة، المتوفى سنة مئة وسبعٍ وعشرين. "وحمزة الكوفي" المتوفى سنة مئة وأربعٍ وخمسين. "والكسائي" علي بن حمزة النّحوي، المتوفي سنة مئة وتسع وثمانون. هؤلاء هم الكوفيون الثلاثة. يقولون: أول مَن سبّع السّبعة هو ابنُ مجاهد، في أوائل المئة الرابعة كانت وفاته.
والعلماء -رحمهم الله- جمعوا في القراءات؛ بعضهم جمع قراءتين، وبعضهم جمع أكثر من هذا: بعضهم جمع خمسًا، وبعضهم جمع ثمان قراءات، وبعضهم جمع عشر قراءات، القرّاء كُثُر، ولكن ابن مجاهد لما رأى هذه الأعداد الكبيرة من القرّاء أراد أن يجمع سبعةً يكون هؤلاء ممن اشتُهِروا وعُرِفوا بالإتقان والضَّبط، وكانت إليهم رحلةُ الطالبين لهذا العلم، وشهدت لهم الأمّة بالإمامة، يعني: هم أبرز القرَّاء، فاختار هؤلاء السَّبعة، وإلا فالقرَّاء كثر.
ووجه ذلك إذا أردتَ أن تعرف هذه القضية؛ هؤلاء القرّاء السّبعة ونحو ذلك هم يحفظون وجوهًا من القراءات كثيرة؛ ولذلك تجد الرواة عنهم: هذا يروي قراءةً، وهذا يروي وجهًا آخر من القراءة، فالقُرّاء بالآلاف، ولكن ابن مجاهد أراد أن يختار من هؤلاء.
وجه هذا: الآن لو وزّعنا عليكم -حتى نُقرّب الصورة- مُصحفًا فيه القراءات السَّبع، أو العشر بالألوان، وأعطينا كلَّ واحدٍ منكم قلمًا مُوضحًا، وقلنا: كل واحدٍ يجلس في زاويةٍ من المسجد، وإذا انتهيتم من المصحف كاملًا نريد منكم في كل موضعٍ أن تُؤشّر لي على وجهٍ من هذه القراءات تختاره لنفسك تقرأ به؛ لسببٍ أو لآخر، لأي اعتبارٍ، تقول: المعنى هنا أبلغ، أو نحو ذلك، فتختار في كل موضعٍ ما تريد. أنتم بهذا العدد الآن، كم قراءة ستخرج عندنا؟
بالتأكيد على عدد الموجودين تمامًا، لن يتّفق اثنان، أليس كذلك؟ هل جاء أحدٌ بقراءة غير موجودة؟
لا، هذه قراءات منقولة، ولكن في الاختيار لا يمكن أن يُقال: أنه وقع التوافق بين اثنين من غير تواطؤٍ على اختيار جميع المواضع على حدٍّ سواء. هذا سيختار هذا، وهذا سيختار الأخرى، ولا أحد يدري عن الآخر، أو لاعتبارات مُعينة لاختياره، فسيكون عندنا من أوجه الاختيارات في الختمة بعدد الموجودين.
فالعلماء -رحمهم الله- تلقّوا الأوجه مما احتمله الرسمُ العثماني من الأحرف السَّبعة؛ فصارت أوجهًا في القراءة، فتلقّوه عن شيوخهم، فصار هؤلاء يتلقّون الوجوه المتعددة، لكن عند الإقراء يكون له اختيارٌ، وقد يُقرئ أحد التلامذة بوجهٍ آخر لسببٍ أو لآخر، فعنده اختيارٌ لنفسه يُقرئ به أهل بلده، وقد يُقرئ بغيره هذا الإنسان لسببٍ أو لآخر، أو أنَّه جاء من مكانٍ آخر، فيُقرؤه بقراءةٍ، أو بوجهٍ، أو بوجوهٍ أخرى؛ فتجد عن القارئ أحيانًا راويين.
فهذه أوجه القراءة التي نُسبت إليهم، ما جاءوا بشيءٍ من عند أنفسهم، إنما هذا اختياره، وعنده أوجه أخرى أصلًا يحفظها، لكن هذا اختياره، فصار هؤلاء أعداد كبيرة، بالآلاف، فجاء ابنُ مجاهد فقال: هذه أعداد كبيرة! نأخذ الأبرز من هؤلاء القُرّاء الذين لهم اختيارٌ لإمامتهم، ونبقى على اختيارهم.
هؤلاء الذين اختارهم ابنُ مجاهد هم هؤلاء السّبعة، ولماذا اختار سبعةً؟
اعترض عليه بعضُ أهل العلم وقال: هذا يُلبّس على العامّة، فيظنون أنَّ القراءات السّبع هي الأحرف السّبعة.
اختيار ابن مجاهد لسبعة بالتحديد كان لملحظٍ عنده، وهو أنَّه استأنس بكون القرآن نزل على سبعة أحرفٍ، قال: فيكون ذلك من باب الموافقة في العدد، ولا يقصد أنَّ الأحرف السبعة هي القراءات السبعة، لكن قال: بما أنَّه ورد في الأحرف السبعة إذًا اختار سبعةً.
الأمر الثاني: أنَّه جاء في بعض الروايات -كما ذكرنا سابقًا- أنَّ المصاحف التي كتبها عثمان كانت سبعةً[4]، وذكرتُ لكم حينها أنَّه لا يصحّ شيء في عدد المصاحف، لكن هي إحدى الرِّوايات: أنها سبعة.
فابن مجاهد -رحمه الله- لما وضع سبعةً لم يجد في الأمصار مَن هو على شرطه في الإمامة، والإتقان، والاتِّفاق عليه بالضبط، ونحو ذلك، ما وجد في سبعة أمصار مما قيل: إنَّه أُرسل إليها؛ في البحرين، وفي اليمن، ومصر، ما وجد مَن هم على شرطه، فماذا فعل؟
مع أنَّه يُقال: إنَّ عثمان لم يُرسل إلى مصر مصحفًا.
على كل حال، ما وجد ما يُكمِّل العدد، فأخذ من الكوفة ثلاثة. يعني: واحد من الشام، وواحد من المدينة، وواحد من مكة، وواحد من البصرة. كم عدد هؤلاء؟
أربعة، طيب، نُكمل السبعة بواحدٍ من الكوفة، طيب، نحتاج إلى اثنين، ما وجد مَن هم على شرطه في اليمن مثلًا، أو البحرين مما يُقال: إنَّ عثمان أرسل إليها مصاحف، فكمل العدد من الكوفة.
والكوفة كانت عامرةً بالقُرّاء، والأحوال تتغير، وتتبدل، وتختلف، فصارت القراءةُ بعد ذلك في مصر، صار القُرَّاء من مصر، لكن في زمن ابن مجاهد كانت الكوفة، وهذه الأمصار أشهر في هذا الباب.
هذا السبب، هكذا اختار هؤلاء، وجاءت القراءات السبع.
وبعضهم جعلها -كما سبق- ثمانٍ، وبعضهم جمع العشر، كما فعل ابنُ الجزري في كتابه "النشر"، وقبله أيضًا ابن مِهران في القرن الثالث الهجري، فإنَّه وضع كتابًا في العشر، والكتاب مطبوع، ثم ذكر ثلاثة قُرّاء، يعني: يكملون العشرة.
يقول: "يعقوب الحضرمي" يعقوب بن إسحاق البصري، المتوفى سنة مئتين وخمسة.
"وابن محيصن" محمد بن عبدالرحمن، هذا شيخٌ لأبي عمرو ابن العلاء، المتوفى سنة مئة واثنتين وثلاثين. فهذا العلماء الذين ذكروا القُرّاء العشرة ما ذكروه معهم، وإنما يذكرونه فيما زاد على ذلك.
ابن البنّا جمع في القراءات الأربع عشر، وجمع غيره أيضًا، يذكرون ابن محيصن مع هؤلاء.
ويزيد بن القعقاع هذا هو أبو جعفر المدني، المتوفى سنة مئة وثلاثين. فمَن هو العاشر؟
هو الذي يُقال له: خلف، العاشر هو: خلف بن هشام البغدادي، المتوفى سنة مئتين وتسعٍ وعشرين، فهذا هو المكمّل للعشرة، وليس ابن محيصن.
يقول: "والشّاذة ما سوى ذلك".
البغوي -رحمه الله- نقل الاتِّفاق على القراءة بالثلاث هذه، التي العاشر فيها هو خلف، يعني: الثلاث المكمّلة للعشر.
بعض العلماء يقولون: أنَّ المتواتر هي القراءات السّبع، وما يكملها من العشر، هل هذا محل اتِّفاقٍ؟ يعني: على الثلاثة، فهم كالسّبعة، فتكون المتواترة عشرًا بالاتِّفاق؟
البغوي -رحمه الله- نقل الاتِّفاق على القراءة بالثلاث[5]، وذكر أنَّ ما زاد على السبع مما خالف الرسم تحرُم القراءة به، وما لا يُخالفه، لكن لم تشتهر القراءة به، بل ورد من طريقٍ غريبٍ لا يُعوّل عليها، فهذا يظهر المنع من القراءة به.
يقول: ومنه ما اشتُهرت القراءة به، فهذا لا وجهَ للمنع منه. يعني: بقيد الشُّهرة، طبعًا مع صحّة الإسناد.
ولا يُخالف ...، هنا قال: ولا يُخالف الرَّسم، فتكون صحّة الإسناد مع مُوافقة الرسم زائد الشُّهرة.
وذكر ابنُ الجزري، وهو خاتمة القُرّاء، وهو بمنزلة الحافظ ابن حجر بالنسبة للمُحدّثين، يُقال: ابن حجر خاتمة المحدّثين، وابن الجزري يقولون: خاتمة القُرّاء، ابن الجزري يقول: أنَّ كل قراءةٍ انطبقت عليها الشروط الثلاثة فهي القراءة الصحيحة، التي هي: مُوافقة الرسم، وصحّة الإسناد، ومُوافقة وجهٍ من العربية[6].
مُوافقة الرسم: يقولون: ولو احتمالًا. يقولون: متى اختلَّ ركنٌ أُطلق عليها: ضعيفة، أو شاذّة.
وهو مسبوقٌ إلى هذا، ليس هذا باصطلاحٍ مُتأخّر، بل قال به: أبو عمرو الدَّاني، والمكي، وأبو شامة، وأبو حيان، وكأنَّ العلماء يتواطؤون على مثل هذا الشَّرط، وسيأتي مزيدُ إيضاحٍ لذلك.
يقول: وإنما سُميت: شاذّة؛ لعدم استفاضتها في النَّقل، وقد تكون فصيحةَ اللَّفظ، وقوية المعنى.
لاحظ: لعدم استفاضتها في النَّقل، إذًا هم يشترطون الاستفاضة والشُّهرة.
هذه الشُّروط الثلاثة التي يذكرونها: هل يُشترط فيما يتعلّق بهذه القراءات التي يُسمّونها: بالقراءات المتواترة، يقصدون بها التواتر عند المحدّثين؟ يعني: في الإسناد، في رواية جمعٍ عن جمعٍ على المشهور في تعريف المتواتر: جمع عن جمعٍ تُحيل العادة تواطؤهم على الكذب في كل طبقةٍ من طبقات الإسناد، هل يقصدون هذا؟
أو أنَّه يكفي أن يكون هذا الوجه يُروى بطريقٍ صحيحٍ، بإسنادٍ صحيحٍ، مع الاشتهار، فإنَّ ذلك إذا كان مع مُوافقة الرسم والعربية بوجهٍ -وستأتي مناقشة هذا إن شاء الله-، فإنَّ ذلك بمنزلة التواتر، فيكون ذلك ...، أو أنَّ هذا يُحكم عليه بالتواتر، فيكون هذا من قبيل الاصطلاح الخاصّ بمَن؟ بالقُرّاء.
بمعنى: أنَّ التواتر عندهم يُطلق على ما وُجد فيه، تحققت فيه هذه الشروط الثلاثة، يُسمّونه: متواترًا، ولو كان بإسنادٍ غير متواتر، يعني: أنَّه صحيح الإسناد، ولو لم يكن بالتواتر الذي عند المحدثين؛ على المشهور في معنى التواتر عندهم. فمثل هذا يُسمّونه: بالمتواتر، فهذا يكون اصطلاحًا خاصًّا.
هذا الذي يبدو -والله تعالى أعلم-، وأنَّه تكفي صحّة الإسناد مع الاشتهار في الأوجه، مع أننا نعلم أنَّ هذه القراءات يرويها جيلٌ عن جيلٍ، فإنَّ القرآن أُخِذَ بالتلقي، فهذه الأجيال تروي القرآن، فالقرآن وصل إلينا بالتواتر.
لكن الكلام في بعض أوجه القراءة، في بعض المفردات، في بعض وجوه القراءات المروية: هل هذا الوجه بعينه مروي، منقول بالتواتر، بمعنى: التواتر عند المحدّثين على المشهور عندهم في تعريفه؟
هذا ليس محل اتِّفاقٍ، وكثيرٌ من القرّاء يتشنّج في هذه القضية، ويغضب، ولا يحتمل، ويقول: لا، هذا مُتواتر، وكل مفردةٍ فإنها مُتواترة بالتواتر الذي عند المحدثين، يعني: يرويها جمعٌ عن جمعٍ .. إلى آخره، كل مفردةٍ، كل موضعٍ.
وأبو شامة في كتابه "المرشد الوجيز" له كلامٌ في هذه القضية[7].
والعلماء تكلَّموا على ما ذُكر، وعارضه مَن عارضه، ووافقه مَن وافقه.
وابن الجزري -رحمه الله- له كلامٌ في كتابه "النشر"، وكتابه الآخر "منجد المقرئين"، وهي كتب في غاية الأهمية في هذا الباب، وابن الجزري -رحمه الله- كان يرى هذا الرأي من قبل، ثم بعد ذلك رجع عنه[8].
هذه المسألة -على كل حالٍ- الكلام فيها معروفٌ في مظانّه، ولا حاجةَ للتطويل فيها، ولا أرى أنَّ المسألة تكون محلّ احتدامٍ بين المختلفين، والجدل قد لا يُفضي إلى نتيجةٍ، ولا يتعصّب أحدٌ لرأيه، والمسألة تحتمل، وقابلة للأخذ والردِّ، لكن القرآن وصل إلينا بالتواتر، يرويه جيلٌ عن جيلٍ، أُخِذَ بالتلقي، وإنما الكلام في بعض مُفردات القراءات.
- أخرجه مسلم: كتاب البرِّ والصّلة والآداب، باب استحباب العفو والتواضع، برقم (2588).
- انظر: "الحسبة" (ص78).
- أخرجه البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء، باب حديث الغار، برقم (3477).
- انظر: "المصاحف" لأبي داود (ص133).
- انظر: "تفسير البغوي" (1/38).
- انظر: "منجد المقرئين ومرشد الطالبين" (ص18).
- انظر: "المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز" (1/177).
- انظر: "النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (1/13).