الخميس 09 / شوّال / 1445 - 18 / أبريل 2024
(007-ب) من قوله تعالى "ولكن الشياطين كفروا" الآية 101 - إلى قوله تعالى " ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير" الآية 105
تاريخ النشر: ١٤ / صفر / ١٤٣٧
التحميل: 1804
مرات الإستماع: 2170

وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ۝ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ۝ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ۝ مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ۝ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة:102-106].

الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا بتعليم السحر أو بالعمل به أو بنسبته إلى سليمان .

فقوله: وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا، السحر قيل: أصله الخفاء؛ لأن الساحر يفعله بخُفية، وقيل: أصله الصرف؛ لأن السحر مصروف عن وجهه، عن جهته، وقيل: أصله الاستمالة؛ لأن من سحر فقد استمال، وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ: كفروا بتعليم السحر وبالعمل به أو بنسبته إلى سليمان، وعلى كل حال كل هذا كفر ولكن تعلم السحر كفر، وتعليمه كفر، والعمل به كفر، ولهذا قال: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ.

وَما أُنْزِلَ نفي، أو عطف على السحر أو على مَا تَتْلُو.

كيف يكون المعنى على هذه الاحتمالات؟ هذه الآية من المواضع التي كثُر فيها كلام المفسرين، وعلى كل حال هي من المواضع التي قد تُشْكِل في كتاب الله -تبارك وتعالى- فقوله: وَمَا أُنْزِلَ يحتمل أن يكون نفي يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ثم نفى أن يكون هذا السحر قد أُنزل على الملكين ببابل، وَمَا أُنْزِلَ لم يُنَزّل، وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ وهذا الذي اختاره القرطبي أنها نافية[1]، وهو مروي عن ابن عباس -ا- والربيع بن أنس: أن السحر هذا لم يُنزل[2].

يقول: أو عطف. يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ: يعني يعلمونهم السحر وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ فتكون عطفًا على السحر: يعلمونهم السحر ويعلمونهم أيضًا الذي أُنزل على الملكين ببابل، وَمَا أُنْزِلَ الواو عاطفة و مَا موصولة، والذي أنزل على الملكين ببابل. أو على مَا تَتْلُو فتكون معطوفة على قوله: مَا تَتْلُو، وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ، يعني: واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان، وما أنزل على الملكين ببابل، اتبعوا شيئين: ما تتلوه الشياطين على ملك سليمان، وما أُنزل على الملكين.

لكن هذا ليس هو المتبادر هذا بعيد، والله أعلم، فـ "مَا" هذه يمكن أن تكون نافية، السحر لم يُنزل على الملكين ببابل، والقرطبي يقول: الآية فيها تقديم وتأخير. واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين هاروت وماروت كفروا، يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل.

وَمَا أُنْزِلَ ما نافية، لم يُنزل على الملكين، وأن هاروت وماروت أسماء الشياطين. لكن هذا خلاف الأصل؛ لأن الأصل في الكلام الترتيب، فلا يُدعى فيه تقديم وتأخير خاصة مثل هذا الذي لا يخلو من تكلف إلا بدليل، والذي حمله على هذا هو أن الملائكة لا يتأتى منهم ذلك، كيف يعلمون الناس السحر؟! وهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون. ومن قال -وهم الجمهور-: بأنهم ملائكة وأن ذلك وقع ابتلاء واختبارًا.

وأما ما يُروى من الإسرائيليات في هذا مما لا يليق بالملائكة فهذا لا يصح، ولا يعول عليه.

وبعض أهل العلم يقولون: بأن الملكين لغة في الملِكين فهما مَلِكان من البشر. يقال: مَلِك ومَلَك. اسم أحد هذين الملِكين من البشر: هاروت، والثاني ماروت، وليسوا ملائكة. وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ، لكن القول بأنهم من الملوك أي ملوك البشر وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ، هل هؤلاء الملوك يُنزل عليهم؟ فهذا لا يخلو من إشكال، الإنزال الأصل فيه أنه من أعلى إلى أسفل، ولهذا ذهب القرطبي إلى أنها نافية أنه لم يُنزّل، والجمهور يقولون: وَمَا أُنْزِلَ أن الواو عاطفة وما موصولة.

يعني: اتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السر والذي أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت. أنهم تلقوا منهما السحر، وكان ذلك ابتلاء وامتحانًا للناس، ولهذا قال: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ، فهم اتبعوا ذلك وكفروا بهذا: تعليم السحر، وما أنزل على الملكين، يعني يعلمونهم الذي أُنزل على الملكين)، وعلى القول الآخر: أنهم اتبعوا ما تتلوه الشياطين على ملك سليمان عهد ملكه أو عهده قال: وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ، يعني: اتبعوا ما أنزل على الملكين ببابل.

عَلَى الْمَلَكَيْنِ إن كان (ما) نافية فذلك تبرئة لهما من إنزال السحر عليهما إلا أن ذلك يرده آخر الآية.

يرده آخر الآية بأي اعتبار؟ الآن وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ كيف يعلمون؟ وهو نفى عنهما ذلك، إذا قلنا: بأنها نافية. هل كانوا يعلمون من قِبَل أنفسهم؟ هذا مراده بكون آخر الآية يرده.

وإن كانت معطوفة بمعنى (الذي) فالمعنى أنهما أنزل عليهما ضرب من السحر ابتلاء من الله لعباده.

هذا هو الجواب، وهذا الذي عليه الجمهور، الجواب عن هذا كيف يقع من الملائكة؟ قالوا: ابتلاء واختبارًا.

أو ليعرف فيحذر منه، وقرئ (الملِكين) بكسر اللام.

ولكنها ليست قراءة متواترة، هذه مروية عن الحسن[3]، لكنها ليست متواترة، أنهم مَلِكان من البشر.

وقال الحسن: هما علجان[4]؛ فعلى هذا يتعين أن تكون (ما) غير نافية.

 وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ، (وما أنزل على الملِكين ببابل)، لكن هنا والذي أنزل معنى موصولة، فلا تكون نافية، فهما مَلِكان، لكن يُشكل عليه لفظ الإنزال، أنهما مَلِكان من البشر ما الذي أُنزل عليهم؟! والذي أنزل على الملِكين ببابل، الإنزال كما سبق يكون من أعلى إلى أسفل، فهل أُنزل على هذين الملِكين السحر؟ الله أعلم.

بِبَابِلَ موضع معروف.

موضع معروف والواقع أنه مختلف فيه، يعني هل بابل هي الموجودة الآن في العراق نفس محافظة بابل أو مدينة بابل؟ بعضهم يقول: بابل هي الكوفة. ومعلوم أن الكوفة وجدت في زمن عمر –، لكن هذا الموضع يقال له: بابل في الأصل. يعني قديم، وبعضهم يقول: بلد من سواد العراق. فهذا أعم، وبعضهم يقول: نصيبين هي بابل.

لكن المحافظة المعروفة الآن في العراق بابل هل هي المقصودة أو لا؟ الله أعلم، فكلام المفسرين الذين يذكرون ذلك في معجم البلدان، والكتب التي تتحدث عن الأمصار يذكرون لبابل مواضع يختلفون فيها، ليست محل اتفاق، يعني هم لا يتفقون على أنها الموضع الموجود الآن مع أن اليهود لهم شغف فيها، هذه بابل المعروفة، ومن تتبع أحوال اليهود وأخبار اليهود عرف بعض ما يجذبهم إلى بابل، هي تعني بالنسبة لهم أشياء، وفي كتبهم ذكر لها، وحينما سقطت بغداد ودخل اليهود في جملة من دخل، أول ما توجهوا إلى بابل، كأنهم يبحثون عن أشياء فيها، وعلى كل حال الله أعلم، يعني هذا من المواضع المشتبه في كتاب الله .

هارُوتَ وَمارُوتَ اسمان علمان، وهما بدل من الملكين أو عطف بيان.

 معروف الفرق بين البدل وعطف البيان هما باب واحد في الأصل لكن عطف البيان أوضح من البدل، يمثلون له عادة بالمثال المشهور إذا قلت: جاء أبو حفص عمر. فعمر أوضح من أبي حفص وأعرف، فهذا عمر يعني عطف بيان، وإذا قلت: جاء عمر أبو حفص. فهذا بدل، والبدل يقوم مقام المبدل منه، تقول: أنا في بيت الله المسجد. فهذا عطف بيان، المسجد أوضح، تقول: أنا في المسجد بيت الله. فهذا يكون من قبيل البدل يعني لو وضعت أحدهما واستغنيت عن الأخرى المعنى تام، جملة مكتملة.

إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ، أي: محنة، وذلك تحذير من السحر.

فَلا تَكْفُرْ، أي: بتعلم السحر.

فَلَا تَكْفُرْ، أي بتعلم السحر؛ لأنه وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ هو يتعلم، وهذا يدل على أن تعلم السحر كفر إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ، والعلماء -رحمهم الله- لهم كلام في هذه المسألة: في تعلم السحر، ولا يجوز، ولكن الكلام في الكفر، متى يكون كفرًا؟ ومتى لا يكون كفرًا؟، والشافعي -رحمه الله- له كلام في هذه المسألة معروف، فالسحر أنواع:

منه: ما يكون عن طريق الاستعانة بالشياطين. فهذا كفر، ولا يتحقق إلا بالشرك والكفر بالله .

ومنه: أنواع بمعرفة خواص المواد.

وهناك أنواع تعرف أيضًا بألوان من الحيل من خفة اليد ونحو ذلك من التمويه، فهو ليس بمرتبة واحدة، لكن كل ذلك لا يجوز لما فيه من التضليل، ولكن الذي هو سحر حقيقي إنما هو ما يكون بالاستعانة بالشياطين؛ لأنه لا يتم إلا بهذه الطرق فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ فالسحر يحصل به التفريق، وهذه العبارة لا تدل على الاختصاص، مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ بعض العلماء قال: السحر لا يؤثر إلا في هذا بإذن الله. وهذا غير صحيح؛ لأن الله ذكر هذا، قد يكون لأنه هو الشائع الزائع في أنواع السحر، ولكن السحر منه ما يُمرض بإذن الله، ومنه ما يقتل بإذن الله، ومنه ما يصيب بالجنون بإذن الله، ومنه ما يكون من قبيل التخييل يعني يُخيل للمسحور أشياء لا حقيقة لها، وغير ذلك من الأنواع. النبي ﷺ سُحِر لكن لم يكن ذلك فيما يتصل بالبلاغ؛ لأن الله يعصمه ولكن صار يخيل إليه أنه يأتي أهله ولم يكن من ذلك شيء، فهذا نوع من أنواع السحر، يخيل للإنسان أيضًا يتوهم أنه يرى أشياء ونحو ذلك يكون بسبب السحر، وقد يكون بغير ذلك، يعني من الأسباب، يعني ليس كل من تخيل أشياء يعني أنه مسحور، لا، قد يكون بأسباب أخرى، لكن هذا يدل على أن تعلم السحر كفر. بعض العلماء يقولون: من السحر ما ليس بكفر ولكنه حرام وهو ما يكون بأخلاط وأعشاب وأمور من هذا القبيل. والواقع أن هذه الأشياء قد لا تستقل هكذا بنفسها وإنما معها رقى شركية، ولذلك لو سألت هؤلاء الذين يعطون هذه الأخلاط لو قلت: أنا أحضر هذه الأخلاط من الباعة من العطار. فإنه يقول: بأن ذلك لا يجدي. وإنما ما يكون عن طريقه هو، فدل -والله أعلم- على أن هذه الأخلاط من أعشاب ومركبات وغيرها أن ذلك يكون معه أمور أخرى، فلربما سُقي الإنسان هذا السحر فصار في باطنه، ولربما استنشقه، ولربما أكله، كونه مأكولًا أو مشروبًا أو مشمومًا يعني تبخر فيكون ذلك فيه سحر فيصاب بهذا السحر أو يأكله، من السحر ما يكون في الجوف يعني ما يكفي فيه مجرد الرقية يحتاج إلى أمور تخرجه من جوفه، يُعطى أشياء مسهلات ونحو ذلك ليخرج السحر من الجوف مع الرقية، وهذا له علامات يعرفه أهل الخبرة، متى يكون في الجوف؟ ومتى يكون خارجًا عنه؟.

ومن هنا أخذ مالك أن الساحر يقتل كفرًا.

وصحّ عن النبي ﷺ أن حد الساحر ضربه بالسيف[5].

لكن هذا القتل هل هو تعزير أو كفر؟ توصيف هذا القتل، حد الساحر: ضربه بالسيف، الإمام مالك يقول: يُقتل كفرًا[6].

وليس يعني تعزيرًا، أو أن هذا حد من جملة الحدود كالزنى واللواط، فيكون تطهيرًا إذا كان على غير الكفر، لكن الإمام مالك يقول: يُقتل كفرًا. فما يكون تطهيرًا، كافر، والنبي ﷺ يقول: حد الساحر ضربه بالسيف، لكن كما سبق ما هو توصيف القتل؟ إذا قلنا: بأنه كفر.

معنى ذلك لا يُصلى عليه وليس ذلك بتطهير وإلا فالحدود تُطهر أصحابها كما ثبت ذلك عن النبي ﷺ.

يُفَرِّقُونَ، زوال العصمة، أو المنع من الوطء.

التفريق هذا باعتبار أنه يحصل مفارقة بالطلاق بعد النفور، ينفر منها فيكرهها أو تكرهه، أو تحصل الكراهية من الطرفين بسبب أو لآخر، يعني السبب السحر لكن سبب السحر غير مدرك غير مرئي لكن ما يجدونه هم في أنفسهم قد تجد أشياء هي رائحة لا تطاق، يُخيل إليها بصورة قبيحة جدًا أقبح ما يمكن أن تتخيل من الصور تراه فيها، وقد يكون هذا التفريق بمنع الوطء يعني لا يستطيع أن يقربها إما أنه لا يحصل عنده انتشار أصلًا، أو هي لا يتمكن من وطئها يعني يوجد بعض الأحوال أحيانًا تصطك العظام ولربما أجريت عدة عمليات ويرجع الأمر كما كان، العظام تصطك بحيث لا يمكن جماعها، وقد يفعله بعض الناس بالبنات؛ خوفًا عليهن من الفاحشة، أو الاعتداء باغتصاب ونحوه، أو يعبث بها أحد بصغرها أو بعد ذلك، فلربما يفعلون هذا ولا يستطيعون حله، أو يفعله أحدهم خفية: كالجد، أو الجدة، أو نحو هذا ثم يموت ولا يعلم أحد بهذا، ويبقى هؤلاء البنات لا يستطيعون الزواج، يُحبسون عن الرجال، فهذا كله وقد يُفعل في البلد، وإذا قرأت في التاريخ في الفتوحات الإسلامية قد يقوم بعض السحرة بوضع السحر على الحصون وأطراف البلد بحيث يمتنع الدخول، دخول ذلك الحصن، ولربما خرج الساحر أو الساحرة بمكنسة فيها ماء فيرش هذا الجيش، لكن كما قال الله: وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ، فيقع لهم أمر يرجعون عن هذا الحصن، وعن محاصرته، وينصرفون من عند أنفسهم، أو يمرضون، ويزعمون غير هذا، ويزعم بعضهم أنه لربما سحروا البلد أو الحصن أو نحو ذلك عن الحيات والهوام ونحو ذلك فلا تؤذي الناس، قد يحصل هذا، والله أعلم، لكن كل هذا لا يجوز، يعني ولو كان مقاصد هؤلاء بزعمهم مصالح كهذا الذي يريد أن يسحر على أساس أن هذه الأشياء لا تضر الناس، أو يريد أن يسحر الأعداء مثلًا، أو أنه يريد أن يفعل السحر للمصلحة بزعمة في تحبيب المرأة بزوجها الذي كرهها لأخلاقها، أو لأمور تتعلق بهيئتها أو نحو ذلك، لم يوجد بينهما ود فيأتي من يتبرع ويسحر هذا الرجل ويعطف قلبه عليها، يسمونه العطف، يوجد الصرف وهو التفريق وهو المذكور في القرآن، ويوجد نوع آخر العطف، بعضهم يستحل سحر العطف، ويقول: هذا للمصلحة. فينصرف قلبه إليها ويتعلق بها ويراها أحسن النساء، وأجمل النساء، ويعمى عن عيوبها، ولا يرى ما يراه الناس من سوء أخلاقها وتصرفاتها وحماقاتها وقُبحها، هذا عطف ربما فعلته أم المرأة، أو أختها أو نحو ذلك ليتعلق بها، فلا يفارقها، ولربما ترك إذا كان له زوجة وأولاد تركهم وانصرف عنهم تمامًا واشتغل بها دون غيرها، كل هذا لا يجوز أيًا كانت المبررات.

يَضُرُّهُمْ، أي: في الآخرة.

وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ الواقع أنه يضرهم في الدنيا وفي الآخرة، لكن الذي حمله على القول بأنه في الآخرة أنه قال: وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ يضرهم قالوا: هذا في الآخرة يضرهم ولا ينفعهم.

أما في الدنيا فقالوا: قد ينتفعون بمثل هذا: كالعطف مثلًا، أو التشفي من الأعداء، أو تحصيل مكاسب. فهذه منافع وقتية وإن كانت محرمة، هكذا محمله يعني توجيهه عند من يقول: إنه في الآخرة. يقول: لأنه يوجد فيه منافع في الدنيا لهم لهؤلاء الأشرار، وشياطين الجن ماذا يقولون في الآخرة حينما يحشرهم الله جميعًا مع الإنس: رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ [الأنعام:128]، استمتع بعضنا ببعض، من هذا الاستمتاع: أن هؤلاء الإنس يقربون القرابين لهؤلاء الشياطين ويذبحون لهم ويدعونهم من دون الله، وهؤلاء الشياطين أيضًا يشعرون أنهم قد ملكوا الجن والإنس واستطالوا عليهم جميعًا، وما يحصل للإنس من معرفة موضع الضالة، أو المتاع المسروق، أو ما يحصل لهم من تحقيق مطالبهم في السحر ونحو هذا تعينهم الشياطين على هذا، ولربما سرقوا لهم أشياء وأتوهم بها من الأموال، فهذا من الاستمتاع، فهنا: وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ، ومن نظر إلى أن السحر الواقع أنه لا نفع فيه معتبر في الدنيا فقال: النفي على وجهه. وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ هو يضرهم ولا ينفعهم إطلاقًا. قرينة أخرى على أن ذلك المقصود به في الآخرة قال: (ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق) استعاض به وأثره.

عَلِمُوا، أي: اليهود أو الشياطين.

هذا كما قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: وَلَقَدْ عَلِمُوا، أي اليهود[7]. وبعضهم يقول: الشياطين. هذا قول آخر، وبعضهم يقول: الملَكان. وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ، وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ الكلام كله عن اليهود، وَلَقَدْ عَلِمُوا، أي اليهود. هذا هو الأقرب، والله أعلم.

اشْتَرَاهُ، أي: اشتغل به، وذكر الشراء؛ لأنهم كانوا يعطون الأجرة عليه.

يعطون الأجرة عليه ولو كان مجانًا ألا يقال له ذلك؟ يعني اختاره واستعاض به أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى [البقرة:175،16]، اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة، اشتراه اختاره.

شَرَوْا، هنا بمعنى باعوا.

وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ، كما قلنا: الشراء من الأضداد. يقال: للبيع والشراء. بمعنى باعوا وهذا الذي اختاره ابن جرير[8]، وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ، أي: باعوا أنفسهم.

لَمَثُوبَةٌ، من الثواب.

وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ، يعني: جزاء ثابت، أو ثواب، وهو عبارة عن الثواب، والمثوبة: المنفعة الخالصة المقرونة بالتعظيم، ويختص ذلك بالخير، لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، والثواب قد يقال في غير الخير.

وهو جواب لَوْ أَنَّهُمْ، وإنما جاء جوابها بجملة اسمية وعدل عن الفعلية لما في ذلك من الدلالة على إثبات الثواب واستقراره.

باعتبار أن الجملة الاسمية تدل على الثبوت، والفعلية على التجدد، يعني ما قال: ولو أنهم آمنوا واتقوا لأثبناهم. وإنما قال: لَمَثُوبَةٌ فعبر بالاسم ليدل على الثبات، جزاء ثابت من الله لهم خير.

وقيل: الجواب محذوف أي لأثيبوا.

يعني: لو أنهم آمنوا واتقوا لأثيبوا. لكن هذا فيه بُعد، يعني يكون بهذا الاعتبار الجواب محذوف: ولو أنهم آمنوا واتقوا لأثيبوا، أثيبوا ماذا؟ مثوبة، لكن فيه تكلف.

لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ، في الموضعين نفي لعلمهم.

يعني: وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ في الموضعين نفي لعلمهم.

فإن قيل: كيف نفاه وقد أثبته في قوله: وَلَقَدْ عَلِمُوا؟ فالجواب: أنهم لم ينفعهم علمهم فكأنهم لم يعلموا.

يعني هذا العلم لما كان غير نافع لهم نُزّل منزلة العدم، فقال: لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، أو لو كان يعلمون العلم الذي ينفعهم، هم يعلمون أنه ما لهم في الآخرة من خلاق، لكن هذا العلم لم ينفع؛ لأنه لم يعقبه العمل والامتثال فكأنه عدم.

لا تَقُولُوا راعِنا، كان المسلمون يقولون للنبي ﷺ: يا رسول الله راعنا، وذلك من المراعاة أي: راقبنا وانظرنا، فكان اليهود يقولونها ويعنون بها معنى الرعونة على وجه الإذاية للنبي ﷺ وربما كانوا ينونها على معنى النداء.

المسلمون يقولون: راعنا. من المراعاة يعني لا تعجل علينا بمعنى انظرنا حتى نأخذ عنك ونفهم عنك، واليهود يقولونها على سبيل الذم والعيب للنبي ﷺ من الرعونة، راعنا يعني يصفونه بالرعونة، والرعونة بمعنى الجفاء وما إلى ذلك مما يقرب منه، يعني كأنهم يقولون: أرعن. راعنا، ولما كانت هذه العبارة تحتمل معنيين نُهي عنها، فأمروا أن يقولوا بدلًا منها كلمة لا تحتمل الباطل، وَقُولُوا انْظُرْنَا هذا يدل على عناية الشارع بالألفاظ، ويؤخذ منه البعد عن العبارات الموهمة للمعاني الباطلة، لا يُعبر بها لا سيما في العقيدة، وفي غير العقيدة، يعني إذا كان العبارة يُفهم منها معنى صحيح ومعنى فاسد فإنه يُترك التعبير بها ويُعبر بلفظ لا يحتمل، وهذا كثير، قد تكون هذه الكلمة شعارًا لبرنامج، لأعمال من الأنشطة الدعوية والمدرسية، كثيرًا ما يسأل الناس عن هذا، فتوضع عبارة تحتمل ويحصل بسببها لغط فتستبدل هذه العبارة بكلام لا يحتمل، قد يُعبر بهذا عن المعاني فيلتبس ذلك على الناس، يعني قد يُعبر الإنسان أو العالم بعبارة تحتمل الحق والباطل، الأصل والعدل أن يُرجع إلى كلامه الآخر المحكم فيُحمل هذا عليه، ولكن أيضًا على الإنسان أن يتحرى دائمًا أن يعبر بعبارات التي لا تحتمل المعنى الفاسد، ومع ذلك لن يسلم، أفهام الناس تختلف، يتكلم ويذكر القيود الكثيرة في الكلام ويزن الحرف بميزان الذهب، يعني يزن العبارة ويفاجأ أن هناك من يفهم بالمقلوب، وهذا الفهم لم يرد أصلًا، ولم يتطرق لهذا المعنى، والكلام في هذه القضية، ويأتي من يفهمها مقلوبة. تتحدث عن الخوارج وتتحدث عن أهل الشر والفتن ويأتي من يقول: كيف نوفق بين هذا وبين ما جاء من الكف عما جرى بين الصحابة؟! وأنت تصرح وتقول: نحن لم نتطرق إلى ما جرى بين الصحابة؛ لأن أهل السنة يقولون كذا وكذا وكذا، إنما نذكر أهل الفتن فقط، وهؤلاء الخوارج كيف يتفرقون، ويأتي من يقول: كيف نوفق بين هذا وبين ما جاء من النهي أو من لزوم الكف عما جرى بين أصحاب النبي ﷺ؟!، أين جاء الكلام عن أصحاب النبي ﷺ؟! فالأفهام تختلف، ومهما ذكرت من القيود، ومهما كان الكلام في غاية الوضوح إلا أنه يأتي من يفهم بطريقة أخرى تمامًا، تتحدث عن هؤلاء الخوارج بتحولاتهم وتغيرهم وتراجعات عن بعضهم لا تخرجه عن مذهب الخوارج، وأن أهل السنة لم يحفلوا به، فيفرحوا بمثل هذه الأمور ويغتروا به ويقول القائل: كيف نوفق بين هذا وما جاء من مناظرتهم، فأهل السنة ناظروهم فكيف يقال: لا يناظرون؟!، الكلام ليس في المناظرة، الكلام في تحولات هؤلاء، هل هذا يعني تراجعهم عن بعض القضايا أنهم رجعوا إلى مذهب أهل السنة؟! ليس الكلام في المناظرة.

فنهى الله المسلمين أن يقولوا هذه الكلمة لاشتراك معناها بين ما قصده المسلمون وقصده اليهود، فالنهي سدًّا للذريعة، وأمروا أن يقولوا: انظرنا، لخلوّه عن ذلك الاحتمال المذموم، وهو من النظر أو الانتظار، وقيل: إنما نُهِيَ المسلمون عنها لما فيها من الجفاء وقلة التوقير.

وَاسْمَعُوا عطف على قُولُوا، لا على معمولها. والمعنى: الأمر بالطاعة والانقياد.

الأمر بالطاعة والانقياد: وَقُولُوا انْظُرْنَا ليس المقصود وَاسْمَعُوا عطف على و انْظُرْنَا هذا معمولها، وإنما على قُولُوا، وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا، فهو أمر لهم بالطاعة والانقياد باعتبار أن السماع هنا سماع قبول وانقياد، ويحتمل أن يختص بما قبله وَاسْمَعُوا مختص بما قبله، لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا يعني في هذا الذي وجهكم إليه واستعمال هذه اللفظة، ويحتمل العموم: اسمعوا فيما يتوجهون إليه عمومًا وتدعون إليه وتأمرون به.

ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا جنس يعم نوعين: أهل الكتاب، والمشركين من العرب، ولذلك فسره بهما، ومعنى الآية: أنهم لا يحبون أن ينزل الله خيرًا على المسلمين.

مِنْ خَيْرٍ من للتبعيض، وقيل: زائدة لتقدم النفي في قوله: ما يودّ.

لاحظ هنا مِنْ خَيْرٍ من تبعيضية ويحتمل أن تكون ليست كذلك، يعني: مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ نكرة في سياق النفي فهي للعموم وسبقت بـ مِنْ التي تنقلها من الظهور في العموم إلى التنصيص الصريح في العموم مِنْ خَيْرٍ يعني: أي خير. وقيل: زائدة لتقدم النفي في قوله: مَا يَوَدُّ: يقصد زائدة هذه التي تكون للتنصيص الصريح في العموم، تُزاد قبل النكرة إعرابًا لتقوية العموم.

بِرَحْمَتِهِ قيل: القرآن وقيل: النبوة وللعموم أولى.

وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ من النبوة، نزول القرآن، وغير ذلك، فالذي حمله على النبوة هنا ما جاء عن بعض السلف: كمجاهد، والربيع بن أنس، لكن العموم أولى، لكن الذين قالوا في قوله تعالى: أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ، قالوا: أعظم هذا الخير هو نزول الوحي والقرآن. والواقع أن هذا ملازم للنبوة، فإن هذا النزول يكون وحيًا من الله -تبارك وتعالى- إلى النبي ﷺ فهما متلازمان، يعني القول بأنه القرآن أو النبوة، لكن المعنى أعم وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ ينزل عليهم من الخير من الألطاف الربانية والنصر والرزق وما إلى ذلك.

ومعنى الآية: الردّ على من كره الخير للمسلمين.

يعني هؤلاء بهذه الصفة مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ جميع أهل الكتاب، وكذلك أيضًا أهل الإشراك كل هؤلاء ما يبقى أحد بعد ذلك من طوائف الضلال إلا اشتملت عليه هذه الآية مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ إذا كان هؤلاء بهذه المثابة الخير من الله لا يدفعونه هم، ولا يأتي عن طريقهم ولا يبذلونه، لا يحبون لكم ذلك، يريدون أن يمنعوا الخير أن ينزل عليكم من الله، والخير هنا نكرة كما سبق في سياق النفي يعني من خير ولو قل، ولو أدنى خير، ما يودون أن ينزل عليكم من خير من ربكم، إذا كانوا بهذه المثابة فهل يؤمل منهم الخير للمسلمين؟! والدفاع عن قضاياهم، والنصر لهم، والوقوف معهم، ودفع الظلم عنهم؟! إطلاقًا هم لا يريدون الخير ينزل من الله علينا، فهل يبذلونه هم؟! هم أبعد ما يكونون عن ذلك.

ما نَنْسَخْ، أي: نزيل حكمه ولفظه أو أحدهما، وقرئ بضم النون أي نأمر بنسخه.

مَا نَنْسَخْ نزيل حكمه ولفظه أو أحدهما. يعني نسخ التلاوة والحكم، أو نسخ الحكم، أو نسخ التلاوة، فهذه ثلاث صور للنسخ.

الصورة الأولى: نسخ الحكم والتلاوة. مثل حديث عائشة -ا-: كان فيما أُنزل عشر رضعات يحرمن[9]، فنُسخ لفظه وحكمه.

الصورة الثانية: نسخ الحكم فقط دون التلاوة. مثل المتاع إلى الحول فيما يتعلق بالمعتدة عدة الوفاة على قول الجمهور.

الصورة الثالثة: نسخ التلاوة دون الحكم. مثل آية الرجم، تلاوة دون الحكم، هذا المراد.

أما النسخ في اللغة: فإنه يأتي بمعنى النقل، تقول: نسخت الكتاب. بمعنى نقلته، تناسخ المواريث، ونحو ذلك، هذا معنى في اللغة وهو الذي اختاره ابن جرير -رحمه الله-: أن النسخ بمعنى النقل[10]. فإذا أردت أن تُركب عليه المعنى الشرعي تقول: نقل المكلفين من حكم لآخر.

ويأتي بمعنى الإبطال والإزالة، وهذا نوعان:

  • النوع الأول: يكون مع إحلال غيره مكانه. تقول: نسخت الشمس الظل. فصارت الشمس مكان الظل، فهذا يكون بمعنى الإبطال والإزالة مع إحلال غيره مكانه.
  • النوع الثاني: يكون من غير إحلال. لما تقول: نسخت الريح الأثر. أبطلته ومحته، ما الذي حل مكانه؟ لا يوجد شيء، فهذا يكون بمعنى الإزالة والإبطال، ومن هذا قوله تعالى -يعني الإبطال والإزالة-: فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ [الحج:52]، يعني: يبطله، فهذا معنى الإبطال، فهذه إطلاقات للنسخ: يأتي بمعنى النقل، ويأتي بمعنى الإبطال والإزالة بنوعيها في كلام العرب.

والنسح هو: رفع الحكم الشرعي بخطاب شرعي متراخ عنه. مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ، قال: أي نأمر بنسخه. فسره بعضهم أن ذلك من أنسخت الكتاب إنساخًا يعني وجدته منسوخًا، لاحظ مَا نَنْسَخْ قرئ بضم النون يعني (نُنْسِخ من آية)، ما معنى نُنسخ؟ بعضهم يقول: هذا من أنسخت الكتاب. أي: وجدته منسوخًا، وما ذكره ابن جزي هنا: أي ما نأمر بنسخه. حكاه الأزهري، وبه فسرها السيوطي في معترك الأقران[11]، فسر هذه القراءة (نُنسخ) يعني نأمر بنسخه، وعلى المعنى الأول: من أنسخت الكتاب يعني وجدته منسوخًا، لكن عبارة الأزهري: نأمر بنسخه. هذه حكاها الأزهري ولم يقلها من عند نفسه.

وفسره الأكثرون (ما نُنسخ من آية) أي: ما نزله فنمحوه من قلب النبي ﷺ وأصحابه، هذا الذي اختاره جمع: كالواحدي[12]، وشيخ الإسلام ابن تيمية[13]، والسعدي[14] وابن عاشور[15]، وقبلهم: ابن عباس، وقتادة، والحسن، وعبيد بن عمير، والربيع[16]، وقال ابن جرير معناه: الترك[17]. مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا، وهذا الموضع لا يخلو من إشكال، وهو من المواضع المُشكلة، يعني وجه الإشكال فيه مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ هذا واضح: نرفع حكم هذه الآية بأنواع النسخ الثلاثة، أَوْ نُنْسِهَا الإنساء هنا هل معناه التأخير؟، نؤخر إنزالها كما قد يكون المتبادر نُنْسِهَا، قال بعده: نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا فهل إذا أخرها يأتي بخير منها أو مثلها؟ هذا الإشكال، فالإنساء يأتي التأخير وهو المتبادر، لكن يُشكل عليه هنا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا، وقد يكون الإنساء هنا بمعنى أنها تُرفع من القلوب، فتُمحى من قلب النبي ﷺ ومن قلوب الصحابة  أَوْ نُنْسِهَا هذا لا يُشكل عليه آخر الآية، وهذا الذي اختاره هؤلاء من ذكرت لهذا السبب، والله أعلم نُنْسِهَا ليس معناها التأخير وإنما الرفع من القلوب هذا الذي مشى عليه الواحدي، وشيخ الإسلام، والسعدي، ومن المعاصرين: الشيخ محمد الصالح العثيمين -رحمه الله- وقبلهم ابن عباس، والربيع، وغير هؤلاء، فابن جرير يقول: أَوْ نُنْسِهَا، يعني: نترك نسخها.

هذا المعنى يحتمله اللفظ لكنه فسر هنا نُنْسِهَا بمعنى الترك؛ لأن النسيان يطلق ويراد به الذهول عن المعلوم، ذهاب المعلوم، ويأتي بمعنى الترك، فابن جرير حملها على الترك، لكنه يُشكل عليه أو نتركها، يعني نترك نسخها: نبقيها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا يشكل عليه هذا الموضع بعده، إذا تركها فلم ينسخها هل يكون بعد ذلك الوعد بالإتيان بخير منها أو مثلها؟، إنما يأتي بخير منها أو مثلها بدلًا منها، وهذا فيما لو أنه رفعها من القلوب، فيكون بهذا المعنى، فصارت المعاني بهذا الاعتبار ثلاثة:

المعنى الأول: نُنْسِهَا: نؤخر نزولها. نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا يُشكل عليه هذا الموضع.

المعنى الثاني: نُنْسِهَا، أي: نرفعها من القلوب. فهذا لا يُشكل عليه ما بعده.

المعنى الثالث: نُنْسِهَا، أي: لا نرفعها نترك نسخها كما يقول ابن جرير. فهذا يُشكل عليه ما بعده.

يقول كثير من أهل العلم: بأن النسخ لا يقع إلا لبدل. أخذًا من هذه الآية، لا بد من البدل سواء كان مساويًا أو أخف أو أثقل؛ لأنهم قالوا: هذا وعد.

والذين قالوا يقع النسخ بلا بدل، قالوا: البدل هو التخفيف. وقالوا: لا تخلوا أحكام المكلفين من واحد من الخمسة التي منها الإباحة، والجواز، يعني أقسام الحكم التكليفي خمسة معروفة، فهنا اثنان في جانب الطلب: جازم وغير جازم، الواجب والمستحب، والنهي جازم وغير جازم، المحرم والمكروه، يبقى الوسط الذي هو مستوي الطرفين المباح، فهذا المباح حكم من الأحكام، فالمكلف لا يخلو من حكم فإذا لم ينزل شيء مكانه يعني لم يوجد بدل قالوا: البدل هو التخفيف والإباحة. لم يبق المكلف بدون حكم، هؤلاء هم الذين قالوا: بأن النسخ يقع إلى غير بدل. والمثال الذي يمثلون به عادة على هذا: نسخ الصدقة بين يدي مناجاة النبي ﷺ أَأَشْفَقْتُمْ [المجادلة:13]، يقولون: إلى غير بدل. هذا أشهر مثال يمثلون به، وشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يميل إلى أن النسخ يكون إلى بدل ولا بد، ويقول: إن البدل هنا أن الصدقة مستحبة، لم تنسخ بالكلية وإنما نسخت من الوجوب إلى الاستحباب. فهي باقية الاستحباب عمومًا، وبين يدي نجوى النبي ﷺ خصوصًا، فهؤلاء يقولون: لا بد من بدل حكم معين يكون مكانها.

أَوْ نُنْسِها من النسيان، وهو ضد الذكر: أي ينساها النبي ﷺ بإذن الله كقوله: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ [الأعلى:7،6]، أو بمعنى الترك: أي نتركها غير منزلة، أو غير منسوخة، وقرئ بالهمز بمعنى التأخير أي: نؤخر إنزالها أو نسخها.

بالهمز أي (ننسأها) بمعنى التأخير أي نؤخر إنزالها أو نسخها، وابن جرير يرى أن قراءة هذه ترجع إلى معنى قراءة نُنْسِهَا فهي نفس المعنى بمعنى الترك عنده، بأي اعتبار؟ باعتبار أن كل متروك فهو مؤخر ما دام باقيًا على حال الترك، وعلى كل حال تفسير القراءة بالهمز بمعنى التأخير وليس الترك، نؤخر نزولها يعني، هو مروي عن عمر وجماعة من السلف: كأبي العالية، وعطاء، ومجاهد، وعطية، وعبيد بن عمير يقولون: بمعنى التأخير.

 بِخَيْرٍ في خفة العمل، أو في الثواب أو أعم.

هذا وعد من الله  نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا الخيرية هنا ما المراد بها؟ يقول: في خفة العمل. يعني النسخ إلى أخف، فالنسخ قد يكون إلى أخف، وقد يكون إلى أثقل، وقد يكون إلى مساو، مساوي مثل تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، يعني نفس الجهد بالنسبة للمكلفين، وإلى أثقل مثل صيام رمضان، لما كان عاشوراء ثم رمضان، وكان رمضان أيضًا على التأخير ثم صار فرضًا فهذا إلى أثقل، وإذا أخف: كان يحرم عليهم الوطء ليالي الصوم مثلًا قال: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ [البقرة:187]، فهذا إلى أخف. يقول: أو في الثواب. يعني خير في الثواب، فابن جرير -رحمه الله- يقول: خير في العاجل بالتخفيف، وفي الآجل بالأجر. ويمكن أن يكون ذلك نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا بوجه من الخيرية من جهة نفعه وأثره ونحو ذلك، فالله عليم حكيم، يُشرع لعباده ما فيه نفعهم وصلاحهم.

قَدِيرٌ استدلال على جواز النسخ؛ لأنه من المقدورات، خلافًا لليهود لعنهم الله فإنهم أحالوه على الله. وهو جائز عقلًا، وواقع شرعًا فكما نسخت شريعتهم ما قبلها، نسخها ما بعدها.

يعني هم يقولون هذا بأن شريعتهم نسخت ما قبلها، ويعترفون بذلك، فهذا من وجوه الرد عليهم، لكنهم يقولون بامتناع النسخ باعتبار أن شريعتهم لا يوجد بعدها ما ينسخها، فكانت أهواءهم هذه حملتهم على إنكار النسخ أصلًا، وتناقضوا في دعواهم هذه حيث أقروا بأن شريعتهم قد نسخت ما قبلها، يعني في شريعة آدم عليه الصلاة والسلام كان يجوز أن تتزوج الأخت من الأخ من بطنين، يعني ما هو بطن واحد، فكان ذلك جائزًا، لا يوجد إلا أولاد وبنات آدم لصلبه، فكان جائزًا ثم نُسخ هذا بعد ذلك، فهو جائز عقلًا يعني لا يمنع من العقل أن يقول الحكيم في وقت: افعلوا كذا، وفي وقت آخر يأمرهم بغيره، أو يناههم عن فعله؛ لأن المصلحة تقتضيه. أما شرعًا فقد دل على ذلك هذه الآية وغير هذه الآية من الوقائع، فكما نسخت شريعتهم ما قبلها نسخها ما بعدها، فهذه الآية دليل صريح وواضح على النسخ، وهكذا في قوله: وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ۝ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة:144،143]، وقائع صريحة، وللأسف يوجد من يروج إلى الآن بأن النسخ لا وجود له، ويوجد من يقبل هذا ويتلقفه ويجادل فيه، مع أن هذا صريح في القرآن.

أسئلة:

س: هل يشمل النسخ الآيات الأخرى كالمعجزات والبينات؟.

جـ: الجواب: لا، هذه لا تنسخ، النسخ يقولون: لا يقع إلا في الأمر والنهي. يعني الإنشاء، وليس الخبر إلا إذا كان الخبر مضمنًا معنى الأمر أو النهي، يعني بمعنى الأمر أو النهي، والصيغة خبرية وإلا فالخبر المحض لا يقع فيه النسخ؛ لأنه تكذيب فهذه لا تُنسخ، فإذا قال: هذه آية لهذا النبي تدل على صدقه. فرفع ذلك يدل على تكذيب الخبر، كيف يكون آية ثم يقال: لا، ليس بآية! فهذا لا يكون إطلاقًا، وهكذا يقولون: لا يقع النسخ في أصول الشرائع، الأصول الكبار وإنما يقع في التفاصيل.

س: يقول: إذا كان تمني الموت منهي عنه إلا في حال الفتن فكيف يطلب منهم تمني الموت وحتى لو أن صالحًا موقنًا منهم تمنى الموت، وحتى لو أن صالحًا موقنًا بالجنة ...؟.

جـ: نحن قلنا: هذا على سبيل المباهلة. فهو يقول: يدعون بالموت والهلاك على المبطل. هذا معناها، وليست القضية بهذا الاعتبار مجرد تمني الموت المنهي عنه، وإنما الدعاء بالموت على المبطل.

س: يقول: وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ ما موصولة أم نافية أيهما أرجح؟.

جـ: ذكرت هذا ولا أحببت أن أذكر الترجيح في هذه القضية؛ لأنها موضع إشكال على كل حال، وقد يميل الإنسان إلى شيء ولكن يبقى لنفسه؛ لأن هذا محل تردد.

س: يقول: أليست المقارنة بين الألفاظ تساعد على التدبر وبيان بلاغة ودقة اللفظ القرآن مثل وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا [الجمعة:7]، ومثل: مِنْ إِمْلَاقٍ [الأنعام:151]، فلماذا يمنع بعض العلماء من ذلك وهي مبنية على اللغة وقواعدها؟.

جـ: يمنعون من ذلك باعتبار أن هذه الأشياء ليست قطعية، يعني قد يكون هذا السبب وقد لا يكون، يعني مثلًا الحافظ ابن القيم يقول: يؤخذ من قوله: وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ [الذاريات:29]، أدب المرأة المسلمة حيث عبرت بلفظتين كل لفظة تحمل معنى يستقل بامتناع الولد، أدب المرأة المسلمة في محادثة الرجال الأجانب. جيد لكن قوله: قَالَتْ يَاوَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ [هود:72]، هذا كلام طويل، فيشكل على ما ذكره، فمثل هذه الأشياء اللفظية والدقائق ونحو ذلك لا يقطع بها، لماذا قال هنا كذا وهناك قال كذا، يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ [آل عمران:164]، يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ [البقرة:129]، لماذا آخر التزكية هنا وقدمها هنا، هذا يحتمل، فبعض أهل العلم يقول: إن مثل هذه الأشياء لا يتوقف عليها فهم المعنى، وهي تكلفات يكون صاحبها قائلًا على الله -تبارك وتعالى- بلا علم. والله أعلم.

  1. تفسير القرطبي (2/50).
  2. تفسير الطبري (2/419).
  3. تفسير القرطبي (2/52).
  4. تفسير البغوي (1/129).
  5. أخرجه الترمذي، أبواب الحدود عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء في حد الساحر، (4/60)، رقم: (1460)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين (4/401)، رقم: (8073).
  6. الكافي في فقه أهل المدينة (2/1091)، التاج والإكليل لمختصر خليل (8/371).
  7. تفسير ابن كثير (1/364).
  8. تفسير الطبري (2/455).
  9. أخرجه مسلم، كتاب الرضاع، باب التحريم بخمس رضعات، رقم: (1452).
  10. تفسير الطبري (2/471).
  11. معترك الأقران في إعجاز القرآن (2/536).
  12. التفسير الوسيط للواحدي (1/ 188).
  13. مجموع الفتاوى (14/72).
  14. تفسير السعدي (ص:62).
  15. التحرير والتنوير (15/355).
  16. تفسير ابن كثير (1/377).
  17. تفسير الطبري (2/471).

مواد ذات صلة