الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فلا يزل الحديث متصلاً بالكلام على قوله -تبارك وتعالى- ممتنًّا على عباده المؤمنين ببعث رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم-: لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِين [آل عمران:164]، ابتدأنا الحديث بالكلام على قوله -تبارك وتعالى-: لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ، وأن هذه المِنّة العظيمة ينبغي أن تُعرف وتُذكر وتُشكر، وأن يُتمسك بها، وألا يظهر منا سلوك أو عمل أو حال يدل على تنكبها والإعراض عنها.
لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ، هذا الامتنان يدل على المؤمنين على وجه الخصوص باعتبار أنهم الذين انتفعوا ببعثته ﷺ، وإلا فلا شك أن بعثه أنه رحمة للعالمين، لكن لما كان المنتفعون هم أهل الإيمان كان ذلك مِنة عليهم على سبيل الخصوص، وإذا كان كذلك فإن هذا يقتضي أن يسأل العبد ربه ويلجأ إليه بأن يُثبته على الإيمان، فالله -تبارك وتعالى- له المنّ والفضل، هو الذي يملك ذلك جميعًا، هو الذي بعث الرسول -عليه الصلاة والسلام- وهو الذي هدانا ووفقنا وأولانا وجعلنا من أتباعه، واختارنا من بين الخلق من الإنس والجن لنكون من أهل الإيمان، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الصادقين المقبولين الذين يثبتون على إيمانهم ويستقيمون على صراط الله المستقيم.
فهذا يقتضي اللجأ إلى الله بطلب التثبيت، مع ما مضى من الشُكر والحمد لله على هذه النعمة التي أعطانا وأولانا.
كذلك فإن قوله -تبارك وتعالى-: لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ، على القول المشهور بأن ذلك متوجه إلى العرب على وجه الخصوص، وذلك أنه بُعث فيهم -عليه الصلاة والسلام-، وكان في ذلك الحين الذي نزلت فيه هذه الآيات لا زالت دعوته في أوساطهم، وإن تبعه من غيرهم أفراد إلا أن دعوته -عليه الصلاة والسلام- لم تبلغ بعد الأُمم الأخرى، ومخاطبته ﷺ للملوك من الفُرس والروم وملك القِبط في مصر وغير هؤلاء كان ذلك بعد هذه الوقعة، وقعة أُحد، وبعد نزول هذه الآيات بوقت بسنين، فحينها كانت دعوة النبي ﷺ في أوساط العرب مع أن دعوته ﷺ عامة كما هو معلوم، كما دل عليه القرآن والسنة: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين [الأنبياء:107]، لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا [الشورى:7]، ومن حولها العالم.
ويقول النبي ﷺ: وكان النبي يُبعث إلى قومه خاصة، وبُعثت للناس عامة[1].
وقال: ما من يهوديّ ولا نصرانيّ يسمع بي من هذه الأمة ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار[2].
وكذلك جاء عنه ﷺ كما سبق أنه ثبت أنه كتب لقيصر وكسرى والمقوقس[3] وأشباه هؤلاء فدل على أنه بُعث إليهم جميعًا.
فالمقصود أن المِنّة تتوجه إلى العرب على سبيل الخصوص باعتبار أنه بلسانهم، ومن أنفسهم حيث يعرفون لغته وعرفوا نشأته وسيرته وأمانته وما إلى ذلك، فهو مُشاكل لهم يأخذون عنه ويفهمون، ويكون ذلك شرف لهم أيضًا فهو تشريف عظيم حيث صارت النبوة فيهم، وكان الكتاب ينزل على بني إسرائيل والأنبياء فيهم، ثم بعد ذلك قال الله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا [فاطر:32]، وهم هذه الأمة، وقال: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ [الزخرف:44]، فُسر الذكر بمعنيين:
أحد المعنيين وهو الشاهد هنا وهو معنى مشهور: لَذِكْرٌ لَّكَ، أي: لشرف لك ولقومك، شرف ليس بعده شرف، ولهذا امتن عليهم بقوله: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ [الجمعة:2]، الامتنان على الأميين على وجه الخصوص وهم العرب فكانوا يوصفون بذلك، وقد قال النبي ﷺ: نحن أمة أُمية[4]، فامتن على الأميين ببعث النبي ﷺ: يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ [الجمعة:2]، فهذا امتنان من الله -تبارك وتعالى- على هؤلاء على سبيل الخصوص وإذا كان كذلك فإن المِنّة إذا كانت عليهم أعظم فإن التبعة تكون عليهم أكبر؛ فينبغي أن ينهضوا بأعباء هذه الرسالة وأن يُبلغوها للعالمين وقد اصطفاهم الله واختارهم على علم منه -جل جلاله وتقدست أسماؤه-، فهم لخصائص علمها الله فيهم اختارهم؛ لأن يكون صحبًا لنبيه ﷺ وأن يكونوا حملة رسالته، وهذا كما هو معلوم وكما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- من أن جنس العرب أفضل الأجناس وأشرف الأجناس، هذا من حيث الجنس، وفيهم من المواهب والخصائص ما ليس في غيرهم من الأُمم هذا من حيث الجنس، وأن فيهم أيضًا من القُدر والإمكانات العقلية ما ليس في غيرهم، يعني عندهم من الفهم والعقل والذكاء ما ليس عند غيرهم، وهذا أمر معلوم، وذكر شيخ الإسلام -رحمه الله- أن اللُغة تؤثر في العقل والفهم[5]، ولغتهم أوسع اللُغات وأفضل اللُغات وأشرف اللغات على سبيل الإطلاق.
وذكر هذا نحو هذا المعنى الشاطبي -رحمه الله- في كتابه "الموافقات"[6] فهذا أمر معلوم، لكن إذا كان ذلك باعتبار الإيمان فكما قال النبي ﷺ: لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى[7]، قال: طفَّ الصاع بهذا الاعتبار المؤمن الأعجمي أفضل من الكافر الهاشمي، ولهذا نقرأ: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَب [المسد:1]، وهو عم النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، ولكن نترضى على سلمان ، وعلى بلال ، وعلى صهيب ، وعن أصحاب رسول الله أجمعين.
فهؤلاء لا شك أنهم خير من ملأ الأرض من أولئك الكفار الذين هم من صُلب قُريش، فالتفاضل إنما يكون بالإيمان، ولكن حينما يستوي الناس في الإيمان فيكون للعرب مزية ليست لغيرهم، ولا شك أنهم رأس في كل شيء في العلم والإمامة والجهاد وفي القُدر والإمكانات البدنية والعقلية، لكن للأسف في هذه الأزمان الأخيرة لم يعرفوا قدرهم، والأعداء يعرفون ما ذكرته حق المعرفة، ولكنهم شتتوهم وفرقوهم، وأورثوهم الإحباط، والنظر إلى أنفسهم بنظرة دونية، فصاروا يعتقدون أنهم لا يصلحون لشيء، ولا يُقيمون، وينهضون بحضارة مع أن أولئك الذين بُعث فيهم النبي ﷺ كان يُسمون ذُباب الصحراء، وفي سُنيات قليلة قادوا العالم، والمفكرون من الغربيين والشرقيين يذكرون هذا ويُصرحون به، وأن هذه أمور مُذهلة، وأن غاية ما يتخوفون أن يأتي في الأمة من يقودها من جديد، وينهض بها، ثم بعد ذلك تكون حضارتهم كما يقولون: مُهددة وقارتهم مُهددة بهذه الأمة التي تملك حضارة ومقومات والموقع الاستراتيجي في العالم قلب العالم والثروات لها رصيد ولغة توحدها اللغة العربية، وكذلك أيضًا الدين الذي يوحدها فلا يقف في وجهها أحد من هؤلاء أهل الإشراك والكفر والضلال والتثليث والصليب وعبادة غير الله ، لكن أمة مُشتتة مُضيعة، فيحتاج أهل الإيمان إلى مراجعة أنفسهم ونبذ التفرق والاختلاف والتوبة إلى الله والرجوع إليه، والإنابة، ومحاسبة النفس، فأسأل الله أن يُعز دينه وينصر أولياءه، وأن يُعلي راية الإسلام والمسلمين.
وقوله -تبارك وتعالى-: يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ، هذه القراءة وهي أولاً، فهم بحاجة إلى الوحي فيُقرأ عليهم يُتلى عليهم، يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ، وَيُزَكِّيهِمْ هذا ثانية: التزكية، فإنهم إذا بلغتهم الآيات والوحي بعد ذلك هنا تأتي التربية الإيمانية، والتزكية تشمل أمرين:
الأول: ما يتعلق بالتخلية والتهذيب والتطهير والتنقية من كل دنس من الأخلاق الرذيلة والشرك والمعاصي وأنواع المخالفات.
والثاني: وهو الجانب البنائي وهو عمارة النفوس والقلوب والأرواح والجوارح والألُسن بطاعة الله وبذكره وبألوان العبوديات فيكون العبد بذلك مُحققًا للإيمان والتقوى: وَيُزَكِّيهِمْ هذه هي التزكية التي قال الله فيها بعد أحد عشر قسمًا: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا [الشمس:1]، إلى أن قال: قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا [الشمس:9]، فجاء بـ"قد" وأدخلها على الماضي تُفيد التحقيق: قَدْ أَفْلَحَ نال المطلوب، ونجى من المرهوب، قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا زكى هذه النفس، قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى [الأعلى:14]، فهذه التزكية بالإيمان وبالتقوى وبطاعة الله وطاعة رسوله ﷺ، فهذه هي المُهمة الثانية للرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-.
الثالثة: وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ، التعليم، الفقه في الدين، أن يكون هؤلاء على بصيرة فيما يأتون ويذرون فيعبدون الله على علم وبصيرة، فهذه ثلاث وظائف عِظام كبار يحصل معها الترقي إلى الكمال:
الأولى: تلاوة الآيات.
والثانية: التزكية.
والثالثة: التعليم والفقه في الدين.
فمن رام الإصلاح والنهوض بالمجتمعات وتربية الأجيال فهو بحاجة إلى هذه الأمور الثلاثة، المُربي لا بد له من الأمور الثلاثة هذه: "يتلو عليهم الآيات" وهذا يكون بالتلقين وبالإقراء، وما شابه ذلك، تعليم القرآن من جهة الألفاظ، وإقامتها، والقراءة على وجه صحيح وحفظ الآيات والسور، هذا ما يدور في مُجمله الحِلق القرآنية ونحو ذلك، لكن لا بد من الأمر الآخر، وهو التزكية فالحفظ وحده والقراءة وإقامة الحروف لا يكفي وإنما لا بد من تزكية النفوس بالإيمان والعمل بهذه الآيات التي تُليت وحُفظت، هذا لابد منه.
والأمر الثالث: وهو الفقه في الدين يتفقهون ويتعلمون وبهذا يحصل الكمال.
إذن الإقراء وحده يكون قاصرًا إذا كان من غير تزكية ومن غير فقه، والتزكية وحدها بعيدًا عن التلاوة والقرآن والارتباط بالقرآن هي مبتورة وقاصرة، وكذلك إذا كانت بعيدة عن العلم لا بد من فقه ليس ذلك يقتضي أن يتحول المُتربون إلى طلبة علم، فهذا أمر لا يتفق مع طبيعة الحياة وما أعطى الله الناس من المواهب والقُدر والإمكانات ففاوت بينهم؛ لتقوم مصالح الخلق، لكن القدر الذي يحتاج إليه من أجل أن يعبد الله على بصيرة لا يكون هاجرًا للعلم ومجالس العلم، ولا يرفع بذلك رأسًا، فكيف يعبد ربه؟! وكيف تكون معاملاته التي يحتاج إليها؟!، فيقع في المخالفات وهو لا يشعر ويعبد الله على جهل فيقع في أمور يُريد الثواب بها والواقع أنه لا يُصيبه ولا يُدركه، والله لا يُعبد إلا بما شرع، فهذه أمور ثلاثة، ولذلك نقول: التربية الكاملة الصحيحة هي التي تجمع بين هذه الثلاث، وأكمل ما تكون التربية وأنفع وأجدى وأبرك إذا كانت تنطلق من القرآن، إذا كانت الحِلق القرآنية محاضن تربوية يكون الذي يُعلم قدوة يُربيهم على الإيمان، ويرون في سلوكه وسمته وهديه ما يجذبهم إلى العمل والامتثال.
وكذلك أيضًا يحتاج هؤلاء إلى ارتباط بأهل العلم فيتلقون عنهم، وينتفعون، فبذلك يحصل الكمال المطلوب، هذا أنفع وأجدى ما يكون، وإلا كان الحال على نقص كما نُشاهد.
ثم أيضًا فإن قوله -تبارك وتعالى-: يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ فهذه الأمور الثلاثة: تلاوة الآيات، والتزكية، والعلم، فدل ذلك على أن من ينهض بهذه الأمور فإنه ينهض بوظائف الأنبياء.
ومن نهض ببعضها كان عاملاً متوظفًا ببعض وظيفة الرُسل -عليهم الصلاة والسلام-، الذي يشتغل بتعليم القرآن من جهة ألفاظه وما يتصل بحفظه فهذه من وظائفهم كما ذكر الله في هذه الآية.
ومن يقوم بالتزكية والتربية الإيمانية فهو قائم بوظائفهم، وكذلك أيضًا من يُعلمهم الكتاب والحكمة، يعني: يُفقههم في الدين بمعاني القرآن والسنة، عرفنا أن الحكمة هي السنة.
فهذا يدخل فيه دروس التفسير، ودروس الفقه، ودروس العقيدة، ودروس الحديث، وفقه الحديث، وما أشبه ذلك، هذه علوم وغاية وهي أشرف العلوم على الإطلاق، ومن توظف بهذه الوظائف واشتغل بهذه المعارف فقد وفق وهُدي إلى أشرف الأحوال وأكمل الأعمال، فإذا كان مع ذلك النية الصالحة كان ذلك بالغ التأثير، فإذا وجد معه العمل والتطبيق والامتثال فذلك التمام، أسأل الله أن يُتم علينا وعليكم نعمته، وأن يهدينا وإياكم إلى مرضاته.
وكذلك أيضًا فإن قوله -تبارك وتعالى-: يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِين، لاحظ: لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ، ولم يقل: رسولاً منهم، أخذ منه بعض أهل العلم أن العلاقة بين الرسول -عليه الصلاة والسلام- وبين الأمة، بين المؤمنين وبين النبي ﷺ ليست مجرد علاقة فرد بجنس، وإنما هي علاقة أعظم من ذلك فهي صِلة النفس بالنفس: رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ.
وكذلك فإن قوله -تبارك وتعالى-: وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِين، كانوا من قبل في ضلال بيّن واضح حيث كانوا يعبدون الأصنام، وكما ذكر بعضهم يصف حالهم حينما كانوا في جاهليتهم: إذا نزلوا موضعًا نظروا أربعة أحجار فيضعون ثلاثة أثافي للقدر ويتخيرون أحسنها فيُقيمونه ربًا يعبدونه في منزلهم ذاك، حجر، وإن لم يجدوا حجرًا حلبوا من الشاة، أو من الناقة، ثم بعد ذلك خلطوه بالطين ورسموا منه معبودًا يصلون إليه، ولربما جاء الواحد منهم بصنم من التمر يعبده في سفره فإذا جاع أكله، فكانوا بهذه المثابة من الجهل والجهالة والعماية، ويتقاتلون وتستمر هذه الحروب لأتفه الأسباب عشرات السنين، تستمر أربعين سنة على مجرد سباق لُطمت فيه الدابة حتى تأخرت فتقوم الحرب هذه المدة عشرات السنين داحس والغبراء، والحروب الأخرى التي كانت بين الأنصار والخزرج كل ذلك على أمور تافهة، فبعث الله رسوله ﷺ فكان ذلك تكميلاً لهم وتصليحًا لأحوالهم، ورفعة لهم وانتشالاً لهم من هذه الوهدة إلى أن صاروا قمة ورؤوسًا في الناس.
أسأل الله -تبارك وتعالى- أن ينفعنا وإياكم بالقرآن العظيم، وأن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين، اللهم ارحم موتانا، واشفِ مرضانا، وعافِ مبتلانا، واجعل آخرتنا خيرًا من دنيانا، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.
- أخرجه البخاري، في أوائل كتاب التيمم، برقم (335)، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، برقم (521).
- أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى جميع الناس، ونسخ الملل بملته، برقم (153).
- أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (6/402)، برقم (2570)، وابن أبي شيبة في المصنف (7/347)، برقم (36628).
- أخرجه البخاري، كتاب الصوم، باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لا نكتب ولا نحسب))، برقم (1913)، ومسلم، كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، والفطر لرؤية الهلال، وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثلاثين يوما، برقم (1080).
- مجموع الفتاوى (2/369).
- انظر: الموافقات (2/136-137).
- أخرجه أحمد في المسند، برقم (23489)، وذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (6/449)، برقم (2700).