الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فنواصل الحديث فيما يُستخرج من الهدايات من آي هذه السورة الكريمة الزهراء سورة آل عمران، لما ذكر الله -تبارك وتعالى- حال هؤلاء اليهود وما هم فيه من الاغترار، وما صدر عنهم من قولهم: لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ [آل عمران:24]، وتوعدهم الله، وأكذبهم بهذه الدعوى.
قال بعد ذلك: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [آل عمران:26]، هذا تعليم من الله -تبارك وتعالى- لنبيه ﷺ كيف يقول، وهو تعليم لأمته؛ لأن الخطاب للنبي ﷺ هو خطاب للأمة؛ باعتبار أن الأمة تُخاطب بشخص مقدمها وقدوتها ﷺ.
قُلِ اللَّهُمَّ قل أيها النبي متوجهًا إلى الله -تبارك وتعالى- بالثناء والدعاء والحمد: يا من له الملك كله أنت الذي تهب الملك لمن تشاء، تُمكن لمن تشاء، وأنت الذي تنزع الملك فيُسلب ذلك الذي وهب الملك ملكه، وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ، وأنت الذي تهب العزة في الدنيا والآخرة لمن تشاء، وأنت الذي تُذل في الدنيا والآخرة من تشاء.
بِيَدِكَ الْخَيْرُ فكل خير هو في خزائنه -تبارك وتعالى-.
إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لا يمتنع عليك شيء ولا يتعاصى، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
يؤخذ من هذه الآية من الفوائد: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ هذا أمر للنبي ﷺ، وذلك يدل على أن النبي ﷺ عبد مأمور أرسله الله -تبارك وتعالى- ليُبلغ عنه، فالله يأمره: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ فالنبي ﷺ مُبلغ عن الله.
وفي قوله -تبارك وتعالى-: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ في ضمنه تعليم للنبي ﷺ ولأمته أيضًا التسليم الكامل لله ، والتفويض الذي يُثمر الثقة والتوكل على الله وتقدست أسمائه.
قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ هذه هي أعلى ما يمكن من التمكن عند أهل الدنيا هو الملك، فالملك في تفسيره وحقيقته هو التصرف المُطلق، يعني: بمعنى أنه يتصرف من غير أمر أو نهي وإنما هذا في أصله، فالله له الملك الحقيقي، وله الملك في الدنيا والآخرة، ولهذا خص يوم الدين في قوله: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4]؛ لأن من ملك يوم الدين وهو اليوم الذي لا نهاية ولا انقضاء للآخرة بخلاف الدنيا فهي تنقضي سريعًا، الآخرة باقية فإذا ملك الباقي فهو أملك لما دونه، وإذا ملك ذلك اليوم العظيم الذي تعظم فيه الأهوال والأوجال فهو لما دونه أملك، وهو الذي يملك ذلك اليوم الذي لا يدعي فيه أحد الملك البتة: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ [غافر:16]، لا أحد يجرؤ أن يقول: أنا ليّ الملك، فيكون الجواب: لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ [غافر:16]، له وحده دون ما سواه، فهذا هو الملك العظيم، الملك الحقيقي، فهنا تعليم من الله -تبارك وتعالى- يُثمر ثقة وتوكلاً بالمعبود كأنه يقول للنبي ﷺ لك سند ولك قوة عظيمة تركن إليها، وفي ذلك إشعار -والله أعلم- بما يكون إليه أمر هذه الأمة من السيادة والسنى والملك، فإذا كان الملك كله لله وهم أولياءه وهذا رسوله فإن ربنا -تبارك وتعالى- وعد بنصر نبيه وأتباعه وأنه ولي لهم، فإذن هذه الهبات العظيمة ستكون لهم، وأن العاقبة والتمكين والقوة سيكون لهم؛ لأن ذلك عند الله، ولن يكون ذلك إحسانًا أو عطية من أحد من أهل الأرض، لن يعطيهم ذلك ملك بني الأصفر -الروم-، ولن يُعطيهم الملك ملك فارس، وهما أعظم الملوك في ذلك الزمان.
كذلك أيضًا: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ الحديث عن اليهود قبلها، وهؤلاء اليهود قد حسدوا النبي ﷺ وهذه الأمة على تحول الكتاب والنبوة فيهم، موسى يُذكّر قومه: اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ [المائدة:20]، لكنهم لم يكونوا بتلك المنزلة فاستحقوا الإبعاد واللعن والطرد، قال الله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا [فاطر:32]، وهم هذه الأمة بطبقاتها الثلاث: فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ [فاطر:32]، فهذا أوقع حسدًا في نفوس هؤلاء اليهود، زال عنهم النبوة، ومن ثَم زال عنهم التمكين والقوة والملك فصاروا بحال كما قص الله -تبارك وتعالى- وكما حكم: وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا [الأعراف:168].
وما كتب الله عليهم من الذل والصغار وما وعد بأن يبعث عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب، فهم صاروا من العز والتمكين والقوة والنبوة والقُرب إلى حال من البُعد والذل والمهانة، فهنا كأن ذلك أيضًا يُشير إلى هذا المعنى، هؤلاء الذين يجادلون ويأبون الحق ويُدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم بعد ذلك وهم معرضون بدعاوى باطلة، وغرور، يقولون: لن تمسنا النار إلا أيامًا معدودات، يفترون الفِرى الكبار، وأنهم أولياء الله وأحباؤه، فهذا فضل الله يؤتيه من يشاء، وفيه أيضًا تسلية للنبي ﷺ فهؤلاء اليهود يؤذونه ويُحاربونه ويُحاربون أتباعه، فهنا كأنه يقول: الأمر كله لله.
وفي هذا توجيه لأهل الإيمان باللجأ إلى الله -تبارك وتعالى-، وطلب التمكين منه، وتفويض الأمور إليه، والتوكل عليه باعتبار أنه الذي يملك الملك؛ فيهب الملك لمن شاء من عباده، وينزع الملك ممن شاء، لا حسيب عليه، ولا رقيب، ولا مُعقب لحكمه، ولا راد لقضائه، وقال حينما أهلك قوم صالح ثمود: فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا وَلا يَخَافُ، هذا التعقيب، وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا [الشمس:14-15]، يعني: قد يفعل الإنسان ينتقم من ظالم قد يبطش بمفسد لكنه يخاف العواقب، ما هي ردود الأفعال، الانتقام، هنا: وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا [الشمس:15]، فذلك لكمال قوته، ومن الخلق! فإذا كان ربنا -تبارك وتعالى- بهذه القوة والملك العظيم بحيث أنه يهب لمن يشاء وينزع من يشاء الملك فما دونه، فهذا الذي ينبغي أن تُطلب القوة والتمكين منه، ولا يُتلفت إلى غيره، الأمة تتوجه إلى الله حينما تُريد أن يُمكن لها، وذلك أيضًا يرفع الخوف من نفوس المؤمنين فلا يخافون أعداء الله مهما كان ومهما عظم سلطانهم، فالملك بيد الله ينزعه ممن شاء، ولذلك تجد مصداق هذا ظاهرًا في التاريخ الطويل، فذهب مُلك كسرى على عِظمه، وانتثله هؤلاء الأعراب الذين كانوا يُقال لهم: ذباب الصحراء، لم يكونوا أعرابً؛ لكن هكذا ينظرون إليهم ذباب الصحراء، وجاءوا إلى المدينة بتاج كسرى وسواريه، وأملاك عظيمة من الذهب والفضة، ووضعت في مسجد رسول الله ﷺ.
وهكذا عبر التاريخ قبل ذلك وبعده كثير، وفي عصرنا الحاضر شاهد الناس من هذا عبرًا وعظات، يُصبح الرجل ذا سلطان ثم يُمسي وقد سُلب ملكه وسُلطانه، وتجد الرجل يُمسي ذا سلطان ويُصبح وقد سُلب ذلك فيصير إلى حال قد لا يتمناها أضعف رعيته وأفقر رعيته، لو قيل له لأضعف هؤلاء الرعية: تريد أن تكون مكانه الآن؟ لقال: لا في لحظة، فالملك الحقيقي لله ، وهذا إذا كان في الملك فكيف بسائر الولايات التي هي دون الملك، ومن هنا فلا يمكن للإنسان أن يغتر إذا صارت له ولاية، ثم بعد ذلك يتخذ ذلك ذريعة لظلم الناس وتضييع حقوقهم، أو التعالي عليهم، أو نحو هذا فهذا كله بيد الله، فتجد هذا الرجل الذي كان سيدًا مُطاعًا أو رئيسًا أو وزيرًا أو نحو ذلك بلحظة يكون إلى حال من الذل والمهانة بلحظة واحدة، وما عادت الأمور كما كانت قديمًا لربما لا يتسامع بها إلا بعض الناس، وإنما بلحظة يسمع بذلك من بأقطارها، ولهذا كان بعض العقلاء ممن ذكرهم التاريخ مع ما كانوا فيها من المؤهلات لربما عُرض على بعضهم شيء من الولايات فكان يعتذر، فلما سُأل عن هذا ذكر أن مشهد العزل حجبه ومنعه من الفرح بالتقليد، تقليد الولاية، يعني يتذكر المشهد الآخر فيما بعد العزل حينما يُعزل عن هذه الولاية.
فهذه كلها ينبغي أن تُسخر -كل هذه الولايات الصغار والكبار- فيما يُرضي الله -تبارك وتعالى- وينفع الخلق، لو الدهر قُلب، والعقل لا ينظر إلى اللحظة التي يعيشها وإنما ينظر إلى ما وراء ذلك، تقلب الزمان بأهله، ويتعظ ويعتبر بغيره ويخاف، ويكون كالذي في لُجة البحر والأمواج تحيط به من كل جانب، ويقول: اللهم سلم، اللهم سلم، ولا يمكن أن يغفل وينسى ويسهوا عن مثل هذا، ولكن كما قال الحافظ ابن القيم -رحمه الله-[1] بأن الولاية لها سكرة أعظم من سكرة الخمر، فتجد الرجل لربما تنكر لأصحابه، ورفقاءه، وتغيرت حاله عليهم تمامًا فيعجبون، -يعني حينما حصلت له ولاية-، ولو أنه سكر شرب المُسكر فتغيرت حاله عليهم لم يعجبوا، والواقع أن السُكر الحاصل مع الولاية أعظم من ما يكون من شُرب المُسكر إلا من رحم الله -تبارك وتعالى- وهدى، ونسأل الله أن يهدينا وإياكم لصالح الأعمال والأخلاق.
وقوله -تبارك وتعالى-: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ "الملك" فـ "ال" هذه يمكن أن تكون للاستغراق، كل الملك هو مالكه هو الذي يملكه، فإذا كان هو الذي يملكه النتيجة مذكورة بعده: تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ ولاحظ أنه عبر هنا بالإيتاء ما قال تُملك الملك؛ لأن المسألة إيتاء وهو شيء مؤقت وملك الله -تبارك وتعالى- مُطلق ولم يُسبق بفقد، ولا يلحقه فقد، يعني للملك، أما ملك المخلوق فهو مسبوق بفقد، ويعقبه فقد ولا محاله، إن بقي على ملكه إلى الوفاة فإن الموت يكون سلبًا لملكه، ثم أيضًا هذا الملك للمخلوقين يعتوره ما يعتوره من النقص كما لا يخفى، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كتابه "العبودية"[2] بأن الإنسان قد يكون ملكًا في الظاهر ولكنه عبد في الباطن لمن لا يقوم ملكه إلا بهم، يعني من الأتباع والأعوان ونحو ذلك، ولهذا في أعظم آية في كتاب الله آية الكرسي: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ [البقرة:255]، يعني: أن ذلك من أملاكه -تبارك وتعالى-، لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [البقرة:255]، فقوله: مَنْ ذَا الَّذِي هنا الاستفهام بمعنى النفي، يعني لا أحد يشفع عنده إلا بإذنه، ما معنى هذا؟ لكمال غناه ولكمال ملكه، ولهذا العلماء يقولون في هذا الموضع: المخلوق من ملوك الدنيا، يأتي الناس يشفعون عنده من غير إذن، قد يقبل هذه الشفاعة، وقد لا يقبل، لكن الله لكمال الغنى وكمال الملك لا أحد يجترئ على الشفاعة إلا بإذنه، يأذن للشافع، ويرضى عن المشفوع، ويأذن بالشفاعة ثلاثة أشياء؛ لكمال الغنى والملك بينما أهل الدنيا يشفعون عنده من غير إذن، ثم كما قال شيخ الإسلام: "قد يقبل هذه الشفاعة وإن كان لا يُريد"[3]، لماذا؟ إما لأن هذا الشافع لا يقوم ملكه إلا به، أو خوفًا من غوائله، يعني يخاف أن ينقم عليه الشافع فيقبل شفاعته خوفًا من غوائله، أو لحاجته إليه أو نحو ذلك، هذا كله يرجع إلى معنى واحد وهو الفقر أن المخلوق فقير مهما كان، مهما علا شأنه الإنسان له فقر ذاتي لا يمكن مهما كبُرت دعواه وقال: إنه غني، الواقع أنه فقير غاية الفقر، ولو نظر الإنسان إلى نفسه في حال المرض، أو التعب، أو مغالبة النوم والنُعاس مشهد يتكرر في كل يوم، هذا الإنسان الذي في غاية النشاط إذا رأيته وهو في حال من مغالبة النوم رأيت مشهدًا من مشاهد الضعف البشري، فالله لا تأخذه سنة ولا نوم، دعك من الأمراض وغيرها، ولهذا قال ابن جرير في قوله: لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ أن ذلك بمعنى أنه "لا تحله الآفات، ولا تناله العاهات"[4]، يعني: نفي السِنة والنوم ليس بمجرده فقط فإذا نفى السِنة والنوم معناه أنها لا ترد عليه علة أصلاً، لكن الإنسان في لحظة عِرق يتجمد أقل من الثانية يذهب في خبر كان، مع القوة والفتوة والعضلات والتمارين اليومية، والمشي خمسة كيلو مترات كل يوم ويفتخر بهذا بلحظة يسقط كأنه خرقة، هذا إذا ما مات أو فقد الإحساس تمامًا ودخل في إغماءة طويلة غيبوبة، يرثي له أضعف الناس.
هذا هو الإنسان، لو أصابته شوكة، لو كدمة، لو لفحه الهواء، لرأيته في حال من الاعتلال والضعف الهواء يؤذيه، والشمس تؤذيه، والبرد يؤذيه، يأكل الأكلة فيمرض، ويشرب الشربة فيمرض، وإن حُرم الأكل والشُرب مات، هذا هو الإنسان الضعيف المسكين، ولذلك هذا الذي ادعى الإلهية والربوبية فرعون غرق في الماء، وألقاه البحر على الساحل ليراه الناس ويتأكدوا هذا الذي يدعي الإلهية، قد يقولون ما مات هذا لا يموت، هذا هو، كأني أراه مُلقًا قد انطرح على وجهه وتجرد من ثيابه، كأنه قشة ويدعي الإلهية والربوبية: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى [النازعات:24]، مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي [القصص:38].
هكذا الإنسان: كَلَّا إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى [العلق:6-7]، حينما يُصيبه أدنى الأشياء فإنه يُدرك ضعفه فيلجأ إلى ربه -تبارك وتعالى- مُتضرعًا سائلاً مُخبتًا فإذا كُشف عنه ذلك الضُر رجع إلى عنتريته ونسي ما كان يدعوا إليه من قبل، هذه طبيعة في الإنسان إلا من رحم الله -تبارك وتعالى-.
أسأل الله أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، ويجعلنا وإياكم هداة مهتدين، اللهم ارحم موتانا، واشف مرضانا، وعاف مبتلانا، واجعل آخرتنا خيرًا من دنيانا، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم، ربنا اغفر لنا ولوالدينا ولإخواننا المسلمين، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.
- انظر: روضة المحبين ونزهة المشتاقين (ص:152).
- العبودية (ص:88).
- انظر: مجموع الفتاوى (1/ 120).
- تفسير الطبري (4/ 532-533).