الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فلما ذكر الله -تبارك وتعالى- عدم قبول توبة الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا، وأنهم المستحقون لوصف الضلالة على أكمل وجوهه، وعرفنا أن المراد بذلك لن تقبل توبتهم بعد الكفر، وقد جاء ذلك مقيدًا في الآية بعدها وذلك في قوله -تبارك وتعالى-: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِين [آل عمران:91].
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ، كفروا بما يجب الإيمان به، كفروا بالله، أو كفروا بملائكته، أو رسله، أو باليوم الآخر، أو بغير ذلك مما يجب الإيمان به من أركان الإيمان وأصوله، وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ، هذا هو القيد الذي يُبين المراد في الآية قبلها، فلن تُقبل توبتهم فيما لو أخروا التوبة إلى آخر الغرغرة، أو أنهم لم يتوبوا، أولئك الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا فهؤلاء في ازديادهم الكفر بمعنى أنهم بقوا على الكفر إلى الموت، فهؤلاء لم تُقبل توبتهم لو تابوا وقد فات الأوان، أو أنهم يتوبون حقيقة وذلك عند المعاينة وقد فات الأوان، فليست التوبة بمثل هؤلاء الذين يدركهم الموت على هذه الحال ثم بعد ذلك يتوبون.
وهنا قال: وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ، فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ، هذا يحتمل أن يكون المراد فلن يقبل منه في الآخرة ملء الأرض ذهبا.
ويحتمل أن ذلك لن يُقبل منه في الدنيا لو تقرب به وتصدق به فلن يُقبل منه؛ لأنه قد فقد شرطًا للقبول وهو الإيمان الصحيح، وشروط قبول الأعمال ثلاثة:
أولها: الإيمان والتوحيد.
والثاني: الإخلاص للمعبود.
والثالث: المتابعة للنبي ﷺ.
فيحتمل أن يكون ذلك في الدنيا لن يُقبل منه لو تصدق به لن يُقبل، ولو افتدى به في الآخرة على هذا الاحتمال، وعلى الأول فلن يُقبل منه في الآخرة ولو افتدى به يعني لينجو من عذاب الله -تبارك وتعالى-، أولئك المذكورون الموصوفون بهذه الصفة الذين كفروا وماتوا وهم كفار لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين، لهم عذاب في غاية الإيلام، وليس لهم من ناصر يُخلصهم من عذاب الله -تبارك وتعالى-.
يؤخذ من هذه الآية الكريمة من الهدايات والفوائد أن هؤلاء امتنعوا من أمر يسير في هذه الحياة الدنيا ولكن الثمن يدفعونه باهظًا في حسرات يعيشونها في الدنيا وفي البرزخ وفي الآخرة، لا يمكن أن يُخلصهم من عذاب الله -تبارك وتعالى- شيء، لا الفداء ولا الناصر، وقد جاء من حديث أنس في الحديث الذي يرويه النبي ﷺ عن ربه: يقول الله لأهون أهل النار عذابًا يوم القيامة -أخف أهل النار عذابًا يوم القيامة- لو أن لك ما في الأرض من شيء أكنت تفتدي به؟! فيقول: نعم، فيقول: أردت منك أهون من ذلك[1]، يعني: ليس هذا المقدار ما في الأرض ذهبًا وإنما أهون من ذلك، وأنت في صُلب آدم أن لا تُشرك بي شيئًا فأبيت إلا أن تُشرك بي، فالله -تبارك وتعالى- يقول: أردت منك أهون من ذلك، لا تتصدق بملء الأرض ذهبًا، أو تفتدي بملء الأرض ذهبا، ولكن أن لا تُشرك بالله شيئًا فأبى فكانت خسارته محققة، -نسأل الله العافية-.
وهكذا في قوله: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَبًا، وما يُقابل ذلك المؤمن فهو يأتي بالإيمان والتوحيد وينبذ الإشراك ويتخلص من هذا كله يتخلص من عذاب الله ، وتتحقق له النجاة والسعادة ولم يُنفق ملء الأرض ذهبًا، ولربما كان أفقر الناس لا يجد شيئًا يأكله فضلاً عما يتصدق به وينجو.
وهكذا أيضًا كما قيل: من لم تُحلق روحه في هذه الدنيا في سماء الإيمان تسمو بذلك وترتفع من حضيض الشرك ووحله إلى الإيمان الصحيح فإنها لا ترتقي في الآخرة من الهاوية إلى الدرجات العُلى من الجنة، ولو افتدى بملء الأرض ذهبا فإن ذلك لا يُخلصه، هذا لو فُرض أنه يملك لكن في الآخرة لا أحد يملك شيئا: لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّار [غافر:16]، الآخرة لا أحد يملك حتى الثياب: يُحشر الناس يوم القيامة حُفاة عُراة غُرلا، يعني غير مختونين، حُفاة عُراة، عائشة -رضي الله عنها- لأهمية الستر عندها، قالت: الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال النبي ﷺ: الأمر أعظم من ذلك[2]، يعني: هم في حال من الاشتغال والذهول والهول العظيم من أعظم من أنه ينظر إلى امرأة عارية، أو امرأة تنظر إلى رجل عارٍ كل قد شُغل بنفسه، لاهية كل مرضعة عمّا أرضعت.
فهنا لو كان عنده شيء في الآخرة يفتدي به ملء الأرض وهو لا يملك شيئًا قليلاً يسيرًا وإنما يأتي ليس هناك إلا العمل فمعتقه أو موبقه، كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَة إِلاَّ أَصْحَابَ الْيَمِين [المدثر:38-39]، وهكذا وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ [الإسراء:13]، والطائر على أرجح أقوال المفسرين المقصود به العمل، ولاحظ الارتباط في عنقه، ولم يقل: في يمينه في يده، هو يأخذ كتابه في يده لكن العمل يلزمه في عنقه؛ لأن العُنق لا يمكن أن يُنفصل إلا بانفصال الحياة، يُلزم العمل في عنقه: وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا [الإسراء:13]، مفتوح هذه صحيفة الأعمال، اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا [الإسراء:14]، فعندها يرى الأعمال القديمة التي نسيها، والذنوب الصغار، والكبائر، والفواحش، وكل أعمال الجوارح والقلب مرصودة في هذا الكتاب عندها الظالمون والمتجبرون والمجترئون على الله -تبارك وتعالى- تكون حالهم مما لا يُحسدون عليه: وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ، والإشفاق خوف مع علم هو يعرف ماذا عمل، عارف أن هذا الكتاب يحتوي البلايا والمصائب فهو لا يريد أن يراه ولا يقترب منه؛ لأن هذا الكتاب يُمثل رُعبًا هائلاً بالنسبة إليه، كل الإدانات بلحظاتها مُثبتة لا يغيب منها شيء في السر والعلانية، الصغير والكبير، وعندها حين ينظرون في الكتاب: وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا [الكهف:49]، كما قال بعض السلف: "ضجوا إلى الله تعالى من الصغائر قبل الكبائر"[3]، لا يُغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، الصغيرة قد لا نتصور نحن هذه الصغيرة إلى أي حد ولو كانت مثقال ذرة، وفي الحديث: حسبك منها أنها أشارت بيدها يعني قصيرة، فقال: لقد قلتي كلمة لو مُزجت بماء البحر لمزجته[4]، يعني: تغير لون البحر أو تغير طعمه، هذه الكلمة لو كان لها رائحة، أو لها لون وخُلطت بماء البحر لغيرته، هذه كلمة يعني أشارت ما تكلمت "حسبك منها أنها يعني قصيرة"، قالتها وهي حق لقد قلتي كلمة لو مُزجت بماء البحر لمزجته، فكيف بهذا السجال الطويل في السخرية والاستهزاء في المجالس والاستراحات وعبر وسائل التواصل!، يُسخر من هذا وذاك وإذا فُرغ من هذا اشتغل بالآخر الذي بعده وهكذا!، وموسى لما قال لبني إسرائيل: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِين [البقرة:67]، يقول الشيخ عبد الرحمن ابن سعدي -رحمه الله-: "فدل ذلك على أن الذي يسخر من الناس أنه من الجاهلين"[5]، الذي يستهزأ بهم ويسخر منهم، فانظر وقارن بما ترى!.
وينبغي أن يكون ذلك داعيًا إلى الإنسان إلى التبصر بحاله وزاجرًا عن مواقعة هذه الأمور التي قد يتساهل فيها ويظن أنها لا شيء فهنا تقع الحسرات الحقيقية.
ثم إن في قوله -تبارك وتعالى-: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ، فــ"الذين" هذه صيغة عموم، الَّذِينَ كَفَرُواْ، كل الكفار على مختلف المِلل والطوائف من أهل الكتاب، ومن الوثنيين، ومن المجوس، من سائر صنوف الكفار، من المرتدين: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ، تصور لو أن أحدًا يملك قطعة من الذهب بحجم الكرة الأرضية! مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ، حجم الكرة الأرضية قطعة ذهب في حجم الكرة الأرضية، فلو اجتمع أهل الأرض من الأولين والآخرين منذ خلق الله آدم إلى أن يرث الأرض ومن عليها يمكن أن يأتون بشيء قريب من هذا؟
أبدًا لا يمكن، فتصور واحد يريد أن يفتدي بملء الأرض ذهبًا، ذكر الذهب؛ لأنه أغلى شيء هو الأغلى ما بعد الذهب وما قال فضة دراهم، لا، لا، ذهب، والكل يعرف كلمة الذهب وماذا تعني، ذهبًا، ولم يقل: مالاً؛ لأن هذا المال قد يكون من بضائع من ثياب وطعام وغير ذلك، لا، ذهبًا الذهب لا يُصيبه الكساد، الذهب هو العُملة النافقة دائمًا في كل الظروف والأحوال، إذا كسدت التجارات والعقار وغير ذلك بقي الذهب هو النافق.
وإذا سقطت العملات بقي الذهب هو النافق الذي يبحث عنه الناس فهو العملة الصعبة حقيقة إذا كسدت تجارات الناس وسقطت وانهارت عملتهم، وهذا على مر الدهور، أما العملات فسنة الله في الخلق ما ارتفع شيء من هذه الدنيا إلا وضعه، فعبر التاريخ العملات تذهب ويأتي غيرها وهكذا.
فهذا الذهب هو القاسم المشترك بين جميع الأمم من الأوليين والآخرين، إنه العملة النافقة التي يطلبها ويبحث عنها الجميع، تصور قطعة كُبر بحجم الكرة الأرضية فقط يريد أن يفتدي، لا يفتدي عن أسرته وقرابته بهذا المقدار الكبير لو كان يملكه إنما يفتدي لنفسه فقط، لو كان يملك هذا، فهو لا يملك هو ولا يستطيع أن يملئ هذه الخزانة خزانة المصاحف ما يستطيع أن يملأها ذهبًا فهذا يفتدي به عن ماذا!؟
إذا كان هذا الكثير جدًا ملء الأرض هذا مما لا يستطيعه الخلق جميعًا فكيف بالواحد منهم، فعندها يعلم الإنسان قدر ما فرط وضيع في هذه الحياة الدنيا، وأنه فاته أعظم مطلوب وهو السبب الوحيد للنجاة الإيمان والتوحيد وبهذا نعلم أيضًا حجم المسؤولية المناطة بأهل الإيمان والإسلام، والاعتقاد الصحيح من هذه الأمة أمة محمد ﷺ وما عليهم من البلاغ وتبليغ هذا النور؛ لتخليص العالمين من هذه النتيجة والخسران المُحقق، هؤلاء يخلصونهم من النار كما جاء في حديث أبي هريرة : تقودونهم بالسلاسل[6]، وكما قال النبي ﷺ مُشبهًا للناس بالفراش الذي يتهافت على النار والنبي ﷺ آخذ بحُجزهم[7]، يذُب عنهم -عليه الصلاة والسلام- يُخلصهم يُنجيهم بالإيمان والتوحيد، يُزكيهم بطاعة الله والخلاص من الشرك والمعاصي، ونحو ذلك.
وبهذا نعرف قدر هذا الإيمان الذي حبانا الله به قدر هذه الهداية، قدر هذه المِنة، قدر هذه النعمة ونشكره عليها ونتمسك بها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن نُقدم ذلك للعالمين ونرفع رؤوسنا عاليًا لا نُطأطأها، وإن أرجف بنا الأعداء، الأعداء يعرفون قدر هذا الدين، وأنه حق موافق للفطرة، وأنه يكتسح مع شدة المحاربة والتضييق على دعوته ومع ذلك هو الأكثر انتشارًا في العالم، فكيف لو كان أهله يقومون به على الوجه المطلوب! وكانوا على حال من الأخلاق والامتثال والاستقامة فهؤلاء بمجرد ما يراهم الناس سيدخلون في دين الله أفواجًا، سيرون كما رأى أهل الشام حينما جاء أصحاب النبي ﷺ كان النصارى يقولون: والله إن هؤلاء خير من الحواريين، يعنون أصحاب النبي ﷺ لما دخلوا فاتحين، رأوا فيهم العدل، ورأوا فيهم الكمالات والأخلاق العالية، والنزاهة، والانضباط، والصدق، هؤلاء النصارى يقولون: والله هؤلاء خير من الحواريين، الحواريون عند النصارى هم أعلى طبقة خُلاصة أصحاب المسيح ، ولما رأوا أصحاب النبي ﷺ يقولون: والله هؤلاء خير من الحواريين.
ولا شك أنهم يرون أنهم خير من أصحابهم النصارى الذين كانوا يحكمونهم في بلاد الشام هرقل، فلماذا قالوا ذلك، وما الذي رأوه منهم؟!
فلو رأى الناس، لو رأى العالم الآن لاسيما مع تواصل الأمم وهذا الانفتاح الذي نُشاهده توفر الوسائل المختلفة للبلاغ لو كانوا يرون إسلامًا يمتثله أهله على الوجه الصحيح لدخل هؤلاء في دين الله أفواجا، لكن للأسف يرون منا ومن أبناءنا التفريط والتضييع ويرون سلوكًا يُخالف تمامًا ما يقرؤون عنه، أو يسمعون.
يسمعون عن الصدق فيرون خلاف ذلك، يسمعون عن الأمانة ويرون خلاف ذلك، يسمعون عن العدل ويرون خلاف ذلك.
ثم بعد ذلك ما قد يرون من جرأة على المعاصي والفواحش والموبقات، فقد يرون في بعض شبابنا من هو أجرء منهم على القبائح، وكذلك في الصورة الأخرى إذا كان ذلك على سبيل التدين يرون الذبح، ويرون الأفعال الشنيعة، ويرون أقبح التصرفات التي تُنسب إلى الإسلام والجهاد في سبيل الله -تبارك وتعالى-، يرون الرؤوس تُقطّع، ويرون ما لا يُقادر قدره من الممارسات التي تُنسب إلى دين الله .
فهذه تكفي وحدها للصد عن سبيل الله ولا نعلم في هذا الزمان في هذا العصر صدًّا عن سبيل الله وعن الجهاد أعظم من مثل هذه التصرفات تُنسب إلى دين الله -تبارك وتعالى-، تصرف واحد من هذا يكفي عن خطاب ألف قسيس يشوه فيه الإسلام، تصرف واحد من معتوه أو من مدسوس، وما عدنا والله نُفرق بين المعتوه والمُندس لا ندري، تصرفات إما أن الذي فعلها قد اضمحل عقله وهذا مبلغه من الفهم والعقل لهذه الضحالة، وإما أنه عدو أرقط قد تلبس بلبوس يُدلس فيه، ويُظهر ما لا يُبطن والله -تبارك وتعالى- حسبنا ونعم الوكيل.
فأقول: هؤلاء العالم بحاجة إلى الهداية، بحاجة إلى من يُخلصهم من النار؛ لأنه بمجرد خروج هذه الروح ينتهي كل شيء، لا ينفعه ملء الأرض، معناه خلاصة محققة أنه يحترق في النار أبد الآباد لا يخرج منها، فهؤلاء يريدون من يُدركهم من يتحرك لتخليصهم لإنجائهم، يريدون قلوب تتحرك من هذا المُنطلق، أما غير ذلك من التصرفات التي تصد عن سبيل الله -تبارك وتعالى-، فالله المستعان.
ونسأل الله أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، ويجعلنا وإياكم هداة مهتدين، اللهم ارحم موتانا، واشف مرضانا، وعاف مبتلانا، واجعل آخرتنا خيرًا من دنيانا، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه.
- أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار، برقم (6557)، ومسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب طلب الكافر الفداء بملء الأرض ذهبا، برقم (2805).
- أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب كيف الحشر، برقم (6527)، ومسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة، برقم (2859).
- تفسير القرطبي (10/419).
- أخرجه أبو داود، كتاب الأدب، باب في الغيبة، برقم (4875)، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم (5140).
- تفسير السعدي (ص: 55).
- أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب الأسارى في السلاسل، برقم (3010).
- أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب الانتهاء عن المعاصي، برقم (6483)، ومسلم، كتاب الفضائل، باب شفقته -صلى الله عليه وسلم- على أمته ومبالغته في تحذيرهم مما يضرهم، برقم (2284).