الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فسيكون الحديث إن شاء الله عن أمور تتصل بمناسبة الزواج التي تكثر في هذه الإجازات، فنسأل الله -تبارك وتعالى- أن يوفق الجميع لكل خير، وأن يحسن لهم العاقبة في الأمور كلها، وأن يزوج الأيامى من الشباب والفتيات، وأن يزرق المتزوجين الذرية الطيبة، وقرة العين في الدنيا والآخرة.
طلبت من أحد الإخوان أن يذهب إلى جملة من الصالات والفنادق ثم بعد ذلك يأتي بتصور عن ما يعرض فيها، فذهب إلى مجموعة من هذه المحال هنا، وفي الرياض، وجاء بتفاصيل أذكرها مجملة ثم بعد ذلك نحسب بعض الحسابات على حد قريب من الأدنى، القاعات منها: ما يصل إلى 60 ألف، ومنها ما يزيد على ذلك، ولربما يصل بعضها إلى أكثر من مائتي ألف ريال.
غالباً ما يحسب هؤلاء بالكرسي كما يقولون، الكرسي يبدأ من مائة وعشرة ومروراً بمائتين إلى ثلاثمائة، بل أخبرني أحد الإخوان قريباً أنه استأجر صالة في إحدى المدن الكرسي بثلاثمائة ألف ريال غير المصاريف الأخرى كما سيأتي.
وهناك أشياء أخرى أيضاً؛ هؤلاء اللاتي يأتون بهن يضربن بالدف -إن التزمن ذلك- هؤلاء لربما تصل ابتداء من ثلاثة ألاف إلى اثنا عشر ألفاً وأكثر، كل بحسبه، ومنهن بعض المشهورات تطلب خمسين ألفاً.
وهناك أشياء أخرى: التذاكر والسكن والمتطلبات التي تطلبها إذا كانت جاءت من الخارج مع الفريق الذي معها.
وكروت الأفراح لربما البسيط منها تصل الواحدة إلى مائة ريال، ومن هذه البطاقات ما بين ثلاثمائة إلى ستمائة ريال إلى ألف، إلى ألف وخمسمائة وأكثر إذا كانت علبة فيها حلوى، أو فيها أحيانا يكون عبارة عن كتيب ومحلى ومزين.
وأما التصوير الذي ابتلي به كثير من الناس -وهو منكر لا يجوز بجميع أنواعه- فهو بحسبه أيضاً، فالتصوير العادي ما بين ألفين إلى خمسة آلاف لو استأجروا أناس يصورون، وأما الفيديو ما بين ألفين إلى أربعة آلاف، وأما الفيديو السينمائي فيصل إلى خمسة وعشرين ألف ريال، لربما يستأجر مفتشات للجوال، والأجرة للمفتشة ما بين ثلاثمائة إلى خمسمائة.
الحلويات بحسبها من ثلاثمائة إلى خمسمائة هذه العادية الصحن الواحد، ومنه ما يصل إلى ألف للصحن الواحد أو الطبق الواحد، وقد ذكر لي أحد الإخوان أنه في قاعة النساء خمسة من الصحون بخمسة عشر ألفاً، هذه الحلويات التي اشتراها.
وقل مثل ذلك مما يؤتى به عادة عند النساء كالفطائر كما يقولون، ونحو ذلك، الصحن الواحد لربما بثلاثمائة وأكثر.
التمور بحسب شكلها ونوعها، يبدأ الصحن الواحد من مائة إلى سبعمائة.
التسريحة والكوافير التي تزين بها هذه المرأة تبدأ من ألف فما فوق، فساتين الزفاف التي تلبسها المرأة المتزوجة إن كانت بالإيجار فهي تبدأ من ألف وستمائة إلى خمسة آلاف، هذا الذي بالإيجار، وأما بالشراء فاحسب من ألفين إلى ثمانين ألف فأكثر.
الزفات الشِعر، يؤلف شعر بمبلغ معين بهذه المناسبة من ثمانمائة إلى ألفين، هذا الشِعر، الطيب العود تأتي به أنت بحسبه من ثلاثمائة إلى ألف، الطاولات وتزيين الطاولات ونحو ذلك إذا هي أشياء بسيطة وعادية فمن ألف وخمسمائة إلى ثلاثة آلاف وخمسمائة، وإذا هي راقية فمن عشرة آلاف إلى ثمانين ألف، زينة الطاولات والكوشة كما يقولون.
الأشياء التي توضع في قاعات النساء: فقاعات صابون، وبخار، وإضاءة للعروس، ونحو ذلك؛ من ثمانمائة إلى ألف ومائتين.
هناك أشياء أخرى لم أذكرها، الذين يعملون عرضة أو يأتون بمغنية؛ المغنية لربما تصل إلى ثمانين ألف إلى أكثر من هذا بحسبها، وهذا من المنكرات.
فدعونا نأخذ أشياء نقول: قليلة أو قريبة من المتوسطة، إذا قلنا عدد المدعوين يصل إلى خمسمائة من الرجال، النصف إلى مائتين وخمسين، ومن النساء إلى مائتين وخمسين، هؤلاء خمسمائة، إذا قلنا الشخص الواحد بمائة وعشرين، وإذا قلت: مائة وعشرين معناها أنه لحم ورز وأشياء بسيطة جداً من المقبلات ما في أشياء ثانية ما فيه توسع، هذا غير قيمة الذبائح فهي غير محسوبة في هذا، إذا قلت: الشخص مائة وعشرين وعندك خمسمائة كم يصل؟ ستين ألف هذا العشاء، إذا قلنا: الشخص ثلاثمائة كما حدثني من تزوج بهذه الطريقة، ثلاثمائة للشخص الواحد معناها مائة وخمسين ألف هذه للعشاء، غير الأشياء الثانية التي معه كما سأذكر، مائة وخمسين ألف تدفع هذه فقط للصالة، قل بأن هؤلاء اللاتي يضربن بالدف ستة آلاف، لا نذهب بعيداً متواضعات، ومن نفس البلد، ما أتين من مكان آخر.
كروت الأفراح قل: بثلاثة ريالات الواحد خمسمائة، بطاقة هذه ألف وخمسمائة، عامة الناس ابتلوا بالتصوير ولا يجوز، قل: بخمسة آلاف.
مفتشات الجوال ما بين الثلاثمائة إلى الخمسمائة، قل: بأربعمائة الواحدة، قل: واحدة تفتش فقط عند النساء، الحلويات اعتبرها إذا اعتبرتها بأربعمائة ريال للطبق الواحد هذه خمسة أطباق عند النساء يسوي ألفين ريال، إذا قلت: إن الطبق الواحد بألف أضربها بخمسة هذه خمسة عشر ألف فقط للحلويات، الأشياء الثانية من الفطائر ونحو ذلك إذا قلت الصحن بثلاثمائة هذه خمسة صحون للنساء ألف وخمسمائة.
التمور إذا قلت: بثلاثمائة للصحن الواحد فهذه خمسة بألف وخمسمائة، هذه قيمة التمر، من أفضل أنواع التمر كما هو معلوم.
الكوافير قل: إنه بسعر لا بأس به ثلاثة آلاف للمرأة هذه.
أما الفساتين كل مرأة لابد أن تفصل فستاناً جديداً؛ لأن كل مناسبة تتطلب فستاناً جديداً بزعمها؛ لأن السابق مهما غلا ثمنه وحسنت أوصافه (مشيوف عليها) -يعني قد رؤيّ عليها- وإذا شافوه عورة؟!، عيب!، هذا مشيوف عليّ.
إذن كل مناسبة لابد من تفصيل جديد، وليته تفصيل فقط، صداع طويل، من سوق إلى سوق حتى تختار القماش، ثم بعد ذلك تبدأ في عصف ذهني، وتفكير طويل في اختيار الموديل، ثم الخياط المناسب، طبعاً دعنا من الذين يخيطون، أو يفصلون في باريس ولندن، لا، لا، نقول: هنا، فتصور عندك ما يصل إلى مائتين وخمسين امرأة من المدعوات، كل واحدة قل: بحد أدنى التفصيل مع القماش مع كل شيء بألف، طبعاً النساء إذا سمعوا هذا الكلام قالوا: يا حليلك يعني هذا ولا شيء، لكن قل: ألف، تدرون كم يطلع لكل واحدة لحضور هذه المناسبة، وعدد مائتين وخمسين ليس كثير في حضور الزواج، العادة يدعى أكثر من هذا، مائتين وخمسين ألف ريال هذا فقط فساتين المدعوات، ناهيك عن المنكرات التي سأتحدث عنها فيما في هذه الألبسة، وما يحصل فيها من التعري، وما ينافي الحياء مما يسخط الله -تبارك وتعالى.
فستان الزفاف الذي تلبسه لو قلنا: بمبلغ متواضع بخمسة آلاف، الأشياء التي تقال: في الزفة، وكذا من أشعار، ونحو ذلك قل: بألف وثلاثمائة، العود والطيب بسبعمائة، الطاولات والكوشة ونحو ذلك قل: بعشرة آلاف، الإضاءة والأشياء والفقعات بألف، المجموع على هذه الحسبة المتواضعة: ثلاثمائة واثنين وأربعين ألف ريال، هذا مبلغ كبير لمناسبة واحدة، والمرأة عادة كم تحضر مناسبة في الإجازة؟
ثلاث مناسبات، أربع، وكل مناسبة بهذه الطريقة، فكم يكون يا ترى من ميزانيات يمكن أن تغني الفقراء في البلد وتنحل مشكلات أصحاب ديون وإعواز وما إلى ذلك، الاعتدال في الأمور مطلوب، والمبالغة في مثل هذه الأشياء غير محمود، وإذا أردت أن تعرف عقول الناس فانظر إلى تصرفاتهم في مناسباتهم في حال الفرح يتبين لك صاحب العقل الرجيح الذي لا يحب المظاهر، ولباس نساؤهم من الاعتدال والحشمة والرزانة، ويتبين لك أهل الخفة وأهل المظاهر العقول تتبين في هذه المناسبات، تعرف عقول الناس في مناسباتهم، من يحبون الفخر ويحصل لهم شيء من عدم التوازن في مثل هذه المقامات.
ولذلك أقول: من الخطأ أن تترك هذه الأمور للنساء فيضيع لب الرجل الحازم، ولربما بعضهم لا يستطيع يتحمل الديون، في بعض البلاد المجاورة الصالات تابعة للجمعيات التعاونية فهي بأسعار رمزية لا تكلف كثيراً، هذا جيد، وأتمنى لو أنه وجد عندنا في كل مدينة، يحصل تظافر الجهود بين الإمارة والجمعيات الخيرية، -دار البر وما شابه- بحيث يوجد في كل مدينة صالات تابعة للجمعيات، مع أني أقول: ابتداء من الآن بأن الكثيرين حتى من الفقراء يذهب ويقترض، وبعضهم يجمع الزكوات من أجل أن يستأجر صالة لربما بثلاثين أو أربعين ألف، وقبل أيام وهو مثال من الأمثلة التي تتكرر: شخص يسأل، وجيد أنه يسأل؛ لأن الكثيرين لا يسألون أصلاً يقول: أنا بحاجة إلى مساعدة زواج، لكن هذا يسأل يقول: بأنه وفر كل ما يحتاج إليه من مهر ونحو ذلك من الزكوات لكن عنده مبلغ من المال هو يريد أن يجعله في الصالة فهل فعله هذا من الناحية الشرعية صحيح؟ بمعنى أنه استحق الزكاة في المهر، وهنا صارت أمواله الخاصة في الصالة، مثل هذا لا تبرأ ذمته ولا يحل له أن يأخذ من الزكاة شيئاً، وهو بهذه المثابة، ولا زلت أذكر يوجد في إحدى المدن عندنا صالة أسسها أحد التجار؛ لتكون صالة خيرية، صالة ممتازة على شارع من أشهر الشوارع وكبيرة، فأحد الأشخاص زواجه من المساعدات فاقترحت أن يتزوج في هذه الصالة إن كان ولابد من صالة وجمع الحشود من الناس، فرأيت تلكأً فسألته عن هذا لماذا؟ قال: يعني من الناحية الاجتماعية، هذا طالب علم، من الناحية الاجتماعية، ما معنى هذا الكلام؟
معناه لا يريد أن ينظر إليه الناس أنه متزوج في صالة خيرية، الإيجار أظنه كان بألفين وخمسمائة، يريد أن يستأجر في صالة، وهذه المشكلة موجودة ليست فقط في الصالات حتى في استئجار البيوت وكذا، بعضهم يستأجر أحياناً شقة أو كذا قد تقيمها أنها لا تساوي خمسة وعشرين ألف، لكن تفاجأ أنها بثمانين ألف، لماذا؟
هذه المسألة فيها ناحية اجتماعية، أنا مستأجر بثمانين ألف، هذه عقول لا يعول عليها، فأصبح كثير من الناس يُعنى بالمظاهر، رقم الجوال، ورقم السيارة، رقم سيارة يُباع بستة ملايين، سبعة ملايين! أين يوجد هذا! وأرقام نسمع الآن أرقام أخرى أيضاً صارت يريد أن يكون الرقم مميز، هو يتميز بالرقم لا يتميز لا بعلم، ولا بعمل، يتميز برقم، هذا خطأ، فينبغي على الإنسان أن يعرف، ويتعقل، يعرف الأمور ويزن الأشياء بالميزان الصحيح.
وهذا الذي ذكرته ليس فيه حسب ما يتصل بالذهب والأمور هذه والمهور المبالغ فيها أحياناً، بعضهم ربما يحتاج إلى مساعدة في الزواج فإذا سأل عن المهر قال: بثمانين ألف، بسبعين ألف، بمائة ألف، زواج على المساعدات بثمانين ألف المهر فقط، دعك مما يوجد في بعض البيئات عندهم أيام هناك قبل الدخول يمكن حوالي ست أو سبع مناسبات عندهم الملكة هذه مثل الزواج في فندق في بعض البيئات، وعندهم يوم الشبكة، ويوم الحناء، أيام، وكل يوم فيه أشياء معينة، ويوم الشبكة يضعها في عربة ثم يأتي بها وعليها أشياء من الهدايا والنفائس، كل هذا ما أنزل الله به من سلطان، والمشكلة أن هذه الأمور العادات عندما تترسخ تأسر الناس أسراً، فإذا أراد الواحد أن يفارقها قيل له إلى أين؟! وماذا سيقول الناس؟! للأسف.
فينبغي توعية الناس في مثل هذه الأمور، وأيضاً دفع ما يمكن دفعه من هذه العادات البائسة قبل أن تتوطن، تغزوا عادات جديدة كل مرة ثم يصبح الزواج في غاية الصعوبة والكلفة، هذا الشاب الذي ربما لا يجد ثلاثة آلاف في الشهر أو نحو ذلك لما يطالب بهذه التكاليف الباهظة لا يستطيع أن يتزوج، وإذا تزوج لربما يجد في نفسه نقمة على هذه المرأة، وأن ما دفعه إنما هو مغرم، فهو يريد منها أن تكون على الكمال في كل شيء؛ لأنه بذل فيها ما يملك وركبته الديون بسببها فإن لم توافقه فما ظنكم؟! ثم أدى ذلك إلى ما نراه من بقاء النساء في البيوت، امتلأت البيوت بالفتيات، وبعضهن تجاوزت سن الزواج، وهذه مشكلة ومصيبة تحتاج إلى علاج جذري، ومن أسبابها ما ذكرت، التسهيل في الأمور هو المطلوب.
والله الموفق، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.