الإثنين 23 / جمادى الأولى / 1446 - 25 / نوفمبر 2024
(051) قوله تعالى: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ..} الآية
تاريخ النشر: ٢٤ / ذو الحجة / ١٤٣٧
التحميل: 617
مرات الإستماع: 1143

الحمد لله، والصلاة، والسلام على رسول الله، أما بعد:

لما قص الله -تبارك وتعالى- خبر امرأة عمران، وذكر نذرها، ودعاءها، وسؤالها إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ۝ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [آل عمران:35-36]، بعد ذلك أخبر الله عن قبول هذا النذر فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ [آل عمران:37].

فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ استجاب الله دعاءها، وقبل نذرها، فقد قالت: إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي [آل عمران:35].

ومن هنا أيها الأحبة! ينبغي على الإنسان إذا تقرب بعمل صالح أن يُتبع ذلك الدعاء، والسؤال للقبول فَتَقَبَّلْ مِنِّي، والتوسل إليه بالأسماء اللائقة بهذا المقام إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ تسمع دعائي، وتعلم بحالي العليم، فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ، بِقَبُولٍ حَسَنٍ بأحسن قبول، وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا فكان لها من النشأة، والنماء بأنواعه ما يفوق نظائرها.  

وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا هيأ الله -تبارك وتعالى- لها زكريا، وهو زوج خالتها على المشهور، فصار كافلاً لها.

وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ [آل عمران:44]، يلقون السهام، القُرعة، يتنافسون كل واحد يقول: أنا أتولى أمرها، فكان السهم لزكريا، لزوج خالتها.

وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ المحراب هو أشرف المواضع، ولكن ليس هذا هو المراد، سُمي بالمحراب؛ لأنه أشرف المواضع في المسجد، يتقدم فيه الإمام، لكن المقصود بالمحراب مكان العبادة، الموضع الذي كانت تتقرب إلى الله فيه، وتمكث فيه للعبادة، فيُقال: المحراب لأشرف المواضع، فسُمي المكان الذي يصلي فيه الإمام بهذا الاعتبار.

كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا، وجد عندها رزقًا غير ما يأتيها به، وإنما هو شيء من فضل الله -تبارك وتعالى- بصرف النظر عن نوعه، وجنسه، بعضهم يقول: يجد فاكهة الصيف في الشتاء مما لا عهد لهم به، ويجد فاكهة الشتاء في الصيف مما لا عهد لهم به، فهو يعجب، ويسألها، وهو كافلها أَنَّى لَكِ هَذَا من أين لك هذا الرزق الطيب؟! قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ [آل عمران:37]، بغير عِوض، بغير مقابل، أو بغير عد، يعني: يرزق رزقًا واسعًا، كثيرًا، والعرب يقولون: بأن الشيء إذا كثُر لا يُحصى، ولا يُعد، ولا يحُسب، يقولون: إذا زاد عن أربعين؛ فإنه يكون كثيرًا، فهذا العطاء الكثير يُقال: بغير حساب إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وقد مضى الكلام على نظائره في مناسبات سابقة بِغَيْرِ حِسَابٍ بغير عِوض.

وكذلك أيضًا هو كثير واسع، القليل يُعد دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ [يوسف:20] لكن الكثير يكون حثوًا بلا عد، ولا حسبان.

يؤخذ من هذه الآية الكريمة أيها الأحبة! من الفوائد، والهدايات: سرعة القبول، لاحظ الفاء تدل على التعقيب المُباشر، هي قالت: فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، امرأة تُناجي ربها، وتسأله، ويأتي مُباشرة الجواب: فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ فهذه الفاء تدل على سرعة الإجابة، وتدل على معنى آخر أيضًا، وهو أن ما بعدها مُرتب على ما قبلها، ماذا عملت؟

نذرت، وسألت القبول فَتَقَبَّلْ مِنِّي، ثم اعتذرت لما جاء المولود أنثى مما يدل على صدقها.

وكذلك أيضًا المؤكدات الموجودة في هذا الدعاء، والسؤال، والخطاب لربها وباريها "إني" فهذا للتوكيد إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى، إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا.

وكذلك التوسل إلى الله بهذه الأسماء رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ، رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى، فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، لاحظ هذه الأسماء تتكرر في دعاء قصير.

فيحتاج العبد أيها الأحبة! إلى ضراعة، وتقديم الأسباب للقبول.

فأسباب القبول منها ما ذُكر في هذه الآية، وتضمنته من ذكر التوسل بالأسماء الحسنى، والإخبات، وسؤال القبول لا يكون العبد كالذي يتعاظم، ويُعجب بعمله، نذرت لك كذا، ضمن القبول، لا، فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، وهذا لا يقوله إلا من كان صادقًا مُخلصًا كيف يُشهد الله على ما في قلبه عليم بحالي، وبنيتي وقصدي.

فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ لاحظ دعائها رَبِّ، فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا فالقبول من معاني الربوبية، العطاء، المنع، الإجابة، فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا، ولاحظ أيضًا هنا التعبير بقوله فَتَقَبَّلَهَا ما قال: فقبلها، والقاعدة أن زيادة المبنى لزيادة المعنى، يعني: إذا زاد حرف في الكلمة ففيه معنى زائد، فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ لاحظ هي ماذا قالت؟

قالت فَتَقَبَّلْ ما قالت فاقبل فَتَقَبَّلْ فهذا التقبُل يدل على أن هذا التقبُل مستصحب لها في كل أحوالها فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ في كل طور من أطوارها منذ نذرت، حتى ولدت، حتى شبت، واكتملت، تقبلها الله -تبارك وتعالى-، وهذا القبول مُطلق، فَتَقَبَّلَهَا ما قال: فتقبل عملها مثلاً، وإنما تقبلها بكليتها، بما في ذلك العمل الذي يصدر عنها.

وإذا قبِل الله عبدًا لا تسأل عن حاله، وما يُساق له من الألطاف الربانية، وما يكون فيه من الخيرات، والبركات، ومن ذلك ما ذكره الله -تبارك وتعالى-: كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا إذا قبل الله العبد فإن ذلك يكون في بحبوحة من ألطاف الله في الدنيا تغمره الرحمات، وفي البرزخ، وفي عرصات القيامة، وفي الجنة، ولهذا يسأل الإنسان دائمًا ربه، القبول فإن الله -تبارك وتعالى- إنما يتقبل من المتقين.

فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ، لاحظ تقبلها بقبول، فذكر التقبل، وما فيه من الزيادة في اللفظ، ثم ذكر القبول بِقَبُولٍ حَسَنٍ فجمع بين هذا وهذا؛ ليدل -والله أعلم- على ما ذُكر بعده بِقَبُولٍ حَسَنٍ، القبول قد يكون على شيء من الإغضاء، والإغماض كما قال الله في النفقات التي تكون من قبيل الدون: حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران:92]، وقال: وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ [البقرة:267]، أمر بالإنفاق مما يُحب الإنسان، ونهى عن قصد الخبيث وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ، ولا تقصدوا، الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ، يعني: لو أعطي لكم، إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ [البقرة:267]، يعني: على إغضاء، وإغماض، أغمض عن كذا غض الطرف عما فيه من النقص، والعيب فيأخذه حياء، ومداراة لكنه لربما يتخلص منه من الناحية الأخرى.

فقد يأخذ الإنسان على إغضاء، ولكن هنا القبول، جاء بهذا القيد، والوصف الكامل بِقَبُولٍ حَسَنٍ، وجاء الوصف هنا بهذه الصيغة مما يدل على كمال هذا القبول "حسن" بِقَبُولٍ حَسَنٍ، وهذا أيضًا فيه التوكيد بالحرف الباء ما قال: فتقبلها ربها قبولاً حسنا، لا، بِقَبُولٍ حَسَنٍ فالباء هذه تدل على توكيد لهذا القبول، بِقَبُولٍ حَسَنٍ فصار هذا الحرف كالآلة للتقبل، فهذا يدل على مزيد عناية بهذا المُتقبل، بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا.

لاحظ هنا التعبير بالإنبات وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا، وهذا الإنبات يشمل الإنبات بنوعيه: نبات وإنبات الجسد فيشب، ويترعرع في مدة قياسية على غير نظائره.

وكذلك الإنبات الآخر إنبات الأرواح بالعلوم، والفهوم، والمعاني، والألطاف الربانية، والأخلاق الكاملة، والأوصاف الحميدة.  

وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا فهذا تعبير عن التربية بالإنبات؛ لأن هذه حقيقة التربية التي جاءت في القرآن باسم التزكية، "ويُزكيهم" قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا [الشمس:9]، فلفظ زكى يدل على معنيين في ضمنه:

المعنى الأول: تطهير حتى يكون المحل قابلاً.

والثاني: إنماء هنا أَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا، ولاحظ أنه أضاف ذلك إلى نفسه، ولم يُضفه إلى زكريا  مع أنه لا شك من كبار المربين، فالأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- إنما بُعثوا للبلاغ عن الله ، وتزكية النفوس.

يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ [البقرة:129]، فتلاوة الآيات بالبلاغ، والتعليم هذا الفرع الأول؛ التعليم، التحفيظ، الإقراء، يبقى الجانب الثاني: التربية على هذه الآيات التي لقنهم إياها، وعلمهم إياها، فيجتمع لهم هذا وهذا؛ العلم والتربية، فالعلم بلا تربية لا ينفع، فإن العلم إذا صار إلى نفوس فيها ما فيها من الإيحاش والجفاف فإن ذلك لا يتغلغل فيها، ولا يُثمر الثمار الطيبة، بل يصير -كما هو مشاهد- إلى حال غير محمودة، من الإعراض عن آيات الله، وما في مضامينها من الأحكام، والحِكم، والمعاني، والهدايات.

مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا [الجمعة:5]، أسوء، وأقسى، وأشد مثلين في القرآن مضروبة، مثل لأمة: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ [الجمعة:5]، والثاني لفرد لا يُقصد به المُعين، وإن قال: بعضهم بأنه فلان من الناس، ولكنه يصدق على كل من كان بهذه الصفة آتاه الله آياته لكنه لم يقم بها كما يجب فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ۝ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ [الأعراف:175-176]، فذكر الداعي إلى الانتكاسة، الإخلاد إلى الأرض بكل معانيها، المال، الشهرة، الرئاسة، إلى غير ذلك من المطالب التي قد يوظفها حامل القرآن في غير وجهها.

أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ، وذكر الكلب في أسوء صوره، وحالاته، وهو حينما يُخرج لسانه يُحركه فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ، يعني: تطارده، تدفعه، تزجره يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ، أو تتركه في حاله، وفي سبيله يَلْهَثْ [الأعراف:176]، فهذا في جريه خلف الدنيا، وتهافته عليه صار بهذه المثابة، لكن إذا كان هذا الوحي وهذه التزكية معه فهنا يكون الإنبات حسنا.

أضاف الله ذلك إلى نفسه وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ما قال: أنبتها زكريا إنباتًا حسنا، فإن المخلوق لا يملك ذلك، هذا لله -تبارك وتعالى- إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [القصص:56]، نوح يقول: لابنه ارْكَب مَّعَنَا [هود:42]، ولكنه أبى، وحملته شقاوته على الهلاك بكل معانيه بالغرق، وبالحرق بالنار، وَلا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ [هود:42]، ما قال: ولا تكن مع المغرقين، غرق يغرق الإنسان، ويكون شهيدًا، الغريق شهيد، ولكن إذا كان مع الكافرين فهذا هو الهلاك المحقق.

فنوح لم يستطع هداية ابنه هداية التوفيق، والنبي ﷺ لم يستطع هداية أبي طالب مع أنه بذل، وقدم ما لم يُقدمه كثير من المسلمين، وإنما ذلك إلى الله، فالمُربي هو كباذر الحبة، فقد تنبت، وقد لا يخرج منها شيء، والناس منابت مثل الأرض، والله هو الذي يُخرج النبات، ويُحيي الأرض بعد موتها.  

هذا المُزارع، هذا الباذر عليه أن يبذل السبب، يُلقي البذور، ويتعاهد ذلك بالسقي، ويضع عليها السياج الذي يحميها من المؤثرات الأخرى، ولكن القبول من الله، والهداية من الله، وتجد ابنين، أو بنتين في بيت واحد، من مشغب واحد، في بيئة واحدة، من أبوين، هذه يكون لها أحسن الأحوال في النماء، والإنبات، والزكاء، والقبول، وتلك أبعد ما تكون، تبحث عن الشقاء، وعن أسبابه، وتُلاحقها، وتنفر غاية النفور من الخير، وأسباب النجاة، والسعادة في الدنيا والآخرة،  فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا [آل عمران:37].

أتوقف هنا على كل حال، أدركنا الوقت، وأتحدث عن بقية الآية -إن شاء الله تعالى- في الليلة الآتية.

وأسأل الله أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، ويجعلنا وإياكم هداة مهتدين، اللهم ارحم موتانا، واشف مرضانا، وعاف مبتلانا، واجعل آخرتنا خيرًا من دنيانا -والله أعلم-.

وصلى الله على نبينا محمد، وآله، وصحبه.

مواد ذات صلة