الخميس 19 / جمادى الأولى / 1446 - 21 / نوفمبر 2024
(057) قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ..} الآية:42
تاريخ النشر: ٠٢ / محرّم / ١٤٣٨
التحميل: 541
مرات الإستماع: 1155

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فلما ذكر الله -تبارك وتعالى- بشارته لزكريا بالولد وتعجبه من ذلك، وما جعل الله له من الآية الدالة على انعقاد الحمل، قال الله -تبارك وتعالى- بعد ذلك: وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ۝ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ [آل عمران:42-43].

قَالَتِ الْمَلائِكَةُ كما سبق فإن ذلك كما قال بعض أهل العلم: يحتمل أن يكون المراد: قَالَتِ الْمَلائِكَةُ أنه من العام المراد به الخصوص، يعني: جبريل .

يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ اختاركِ لطاعته وعبادته، وكذلك أيضًا لتكون آية للعالمين مع ابنها ، وطهرك من الأدناس والأرجاس والرذائل والمُدنسات الحسية والمعنوية.

وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ اختاركِ وفضلكِ واجتباكِ على سائر النساء، يحتمل أن يكون عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ أي على نساء زمانكِ.

ويحتمل أن يكون على نساء العالمين مطلقًا؛ وذلك لا يُنافي اجتباء نساء أخريات، فتكون من جملتهن.

يؤخذ من هذه الآية من الهدايات والمعاني والفوائد: وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ، ذكر خبر مريم وما حصل لها من الاجتباء والاصطفاء والتطهير حينما يقص الله ذلك على أشرف الرسل -عليه الصلاة والسلام، وعلى أشرف الأمم، وفي أشرف كتاب، فهذا يدل على منزلة مريم وما كانت عليه من المرتبة، ولا يكاد يُذكر عيسى إلا منسوبًا إليها، بينما الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- يُذكرون بأسمائهم ابتداء من آدم وهو نبي مُكلم أول الأنبياء، ونوح أول رسول إلى أهل الأرض إلى خاتمهم محمد -صلى الله عليه وآله وسلم، لكن عيسى ابن مريم تذكيرًا بالمعجزة وتشريفًا وتنزيهًا، ردًا على اليهود الذين رموها ورموه بأعظم القبائح، عيسى ابن مريم، يَا مَرْيَمُ وهي المرأة الوحيدة التي ذُكرت في القرآن باسمها، وتكرر كثيرًا: يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ فهذا حينما يُذكر في القرآن ويُقص على النبي ﷺ وعلى هذه الأمة فهذا يدل على شرف ومنزلة.

وهذا خبر امرأة فالمرأة قد تصل إلى مراتب عالية من الاجتباء والاصطفاء، وما تكون عليه من الفضائل والمكارم، ولكن بما يذكره الله -تبارك وتعالى- في هذه الآيات، وما أمرها به، وما يذكره -تبارك وتعالى- أيضًا في سورة الأحزاب: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا ۝ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الأحزاب:32-33]، هذه الأمور التي يحصل بها الطهارة والشرف وعلو المرتبة بالنسبة للمرأة المسلمة، فهذه مريم ليست نبيّة؛ ولكنها امرأة اجتباها الله وهذا يدل على أن الاجتباء والاصطفاء لا يختص بالأنبياء، فهذا باب واسع، فالله -تبارك وتعالى- كما ذكر الحافظ ابن القيم -رحمه الله- في مقدمة كتابه الشهير في الهدي النبوي أعني "زاد المعاد"[1]، ذكر فيه قوله -تبارك وتعالى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ [القصص:68]، فذكر أن هذا الاختيار واقع بعد الخلق، وذكر الاختيار وأنواعه، فذكر الاختيار في البقاع اختار مكة على سائر البقاع، إلى آخر ما ذكر في الكلام على البقاع كاختيار المساجد على غيرها، وكذلك الاجتباء والاختيار على الأزمنة، اختار يوم الجمعة على أيام الأسبوع، واختار شهر رمضان على سائر شهور العام، واختار عشره الأخير على سائر لياليه، واختار ليلة القدر على ذلك كله، وكذلك اختار أشهر الحج، واختار منها عشر ذي الحجة، واختار منها يوم عرفة، ويوم النحر، ويوم القر، إلى غير ذلك من الاختيار في الأزمنة.

وهكذا الاختيار في الذوات كما قال النبي ﷺ: إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من بني هاشم[2]، فهذا اختيار بعد اختيار بعد اختيار، وقد قال النبي ﷺ: الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف ابن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم[3]، هذا المجد أربعة من خيار الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام، فكذلك اختار الله أهل الإيمان والإسلام، اختار المسلمين من بين سائر الناس، وأكثر الناس كما قال الله : وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف:103]، وقال: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [الأنعام:116]، فاختار المسلمين، واختار أهل الإيمان منهم، واختار أهل الإحسان من أهل الإيمان، اختار السابقين، وكذلك أيضًا اختار الله من هؤلاء العلماء وأئمة الهدى ومصابيح الدجى، ورثة الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [المجادلة:11].

والراجح أن المراد بذلك هو التفاوت بين أهل الإيمان، فأهل العلم من أهل الإيمان في أعلى مراتبهم، فهذا كله من اجتبائه واختياره، فهذه امرأة ليست نبية، فاختارها الله على نساء العالمين، فهذا فضله يؤتيه من يشاء، قد يقول قائل: بالنسبة للأنبياء فإن النبوة هبة من الله  لا تُحصل بالكد ولا بالسعي كما هو معلوم، وهو اعتقاد أهل السنة والجماعة، ولكن بغير الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- في مثل مريم هؤلاء الأبرار الأتقياء، امرأة فرعون، امرأة عمران، خديجة، فاطمة، عائشة، أمهات المؤمنين، -رضي الله عنهن أجمعين، هؤلاء ليسوا بأنبياء، والذي عليه السواد الأعظم من أهل العلم أنه لا يوجد في الأنبياء امرأة، ولكن الطريق مفتوح إلى المعالي، ومدارج الكمال، والمراتب العالية في العبودية أمام المرأة المسلمة وكذلك الرجل، فالطريق مُشرعة وإنما يوصل إلى تلك الدرجات والمراتب العالية بتقوى الله وطاعته ومراقبته والترقي في الدرجات من الإسلام إلى الإيمان إلى الإحسان، فيكون العبد يعبد الله كأنه يراه، فهذا لا شك أنه هو الطريق الموصل إلى الله -تبارك وتعالى- وإلى الدرجات العُلى.

فالمرأة المسلمة إذا أرادت الفلاح وإذا أرادت المجد الحقيقي فهو في هذا، هذا هو الطريق وانظروا إلى هذه المدائح والأوصاف التي تُذكر لهؤلاء النساء لم تُذكر واحدة قط بمنصب، ولم تُذكر واحدة قط بمال، ولم تُذكر واحدة قط بشهادات، ولم تُذكر واحدة قط بجمال أعني في مقام المدح، وإنما الذي يُذكر هو الإيمان والبر والتقوى والقنوت والركوع والسجود وما أشبه ذلك، هذا هو الطريق، المرأة المسلمة، لا يوجد امرأة ذُكرت ولا رجل، زيد ذُكر في سياق الخبر، وليس في سياق المدح، وكفاه شرفًا أن يُذكر في القرآن، ذُكر مرة واحدة هو الرجل الوحيد الذي ذُكر اسمه في القرآن زيد بن حارثة : فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا [الأحزاب:37]، أي: زينب بنت جحش -رضي الله عنها، ففارقها وطلقها في القصة المعروفة فتزوجها النبي ﷺ، ذُكر في سياق خبر ولكن في سياق الثناء والمدح من الذي ذُكر باسمه غير الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- هذه المرأة مريم -رحمها الله.

ثم تأمل قوله -تبارك وتعالى: يَا مَرْيَمُ النداء لها تشريف وباسمها، فإذا كان أُبي بن كعب : "حينما أخبره النبي ﷺ أن الله أمر نبيه أن يقرأ عليه لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا [البينة:1] قال: وقد سماني لك، قال: نعم، فبكى"[4].

هذا شرف مع أن هذه التسمية والذكر لم يكن في القرآن، وعائشة -رضي الله عنها- الطاهرة الشريفة العفيفة حينما أنزل الله براءتها في سورة النور لم يذكر اسمها، وهي أحب أزواج النبي ﷺ إليه بل أحب النساء إليه، لكن مريم تُذكر ويُنوه بها وتذكر أوصافها وما أرشدها الله إليه: يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، "إنّ" هذه تدل على التوكيد، وكما قلنا: هي بمنزلة إعادة الجملة مرتين، فهذا الاصطفاء ثابت، ليس ظنونًا ولا تخرصات ولا توقعات، هذا خبر من لا يتطرق إلى خبره الخلل والخطأ والذهول والنسيان، إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ يعني حينما تُخاطب بهذا وباسمها والملائكة تقول لها ذلك ثم يُذكر هذا في القرآن أيضًا، فهي لم تتوقع هذا!.

فهنا: وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، الاصطفاء الأول: هو بما أعطاها وأولاها من الأخلاق الكاملة والصفات المحمودة وما أشبه ذلك.

والاصطفاء الثاني: اصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ متعلق بما بعده، هذا اصطفاء على سائر النساء، اختارها من بين سائر النساء، فالاصطفاء الأول غير الاصطفاء الثاني، الأول اصطفاها لتلك الفضائل والمكارم والأخلاق وما حلّاها الله وجملها به، والاصطفاء الثاني على سائر النساء.

إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ فهذا التطهير على إطلاقه هكذا وَطَهَّرَكِ ولم يقل: طهرك من كذا، والأصل أن حذف المتعلق يُفيد العموم النسبي، يعني: المُناسب له في ذلك المقام.

التطهير هذا يشمل تطهير القلب من الأدناس والأرجاس والعلل والأوصاب ابتداء من الشرك الذي هو أسوء الأدناس، وما يكون بعد ذلك من الغِل والحقد وسوء الظن وما أشبه ذلك إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء:89]، فسلامة القلب تشمل ذلك جميعًا، فهنا هذا التطهير يشمل تطهير القلب، ويشمل تطهير سائر الجوارح، تطهير البصر من النظر إلى الحرام، تطهير السمع من سماع الحرام والخنا واللغو والغيبة وما إلى ذلك، ولذلك الله -تبارك وتعالى- حينما ذكر نعيم أهل الجنة ذكر أنهم لا يسمعون فيها لغوًا، فدل على أن اللغو من الشقاء، وأن مجالس اللغو أنها مجالس حسرات، وكذلك أيضًا النظر إلى الحرام لا شك أنه حظ الشيطان، وأن العين تزني وزناها النظر، وكذلك الأذن، وما أشبه ذلك، فهذا التطهير لها تطهير لسمعها، تطهير لبصرها، تطهير لجوارحها جميعًا، فلا تبطش بشيء إلا في مرضات الله -تبارك وتعالى- كما جاء في الحديث القُدسي: ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه[5]، فالقسم مُضمر، يعني هذا الذي لو أقسم على الله لأبره، متى يكون الإنسان بهذه المثابة؟ إذا كان طاهرًا، لا يزال يتقرب إلىّ عبدي بالنوافل حتى أحبه، هذا بعد إقامة الفرائض، ما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه، ولا يزال، وهذا يدل على الاستمرار، عبدي يتقرب إليّ بالنوافل، النوافل مطلقًا من صيام وقيام وغير ذلك، حتى أحبه، النوافل البدنية، والنوافل المالية، وما تركب منهما كالحج والعمرة عند القائل بذلك يعني أنه مركب، فهذا كله داخل في هذا التطهير.

فعلينا أن نُطهر قلوبنا من الرياء والسمعة والإشراك والالتفات إلى غير الله، والتعلق بغير الله من المخلوقين، والتوكل على غير الله، والخوف من غير الله، وكذلك نُطهر أبصارنا فلا ننظر إلى الحرام، ويتذكر الإنسان حينما تدعوه نفسه والشيطان إلى النظر إلى ما حرم الله أن هذا يهبط فيه، الناس قد لا يرون هذا ولا يعرفونه؛ ولكن الله يراه فتنحط مرتبة العبد، هذا بالإضافة إلى أمر معلوم وهو أنه ما أسر أحد سريرة إلا أظهرها الله على صفحة وجهه وفلتات لسانه، فيُظلم الوجه، والقلوب تنقبض من هذا الإنسان الذي يعصي الله ، ولو كان ذلك في ذنوب السرائر إذا خلا بمحارم الله انتهكها، فمثل هذا كما قال ابن الجوزي -رحمه الله- يقول: "من الناس من يجعل الله له القبول والمحبة وأنت لا تعرف عمله، ومن الناس من تنقبض منه القلوب وقد يكون في الظاهر على حال من العمل الصالح"[6]، لهذه الأمور فيما يكون في قلب الإنسان من الإخلاص للمعبود ومراقبته وتقواه، ونسأل الله أن يرحمنا وإياكم.

فهذه وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ هذه الثانية هي اصطفاء آخر غير الاصطفاء الأول، والقاعدة أن التأسيس مقدم على التوكيد، فإذا كانت اللفظة الثانية المُكررة تؤسس معنى جديدًا فهذا أولى من القول بأنها تأكيد للذي قبلها، فلا يوجد في القرآن تكرار محض كما ذكرنا في بعض المناسبات.

إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ [آل عمران:42]، اختارها على نساء العالمين، ما هي المقومات؟ عبادة، تقوى، شرف بطاعة الله ، الطهارة من كل دنس، كما قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله[7]، وإذا اصطفى الله -تبارك وتعالى- عبدًا لهذه المراتب العالية والمهام الرفيعة فإنه ينبغي أن يوليها شكرًا، وأن يستعملها في طاعة لله -تبارك وتعالى، وأن يجدّ ويجتهد في تحصيل المزيد من الأسباب التي توصل إلى ذلك وتُقرب إلى الله -تبارك وتعالى، ولهذا بعده جاء الأمر لها والتوجيه من الله -تبارك وتعالى- بهذه الأمور في الآية التي بعدها: يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ [آل عمران:43].

وكذلك أيضًا ذكر التطهير هنا: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ [آل عمران:42]، وهذا الاصطفاء رد على اليهود الذين رموها بأعظم الأدناس والأرجاس بعد الشرك بالله ، أنها قد قارفت ما قارفت فأنجبت هذا الولد من غير أب، فذكر تطهيرها تنزيهًا لها وتشريفًا وشهادة منه -تبارك وتعالى- بطُهرها، وردًا على هؤلاء المفترين.

إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ [آل عمران:42].

هذا، وأسأل الله أن يجعلنا وإياكم من عباده المصطفين الأخيار، وأن يُعيينا وإياكم على ذكره وشكره وحُسن عبادته، والله أعلم.

وصلى الله على نبينا محمد، وآله، وصحبه.

  1. انظر: زاد المعاد في هدي خير العباد (1/ 47)، وما بعدها.
  2. أخرجه مسلم، كتاب الفضائل، باب فضل نسب النبي ﷺ، وتسليم الحجر عليه قبل النبوة، برقم (2276).
  3. أخرجه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ [يوسف:7]، برقم (3390).
  4. أخرجه البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب مناقب أبي بن كعب ، برقم (3809)، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب قراءة القرآن على أهل الفضل، والحذاق فيه، وإن كان القارئ أفضل من المقروء عليه، برقم (799).
  5. أخرجه البخاري، كتاب الرقائق، باب التواضع، برقم (6502).
  6. انظر: صيد الخاطر (ص: 366).
  7. تفسير ابن كثير (2/ 39).

مواد ذات صلة