بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
يقول الله -تبارك وتعالى- في جملة ما خاطب به بني إسرائيل في هذه السورة الكريمة: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ [سورة البقرة:93].
يخاطبهم يقول: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ واذكروا حين أخذنا عهدكم المؤكد؛ فإن الميثاق هو العهد المؤكد، أخذ عليهم العهد بقبول ما جاءهم به نبيهم أعني موسى فنقضوا هذا العهد.
والله -تبارك وتعالى- حينما أخذ عليهم ذلك رفع فوقهم جبل الطول، وقال لهم: خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ يعني: بجد، وعزم من غير توانٍ، ولا تراخٍ ولا تخير، واسمعوا سماع قبول وانقياد، وأطيعوا وإلا وقع عليكم هذا الجبل، فقالوا: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا سمعنا قولك، وعصينا أمرك؛ وذلك أن عبادة العجل قد امتزجت في نفوسهم وخالطتها إلى حد الإشراب، بسبب تماديهم بالكفر بالله -تبارك وتعالى.
فقل لهم: بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ قبح ما يأمركم به إيمانكم من الكفر والعتو على الله، والتمرد عليه إن كنتم مصدقين مؤمنين منقادين بما أنزل الله عليكم.
يؤخذ من هذه الآية الكريمة قوله -تبارك وتعالى: وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ لاحظ هنا وقبله وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ [سورة البقرة:63] وهنا: وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا فكرر ذكر الطور في أخذ الميثاق عليهم؛ وذلك أنه تعلق بهم في هذا الموضع الثاني من هذه السورة الكريمة زيادة، وهي هذا الجواب القبيح منهم: قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا يعني: مع رفع الطور، جبل ضخم كبير فوق رؤوسهم، ومع ذلك كان هذا الجواب، هذا بالإضافة إلى التوكيد، فأعاده ثانية؛ فإن هذه الإعادة تفيد، وفيه إقامة الحجة على هؤلاء، وتذكيرهم بنعم الله ونقمه؛ لينزجر الأخلاف بما جرى ووقع للأسلاف.
ويؤخذ من هذه الآية أيضًا: وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ الطور هو الجبل، وقيل: الجبل الذي فيه شجر، و(ال) هذه يمكن أن تكون عهدية، وهو جبل الطور المعروف المسمى بهذا الاسم.
خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا سماع قبول، ولكن للأسف من الناس من يكفيه أدنى تذكير، وأدنى تنبيه، ومن الناس من يحتاج إلى شيء من الزجر أو الوعظ، أو التخويف، ومن الناس من لا يفلح معه رفع الجبل فوق رأسه خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ليس بعد هذا شيء، جبل هائل فوق رؤوسهم ومع ذلك يعلنون تمردهم على الله -تبارك وتعالى.
أيضًا يؤخذ من قوله -تبارك وتعالى: خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ لزوم الأخذ، أخذ الشرع، والكتاب المنزل والوحي بقوة، يعني بجد، وهذا بخلاف حال من يتخير وينتقي ما يوافق هواه، أو يتباطأ في الاستجابة، ويؤخر الامتثال خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ بعزم وجد وإقبال، أخذًا للدين بشموله وكماله كما أنزله الله -تبارك وتعالى- هؤلاء اليهود وقع منهم التخير، فالله -تبارك وتعالى- قال: أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ [سورة البقرة:85] ووقع منهم التباطؤ، والتأخر، والتراجع، انظروا حينما أمروا بذبح البقرة ماذا فعلوا، وكذلك حينما قال: ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ [سورة البقرة:58] ماذا حصل من هؤلاء؟ وحينما كان ينزل عليهم المن والسلوى، ماذا كان شكرهم ومردودهم؟
وفي مدينة الجبارين لما أمروا بدخولها كان منهم الامتناع والعصيان إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ [سورة المائدة:22- 24].
تصور لو أن قائدًا ليس بنبي يأمر من تحت يده من الجنود بالتقدم، فيقولون: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ عصيان ماذا عسى أن يفعل؟ وهذا موسى نبي، وقوي، وفي غاية الحزم، وكليم الرحمن، ومع ذلك فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ فكان الجزاء: قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ [سورة المائدة:26] على الوقف في هذا الموضع قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ على الوصل.
فأخذ الكتاب بقوة يعني المبادرة، يعني أخذ الكتاب بشموله، يعني: الجد في التنفيذ والتطبيق، وهذا لا يختص ببني إسرائيل، والله -تبارك وتعالى- قال: وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ [سورة ص:45] فسر هنا قوله: أُوْلِي الأَيْدِي بأن الأيدي هنا بمعنى القوة، القوة في العمل بطاعة الله والامتثال والاستجابة لشرعه، والنهوض بأعباء الدعوة والجهاد لأعداء الملة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وما إلى ذلك، هذا كله داخل فيه أُوْلِي الأَيْدِي القوة في العبادة، والطاعة والتقرب إلى الله وَالأَبْصَارِ قوة لكن على بصيرة، وليست على عمى، فالجلد في الجهاد، أو في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو في الدعوة إلى الله، أو في العبادة المحضة إذا كان على غير بصيرة؛ فإنه يورث عللاً مستديمة، ويوقع صاحبه في عواقب غير محمودة، فهؤلاء جمعوا بين القوة العملية، والقوة العلمية، وهذا هو الكمال الحقيقي، وقد مضى الكلام على هذا في مجلس مستقل.
فالشاهد أن الأخذ بالقوة هذا هو المطلوب من بني إسرائيل، ومن غير بني إسرائيل، وذلك في شرع الله -تبارك وتعالى- مطلقًا، فالمفتي لا يجوز له أن يتجارى مع أهواء الناس، ويرخص لهم بحسب ما يهوون ويرغبون؛ بحجة التيسير، إنما ينضبط في الفتيا، ولا يصح أن يكون موافقًا ومتابعًا لما يرغبه الناس، ويهوونه أعني الجمهور، فيكون تبعًا لهم.
وكذلك أيضًا المستفتي لا يجوز له أن يسأل، ويتخير في السؤال، فيوجه سؤاله إلى من يعلم أنه يجيب بحسب هواه؛ فإن ذمته لا تبرأ بهذا، والحق عند الله واحد، وإنما يجب عليه أن يسأل من يثق بعلمه ودينه، فيسأل غير متتبع لرخص الفقهاء، ولا متجارٍ مع الأهواء، وإذا وجد فتوى عالم وفتوى آخر اختلفت فليس له أن يتخير، أو وجد الخلاف، ليس له أن يحتج بالخلاف فيأخذ ما شاء، فإن الخلاف لا يسوِّغ التخيُّر بحال من الأحوال، عليه أن يتحرى، وينظر من هو الأرجح في نظره من هؤلاء العلماء من جهة العلم، ومن جهة الورع والدين فيأخذ بقوله، فإذا استويا، فكما قال الشاطبي: يؤخذ المخالف لهواه[1] عكس ما يقوله الناس اليوم، أو كثير منهم، يحتجون بالخلاف فيأخذون ما تهوى الأنفس، فيكون الإنسان بذلك غير متبعٍ لشرع الله، وإنما يكون متبعًا لهواه، فلا تبرأ ذمته بذلك.
خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ [سورة البقرة:93] التباطؤ والتأخير، وقد أظلنا موسم الحج من لم يحج وهو قادر على الحج فلا يجوز له التأخير، يقول: بعد سنة، وبعد سنة، وبعد سنة، وبعد سنة، ويمضي العمر ولا يدري الإنسان ما يعرض له، والصحيح أن الحج واجب على الفور، إذا كان الإنسان قادرًا مستطيعًا، فيجب عليه أن يحج فورًا، يحج بأولاده وبناته، ولا ينتظر ويتأخر، هذا داخل في قوله: خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ [سورة البقرة:93] المبادرة إلى الامتثال.
إذا أذن المؤذن دع ما في يدك، إذا كنت تسير في مركبتك وسمعت الأذان لا تقل: المسجد أمام، المسجد الذي بعده، المسجد الذي بعده حتى تسمع: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، فيُسقط بيدك وتخسر، لا خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ [سورة البقرة:93] الحزم تتوقف وتصلي بمجرد ما تسمع الأذان.
وهكذا في كل شأن من شؤوننا، فإذا جاء أمر الله -تبارك وتعالى- لا يقدم عليه شيء، التراخي وتمييع حقائق الدين، وما إلى ذلك مما يفعله البعض هذا كله خلاف هذه الآية، وهذا الأمر الوارد فيها، عرض الدين بطريقة تتفق مع المضيعين والمفرطين وأصحاب الشهوات، أو أصحاب البدع من أجل إرضائهم، فإن هذا خلاف خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ [سورة البقرة:93] يعني: لا تأخذه بضعف.
وفي الدعوة إلى الله -تبارك وتعالى- أن يعمل الإنسان بجد واجتهاد.
وأيضًا يؤخذ من هذه الآية خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا في كتبهم، في توراتهم تجد مثل هذه العبارات، الأمر بالسماع متكررًا في خطاب موسى لهم، اسمعوا يا بني إسرائيل.
وعلى كل حال المقصود بالسماع هنا سماع القبول والانقياد، وإلا فالصوت يطرق الأسماع، إنما اسمعوا سماع استجابة وسماع قبول، ولهذا نقول: اللهم اجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.
وفي قوله -تبارك وتعالى: وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ [سورة البقرة:93] هنا جاء التعبير بالفعل الذي لم يسمَّ فاعله، يعني المبني للمجهول وَأُشْرِبُوا ما قال: أشربهم الله مثلاً، أو نحو ذلك، فيه إشارة إلى أن حبهم للعجل بلغ مبلغ الأمر الذي لا اختيار لهم فيه، كأن غيرهم أشربهم إياه وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ يعني: وصلت محبة العجل في قلوبهم تغلغلت كأن غيرهم قد غرسها وغرزها في نفوسهم، وعبأ هذه النفوس بها وَأُشْرِبُوا تقول: فلان أشرب حب كذا.
ثم أيضًا فيه إيجاز بالحذف كما يقول البلاغيون، يعني التقدير: وأشربوا في قلوبهم حب العجل، وهنا حذف الحب أو حب عبادة العجل، فأسند الإشراب إلى ذات العجل مبالغة في حبهم له أو لعبادتهم، كأن العجل بكامله كأن قلوبهم قد التهمته من شدة تعلقها به، أشربوا حب عبادة العجل.
ثم هذا فيه تشبيه، يعني: صورت هذه القلوب لتمكن حب العجل منها كأنها تشرب، وكأن الأفعال السيئة القبيحة التي صدرت عنهم بعد ذلك هي نتيجة لهذا الإشراب، كما أن الماء يكون مادة للحياة، فإذا شربه الحيوان أو النبات؛ فإنه ينمو ويحيا، فهو مادة حياة ما تنبته الأرض، وهكذا حب العجل صار مادة لما أنبتته قلوبهم وأفرز ذلك في أعمالهم وسلوكهم وتصرفاتهم، فجاءت معوجَّة، جاء منهم التمرد والعصيان، ونكث العهود، وقتل الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - شربت هذه القلوب العجل فأنبت كل نبت وخيم، والشيء من أصله ومادته لا يستغرب، فهذه القلوب صارت منابت للشر يزكو فيها وينمو.
ولاحظ التعبير هنا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يقول: إذا كان المخلوق الذي لا تجوز به محبته قد يحبه القلب حبًا يجعل ذلك شرابًا للقلب، فحب الرب -تبارك وتعالى- أن يكون شرابًا تُشربه قلوب أهل الإيمان أولى وأحرى[2].
حب عجل يصل إلى هذا المستوى تُشرب القلوب، فحب الله أولى بذلك، أن تُشرب قلوب أهل الإيمان محبة الله والتعلق به، فيكون ذلك على الألسن ذكرًا، وفي الجوارح تعبدًا وعملاً.
ثم أيضًا هذا الإشراب من الذي أشربهم بذلك؟ الخير والشر كله من الله، ولكن من باب الأدب في الألفاظ، فإن الشر لا يسند إلى الله -تبارك وتعالى- فجاء مبنيًا للمجهول وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ.
وفي قوله -تبارك وتعالى: قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ [سورة البقرة:93] هذا يدل على أن الإيمان الصحيح يأمر صاحبه بالخير، والمعروف، والطاعة، والانكفاف عن المعصية إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ [سورة الأعراف:201] بينما الفريق الآخر الذين فقدوا الإيمان وَإِخْوَانُهُمْ [سورة الأعراف:202] يعني: إخوان الشياطين، هنا الضمير يرجع إلى غير مذكور، لكنه مفهوم من السياق وَإِخْوَانُهُمْ ليس إخوان المؤمنين، وإنما يعني: إخوان الشياطين.
يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ [سورة الأعراف:202] يعني: الشياطين تمدهم في الغي ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ [سورة الأعراف:202] ما يحصل منه رجوع وتوبة، ما يرعوي، فتجده ينقضي العمر إلى آخر لحظة، وهو ينازع الموت وتتعجب ما يتوب، إلى آخر لحظة، وهو محتفظ بضلاله وانحرافه، لا يرعوي، ولا يرجع عنه، ولا يتوب إلى الله مهما بلغ به الحال والشدة، يعلم أنه مفارق، وأنه مُرتحِل، ومع ذلك هؤلاء تمدهم الشياطين في الغي، أما أهل الإيمان إذا وقع منه شيء خاف وتذكر، تذكر الله وعظمته، ونظره إليه، وجزاءه، فرجع مباشرة، واستغفر وتاب.
ثم أيضًا في قوله -تبارك وتعالى: قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ هنا جاءت إضافة الأمر يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ أضافه إلى الإيمان، يقول: هذا من باب التهكم؛ إذ الإيمان الحقيقي لا يأمر إلا بخير، لكن هؤلاء ليس عندهم الإيمان الحقيقي، ما هذا الإيمان الذي يأمرهم بسمعنا وعصينا، والتعلق بعجل، فهذا لا يكون من أهل الإيمان، وليسوا بمؤمنين حقيقة، وإنما هذا الإيمان هو الإيمان الفاسد، والله المستعان.
- الموافقات (2/ 289).
- جامع المسائل لابن تيمية ط عالم الفوائد - المجموعة الأولى (ص: 132).