الخميس 24 / جمادى الآخرة / 1446 - 26 / ديسمبر 2024
[92] قوله تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا..}
تاريخ النشر: ٠٧ / محرّم / ١٤٣٧
التحميل: 1153
مرات الإستماع: 2137

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فيقول الله -تبارك وتعالى- في هذه السورة الكريمة (سورة البقرة): وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ [سورة البقرة:125].

وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ يعني: واذكر حين جعلنا البيت، بيت الله الحرام الكعبة المشرفة مَثَابَةً لِلنَّاسِ مرجعًا يأتونه ويثوبون إليه، يرجعون إلى أهليهم، ثم ما يلبث الواحد منهم أن يتجدد شوقه إلى هذا البيت العتيق فتتوق نفسه لمعاودة زيارته، وهذا من خصائصه فذلك لا يوجد لموضع في الأرض سوى بيت الله الحرام، كلما قضى الناس وطرهم وعادوا إلى أهليهم عادت وتجددت أشواقهم لمعاودة زيارته.

مَثَابَةً لِلنَّاسِ كما قال الله -تبارك وتعالى- عن دعاء إبراهيم : فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ [سورة إبراهيم:37] الأفئدة هي القلوب، قيل لها ذلك لكثرة تفؤدها وتوقدها بالخواطر والإرادات والأفكار فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ.

فاستجاب الله دعاءه فصار بيته الحرام بهذه المثابة مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا يعني: أنهم يأمنون فيه، لا يُغير عليهم عدو، وقد قيل إن مكة من أسمائها -كما هو معلوم- بكة، قيل: لأنها تبُك أعناق الجبابرة، فلم يتسلط عليها أحد من الجبابرة، وكما هو معلوم أن الله -تبارك وتعالى- أهلك أهل الفيل، وذلك في قوله -تبارك وتعالى- مسطور: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ۝ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ۝ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ۝ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ۝ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ [سورة الفيل:1- 5] هكذا كانت نهايتهم.

قال الله -تبارك وتعالى: وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا [سورة آل عمران:97] فمن دخل بيته الحرام فينبغي أن يكون آمنا، فهذا أعظم مكان يأمن الناس فيه على أنفسهم، وعلى دمائهم وأعراضهم وأموالهم، ولذلك قال الله -تبارك وتعالى: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [سورة الحج:25] فعل الإرادة يُعدى بنفسه، تقول: أراد عمرو طعامًا، لكن هنا قال: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ [سورة الحج:25] فعداه بالباء من يُرد بإلحاد، فإذا كان فعل الإرادة لا يُعدى بالباء فهذا يدل على أن فعل الإرادة في بطنه فعل آخر، هذا الذي يُسميه أهل اللغة التضمين، يعني: ضُمن معنى فعل آخر يصح أن يُعدى بالباء، ما الذي يصح أن يُعدى بالباء؟ فعل همّ، همّ بكذا، هممت بكذا، هممت بالسفر، هممت بفعل كذا، فيكون فعل الإرادة هنا مضمن معنى الهم.

وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [سورة الحج:25] الإلحاد الميل عن الحق، يعني: يُريد يهم، مُجرد الهم ببيته الحرام الهم بالإلحاد بالميل بظلم الناس بأذيتهم، بالإساءة إليهم، بالسرقة فيه، أو بتتبع أعراضهم وعوراتهم أو نحو ذلك نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [سورة الحج:25] نُذقه، فعل الإذاقة يدل على أن هذا العذاب يصل يتغلغل كأنه شيء يُذاق، الذي يُذاق بالعادة هو الشيء المحسوس، فهذا عذاب يصل إلى العظم، فيذوقه الإنسان نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [سورة الحج:25] تنكير العذاب يدل على شدته وعِظمه نُذِقْهُ وهذا في الدنيا قبل الآخرة.

فهذا كل من يريد أن يُخيف الناس في بيت الله الحرام، في الحرم كله من أوله إلى آخره، البِقاع الطاهرة، مِنى من الحرم، ومزدلفة من الحرم، وعامة مكة من الحرم، ما اشتملت عليه حدود الحرم التي حددها الشارع، وجعل من ورائها المواقيت كأنها حرم آخر يحوط الحرم، ويكون كالسياج عليه له أحكامه التي تختص به.

وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ [سورة الحج:25] فهذا وعيد لكل من تُحدثه نفسه بفعل ما لا يليق في حرم الله من قتل النفوس، أو ظلم العباد، أو العدوان بأي نوع عليهم، وأعظم هؤلاء أضيافه -تبارك وتعالى- الذين جاءوا استجابة لدعوة إبراهيم بأمر الله : وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ [سورة الحج:27] فالويل كل الويل لمن اعتدى عليهم، أو ظلمهم، أو أخافهم، أو قتلهم، أو هم بذلك مجرد الهم، معلوم أن من هم بسيئة فلم يعملها الإنسان لا يؤاخذ على السيئات بل إذا لم يعملها كُتبت له حسنة، في الحرم شيء آخر مجرد الهم.

إذًا المعصية في مكة ليست كالمعصية في غيرها، كل إلحاد كل ميل عن الجادة والصراط المستقيم ليس كوقوعه في مكان آخر على وجه الأرض.

وكذلك في هذه الآية الكريمة: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا [سورة البقرة:125] يأمنون فيه فلا يصح بحال من الأحوال أن يخوف الناس في الحرم سواء كان ذلك بقصد، أو كان ذلك ببلاهة.

بقصد أن يكون الإنسان يريد الإساءة إلى الحرم وأهل الحرم فيبث الشائعات والمخاوف ليوصل رسالة في النهاية إلى الناس وإلى العالم يقول لهم هذا مكان خوف، هذا مكان غير آمن فتنقبض نفوسهم من التوجه إليه.

وقد يكون ذلك ببلاهة، كيف تكون هذه البلاهة؟ تكون أيها الأحبة! بهذه الآلات التي صارت في يد كل أحد مواقع في الحرم تحت الإنشاء، يتوقع كل شيء، قد لا يشعر الناس بهذا؛ لأن كل أحد مشغول بالطواف وبالسعي والمناسك لا يشعر بشيء، فيأتي من يصور نار تشتعل في ناحية مثلاً من حرم الله في هذا الموضع الذي لا زال تحت الإنشاء هناك أعمال، هناك حدادة، هناك لِحام، هناك أشياء، يتوقع أن يحصل شيء، فيأتي هذا ويصورها لا حول ولا قوة إلا بالله، إنّا لله وإنّا إليه راجعون، اللهم سلم المعتمرين، اللهم سلم المعتمرين، يصور اللهم سلم المعتمرين.

لماذا يُسجل هذا الكلام؟! ما هي المصلحة الشرعية والعقلية والواقعية والبيئية؟ مصلحة واحدة، أعجز وأنا أُقلب هذا من كل وجه، أبحث عن مصلحة واحدة لتصويره، والله ما وجدت، يُصور ويُنشر لماذا؟! الرسالة التي في النهاية قصد أو لم يقصد ستصل للناس ترى هذا موضع خطر، ترى المجيء إلى الحرم يُمثل خطورة.

كثير من الناس يخاف ونحن في الحج مرت سيارة على علبة عصير وتعرفون أحيانًا علب العصير إذا وطأت عليها السيارة كان لها صوت، فرجل من الأعاجم يدف امرأة كبيرة في عربية في فجاج مِنى، فلما سمع الصوت فزع، وتوقف، وترك العربية، وظل يتلفت إلى الخلف، ويبحث، فقلت له: هون عليك هذه علبة عصير، هون عليك، انطلق بعربيتك وبمن فيها لا تتوقف؛ ترك كل شيء ذُهل، علبة عصير.

من أين جاء هذا الرجل هذا الخوف؟ من هذه المشاهد التي تصور، اللقطات هذه التي تُنشر ما نفعها، وما جدواها؟

هذا حرم الله، ينبغي من يأتي إليه أن يشعر بالأمن الكامل، فحينما نُرسل مثل هذه الصور نصورها نبعثها إلى الآخرين كأننا نقول: هذا مكان غير آمن.

ثم إن حرم الله لا يقبل المساومة في هذه القضايا، ولا يقبل مزايدات من أي جهة كانت، الجميع يُحافظ على الأمن، ولا يصح بحال من الأحوال أن يكون أحد من الناس ممن يدعي الإسلام أو ينتسب إليه يكون سببًا لإخافة الناس في حرم الله .

وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [سورة البقرة:125] اتخذوا من مقام، وعلى القراءة الأخرى: (وَاتَّخَذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى)، ومقام إبراهيم يصدق على المكان المعروف الذي فيه موضع القدمين، حجر كان يقف عليه في بناء الكعبة لما ارتفع البناء من مقام إبراهيم، يعني يُصلى خلفه، والنبي ﷺ صلى خلفه وقرأ الآية، فدل على أنه يدخل في هذه الآية دخولاً أوليًّا يُصلى خلفه، وهذه الآية تدل على هذا بعد الطواف وليس مُطلقًا، فإذا طاف صلى ركعتين.

ويدخل في مقام إبراهيم ما قاله جمع من السلف مقامات إبراهيم؛ لأن مقام مفرد مضاف إلى معرفة وهو إبراهيم فالأعلام معارف، مقام إبراهيم مُضاف ومُضاف إليه والإضافة إلى المعرفة تُكسبه العموم، يعني: مقامات إبراهيم .

ما هي مقاماته؟ مقاماته مِنى، والجِمار، مزدلفة، وعرفة، هذه مقامات إبراهيم، الصفا المروة، كل ذلك يدخل فيه، والمُصلى المقصود به على هذا المعنى المُتعبد، يعني: مقامات، ومواضع للتعبد لله بما شرع، من الذي شرعه؟ في مزدلفة المبيت ليلة النحر، في عرفة الوقوف في ليلة التاسع، وليلة العاشر لمن أدرك إلى ما قبل الفجر ولو بلحظة فجر يوم النحر، ومِنى في يوم النحر وأيام التشريق، هذا كله داخل في مقام إبراهيم .

وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ [سورة البقرة:125] عهدنا إليه، أمرناه بذلك وأوحينا به إليهم طَهِّرَا بَيْتِيَ الإضافة هنا إضافة تشريف لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ [سورة البقرة:125] لمن يطوف في هذا البيت، أو يعتكف، أو يُصلي فيه حيث عُبر عن ذلك بالركوع والسجود كما سيأتي.

ويؤخذ من هذه الآية في قوله -تبارك وتعالى: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ [سورة البقرة:125] تثوب إليه نفوسهم، وترجع إليه أبدانهم مرة بعد مرة، كلما تفرقوا عادوا إليه، فهذا آية من آيات الله في هذا الخلق، وفي هذا البيت الحرام، فقد ذكر الله ذلك وهو أمر يجده كل أحد في نفسه لا يستطيع دفعه.

ثم أيضًا لاحظوا الترتيب في هذه القضايا المذكورة، يقول الله : وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ [سورة البقرة:125] ذكر ثلاثة أنواع من العبادة: الطواف وهو أخصها قدمه؛ لأنه لا يكون بغير بيته الحرام، لا يوجد مكان في الدنيا يُطاف فيه سوى الكعبة، هي المكان الوحيد التي تتعلق بها هذه العبادة.

ثم ذكر بعد ذلك الاعتكاف فالاعتكاف يكون في المساجد فقط لا يكون في موضع آخر فذكره بعد الطواف، ثم ذكر الصلاة الرُكع السجود؛ لأن الصلاة لا تختص ببيت الله الحرام، ولا تختص بالمساجد، بل النبي ﷺ يقول: وجُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورا[1] فجاء بهذا الترتيب الأخص، ثم بعد ذلك الأقل خصوصية، ثم بعد ذلك الأعم.

ثم تأمل قوله -تبارك وتعالى: وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ [سورة البقرة:125] ذكر التطهير هنا لا يدل على أن البيت نجس فيحتاج إلى أن يُطهر، وإنما المقصود التطهير التعبد مُطلقًا طَهِّرَا بَيْتِيَ فيدخل فيه الطهارة الحسية والطهارة المعنوية، تعاهد البيت بالتنظيف، ولا يجوز تلويثه، وينبغي أن تُحفظ قُدسيته وحُرمته، وهذا كما خاطب الله به إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- فيجب على كل أحد أن يُراعي حرمة البيت وتطهيره، ويدخل في ذلك الطهارة المعنوية من الشرك، وعبادة غير الله ودعاء غير الله، وقد طهره النبي ﷺ من الأصنام التي كانت على الكعبة وعلى الصفا -كما هو معلوم- فهذا كله من تطهيره، يُطهر من الأرجاس والأدناس والنجاسات الحسية والمعنوية، فهذا التطهير لا يختص بالنجاسات وإنما من كل ما يلوثه.

تأملوا -أيها الأحبة- حالنا، في المشاعر وفي الحرم، المشاعر يأتي الناس إلى المشعر إلى عرفة مثلاً وهي نظيفة، فإذا خرجوا منها رأيت حالاً لا تسر، لماذا لا يُراعي كل أحد حرمة المكان، ويضع هذه الأشياء والنفايات في المواضع المُخصصة لها ويخرج الناس منها كما كانت.

أما قلة المُبالاة هكذا فهي تدل على قلة تعظيم وتدل للأسف على ثقافة غير جيدة، فإن تربية الناس وثقافتهم تبدوا على تصرفاتهم في مثل هذه المقامات، هذا الإنسان الذي يُلقي في كل مكان، وفي الطريق حتى يتحول المكان إلى حال لا تسر هذا خلاف التطهير.

تلويث الحرم بما يكون من الأطفال من غير مُبالاة، ولا إشعار بأن هذا الصبي قد بال في هذا المكان، أو نحو ذلك، تلويث الحرم ببقايا مما يتركه الناس من طعامهم ونحو ذلك.

تصور لو أنه أُتيح للناس في الحج وفي رمضان أن يُدخلوا ما شاءوا من الأطعمة، كثير من الناس يغضب إذا مُنع من إدخال الطعام في رمضان في وقت الإفطار، أو في غير وقت الإفطار يغضب، تغضب لماذا؟ هذه مصلحة الحرم، تصور لو قيل للناس أدخلوا ما شئتم، كيف سيكون حال الحرم وفُرش الحرم؟ وهل سيجد الناس مكانًا يصلون فيه؟ ورائحة الحرم.

ولكن في كثير من الأحيان الإنسان لا ينظر إلا إلى نفسه وشهوته وحاجته نظرًا لا يجاوز أنفه، يعني: لا ينظر إلى المصلحة البعيدة، المصلحة العامة، مصلحة الحرم، مصلحة المصلين.

فهذا كله يدخل في التطهير، تنظيف المكان، أما أن النوى مرمي على السُجاد والناس يصلون العشاء والتراويح، والنوى يعلق بثيابهم، وهذا يمشي على الفُرش بنعليه، وهذا يحمل المياه وكأنه لن يصبر حتى يُصلي هذه الصلاة يضع هذه الكاسات يصفها ويأتي الناس لا يرونها ممن يجوبون ما بين الصفوف في صلاة التراويح، أو القيام فهذا يضرب هذا الكأس، وهذا يضربه برجله من المصلين أمامه لا يشعر به، ويتلوث الفرش.

إذا جاء المطر وغُلفت هذه الفُرش عن الناس انظر إلى حالنا كيف نتسارع إليها وننتزعها انتزاعًا، كل يريد أن يجلس، ولو كان ذلك على حساب تلفها، أليست هذه حالنا؟

فأقول: هذا خلاف ما أمر الله به من التطهير، ولذلك فإن الحائض لا تدخل، وهذا داخل في التطهير، وكذلك أيضًا الجُنب لا يدخل في المسجد أو في الحرم إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا [سورة النساء:43] هذه أماكن تحتاج إلى تطهير، ولا يصح فيها شيء من الجِماع ونحو ذلك، أو اللغو.

أسأل الله أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، وأن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين، والله أعلم، وصلى وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

  1.  أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب قول النبي ﷺ: جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، رقم: (438)، ومسلم، باب جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، رقم: (521). 

مواد ذات صلة