السبت 19 / جمادى الآخرة / 1446 - 21 / ديسمبر 2024
(27) نظرات في كتب الأسماء الحسنى
تاريخ النشر: ٢٨ / محرّم / ١٤٣١
التحميل: 7538
مرات الإستماع: 4323

بسم الله الرحمن الرحيم

الأسماء الحسنى

(27) نظرات في كتب الأسماء الحسنى

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:  

فكما وعدتكم منذ البداية أن أخصص وقتاً للحديث عن كتب الأسماء الحسنى، وهذه الكتب كثيرة جدًّا، والحديث عنها لا يكفي فيه مجلس واحد، وإنما يحتاج إلى مجالس، ثم رأيت أن أخصص الحديث، وأن أقصره على جملة من كتب المعاصرين التي يكثر السؤال عنها.

فسأعرِّف بإذن الله في هذا المجلس بما يقرب من خمسة عشر كتاباً.

ونحن حينما نتحدث عن الكتب، ونفاضل بينها، ولربما نذكر ما لها وما عليها، لا يعني ذلك بحال من الأحوال أن يتوجه هذا الحديث إلى مؤلفيها، فالمؤلف قد يكون كتابه مفضولاً، ولكنه قد يكون أعلم من مؤلف قد يكون كتابه فاضلاً؛ لأن الإنسان قد يؤلف ولا يتقن التأليف في فن من الفنون، فيلج في ذلك، مع علمه وفضله، وقد يؤلف بطريقة يقصد بها العامة مثلاً، ومن ثَمّ فإنه قد لا يحرص على مادة علمية عميقة، وقد يؤلف الكتاب على وجه من الإسراع، فيتخفف من بعض القيود والأمور التي ينبغي أن تراعى في التأليف، ولكلٍّ وجهة.

 

حينما نتحدث عن الكتب، ونفاضل بينها، ولربما نذكر ما لها وما عليها، لا يعني ذلك بحال من الأحوال أن يتوجه هذا الحديث إلى مؤلفيها، فالمؤلف قد يكون كتابه مفضولاً، ولكنه قد يكون أعلم من مؤلف قد يكون كتابه فاضلاً؛ لأن الإنسان قد يؤلف ولا يتقن التأليف في فن من الفنون، فيلج في ذلك، مع علمه وفضله، وقد يؤلف بطريقة يقصد بها العامة مثلاً، ومن ثَمّ فإنه قد لا يحرص على مادة علمية عميقة، وقد يؤلف الكتاب على وجه من الإسراع، فيتخفف من بعض القيود والأمور التي ينبغي أن تراعى في التأليف، ولكلٍّ وجهة.

 

فنحن نتحدث عن الكتب التي بين أيدينا فحسب، وحينما نفاضل بينها فليس ذلك يعني أن هذه المفاضلة واقعة بين مؤلفيها.

وهذا الحديث سيكون على وجه الإيجاز والاختصار بما يحصل به المقصود، وإلا فأنتم تعلمون أن الدراسة النقدية لكتاب من الكتب تحتاج إلى وقت مطول في الكتاب الواحد، فكيف بهذا القدر من المؤلفات في مجلس بين المغرب والعشاء؟

فهو تعريف موجز، يجلي لك شيئاً من المعرفة والرؤية فيما يتصل بهذه الكتب والمؤلفات، سأبدأ أولاً بثلاثة كتب جمعت كلام الإمام ابن القيم -رحمه الله-، ومعلوم أن الحافظ ابن القيم هو من أحسن من تكلم على الأسماء الحسنى بكلام عذب سلس، جمع فيه بين العلم، وما يتصل بالإيمان، مع حسن طريقة في العرض، والشرح والكتابة، بين يدي ثلاثة كتب جمعت كلام ابن القيم -رحمه الله- وهي موجودة ومطبوعة ومنشورة.

الكتاب الأول: منهج الإمام ابن القيم الجوزيه في شرح أسماء الله الحسنى، تأليف: مشرف بن علي بن عبد الله الغامدي، هذا الكتاب يقع في مجلد واحد، في خمسمائة وتسع عشرة صفحة، طبعته دار ابن الجوزي، سنة: 1426هـ.

وأصل الكتاب رسالة ماجستير في جامعة أم القرى، وقد جعله مؤلفه على قسمين:

القسم الأول: ذكر فيه قواعد الأسماء الحسنى عند ابن القيم، وابن القيم قد اشتهر بهذا، وضع قواعد في هذا الباب جيدة، لا تكاد توجد في كتاب مجتمعة عند غير ابن القيم -رحمه الله-، وذكر تحت هذا القسم عشرة فصول، فهو يورد فيه كلام ابن القيم بهذه القواعد، ويقارنه بكلام غيره من المتكلمين وغيرهم.  

القسم الثاني: هو عبارة عن تطبيقات على هذه القواعد التي ذكرها في القسم الأول، يطبق ذلك على الأسماء الحسنى، فيذكر المعنى اللغوي للاسم، والمعنى الشرعي، والآثار الإيمانية المترتبة على الإيمان بهذا الاسم، وأحياناً قد يناقش بعض المخالفين، ويرد عليهم، هذا الكتاب لا يقتصر فيه مؤلفه على كلام ابن القيم فقط، نعم هو في جمع كلام ابن القيم، ولكنه يذكر ضمن ذلك كلاماً لبعض أهل العلم في معنى الاسم، وما يتصل بذلك كابن جرير، وابن كثير، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن رجب، والشيخ عبدالرحمن بن سعدي.

يورد كلامهم الذي يتعلق بهذا المعنى، فيلتئم من ذلك وحدة موضوعية فتجد الكلام متسقًا منتظماً، ليس فيه نقص في بعض الجوانب، فصار الكتاب مصطبغًا بصبغة التأليف على نسق واحد، ويعبر المؤلف من عنده، ويربط الكلام بحيث إنك لا تجد فيه خللاً، أو تفاوتاً، أو اضطراباً، والكلام مترابط يذكر المؤلف كلاماً له، ويذكر ضمن ذلك كلام الحافظ ابن القيم -رحمه الله- ويورد عبارات لهؤلاء الأئمة في هذا المعنى.

أورد فيه ما يقرب من سبعين اسماً من أسماء الله الحسنى، وحينما يورد هذه الأقوال والنقولات عن ابن القيم يوثقها فينقلها من مصادرها، إلا ما ندر، فإنه قد ينقل بواسطة، يعني: قد ينقل بعض النقولات من كتاب آخر مثل تيسير العزيز الحميد، فهذا هو الكتاب الأول الذي جمع فيه كلام ابن القيم .

الكتاب الثاني: وهو كتاب الدكتور عمر الأشقر بعنوان: "ولله الأسماء الحسنى"، وعنوانه الآخر: "شرح ابن القيم لأسماء الله الحسنى" يقع في مائتين وأربع وستين صفحة، طبعته دار النفائس في الأردن، عام: 1428هـ.

والدكتور عمر الأشقر –رحمه الله- معروف لدى الجميع، فهو حسن التأليف، جيد الترتيب، سهل العبارة، له مؤلفات كثيرة قد وفق فيها، وهي نافعة، وننصح بقراءتها، كَتَب في العقيدة، سهّلها وقربها، في السلسة المعروفة، تبدأ من العقيدة في الله، إلى اليوم الآخر، وكتب عن عالم السحر والشعوذة، وله مؤلفات في موضوعات متنوعة.

هذا الكتاب ذكر فيه في البداية بعض المقدمات المتعلقة بالأسماء الحسنى، من تمجيد الله والثناء عليه، وأقسام ما يطلق على الله من أسماء وأوصاف، وأفعال، وما يخبر به عن الله، وبين أن معرفة الأسماء الحسنى هي الطريق إلى معرفة الله.

الشيخ عمر الشقر من حسن طريقته في مؤلفاته أنه يجعل العناوين التي يذكر بعدها الموضوعات القصيرة، فلا يمل القارئ من قراءة كتبه، لا يسأم، وهو في هذا الكتاب صنع ذلك، يضع عناوين، ثم يتحدث حديثاً يتصل بهذا العنوان، يبدأ بكلام له ليكون موطئاً ومدخلاً للحديث عما يريد، موطئا لكلام ابن القيم الذي يريد أن يورده، ثم بعد ذلك ينقل كلام ابن القيم.

وقد ذكر في هذا الكتاب تسعة وتسعين اسماً من أسماء الله -تبارك وتعالى-، ثم عقّب الكتاب بذكر مسائل وقواعد في باب الأسماء الحسنى، والكتاب جيد ومفيد .

الكتاب الثالث: أسماء الله الحسنى، قالوا: تأليف شمس الدين ابن القيم، وليس ذلك من تأليفه، هكذا وُضع: تأليف، وهذا غير صحيح، ولا دقيق، وفيه إيهام.

فابن القيم لم يؤلف هذا الكتاب، وقد جمعه اثنان يوسف بديوي، وأيمن الشواء، يقع في مجلد ليس بالكبير في  ثلاثمائة واثنتي عشرة صفحة، طبعته دار ابن كثير في بيروت، الطبعة الأولى سنة: ١٤١٨هـ، وهو أول ما صدر -حسب ما أعلم- في جمع كلام ابن القيم -رحمه الله- في هذا الباب، وفيه جهد يشكر بجمع ما تفرق في كلام ابن القيم.

لكن طريقة التأليف هي فقط مقتصرة على كلام ابن القيم، تُورَد الجمل والعبارات، أو المقاطع التي تتعلق بالموضوع هكذا، يعني تُجتزأ ثم توضع، ثم يقال: وقال رحمه الله، وقال رحمه الله، ويؤتي بمقطع آخر، يعني هي الطريقة المعروفة عند الباحثين بطريقة القص واللصق، فليس فيه صنعة في التأليف، يؤتى بكلام ابن القيم ثم يوضع، ثم يؤتى بكلام له في الموضوع، وقال رحمه الله، ويوضع، وقال رحمه الله ويوضع، إلى آخره، بهذه الطريقة، وليس فيه -كما سبق- من كلام المؤلف الذي جمعه، لينتظم الكلام بطريقة معينة، أو فيه كلام لعلماء آخرين مثلاً كما فعل من قبله.

ذكروا في أوله مقدمات في هذا الباب من كلام ابن القيم -رحمه الله- في نحو أربع وستين صفحة، مقدمات في باب أسماء الله الحسنى، ثم أوردوا ما يقرب من ثلاثة وأربعين اسماً من أسماء الله -تبارك وتعالى- وعقبوا ذلك في آخر الكتاب ببعض المسائل في الباب بنحو خمسين صفحة، ومن ثَمّ فإن ذلك يكون طولاً وقصراً بحسب ما ذكره الحافظ ابن القيم -رحمه الله-، فقد تجد أحياناً الحديث على الاسم بقدر نصف صفحة.

انظر مثلاً لفظ الجلالة: "الله" صفحة واحدة، وقد يزيد ذلك في بعض الأسماء، ويوجد فيه بعض النقولات التي قد لا تجدها في كتاب: "منهج الإمام ابن القيم في شرح أسماء الله الحسنى".

في هذه الكتب التي سأذكرها سأرشح بعضها للقراءة، وأفاضل بينها، لو سألتم قلتم من الأفضل؟ أقول لكم: منهج الإمام ابن القيم، هذا هو الأفضل، الأجود في مادته، وتأليفه، إذا كنتم تسمعون أحياناً عن بعض المؤلفات أنها بطريقة القص واللصق، وقد تتساءلون إذاً ما هو المطلوب حينما نجمع كلام عالم من العلماء في قضية ما؟

أقول: إذا أردت أن تعرف الطريقة البديعة في التأليف حينما تجمع كلام أحد العلماء انظر إلى هذا، وإذا أردت أن تقارن وتدرك الفرق قارن بينه وبين الكتاب الآخر الذي هو أسماء الله الحسنى، تدرك الفرق بين الطريقتين في التأليف.

فمن أراد أن يجمع كلام عالم في باب من الأبواب، يجمع ذلك في كتاب مثلاً، أو في بحث ما هي الطريقة؟ نقول: هذه الطريقة الجيدة التي تظهر فيها قدرة المؤلف على التأليف والكتابة والتحرير، أما طريقة القص واللصق فلا تظهر فيها قدرة المؤلف إطلاقاً.

الآن حينما يُجمع كلام ابن القيم في التفسير مثلاً، جَمْع كلام ابن القيم صدر إلى الآن فيما أعلم ثلاثة كتب، لكن كل هذه الكتب على هذه الطريقة، التي يسمونها بالقص واللصق، تجد الكلام، وقال رحمه الله، وقال رحمه الله، لكن لو ألف في تفسير ابن القيم -رحمه الله- بطريقة التأليف والتحرير، لكان له شأن آخر.

وأخشى أن أسترسل بالحديث عن عيوب الطريقة الأولى وما يفوت بسببها، فيكون ذلك على حساب الحديث عن بقية أو بعض الكتب.

لكن على كل حال أحياناً يسمع طلاب العلم كلامًا عن طرق التأليف، وقد لا يدركون ما ينطوي عليه هذا الكلام، ما هو المراد؟ ما هي الطريقة الصحيحة؟ ما هو المطلوب؟.  

فأقول: هذا مثال لمن أراد أن ينظر مثلاً في الطريقة الصحيحة، والمنهج البديع حينما يقال: منهج فلان في كذا، في التعامل مع كذا، موقفه من كذا، قد تكون القضية قصًّا ولصقًا، وقد تكون بطريقة أخرى بديعة.

من أراد أن ينظر مثالاً رفيعاً في التأليف في هذا الجانب فليقرأ كتاب: "موقف شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- من الأشاعرة" للشيخ الدكتور عبدالرحمن المحمود -حفظه الله- تأليف على مستوى، نموذج راقٍ في الكتابة في منهج فلان في القضية الفلانية، أو موقف فلان في القضية الفلانية، هذه نماذج يمكن أن يحتذيها طالب العلم حينما يؤلف، حينما يكتب في رسالة ماجستير، أو دكتوراه.

إذاً، الكتاب الأفضل هو هذا الكتاب: "منهج الإمام ابن القيم في شرح أسماء الله الحسنى"، ويليه كتاب الدكتور عمر الأشقر، ثم بعد ذلك يأتي هذا الكتاب "أسماء الله الحسنى".

هذه ثلاثة لابن القيم مرتبة بهذا الترتيب، لأن الكتب كثيرة، فأحياناً الإنسان يريد أن يقتصر على الأفضل، وما يمكن أن يستغني به عن غيره، هذا ما يتصل بجمع كلام ابن القيم، فتم الحديث عن ثلاثة كتب.

الكتاب الرابع: هو كتاب: "المنهاج الأسنى شرح أسماء الله الحسنى" يقع في مجلدين للدكتور زين محمد شحاتة، وقدم له الدكتور عبدالرحمن بن صالح المحمود، هذا الكتاب صدر قبل سنوات يقع في ثمانمائة واثنتين وعشرين صفحة، وقد اشتريته في مدة ليست بالبعيدة من صدوره، وكانت الطبعة التي اشتريتها هي العاشرة عام: ١٤٢2هـ، الكتاب طبع كثيراً في مدة وجيزة.

ومنهج المؤلف في هذا الكتاب: تحدث فيه عن مائة وثلاثة من الأسماء الحسنى، بدأ الكتاب بمقدمات عن الأسماء الحسنى، وحينما يتحدث عن الاسم من الأسماء الحسنى لا يذكر عناوين مثلاً المعنى اللغوي، المعنى في حق الله مثلاً أو المعنى الشرعي، ثم بعد ذلك يتحدث عن الآثار، أو العناوين، كما نذكر لكم مثلا العناوين والفروقات.

هو يدخل في الموضوع يبدأ يتحدث عن المعنى اللغوي، ثم يعقب ذلك الحديث عن المعنى في حق الله من غير عناوين، ينتقل من قضية إلى قضية من غير أن يفرد ذلك تحت عنوان خاص.

ثم بعد ذلك يبدأ يتحدث عن الآثار، قد يغفل الكلام عن بعض الجزئيات، يعني: مثلاً هو يتحدث عن هل هذا الاسم مختص بالله أو لا،  ما لهذا الاسم من خصائص

وأحياناً لا يتطرق لبعض هذه القضايا، لكنه لا يدع الحديث عن آثار الإيمان بهذا الاسم الكريم، فهو حينما يتحدث يسهب في هذه القضية، وحينما تكلم مثلاً على تفسير اسم الله -تبارك وتعالى- لفظ الجلالة "الله" تحدث عن دلائل وجود الله، وهذا قد لا يكون له حاجة، فإن هذا مدرك بالفطر، ولا يخفى على العقول، ويورد نقولات في ذلك عن الأئمة وغيرهم من علماء الغرب، ويورد أيضاً أشياء من الشعر، كل هذه الأشياء يذكرها.

المؤلف استفاد بصورة واضحة من المادة العلمية في الكتاب الآخر الذي سأتحدث عنه الآن وهو: "النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى"، لمحمد الحمود، بل حتى العنوان متقارب، سأتحدث عنه بعد قليل -إن شاء الله-، استفاد من المادة العلمية، ولكنه توسع في الكلام على الآثار.

والكلام على الآثار -وهذه انتبهوا لها- إذا قدمتَ درسًا في الأسماء الحسنى، أو كتبت في ذلك، ينبغي أن تتفطن إلى أن الآثار على نوعين: هناك آثار لهذا الاسم في الخلق والشرع مثلاً، وهناك آثار لهذا الاسم في نفس المؤمن، حينما نؤمن بهذا الاسم ما يؤثر فينا؟، فالكثير من المؤلفين يوردون ذلك من غير تمييز، والمفروض أن يميَّز، فحينما نتحدث عن اسم الله الحكيم، حينما نتحدث عما يؤثره هذا الاسم في الشرع، نتحدث عن حكمة الله في التشريع، في قضايا الطهارة، في قضايا العلاقات الأسرية، في قضايا المواريث.

ونتحدث عن أثر هذا الاسم في الخلق والكون، حكمته ظاهرة في هذا الخلق الذي نشاهده، فنبدأ نتحدث عن تفاوت الفصول، وماذا ينتج عنه؟ وجود الرياح، وماذا ينتج عنه؟ المطر، وكونه بهذه القطرات، وهكذا ما يتصل بما يصيب الإنسان من أوصاب، وعلل وأمراض، هذا في باب القدر، الأمر الكوني، فهذا أثر هذا الاسم في هذه الأمور.

هناك نوع آخر من الآثار وهو: ما يؤثره في نفس المؤمن، إذا آمنت أن الله حكيم، ماذا يؤثر ذلك فينا؟ نطمئن بتشريعاته، ونقبل أحكام الله من غير اعتراض، نطمئن إلى قضائه وقدره، فلا نعترض، ولا نجزع، ولا يكون للعبد اختيار مع الله، وهكذا.

فهذا نوع من الآثار، وهذا نوع، الكثير ممن يكتب يخلط، فيقول: آثار الإيمان بهذا الاسم، وتجد أن بعضها هي ما يؤثره هذا الاسم في الخلق أو الشرع، وليس في نفس المؤمن، وأظن الفرق واضحًا بين الأمرين، فتنبهوا لهذا، لابد من تمييز هذا من هذا.

على كل حال المؤلف يطيل في الكلام على هذه الآثار، وتجد فيه مالا تجده في غيره من النماذج والأمور العصرية التي يقررها الأطباء، أو علماء البحار، أو علماء النبات، أو علماء الفلك، أو غير ذلك، تجد فيه نماذج وأمثلة في عالم الحيوان، في عالم الإنسان، وخلق الإنسان، وما يحويه بدنه من أمور دقيقة، الدورة الدموية، والخلايا، والعين، والأذن.

فتجد فيه أشياء لا تكاد توجد بهذه الصورة مجتمعة في كتاب آخر من كتب أسماء الله الحسنى، وبهذا الاعتبار يكون الكتاب قد جمع بين مزيتين: المادة العلمية فيه جيدة، وقد استفاد كثيراً كما قلت من هذا الكتاب الآخر: "النهج الأسمى" لكنه أفاض في الكلام على الآثار، فهذه مزية في الكتاب، فمن أراد أن يُعنَى بهذه الأشياء فعليه بهذا.

الكتب التي تكلمت عن الجوانب العلمية كثيرة، لكن البعض يقولون: نريد أشياء تتعلق بالخلق والكون، نربطها بالأسماء الحسنى، نقول لك: هذا الكتاب، هناك كتب تطرقت لهذه الأشياء، لكن ليست بالقدر نفسه، حتى ابن القيم في كلامه حينما يتحدث في كتبه يذكر الأذن والعين والأهداب والدموع والجفن، يتكلم عن أشياء دقيقة، لكن ككتاب في الأسماء الحسنى يجمع هذه الأشياء بصورة فيها توسع لا أعلم كتاباً مثل هذا.

الكتاب الخامس: "النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى" تأليف محمد الحمود، يقع في ثلاثة مجلدات طبع في مجلدين أولاً، ثم ألحق به مجلداً ثالثاً صغيراً، أضاف فيه بعض الأسماء.

في البداية ذكر في المجلدين الأولين نحو مائة اسم، وفي المجلد الثالث زاد سبعة عشر اسماً، طبعته مكتبة الإمام الذهبي بالكويت.

طريقته في الكتابة والتأليف: يبدأ بذكر بعض المقدمات في الأسماء الحسنى، ذكر ما يقرب من ستين صفحة في هذه القضايا، ويذكر أصل معنى الاسم، يضع عناوين، أصل معنى الاسم، والمادة التي اشتق منها، ينقل عن كتب اللغة والغريب، وكتب أخرى في الأسماء الحسنى متقدمة، وينقل عن ابن القيم وغيره، ويذكر الآثار، ولكن ليس له طريقة معينة في ذكر المعلومات، أو الآثار.

لكن ما ذكرته في كتاب الدكتور زين من أنه لا يذكر عناوين، وإنما يورد المعلومات متتابعة من غير أن يفصل بينها، هنا يذكر المعنى اللغوي، المعنى في حق الله، آثار الإيمان بهذا الاسم، فهذه مزية.

الكتاب في نظري من ناحية المادة العلمية فيه مادة علمية جيدة، كلام أهل العلم والنقولات، ولكنه يحتاج إلى تحرير في عدد من المواضع، مثلا في بيان مادة الاشتقاق قد يُرجع المادة إلى غير أصلها، وهذه أشياء دقيقة جدًّا.  

البارئ مثلاً هل يرجع إلى برأ، أو إلى برى؟، المُصوِّر هل يرجع إلى الصَّوْر -الذي هو الميل- كما فعل في هذا الكتاب؟، هناك قضايا تحتاج إلى إعادة نظر في تقريرها.

وأحياناً قد تفوته بعض الأشياء، الدليل مثلاً على هذا الاسم الكريم من السنة، قد تفوته أشياء في بعض المواضع.

حينما يتكلم على آثار الإيمان بهذا الاسم مثلاً، يذكر معها أحياناً -ما ذكرتُ- بعض ما يدل عليه هذا الاسم، أو ما يؤثره في الخلق. 

لما تكلم عن الحي مثلاً ذكر من آثار الإيمان بهذا الاسم صفة الحياة، هذا ما يدل عليه هذا الاسم، هذا عنوان آخر يُذكر في البداية، وليس من الآثار، يدل هذا الاسم بالمطابقة على كذا، وبالتضمن على كذا، وبالالتزام على كذا، فالكتاب فيه مادة علمية، لكن يحتاج إلى شيء من التحرير، الدكتور زين استفاد من المادة العلمية وكتب بطريقته، والكتاب على كل حال من الكتب السابقة -أعني كتب المعاصرين- التي كُتبت في هذا الباب الشريف.  

الكتاب السادس: "شرح أسماء الله الحسنى" للشيخ الدكتور محمد بن خليل هراس -رحمه الله- هو عالم معروف من العلماء الذين يعتقدون ويدعون إلى عقيدة أهل السنة والجماعة، عقيدة السلف الصالح ، الكتاب صغير يقع في مائة وتسع عشرة صفحة، وأصل الكتاب عبارة عن مقالات كتبها في مجلة الهدي النبوي، تكلم عن اثنين وستين اسماً، وقد اختار بعض الأسماء الحسنى التي تدور على الألسنة -لم يقصد الكلام على كل الأسماء-، والتي قد تخفى معانيها أيضاً على بعض الناس، أو قد يحملها المعطلة على معانٍ أخرى؛ لأنهم يتوهمون منها التشبيه مثلاً.

طريقته أن يذكر اشتقاق هذا الاسم ومعناه، ويورد الردود على المتكلمين والصوفية، وهو في هذا لا يطيل، وإنما يذكر كلاماً موجزاً لِمَا ذكرت من أنه مقالات كتبها -رحمه الله- في أوقات مختلفة.

الكتاب السابع: "شرح أسماء الله تعالى الحسنى وصفاته الواردة في الكتب الستة"، للدكتورة حصّة بنت عبدالعزيز الصغير، هذا الكتاب يقع في مجلد واحد، في ثلاثمائة وخمسين صفحة، طبعته دار القاسم سنة ١٤٢٠هـ.

أصل الكتاب هو جزء من رسالتها الدكتوراه، واسم الرسالة في الدكتوراه: "إفراد أسماء الله تعالى وصفاته غير صفات الأفعال في الكتب الستة".

أفردت الكلام على الأسماء الحسنى بهذا الكتاب، بدأت الكتاب بذكر بعض المقدمات في الموضوع.

حينما تتحدث عن الاسم تذكر عناوين، المعنى اللغوي، المعنى الشرعي، وروده في القرآن، وهكذا، وتورد كلام أهل العلم، ولكن من غير أن تقول: وقال فلان، وقال فلان، وقال فلان، وقال فلان، تورد الكلام كأنه من كلامها من غير أقواس، وإذا كان عند نهايته وضعت في الهامش أن هذا من كلام فلان، أو من الكتاب الفلاني، وهذه الطريقة في الكتابة قد تكون مريحة بالنسبة للقارئ، فقد يمل إذا كان يقرأ في كتب مثل هذه في قضايا إيمانية، ونحو ذلك: قال فلان، وقال فلان، وقال فلان.

وختمت الكتاب في الكلام على معاني صفات الله الواردة في الكتب الستة، هذا الكتاب حوى ما يقرب من  مائة واثنين من أسماء الله الحسنى المفردة، ومن المضافة والمُذَوَّات -أي ذو كذا، مثلاً ذو الجلال والإكرام- عشرة أسماء، وذكرتْ مما لا يثبت في نظرها ثمانية وأربعين اسماً.

الكتاب مفيد، لكن المعلومات التي فيه في عامتها موجودة في كتب الأسماء الحسنى الأخرى، وحينما يريد الإنسان أن ينقل كلام العلماء الذين لكلامهم وقع في هذا الباب سيجد أن الجميع يرجعون إلى جملة من أهل العلم، فالكلام من الطبيعي أن يتكرر.

لكن أقصد لو أن أحداً قال: عندي كتب الأسماء الحسنى التي ذكرتَ، هل إذا فقدت هذا الكتاب سيفوتني أشياء مهمة مثلاً؟، في نظري: الجواب لا.

لكن لو قال قائل: أنا اقتنيت هذا الكتاب أو أشتري هذا الكتاب، أو نحو ذلك هل أستفيد منه؟ أقول: نعم، كتاب مفيد فيه مادة علمية مفيدة.

الكتاب الثامن: كتاب في الصفات، لكن لا بأس أن أشير إليه، وهو "صفات الله الواردة في الكتاب والسنة" للشيخ علوي بن عبدالقادر السقاف يقع في ثلاثمائة وست صفحات، طبع دار الهجرة، سنة: ١٤١٤هـ، هذا في الصفات فقط، يعني: هو أشبه ما يكون بقاموس للصفات، تريد أن تتعرف على صفة، وهو مرتب على الحروف الهجائية، بكلام مختصر جدًّا يورد الصفة، ثم يورد الدليل عليها من الكتاب، ثم من السنة إن وجد، ثم يذكر معنى الصفة، يتكلم على الصفة مادة الاشتقاق من غير تطويل، وينقل عن أهل العلم المعتبرين في هذا الباب أمثال ابن تيمية، وابن القيم، والسعدي، فالكتاب في الصفات، وليس في الأسماء.

الكتاب التاسع: "الآثار السلوكية لمعاني أسماء الله الحسنى" لرياض أدهمي، كتاب ليس بالكبير يقع في مائة وستين صفحة، طبع المكتب الإسلامي، هذا الكتاب يختلف في طريقته عن باقي الكتب التي عرضتها آنفاً، فهو لا يُعنَي بالمعنى اللغوي، وأصل المادة والاشتقاق، ولا يُعنَى بالتعريفات، ولا يضع عناوين، إنما يتكلم عن الاسم من حيث دلالاته وعظمته وجلاله، يتحدث عن قضايا إيمانية بكلام ليس بالطويل، ويُعنَى بهذا الجانب فقط.

فتجد الكلام في صفحة، في صفحة وربع، في صفحة ونصف عن كل اسم، تكلم بكلام إيماني، ولا يُعنَى بنقولات قال فلان وقال فلان .

الكتاب العاشر: وهو كتاب بعنوان: "ولله الأسماء الحسنى" للدكتور يوسف المرعشلي يقع في مجلد في أربعمائة وست عشرة صفحة، طبعته دار المعرفة ببيروت، ذكر في هذا الكتاب تسعة وتسعين اسماً من أسماء الله، يذكر معنى هذا الاسم، مادة اشتقاقه، ينقل عن الفقهاء وغيرهم في معنى الاسم، وما يتعلق به، مصادره متنوعة، ويستطرد في بعض القضايا، مثلاً حينما تكلم عن مفهوم الإيمان بالله استطرد وأطال، حينما تكلم عن "لا إله إلا الله" أطال في ذلك.

طريقته لا يورد كل اسم على حدة ابتداء، ولكنه يورد الأسماء على طريقة المجموعات، يعني: كل الأسماء في نظره التي ترتبط بمعنى متحد يوردها معاً، ويتكلم عن كل اسم فيها على حدة.

فمثلاً يقول: أسماء الله الحسنى التي تدخل في باب علاقة المكلفين بخالقهم، هذا عنوان، ثم يورد من الأسماء الملك، والهادي، والحكم، والعدل، والمقسط، والحميد، والشكور، والتواب، والغفور، والغفار، والعفو، والحليم، والصبور، والمنتقم، -بصرف النظر عن هذه الأسماء هل كلها ثابتة أو لا، لكن أنا أوضح طريقته-، ثم يشرحها واحداً واحداً.

حينما ينقل عن أبي حامد الغزالي يقول: قال الإمام حجة الإسلام وفيلسوفه، ويعطيه من الألقاب الكثيرة المتتابعة.

قد تجد فيه بعض التأويلات مثلاً: الرحمة أولها بالإنعام، وهذا خلاف عقيدة أهل السنة والجماعة.

حينما ينقل كلام أحد من العلماء يطيل في ذكر الأوصاف ليس فقط في الغزالي.

يقول: قال الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج المتوفى سنة كذا وكذا -رحمه الله تعالى-، في كتابه تفسير أسماء الله الحسنى.

يعني: عند حديثنا عن طريقة الدكتورة حصة قلنا بأن تقطيع الكلام بقال فلان، قال فلان في الموضوعات الإيمانية بعض الناس قد لا يستسيغه.

هنا يطيل قبل ذكر الاسم بسطر تقريباً، حتى تاريخ الوفاة يذكره، وقال حجة الإسلام الإمام أبو حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالي الشافعي المتوفى سنة: ٥٠٥هـ -رحمه الله- في كتابه المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى.

هذه طريقته إذا أورد كلامًا لأحد من أهل العلم.

بعض الأسماء التي ذكرها ليست من أسماء الله، لا تثبت، عد مثلاً المحيي من أسماء الله، وأطال في الكلام على التقدم التكنولوجي، تكلم على قضية الإسلام والعلمانية، واستطرد فيها.

الكتاب مفيد عموماً، فيه مادة علمية مفيدة، ولكنه لا يناسب الذي لا يميز فيما يتصل بالعقيدة، ونحو ذلك، يعني: يمكن أن يقرأ في مثل هذا الكتاب طالب العلم المتخصص، لا ننصح به عامة القراء.

الكتاب الحادي عشر: "موسوعة أسماء الله الحسنى" للدكتور محمد راتب النابلسي في ثلاثة مجلدات كبار، وهذا الكتاب يقع في ألف وثمانمائة وثلاث وستين صفحة، ذكر فيه ما يقرب من مائة وأربعة عشر اسمًا.

هذا الكتاب يتحدث فيه المؤلف بطريقة يبدو -والله تعالى أعلم- أنها كانت في أصلها دروساً ألقيت، ثم فرغت؛ لأن طريقة العرض هي أشبه بالحديث المفرغ، يعني: ليست طريقة تأليف، كلامه سهل، واضح، يذكر أشياء تقرب بعض المعاني إلى أذهان السامعين، أظنه طبيبًا فهو يتحدث عن أشياء قريبة، يتحدث عن طبيب الأسنان مثلاً، ويتحدث عن شرطي المرور، ويربط هذا بمعانٍ تتعلق بأسماء الله الحسنى في حياتنا اليومية التي نعايشها، وهذه مزية في الكتاب، لكنه يتوسع جدًّا في الكلام الإنشائي.

فالكلام الكثير الذي يمكن أن يلخص بصفحة، أو نصف صفحة، كلام يتبسط فيه جدًّا، وربما تكون هذه دروسًا قدمها للعامة عن أسماء الله الحسنى، ثم فرغت؛ لأن الذي يقرأ كأنه يقرأ في كلام مفرغ، لما تحدث مثلاً عن اسم "الله" لفظ الجلالة بدأ الكلام على كلمة التوحيد، وأطال في ذلك.

وليس في الكتاب توثيق، ولا يُعنَى المؤلف بكلام أهل العلم على طريقة الكتب السابقة التي ذكرناها، ولكلٍّ وجهة، الإنسان حينما يؤلف يضع هدفاً يريد أن يخاطب من؟

فإذا كنت تريد أن تتحدث للعامة بطريقة مبسطة، ما تحتاج أن تقول: قال فلان، وقال فلان، وأصل هذه المادة كذا.

ويبدو أن المؤلف غير مختص بالعلوم الشرعية، ومن ثَمّ تجد فيه أشياء تدل على عدم التمييز بين الحديث الصحيح والضعيف، أشياء تدل على عدم التمييز بين عقيدة أهل السنة والجماعة، وغيرهم، مثلاً يفسر الرأفة من الله بدفع السوء، الرأفة رحمة رقيقة، والذين فسروا الرحمة من الأشاعرة من المتكلمين قالوا: إرادة الإحسان، هنا فسرها بدفع السوء.

وقد يستطرد في بعض القضايا، ويدخل من موضوع لآخر، وتجد في الكتاب أشياء أخرى، يقول: إن المرض في الأصل ليس من الله؛ لأن الله يقول: وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ الشعراء: 80، نسب المرض إلى نفسه، نحن تكلمنا في دروس قواعد التفسير وفي غيرها أن إضافة المرض إلى النفس من باب التأدب مع الله وإلا فإن المرض من الله، ولكن تأدباً مع الله لم يضف إليه سبحانه.

ويتحدث في كتابه بطريقة سهلة مفهومة، يقول: الحقيقة أن حجمك عند الله لا بحجم أموالك، ولكن بحجم أعمالك، والعمر لا قيمة له إلا بمضمونه الصالح، قد تعيش عمراً قصيراً مفعماً بالأعمال الصالحة، وقد يعيش آخر عمراً مديداً فارغاً من العمل الصالح، فهذه كلها موازين، والإنسان حينما يختل ميزانه يقع في المتاهات والضيق، والتشاؤم، والحيرة، والاضطراب.

ويقول: المؤمن نقّاد، وأول نقده يجب أن يتجه إلى ذاته، وكل إنسان يتعامى عن أخطائه يتداعى وينتهي، والنجاح أمثِّله بقمة جبل، فبلوغ القمة صعب جدًّا، فلابد من جهد كبير، وعرق غزير، ولابد من اجتياز عقبات متلاحقة، وصعود طويل عسير، ومثبطات عظيمة، لو أنك استطعت أن تصل إلى قمة الجبل فهذا إنجاز كبير، فهل أنت بطل؟، لا، إذ إن بطولتك أن تبقى في القمة؛ لأن فيها طرقًا زلقة بحكم منحدراتها، تجعلك إن لم تحزم أمرك في الحضيض في ثوانٍ معدودات، فاحذر الغرور والكبر، وعدم الانصياع للحق.

يقول: بلوغ القمة ما يحتاج مجاهدة، وإذا وصلت إلى القمة فقد تغتر ثم تهوي.

تجد كلاماً جيداً، ولكن هناك جملة من الأسماء التي يذكرها لا تثبت لله، والروايات التي فيه منها الصحيح والضعيف، وقضايا بالنسبة لصحة الاعتقاد، ونحو ذلك، لا يميز بين عقيدة أهل السنة وعقائد المتكلمين، وأشياء أحياناً ليست من عقائد المتكلمين هو يفهمها هكذا.

والكثير من الناس يسأل عن هذا الكتاب، هل نقرأ هذا الكتاب؟ وبعضهم جاء به للمسجد لنا هنا كإهداء للمسجد، وتحيرنا ماذا نصنع فيه؟ ما استطعنا أن نضعه في المكتبة، فهذا الكتاب لا ينصح بقراءته؛ للخلط الذي فيه، لكن لو قرأ فيه طالب علم متخصص يميز في قضايا الاعتقاد فلا إشكال، لكن سيتعب من الكلام الإنشائي -كما سبق.

لو أن الكتاب هذب، وبقيت بعض العبارات التي -كما رأيتم- تقرب للعامة، وخرج في مجلد متوسط، وحذفت الأسماء التي لا تثبت لكان أنفع، بدلا من ثلاثة مجلدات كبار يُجعل في مجلد متوسط، ويُحذف كثير من الكلام الإنشائي، وتبقى بعض الأشياء التي تقرب المعاني يكون أنفع، وتعدل القضايا التي تتعلق بالاعتقاد إذا وقعت فيها المخالفة .

الكتاب الثاني عشر: "شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة" هذا الكتاب كتاب صغير في حجمه، يقع في مائتين وتسعين صفحة من الحجم الصغير، كتبه الشيخ سعيد بن على بن وهف القحطاني، وراجعه الشيخ عبدالله بن جبرين -رحمه الله-، والمؤلف أورد فيه تسعة وتسعين اسماً من أسماء الله -تبارك وتعالى- الواردة في الكتاب والسنة، وقد قرأ الأسماء التي اختارها على سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله-.

وطريقته يتكلم على الأسماء باختصار، ولا يُعنَى بالنقولات، وإنما يتكلم بكلام واضح مفهوم، سهل، لم يضع الكتاب على طريقة تأليف أكاديمية، وإنما كتبه بطريقة قريبة إلى الأفهام والأذهان، بكلام مختصر، لا يطول الكلام على الاسم الواحد، لكنّ كثيرًا من عباراته ليس من كلامه، وإنما من كلام غيره، فتجد الكلام مثلاً أحيانا لابن القيم، أو للشيخ عبدالرحمن بن سعدي، أو لابن كثير مثلاً دون إشارة، لكن نحن كيف نعرف هذا مثلاً؟، في المقارنة، حينما نقرأ بهذه الكتب متسلسلة، فهذا الكلام الذي مر بنا للشيخ عبدالرحمن بن سعدي نجده هنا من غير إحالة، الكلام الذي مر بنا من كلام ابن القيم نجده كثيراً مثلاً من غير إحالة، ولابد أن المؤلف قصد هذا، وقد يحيل في مواضع كثيرة، لكنه في كثير من الأحيان لا يحيل، قد يكون قصد هذا كما قلت؛ لأنه يرى أن هذه الطريقة لا إشكال فيها، أنه يؤلف تأليفاً مختصراً، فمن الناس من يترخص في الإحالة.

وعلى كل حال، يبقى الكتاب نافعًا مختصرًا واضحًا سهلًا، من قرأه لا يجد فيه بإذن الله ما يقف عنده ويستشكله.  

الكتاب الثالث عشر: وهو كتاب: "فقه الأسماء الحسنى" للدكتور عبدالرزاق البدر، هذا الكتاب يقع في ثلاثمائة وست وثلاثين صفحة، وأصل هذا الكتاب عبارة عن أحاديث، وحلقات أسبوعية في الإذاعة، قدمه في اثنتين وثمانين حلقة، وطريقته حينما يعد هذه الموضوعات أنه يكتب ذلك بصورة نهائية، يعني: تصلح أن تقدم للطباعة، ثم بعد ذلك يقدمها في الإذاعة، فاجتمعت له هذه الأسماء، بعدما انتهى صار مجموع ذلك يمثل هذا الكتاب، فطبع ووزع، ذكر في أوله مقدمات وقواعد في نحو سبعين صفحة، ثم بعد ذلك أورد أسماء الله -تبارك وتعالى- وكان مجموع ما ذكره مائة وسبعة من الأسماء.

وهو كتاب مفيد، سهل التناول، واضح، لا يطيل؛ لأنه قد راعى فيه -ما سبق- أنه أحاديث في الإذاعة، لكنه أوسع قليلا من كتاب الشيخ محمد بن سعيد بن وهف القحطاني، لكن طريقته تشبهه من جهة سهولة العبارة، وتقريب المعاني، لم يضع هذا الكتاب للمتخصصين، فمن قرأ الكتاب استفاد منه وانتفع وفهمه بإذن الله.

الكتاب الرابع عشر:"ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها" دراسة تربوية للآثار الإيمانية والسلوكية لأسماء الله الحسنى للشيخ عبدالعزيز بن ناصر الجليل.

هذا الكتاب صدر أخيراً عام ١٤٢٩هـ، طبعته دار الطيبة في الرياض يقع في ثمانمائة وخمسين صفحة، ذكر فيه مائة وتسعة من الأسماء، ابتدأ الكتاب بمقدمات قصيرة نحو ستين صفحة، تتعلق بالأسماء الحسنى، يذكر عناوين، ويذكر الآثار، وفيه كلام أهل العلم كابن جرير، وابن كثير، وابن القيم، وشيخ الإسلام، وابن رجب، وغير هؤلاء كثير، هذا الكتاب من أنفع الكتب، ومن أحسنها تصنيفاً، وأجمعها مادة، أستطيع أن أقول باختصار: الصيد في جوف الفِرا.

على كل حال، لو سألتم عن كتاب يصلح للتوزيع على عامة الناس مختصر وقصير؟ أقول: كتاب شرح أسماء الله الحسنى للشيخ سعيد بن وهف، صغير الحجم، والعامة لا يتحملون القراءة في الأشياء الطويلة، هذا يصلح للتوزيع، كتاب جيد مفيد، تقول: أريد كتابًا أوسع من هذا قليلاً بنفس الطريقة من السهولة والوضوح؟، أقول: فقه الأسماء الحسنى للشيخ عبدالرزاق البدر.

هذه كتب يمكن أن تنصح بها عامة القراء، ممن يريدون طَرْقاً سهلاً واضحاً لشرح هذه الأسماء الحسنى.

إذا قلت مثلا من كتب ابن القيم؟ أقول: يكفيك منهج الإمام ابن القيم في شرح أسماء الله الحسنى، للغامدي.

إذا قلت: كتاب النهج الأسمى، أو المنهاج الأسنى؟  

أقول لك: المنهاج الأسنى، للدكتور زين شحاتة.

لو قلت: أريد كتاباً يعتبر من المراجع العلمية الجامعة في هذا الباب الذي أستغني به عن غيره؟، أقول لك: "ولله الأسماء الحسنى"، قد قرأه المؤلف على الشيخ عبدالرحمن البراك -حفظه الله- كاملاً، كتاب جيد نافع.

 

لو قلت: أريد كتاباً يعتبر من المراجع العلمية الجامعة في هذا الباب الذي أستغني به عن غيره؟، أقول لك: "ولله الأسماء الحسنى"، قد قرأه المؤلف على الشيخ عبدالرحمن البراك -حفظه الله- كاملاً، كتاب جيد نافع.

 

لكن لو أنك سألت مثلاً هذه الأشياء التي يذكرها الدكتور زين شحاتة مما يؤثره هذا الاسم، أو من آثار هذا الاسم في الخلق، المخلوقات، جسم الإنسان، والكون، والنبات، وعالم الحيوان، ومن عجائب المخلوقات؟.

أقول: إذاً تحتاج إلى ذلك الكتاب في هذا الجانب، وباقي الأشياء في كلام أهل العلم، وبيان المعنى، وما أشبه ذلك في الآثار الإيمانية، هذا الكتاب يكفي.

استفاد مؤلفه من كل الكتابات السابقة التي سبقته، وزاد عليها، واستدرك، وتلافى الأشياء الموجودة في مثل كتاب النهج الأسمى، الأشياء التي ذكرتُ أنها تحتاج إلى تحرير، حينما نقرأ في هذا الكتاب لا أجد مثل هذه الأمور التي أقف عندها، وأرى أنها بحاجة إلى إعادة كتابة.

وهذا الكتاب "ولله الأسماء الحسنى" حصلت عليه بعدما بدأنا الكلام على الأسماء الحسنى بمدة، فلما نظرت فيه وجدت أن عامة ما أجمعه في الكلام على الأسماء الحسنى موجود هنا، حتى إنه لربما يخيل لمن حصل على هذا الكتاب أني أورد ذلك منه، مع أنه آخر ما قرأت.

لكن حينما بدأت أنظر فيه، وجدت أن الكلام الذي أورده عن الأسماء الحسنى مضمن في هذا، فازداد إعجابي به، وما حواه من الفوائد والنفائس، وهو كتاب جيد.

وبهذا تكونون قد عرفتم وأخذتم تصوراً لا بأس به -إن شاء الله- وإن كان مختصراً، لكنه يفيد، ويكون جواباً على السؤال المتكرر ماذا نقرأ؟، ما رأيك في الكتاب الفلاني؟

والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه.

مواد ذات صلة