الأحد 22 / جمادى الأولى / 1446 - 24 / نوفمبر 2024
(31- ب) حرف السين من قوله سبب إلى حرف الشين من قوله شرع
تاريخ النشر: ١٩ / رجب / ١٤٣٦
التحميل: 1569
مرات الإستماع: 1513

 

"سبب، وجمعه: أسباب، له خمسة معانٍ:

  • الحبل، ومنه: فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ [الحج:15].
  • والاستعارة من الحبل في المودّة والقرابة، ومنه: وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ [البقرة:166].
  • والطريق، ومنه: فَأَتْبَعَ سَبَبًا [الكهف:85].
  • والباب، ومنه: أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ [غافر:37].
  • وسبب الأمر: مُوجبه".​​​​​​​

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

أما بعد: فهذه المادة –أعني: السين والباء- أرجعها ابنُ فارس، أو نقل عن بعضهم أنَّ أصل ذلك يرجع إلى القطع، ثم اشتقّ منه الشّتم، يقول: "إنَّ أكثر الباب يرجع إلى هذا"، وأمَّا الحبل يقول: فالسَّبب، يمكن أن يكون شاذًّا عن هذا الأصل، مع أنَّ بعضهم -كما سيأتي إن شاء الله- يُرجعه إلى معنًى مُتَّحدٍ يجتمع فيه كثيرٌ من المعاني التي تُذكر في هذه المادة غير ما ذكره، أو ما نقله ابنُ فارس -رحمه الله-، يقول: "ويمكن أن يُقال: إنَّه أصلٌ آخر يدلّ على طولٍ وامتدادٍ، ومن ذلك: السَّبب"[1]، أصلٌ آخر يدلّ على طولٍ وامتدادٍ، يعني: غير القطع.

يُقال: سبَّه، بمعنى: شتمه، وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ [الأنعام:108].

والسَّبب يُقال للحبل، وفُسّر به قوله -تبارك وتعالى-: فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ [الحج:15]، قيل: حبل، يعني: هذه فُسّرت بمعانٍ؛ بعضهم يقول: معناها: ينتحر، يمدد بسببٍ إلى السَّماء، يُعلّق شيئًا في سقف بيته ويلويه على عنقه، إذا كان يظنّ أنَّ الله لن ينصر نبيَّه ﷺ فلينتحر. هذا المعنى النّهائي: أنَّ الله سينصر نبيَّه ﷺ قطعًا، لا محالة.

وبعضهم يقول غير هذا: فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ يعني: أنَّه يقطع الوحي عن النبي ﷺ. هذا معنى آخر، يتوصل إلى السَّماء ويقطع هذا النازل على النبي ﷺ من وحي الله -تبارك وتعالى-.

والسبب يُقال للوسيلة مُطلقًا، وكلّ ما يتوصّل به إلى شيءٍ؛ ولهذا قيل للحبل كما أشرتُ آنفًا، ما يتوصل به إلى غيره يُقال له: سبب، والحبل باعتبار أنَّه يتوصل به إلى الماء في البئر، فهو سببٌ بهذا الاعتبار، والله -تبارك وتعالى- يقول عن ذي القرنين: وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا [الكهف:84]، قيل: من كل شيءٍ معرفة ووسيلة يتوصل بها إلى مطلوبه، فَأَتْبَعَ سَبَبًا [الكهف:85]، يعني: فأتبع واحدًا من هذه الوسائل.

وبعضهم فسّره بالطريق، يعني: أتبع سببًا؛ سلك طريقًا، أو تعاطى أمرًا يتوصل به إلى هذا المطلوب، أو هذه النَّاحية التي يقصدها، هو يريد المغرب، أو المشرق، أو نحو ذلك.

وأسباب السَّماوات فُسّر بالوسائل التي توصل إليها: وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ [البقرة:166]، يعني: الوسائل للنَّجاة.

فَلْيَرْتَقُوا فِي الأَسْبَابِ [ص:10]، فُسّر بوسائل القوة والملك.

لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ [غافر:36]، قول فرعون حينما أراد بناء الصَّرح وأمر هامان بذلك، قيل: بمعنى: أُدرك الوسائل التي أصل بها: لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ ۝ أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ [غافر:36-37]، فهذا يرجع إلى معنى الوسيلة، والله أعلم.

أمَّا السَّبُّ الذي هو الشَّتم ونحو ذلك فهذا -كما ذكر- نقل ابنُ فارس أنَّه يرجع إلى معنى القطع، فالذي يُشتم فهو بهذا الشَّتم يكون قد قُطِعت الوشيجةُ معه والصِّلة ونحو ذلك، فليس بعد الشَّتم وصلٌ.

"حرف الشين:

شعر بالأمر يشعُر، أي: علمه، والشُّعور: العلم من طريق الحسِّ، ومنه: لَا يَشْعُرُونَ [البقرة:12]".

هذه المادة أرجعها ابنُ فارس -رحمه الله- إلى أصلين: يدلّ أحدُهما على ثباتٍ، ومنه الشّعْر، والشَّعَر معروفٌ، والجمع: أشعار، والواحدة شَعَرة، وشَعْرة، والشّعار يُقال للشَّجر.

وجعل مما يقرب من ذلك أيضًا: الشَّعير، والشِّعار من اللباس: ما يلي الجسد من الثِّياب، باعتبار أنَّه يمسّ الشعر الذي على البشرة، الشِّعار يعني: اللباس الذي يكون تحت الثِّياب مما يلي الجسد، قد تكون الثيابُ غليظةً، فيها خشونة، أو رقيقة، فيلبس تحتها شيئًا يستر، أو يكون رقيقًا إن كانت مما يغلظ، ويكون في حالٍ من الخشونة. هذا المعنى الأول الذي يرجع إلى معنى الثَّبات.

والمعنى الثاني: العلم، يرجع إلى معنى: العلم، يقول: من ذلك الشِّعار الذي يتنادى به القوم في الحرب؛ ليعرف بعضُهم بعضًا، يعني: كلمة مُعينة مثلًا: أمت، أمت، في المعركة تُستخدم كرمزٍ، أو يتعارفون بها، فإذا لقيه يكون قد لبس الدرع والمغفر، لا يُرى منه شيءٌ، لا يظهر منه إلا العين، فكيف يعرفه الآخر إذا حمي الوطيس؟ فيكون بينهم شعارٌ، يعرف أنَّ هذا من أصحابه، وهذا يكون بمنزلة العلم.

يقول: "والأصل قولهم: شعُرت بالشيء: إذا علمته وفطنت له، تقول: ليت شعري، أي: ليتني علمت، يقولون: وسُمّي الشاعر بذلك، قيل: لأنَّه يتفطن لما لا يَفْطِن له غيره"[2]، يعني: هو دقيق الملاحظة.

ويستدلّ ابنُ فارس على هذا المعنى بقول عنترة في بيته المشهور في مُعلّقته:

هل غارد الشُّعراء من مُتردمِ ...............[3]

يعني: ما تركوا شيئًا إلا فطنوا له. فهذا المعنى.

مشاعر الحج: مواضع المناسك؛ لأنَّها معالم الحجِّ، العلم: الشَّعيرة، أعلام الحج، وأعمال الحج: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة:158]، وتُقال أيضًا للبدنة تُهدى، وإشعار البُدن يكون بطرقٍ مُعينةٍ: كحزّ أصل السَّنام أو نحو ذلك، فيخرج منه الدَّم، يسيل الدم، فيُعلم أنَّها هدي، يُقال له: إشعار. والشِّعرى: الكوكب المعروف.

هذا الذي ذكره ابنُ فارس -رحمه الله-، وستأتي مادةٌ أخرى حتى يكون الكلامُ مُتَّحدًا، وهي شعائر الله.

"شعائر الله: معالم دينه، واحدها: شعيرة، أو شِعارة".

هذا يرجع إلى الأصل الذي ذكره ابنُ فارس، المعنى الثاني منه وهو: العلم، والشَّعر -كما سبق- ما ينبت في الجسم مما ليس بصوفٍ، ولا وبرٍ، ولا ريشٍ، هذا معروفٌ، سواء كان ذلك في الإنسان أو في غيره: كالغنم، يُقال له: شعر، ونحو هذا، يُجمع على أشعار: وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا [النحل:80]، يُقال: شعره، وشعُر به، يعني: علمه وفطن له.

قال الله –سبحانه- في الشُّهداء: بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ [البقرة:154]، وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ [البقرة:9]، فهذا للعلم بالشيء والتَّفطن له، مع أنَّه قد يكون فيه معنى زائدٌ على مجرد العلم بالشَّيء؛ ولذلك في سورة البقرة قال: أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ [البقرة:13]، وفي الإفساد: أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ [البقرة:12].

والبلاغيون يذكرون في التَّفريق بينهما معنًى زائدًا، يعني: الشُّعور على العلم، يُقال: (أشعره) جعله يشعر بالشَّيء: وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ [الأنعام:109]، وكذلك في قول أصحاب الكهف: وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا [الكهف:19].

ويُقال: شعُر وشعَر يعني: قال الشعر، أو أجاده.

وكلام ابن فارس على الشَّاعر: أنَّه قيل له ذلك لفطنته لما لا يتفطن له غيرُه، ويمكن أن يكون باعتبار تأثيره في الشعور؛ أنَّ الشِّعر يُؤثر في مشاعر الناس؛ ولهذا قال النبي ﷺ: إنَّ من البيان لسحرا[4]، فإذا كان الشاعرُ مُجيدًا فإنَّه يُؤثِّر في مشاعر الناس.

ويحتمل أن يكون ذلك باعتبار أنَّ الشاعر يحمل مشاعر مُرهفةً، وهذا هو الغالب، فهو يُعبّر عن مكنون نفسه بهذا الشعر.

والشعر معروفٌ: هو القول الموزون، الـمُقَفَّى قصدًا، يعني: لم يقع ذلك اتِّفاقًا.

النبي ﷺ حينما يقول: أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب[5]، هذا وقع اتِّفاقًا، فالنبي ﷺ ليس ممن يقول الشعر، والله -تبارك وتعالى- يقول: وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ [يس:69]، وقد قالوا: بَلْ هُوَ شَاعِرٌ [الأنبياء:5]، والله يقول: وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ [الشعراء:224]، ثم استثنى مَن استثنى.

أمَّا الشَّعائر فجمع شعيرة -كما سبق-، وشعائر الحجِّ هي معالمه ومناسكه التي يُؤمر بالقيام بها: إما ندبًا، وإما فرضًا، ومن ذلك: الصَّفا والمروة -كما سبق-.

والمشعر: المعلم الظَّاهر: فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ [البقرة:198].

وأمَّا تخصيص الشِّعرى -النَّجم المعروف- بربوبية الله -تبارك وتعالى- له: وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى [النجم:49]، باعتبار أنَّ بعض العرب عبدوه، وإلا فالله ربّ الخلق كلّهم: العالم العلوي، والعالم السُّفلي، فهو ربّ العالمين.

الشِّعرى اسمٌ لهذا الكوكب، فهو يختصّ به، لا علاقةَ له بهذا الأصل، لكن الباقي يرجع إلى معنى المعلم، أو ما ذكره ابنُ فارس -رحمه الله- من كونه يدلّ على ثباتٍ.

الله -تبارك وتعالى- يقول: وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ [يوسف:15]، يعني: المقصود أنَّهم لا يتفطنون لذلك، ولا يعلمون أنَّك يوسف، هذا أُوحي إليه وهم قد ذهبوا به إلى ما قد تواطأوا عليه من إلقائه في البئر وهو صغير، فأوحى اللهُ إليه ذلك: أنه سيأتي اليوم الذي تُنبّئهم فيه بعملهم وفعلهم هذا بك، وهم لا يشعرون أنَّك أنت يوسف، ففي آخر المطاف لما سألهم عمَّا عملوا به حينما كانوا يُطالبون بالإفراج عن أخيه، بعد ذلك تفطَّنوا وقالوا ما قالوا، فهذا كما أخبر الله -تبارك وتعالى- بأول الأمر.

"شهد، يشهد، له معنيان: من الشَّهادة على الشَّيء، ومن الحضور".

هذه المادة أرجعها ابنُ فارس –أعني: الشين والهاء والدال- إلى أصلٍ يدلّ على حضورٍ وعلمٍ وإعلامٍ[6]، لا يخرج من هذا شيء -من ذلك: الشَّهادة- يجمع الأصول التي ذكرناها، يعني: يعتبر أنَّ الشَّهادة تجمع الحضور والعلم والإعلام، يُقال: شهد، يشهد، شهادةً، والمشهد: محضر الناس، والشَّهيد: القتيل في سبيل الله، ونقل عن بعضهم أنَّه سُمّي بذلك لأنَّ ملائكة الرحمن تشهده، بمعنى: تحضره. وقيل: لسقوطه بالأرض التي تُسمّى: الشَّاهدة، فنُسِبَ إليها.

وأمَّا قوله -تبارك وتعالى-: شَهِدَ اللَّهُ [آل عمران:18]، فنقل ابنُ فارس عن أهل العلم أنَّ المراد: أعلم الله ، بيَّن الله[7]، كما يُقال: شهد فلانٌ عند القاضي؛ إذا بيَّن وأعلم لمن الحقّ، وعلى مَن هو، لكنَّه في النِّهاية ذكر لفظًا يشذّ عن هذا الأصل الذي ذكره، وهو الشَّهد والشُّهد الذي هو العسل الذي يكون مع الشَّمع مختلطًا، يعني: لم يُخلص منه ويُصفّى، العسل في الشَّمع يُقال له: شَهد، وشُهد. شُهدة، وشَهدة في المؤنّث.

"شُهداء: جمع شهيدٍ، وله ثلاثة معانٍ: من الشَّهادة على الشَّيء، ومن الحضور، ومن الشَّهادة في سبيل الله".

الشيخ: هو -كما ذكرنا- يُقال: شهد الشَّيء، يشهد، شهادةً، بمعنى: حضره، أو علم به، فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة:185]، هنا يمكن أن يكون المعنى: أدرك الشَّهر، حضره، أو علم بدخوله، شهد الشَّهر.

ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ [النمل:49]، هنا يمكن أن يكون بمعنى: الحضور، أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ [الزخرف:19]، مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ [النمل:32]، يعني: تحضرون، وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [النور:2]، بمعنى: الحضور، ويُقال: شهد، يشهد، شهادةً، بمعنى: دلَّ دلالةً قاطعةً بقولٍ أو غيره، هذه الشَّهادة التي تكون عند القاضي ونحو ذلك.

وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا [فصلت:21]، فهذا بمعنى: الإعلام ونحو ذلك، غير الحضور، لكن فيها معنى الحضور؛ باعتبار أنَّ هذا الشَّاهد يحضر ليُدلي بشهادته. هذا الذي أشار إليه ابنُ فارس -رحمه الله- من أنَّ الشَّهادة هنا تجمع هذه المعاني: قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا [الأنعام:130]، وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ [آل عمران:86]، ويُقال: شهد بالله، بمعنى: أقسم. هكذا فُسّر قوله -تبارك وتعالى-: أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ [النور:8]، قيل: تُقسم.

وبعضهم لا يُفسّر بهذا، وإنما على ظاهره: أن تقول: أشهد بالله كذا وكذا، لكن دخول الباء هنا يُشعر بالقسم، والله تعالى أعلم.

والشَّاهد: اسم فاعل من شهد: وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ [هود:17]، فُسّر بالدلائل الواضحة من القرآن أو غيره، وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا [يوسف:26]، إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا [الأحزاب:45]، شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ [التوبة:17].

والشَّهيد يُقال في الشَّاهد، وهو المعنى الذي ذكره ابنُ جُزي -رحمه الله-، شهيد: شاهد، وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ [البقرة:282]، الشَّهيد مُبالغة في الشَّاهد، أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ [ق:37]، وهنا يمكن أن يكون: أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ يعني: أحضر قلبَه عند سماعه، وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [البقرة:143]، يعني: شاهدًا.

وقد يأتي في الشَّاهد والشَّهيد معنى: الرَّقيب: وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا [يونس:61]، فُسّر بالرُّقباء، والشَّهادة لا تُفسّر بمجرد المعنى: الرَّقيب، ففيه معنى زائد على ذلك، فالشَّهادة: الشهود والحضور ونحو ذلك.

والشَّهيد: الذي يُقتل في المعركة -كما سبق في كلام ابن فارس- وكون الملائكة مثلًا تشهده، يعني: تحضره، أو لأنَّه شهد ما أعدَّ اللهُ له. ويمكن أن يُقال غير هذا في الشَّهيد: لماذا قيل له ذلك؟

فالشَّهيد حينما يُقدّم مُهجته فإنَّ ذلك يكون شهادةً على صدق دعوى الإيمان مثلًا، فهذا أبلغ ما يكون؛ ولهذا قال النبي ﷺ: والصَّدقة برهانٌ[8]، فهي أيضًا دليلٌ على صدق دعوى الإيمان؛ لأنَّ المال شقيقُ النفس والروح، فإذا قدّم المال طواعيةً؛ رغبةً فيما عند الله -تبارك وتعالى-، فإنَّ ذلك يكون من قبيل البرهان على صدق دعوى الإيمان.

أمَّا أهل النِّفاق فكما قال الله : وَمِنَ الأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا [التوبة:98]، فالمغرم هو المال الذي يُعطى فيما لا يرجو الإنسانُ عائدته، يُقال له: مغرم، وغرامة، ونحو هذا، يعني: من غير مُعاوضةٍ.

وهكذا في قولنا: أشهده الأمر، بمعنى: جعله يحضره: مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [الكهف:51]، أشهده على الأمر، يعني: جعله شاهدًا عليه، وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ [الأعراف:172]، قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا [هود:54]، وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ [البقرة:282]، فيُقال: استشهده، بمعنى: طلب شهادته، وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ [البقرة:282].

فهذه المعاني التي ذكرها ابنُ جُزي -رحمه الله-: شهداء من الشَّهادة على شيءٍ، ومن الحضور، ومن الشَّهادة في سبيل الله. هذه المعاني المباشرة.

"شُكر، قد تقدّم في الحمد والشُّكر، والشَّكور: اسم الله تعالى المجازي لعباده على أعمالهم بجزيل الثواب، وقيل: الـمُثني على العباد".

هناك ذكرنا كلامًا في الفرق بين الحمد والشُّكر، لكن لم يكن الكلامُ هناك عن معنى الشُّكر، إنما كان عن الحمد.

وهذه المادة (الشين والكاف والراء) أرجعها ابنُ فارس[9] -رحمه الله- إلى أربعة أصولٍ مُتباينةٍ مُختلفةٍ:

الأول: الشُّكر، يقول: الذي هو بمعنى: الثناء على الإنسان بمعروفٍ يُوليكَه، تقدّم إليك، أسدى إليك معروفًا، تشكره. وهنا تفسيره بالثناء سبق أنَّ ذلك ليس بدقيقٍ؛ لأنَّ الثناء هو إعادة الحمد ثانيًا، من التَّثنية، ومنه الحديث القدسي: إذا قال العبدُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]، قال الله: حمدني عبدي، فإذا قال: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة:3]، قال الله: أثنى عليَّ عبدي[10]، من التَّثنية، هذا أصله، لكن كثير من أهل العلم يتوسّع في تفسيره في التَّعبير عن ذلك فيقول: الحمد هو الثَّناء، وربما قالوا: الشُّكر هو الثَّناء، لكن في مقابل المعروف، الإحسان، أمَّا الحمد فيكون أوسع من ذلك.

ويقول ابنُ فارس: "يُقال بأنَّ حقيقة الشُّكر الرِّضا باليسير"[11]، يقولون: فرس شكور، إذا كفاه –يعني: لسمنه- الشيء اليسير، الشيء القليل من العلف.

الأصل الثاني: الامتلاء، والغُزر في الشَّيء، يُقال: حلوبة شَكِرة، يعني: إذا أصابت حظًّا من مرعى فغزُرت، يعني: باللبن.

الأصل الثالث: الشَّكير من النَّبات، وهو الذي ينبت من ساق الشَّجرة، وهي قُضبان غضّة، يعني: الذي يُسمّونه: العسلوج، وقد تكلمتُ على هذا المعنى في الكلام على اسم الله: الشَّكور.

العسلوج يعني: غصن صغير يخرج من أصل الشَّجرة، إذا قُطِعت تخرج أغصان صغيرة، غضّة، طريّة، دقيقة، خضراء، هذا يُقال له: عُسلوج، هذا الغُصن الدَّقيق يُقال له: شكير.

الأصل الرابع هو: الشَّكر، وهو النِّكاح، يُقال: بل شَكر المرأة هو فرجها، يعني: بعضُهم يقول: الشَّكر: هو الفرج. وبعضهم يقول: هو النِّكاح. لكن هذا المعنى لم يرد في القرآن، كذلك الذي قبله مما يتّصل بالغُصن أو العُسلوج، لكن المعنى الأول هو الذي تكرر كثيرًا في القرآن، يُقال: الشُّكر هو عرفان الجميل، ونشر ذلك، يُقال: شكر النّعمة: عرفها ونشرها؛ ولذلك يقول الشَّاعر:

أفادتكم النَّعماء مني ثلاثة يدي ولساني والضَّمير الـمُحجب[12]

يقول: أفادتكم النَّعماء، يعني: أنَّ إنعامكم عليَّ أثر شُكر اليد بالعمل في الخدمة مثلًا، واللسان بالثَّناء، والقلب باستحضار الإنعام والإفضال والإحسان.

فالشُّكر يقال: إنَّه يقع في القلب واللِّسان والجوارح، بخلاف الحمد؛ فإنَّه يكون باللسان، لكن الحمد الصَّادق هو الذي يكون مع مُواطأة القلب، وإلا فإنَّه يكون تملُّقًا.

ويُقال: الشُّكر أيضًا من الله -تبارك وتعالى- لعباده يكون بمُجازاتهم على أعمالهم الصَّالحة، يُعطي على العمل القليل الأجر الكثير، يعني: كون الله -تبارك وتعالى- يُعطي العبدَ على عمله الصَّالح أجرًا؛ هذا من شُكره -تبارك وتعالى-، فهو الذي وفَّق العبد، وهداه، وأنعم عليه أولًا، أعطاه النِّعمة، ووفَّقه لهذا العمل، فهو المتفضّل والـمُحْسِن أولًا وآخرًا، ومع ذلك يُعطيهم على هذا العمل الذي وفَّقهم وهداهم إليه.

وكذلك يُضاعف لهم في الأجر، فهذا من شُكره -تبارك وتعالى-: وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ [البقرة:158]، وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا [النساء:147].

والشَّكور: كثير الشُّكر، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ [لقمان:31]، وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سبأ:13]، إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا [الإسراء:3]، يعني: كثير الشُّكران.

ومن أسماء الله -تبارك وتعالى-: الشَّكور، إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ [فاطر:30]، يزكو عنده العملُ القليل، ويُضاعف الجزاء لعباده، ويجزي على الحسنة بعشر أمثالها.

بعض أهل العلم يُرجع هذه المادة إلى معنًى آخر، يُقال مثلًا: الشُّكر هو ظهور أثر النِّعمة على الـمُنْعَم عليه، ظهور أثر النِّعمة، فيُقال: هذه دابَّة شكور، إذا ظهر عليها أثرُ العلف بالسِّمَن، يُقال: شكرت الدَّابة؛ ظهر عليها هذا الأثر، فيكون بالظهور والزيادة ونحو ذلك؛ ولهذا يُقال لهذا الغصن الذي يخرج: شكير؛ باعتبار أنَّه زائد على الأصل، فظهور أثر النِّعمة على الـمُنْعَم عليه يُقال له: شُكر.

فإذا أنعم اللهُ على العبد فظهر أثرُ ذلك على لسانه وقلبه وجوارحه فذلك هو الشُّكر: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ.

فيكون شكرُه -تبارك وتعالى- بالقلب: هو استحضار النِّعمة، لا يغفل عنها، ولا يجحدها، وباللِّسان: أن يشكر ربَّه -تبارك وتعالى- بلسانه، وبجوارحه بالعمل بطاعته، وهذا كمال الشُّكر، هذا معنى الشُّكر.

"شرى، أي: باع، وقد يكون بمعنى: اشترى".

هذه المادة أرجعها ابنُ فارس -رحمه الله- إلى ثلاثة أصول:

الأصل الأول: يدلّ على تعارض من الاثنين في أمرين، أخذًا وإعطاءً، مُماثلةً، هكذا جاء في "المقاييس"[13]، وقد تكون الكلمة فيها شيء، فيكون ذلك بمعنى: أنَّه تعاوض، يعني: مُعاوضة، شرى: معاوضة بين اثنين فأكثر في أمرين، أخذًا وإعطاءً، يعني: مُعاوضة بين طرفين، يُقال: شريتُ الشيء واشتريته؛ إذا أخذته من صاحبه بثمنه، وربما قالوا: شريت؛ إذا بعت: وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ [يوسف:20].

يقولون: مما يدلّ على المماثلة قولهم: هذا شروى هذا، أي: مثله، وفلان شروى فلان، هذه عبارة لا زالت مُستعملة عند الناس اليوم، يُقال: أعرف رجلًا كريم الأخلاق شرواكم، يعني: مثلكم، الناس يستعملون هذا في حديثهم ومُخاطباتهم: شرواكم، شرواك، بمعنى: مثلك.

الأصل الثاني (الشين والراء والحرف المعتل): نبت، الشّري قيل: الحنظل، معروف، مُستعمل إلى اليوم، الشّري: نبت مُرّ، شديد المرارة.

الأصل الثالث: هيجٌ في الشَّيء وعلو، يُقال: شري الرجل شرًا؛ إذا استُطير غضبًا، وشري البرق؛ إذا استطار، يُقال: استشرى الرجل، يعني: إذا لجَّ في الأمر؛ ولهذا يُقال: استشرى الأمرُ الفلاني، بمعنى: إذا انتشر وكثُر في الناس. فهذا ما ذكره ابنُ فارس -رحمه الله-.

والشِّراء والاشتراء يُقال للتَّملك بالمبادلة والمعاوضة.

والعرب في شروا واشتروا مذهبان:

المذهب الأول -وهو الأكثر- أنَّهم يقولون: (شروا) بمعنى: باعوا، وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ يعني: باعوه، و(اشتروا) بمعنى: ابتاعوا، اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ [البقرة:175] يعني: ابتاعوها. وربما جعلوهما بمعنى: باعوا، فالشِّراء والبيع مُتلازمان؛ ولذلك يستعملون هذا مكان هذا، فلذلك قالوا: أنَّ لفظة (الشِّراء) من الأضداد؛ لأنَّ المتبايعين تبايعا الثَّمن والـمُثمن، فكلّ من العوضين مبيعٌ من جانبٍ، يعني: هذا أخذ الثمن، وهذا أخذ الـمُثمن، فهو مبيعٌ من جانبٍ، ومُشترًى من جانبٍ، فقيل للبيع: شراء، وقيل أيضًا للأخذ -أخذ السلعة بالثمن-: شراء.

وما جاء في القرآن من لفظ (شرى) هو بمعنى: باع، يعني: أخذ الثمن، فأخذه الثمن قيل له: شراء، فهو يأخذ الثمن، ويدفع الـمُثمن: وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ، وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ [البقرة:102]، يعني: باعوا به أنفسهم. فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ [النساء:74]، يعني: يبيعون الدنيا بالآخرة.

وما جاء في القرآن من لفظ (اشترى) هو بمعنى: ابتاع، يعني: أخذ الـمُثمن ودفع الثَّمن، لكنَّه قد يُحْمَل في قوله -تبارك وتعالى-: بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ [البقرة:90]، قيل: باع. وقيل: ابتاع، باع وابتاع، لكن الغالب أنَّه بمعنى: ابتاع، إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ [التوبة:111]، وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ [البقرة:102]، اشترى بمعنى: ابتاع، أخذوا السّحر واستعاضوا به عمَّا أنزل الله من الوحي والكتاب.

وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا [البقرة:174]، هذا التَّحريف والتَّبديل للكتاب يأخذون عليه عوضًا من الدنيا حقير، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ [لقمان:6] يعني: يبتاع.

"شقاق: عداوة ومُعاندة، ومنه: وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الأنفال:13]".

هذه المادة أرجعها ابنُ فارس -رحمه الله- إلى أصلٍ واحدٍ يدلّ على انصداعٍ في الشَّيء، يقول: "ثم يُشتقّ من ذلك على سبيل الاستعارة، تقول: شققت الشّيء أشقّه شقًّا؛ إذا صدعته، ومن الباب: الشِّقاق، وهو الخلاف، وذلك إذا انصدع اجتماعُ الناس وتفرَّقوا، يُقال: شقّوا العصا"[14]، بمعنى: التَّفرق، يُقال: انشقّت عصاهم، بمعنى: التَّفرق.

ويُقال لنصف الشيء: شِقّ، النِّصف يُقال له: شقّ، ويُقال: أصاب فلانًا شقٌّ ومشقّة، يعني: الأمر الشَّديد ينزل به، كأنَّه من شدّته يشقّ الإنسان شقًّا، من الشّدة التي يُعانيها: وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الأَنفُسِ [النحل:7].

ويُقال: الشّقّ؛ للشَّقيق، يُقال: هذا أخي وشقيقي، والمعنى كما يقول ابنُ فارس -رحمه الله-: أنَّه مُشبّه بخشبةٍ جُعِلت شقّين[15]، فهذا شقٌّ، وهذا شقٌّ.

وأمَّا الشُّقّة: فهي مسيرٌ إلى أرضٍ بعيدةٍ. وهذا ما ذكره ابنُ فارس -رحمه الله-.

ويقال: شقّ الشيء، يعني: فلقه: ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا [عبس:26]، شققنا الأرض، تنشقّ الأرض، يعني: عن مسمار النَّبات، ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا ۝ فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا ۝ وَعِنَبًا وَقَضْبًا [عبس:26-28].

ويُقال: انشقَّ الشيء، بمعنى: انفلق، وَانشَقَّ الْقَمَرُ [القمر:1]، فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ [الرحمن:37]، وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ [الفرقان:25]، يُقال: تشقق الشيء؛ تفلّق صدوعًا كثيرة، وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ، وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ [البقرة:74]، شقَّ عليه الأمر: صَعُب، وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ [الرعد:34].

وذكر ابنُ فارس -رحمه الله- أصله، ويُقال: شققت عليه أشقّ، يعني: أوقعته في المشقّة، وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ [القصص:27]، والشِّقّ هو نصف الشَّيء، والشّق أيضًا قال: اسمٌ بمعنى: المشقّة، إِلَّا بِشِقِّ الأَنفُسِ [النحل:7]، يعني: مشقّة الأنفس وتعبها.

ومضى كلام ابن فارس في أصله، يعني: كأنَّ الإنسان يفقد شقَّه من شدّة ما يجد من التَّعب، ويُجهده فيذهب بنصف طاقته، أو نحو ذلك.

والشُّقة تُقال لما سبق؛ للمسافة البعيدة من المشقّة؛ لأنَّها مسافة شاقّة: وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ [التوبة:42].

وأمَّا الـمُشاقّة، يُقال: شاقّه مُشاقّة وشقاقًا، يعني: خالفه، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الحشر:4].

وبعضهم يقول: أنَّ أصل ذلك أن يكون هذا في شقٍّ، وهذا في شقٍّ، أنَّ المشاقّة مثل العداوة؛ هذا في عُدْوَةٍ، وهذا في عُدْوَةٍ، الوادي، العداوة، والمحادّة: هذا في حدٍّ، وهذا في حدٍّ، والله -تبارك وتعالى- يقول ذلك: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ [النحل:27]، وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الحشر:4]، وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى [النساء:115]، وهكذا: وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ [البقرة:137]، لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي [هود:89]، يعني: مُخالفتي وعداوتي ونحو ذلك، وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا [النساء:35]، يعني: المخالفة ونحو ذلك.

"شهاب: كوكب، ويُطلق على شُعلة النَّار".

هذه المادة أرجعها ابنُ فارس -رحمه الله- إلى أصلٍ يدلّ على بياضٍ في شيءٍ من سوادٍ، لا تكون الشُّهبةُ خالصةً بياضًا، يعني: بين، بين، يقول: "من ذلك: الشُّهبة في الفرس، وهو بياضٌ يُخالطه سواد"[16]، فرس أشهب.

ومن الباب عنده: الشِّهاب، وهو شُعلة نارٍ ساطعة، يُقال: أنَّ أصل الشِّهاب خشبة أو عود فيها نار ساطعة. ويُقال: الشِّهاب أيضًا للشُّعلة التي تتوقد في الجو تُرى هابطةً: إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ [الحجر:18]، فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا [الجن:9]، وهكذا في قوله: فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا [الجن:8]، جمع للشِّهاب.

فهذا المعنى الذي ذكره ابنُ جُزي -رحمه الله-: أنَّه الكوكب، وقد يُطلق على شُعلة النار، شُعلة النار في قول موسى : أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ [النمل:7]، شعلة من النَّار.

وأمَّا الكوكب فهو لا يعني: أنَّ الكوكب يسقط، وإنما شُعبة من الكوكب تسقط، كما قال الله -تبارك وتعالى-: إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ۝ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ ۝ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ [الصافات:6-8]، يُقذفون بهذه الكواكب.

والكواكب تُطلق على النجوم، بخلاف المصطلح المعاصر من التَّفريق بين النجوم والكواكب، فالله -تبارك وتعالى- أطلق الكواكبَ هنا على النجوم: بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ.

"شجر: هو كل ما ينبت في الأرض، وشجر بينهم، أي: اختلفوا فيه".

هذه المادة أرجعها ابنُ فارس -رحمه الله- إلى أصلين بينهما تداخل، أحدهما قريبٌ من الآخر، يعني: تدلّ على علوٍّ في شيءٍ وارتفاع، وكذلك أيضًا تداخل.

فقال: "الشّجر معروف، وهي لا تخلو من ارتفاعٍ وتداخل أغصانٍ، ويُقال: الشّجر لكل نبتٍ له ساق"[17]، يعني: فيه ارتفاع، وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ [الرحمن:6].

شجر بين القوم الأمر؛ إذا اختلفوا، فإذا اختلفوا في أمرٍ –يعني- تشاجروا فيه، فسُمّيت: مُشاجرة؛ لتداخل كلامهم بعضه في بعضٍ، اشتجروا: إذا تنازعوا: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ [النساء:65].

وإذا حصل شجارٌ بين الناس فيحصل تداخلٌ بينهم بالكلام، وارتفاع في الأصوات غالبًا؛ ولذلك قيل للشَّجر: شجر؛ لتداخل الفروع والأغصان، والله -تبارك وتعالى- يقول: لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ [النحل:10]، أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ يعني: النحل، بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ [النحل:68]، وهكذا في قوله –تعالى-: مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا [النمل:60].

هذان المعنيان اللَّذان ذكرهما ابنُ جُزي -رحمه الله-: كلّ ما ينبت في الأرض، مع أنَّه قُيّد بما يكون له ساق، ففيه معنى: الارتفاع والتَّداخل، وهنا أطلقه قال: "كلّ ما ينبت يُقال له: شجر"، المشهور أنَّه يُفرّق بين الشَّجر وغيره؛ فما له ساق يُقال له: شجر، وذكر المعنى الثاني الذي هو الاختلاف.

"شنئان: عداوة وشرّ، ويجوز فيه فتح النون وإسكانها".

هذه أرجعها ابنُ فارس -رحمه الله- إلى معنى: البغضة والتَّجنب للشيء، وهما مُتلازمان[18]، إذا أبغض فإنَّه يتباعد، يقول: "من ذلك: الشّنوءة، وهي التَّقزز، ومن ذلك اشتقّ: أزد شنوءة، يُقال: شنأ فلانٌ فلانًا، إذا أبغضه، وهو الشّنآن: إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ [الكوثر:3]، يعني: الـمُبغض.

شنِئَه، ويُقال: شنَأه أيضًا، يُقال: يشنأه، شنئًا، وشنئةً، وشنآن، كلّ هذا بمعنى: أبغضه.

هذا الذي ذكره ابنُ جُزي -رحمه الله-: العداوة والشَّر.

يقول: "ويجوز فيه فتح النون وإسكانها": شنأ، وشَنَئان، وشَنْئان: وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ [المائدة:8] يعني: بُغض قوم وعداوة قوم، فتتركون العدلَ بسبب البُغض: وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا، فالعدل واجبٌ على كل حالٍ.

"شرع الله الأمر، أي: أمر به، والشِّرعة: الملّة، وشِرعة الدَّواب في الماء".

الشِّرعة، والشَّريعة: الملّة.

شِرعة الدَّواب في الماء: هي الموضع الذي يُوصل منه إلى الماء، يعني: الموضع الذي تشرب منه الدَّواب يُقال له: شِرعة.

ابن فارس -رحمه الله- أرجع هذه المادة إلى أصلٍ واحدٍ، وهو شيء يُفتح في امتدادٍ يكون فيه[19]، من ذلك: الشَّريعة، هي مورد الشَّاربة التي تشرب الماء، اشتقّ من هذا الشِّرعة في الدِّين والشَّريعة، قال الله –تعالى-: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا [المائدة:48] يعني: شريعة، ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ [الجاثية:18]، يُقال: أشرعت طريقًا؛ إذا أنفذته وفتحته.

لاحظ: أصل المعنى أنَّه شيء يُفتح في امتدادٍ؛ ولهذا يُقال للطريق: شارع، ثم حُمِلَ عليه كلّ شيءٍ يُمدّ في رفعةٍ وغير رفعةٍ، من ذلك: شِراع السَّفينة، كونه ممدودًا في علوٍّ.

وقيل في قوله -تبارك وتعالى-: إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا [الأعراف:163]، هنا فُسّر بأنَّها رافعة لرؤوسها، مع أنَّه فُسّر بغير هذا -كما سيأتي-. هذا كلام ابن فارس -رحمه الله-.

ويُقال: شرع، يشرع، شرعًا، بمعنى: دنا وأشرف وظهر، فهو شارع، وهم شُرع، وبهذا فُسّر أيضًا: إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا يعني: ظاهرة، قريبة منهم. وبعضهم أيضًا فسَّره بغير هذا، يُقال: شرع الشَّيء؛ بيَّنه وأوضحه: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ [الشورى:13]، أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [الشورى:21].

والشّرعة والشَّريعة: ما بيَّنه الله ووضَّحه: إمَّا من شرع الشيء، بمعنى: بيَّنه وأوضحه، أو من الشِّرعة والشَّريعة بمعنى: الموضع الذي -كما سبق- يُوصل منه إلى الماء الذي لا ينقطع، الماء المعين، ولا يحتاج واردُه إلى آلةٍ، يعني: يسيل على الأرض، تراه العيون، ومن شرع يشرع بمعنى: تناول الماء بالفم، والله أعلم.

والشّريعة هي شريعة الله -تبارك وتعالى-، هي دينه الذي بيَّنه وأظهره، وأمر بلزومه وأوضحه.

"شِرك، له معنيان: من الإشراك، وهو أيضًا النَّصيب، ومنه: أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ [الأحقاف:4]، وشُركاء جمع: شريك".

هذه المادة أرجعها ابنُ فارس -رحمه الله- إلى أصلين[20]:

الأصل الأول: يدلّ على مُقارنةٍ، وخلاف انفرادٍ، من ذلك: الشَّركة، وهو أن يكون الشيء بين اثنين، لا ينفرد به أحدهما، يُقال: شاركت فلانًا في الشيء؛ إذا صرت شريكه، وأشركت فلانًا؛ إذا جعلته شريكًا لك، وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي [طه:32]. هذا الأول: مُقارنة، وخلاف الانفراد.

والأصل الثاني: يدلّ على امتدادٍ واستقامةٍ، الشِّرك: لقم الطريق. لقم الطريق يعني: مُنفرج الطَّريق، يُقال: عليك بلقم الطريق فالزمه، يعني: متن الطريق ووسط الطريق، فهذا يُقال له: الشرك، وأيضًا شراك النَّعل مُشبّه بهذا، ومنه شرك الصائد، سُمّي بذلك لامتداده، فهذا الطَّريق لامتداده قيل له ذلك، وهكذا.

هذا كلام ابن فارس[21] -رحمه الله-، فيُقال: شركه، شركة، وشِركة، يعني: خالطه في الأمر، وكان له فيه نصيبٌ، الشَّريك: مَن له شرك، يعني: نصيب، يُجْمَع على شُركاء، لا شريكَ له: فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ [النساء:12]، فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا [الأنعام:136].

والشِّرك يُقال بمعنى: الشَّركة والنَّصيب، وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ [سبأ:22]، والشِّرك أيضًا والإشراك بمعنى: جعل إله مع الله -تبارك وتعالى-، يعني: يجعل له نصيبًا من العبادة مثلًا، هذا في توحيد العبادة، أو يجعل له نصيبًا من التَّصرف، والخلق، والإيجاد، ونحو ذلك، والنَّفع، والضّر: يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ [لقمان:13]، أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ [الأعراف:173]، لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر:65]، إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ [التوبة:28]، وكله في هذا المعنى.

ويُقال: أشركه، بمعنى: جعله شريكًا في ملكٍ، أو في أمرٍ من الأمور: وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي يعني: في النبوة والدَّعوة.

ويُقال: شاركه، بمعنى: خالطه في الأمر، كان له فيه نصيبٌ: وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلَادِ [الإسراء:64]، يعني: الشيطان يكون مُشاركًا للناس في هذا: في أكلهم، وشربهم، ومساكنهم، ونكاحهم، ونحو ذلك.

يُقال: اشترك، وشارك كل منهم الآخر، فهم مُشتركون: فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ [الصافات:33].

"مشحون، أي: مملوء".

المشحون، هذه المادة أرجعها ابنُ فارس -رحمه الله- إلى أصلين[22]:

الأصل الأول: يدلّ على الملء، ومنه: شحنت السَّفينة، إذا ملأتها، ومن ذلك: أشحن فلان للبكاء، إذا تهيَّأ له، كأنَّه اجتمع له، يُقال: فلان مشحونة نفسه، يعني: قد وجد في نفسه مما يكون من التَّحامل على غيره، أو نحو ذلك مما تُشحن به النفوس، فلان يشحن فلانًا على أخيه، بمعنى: أنَّه يملأ نفسَه حنقًا ونحو ذلك. فهذا الأصل الأول الذي يدلّ على الملء.

الأصل الثاني: يدلّ على البُعْد، فالشَّحن: الطرد، يُقال: شحنهم؛ إذا طردهم. ومن الباب: الشَّحناء، وهي العداوة، عدو مُشاحِن، يعني: مُباعد، والعداوة: تباعد، فإذا شاحنه فهذا يعني أنَّه قد باعده.

والله -تبارك وتعالى- يقول: فَأَنجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ [الشعراء:119]، يعني: المملوء، وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ [يس:41]، وهكذا في قوله: إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ [الصافات:140]، وكأنَّ الشَّحناء -والله أعلم- ترجع إلى هذا، من معنى الامتلاء أيضًا، تمتلئ النَّفس حنقًا وغيظًا وتحامُلًا ونحو ذلك؛ فيكون الجميع يرجع إلى أصلٍ واحدٍ، لكن الذي ورد في القرآن من هذه المادة هو الأول مما ذكره ابن فارس -رحمه الله-.

نتوقف عند هذا، وأسأل الله أن يرزقنا وإياكم علمًا نافعًا، وعملًا صالحًا ونيَّةً.

  1. "مقاييس اللغة" (3/64).
  2. "مقاييس اللغة" (3/193-194).
  3. "مقاييس اللغة" (3/194).
  4. متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب الطب، باب إنَّ من البيان سحرًا، برقم (5767)، ومسلم: كتاب الجمعة، باب تخفيف الصَّلاة والخطبة، برقم (869).
  5. متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب مَن قاد دابَّةَ غيره في الحرب، برقم (2864)، ومسلم: كتاب الجهاد والسير، باب في غزوة حنين، برقم (1776).
  6. "مقاييس اللغة" (3/221).
  7. انظر: "مقاييس اللغة" (3/221).
  8. أخرجه مسلم: كتاب الطَّهارة، باب فضل الوضوء، برقم (223).
  9. "مقاييس اللغة" (3/207).
  10. أخرجه مسلم: كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعةٍ، وإنَّه إذا لم يُحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلّمها؛ قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (395).
  11. "مقاييس اللغة" (3/208).
  12. "نواهد الأبكار وشوارد الأفكار" حاشية السيوطي على تفسير البيضاوي (1/157).
  13. "مقاييس اللغة" (3/266).
  14. انظر: "مقاييس اللغة" (3/170-171).
  15. "مقاييس اللغة" (3/171).
  16. "مقاييس اللغة" (3/220).
  17. "مقاييس اللغة" (3/246).
  18. "مقاييس اللغة" (3/217).
  19. "مقاييس اللغة" (3/262).
  20. "مقاييس اللغة" (3/265).
  21. "مقاييس اللغة" (3/265).
  22. "مقاييس اللغة" (3/251-252).

مواد ذات صلة