الخميس 19 / جمادى الأولى / 1446 - 21 / نوفمبر 2024
(102) قوله تعالى: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ...} الآية 97
تاريخ النشر: ١٧ / ربيع الأوّل / ١٤٣٨
التحميل: 467
مرات الإستماع: 939

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

لما بين الله -تبارك وتعالى- بأن أول بيت وضع للناس للذي ببكة، وذكره بهذه الأوصاف مُباركًا، وهدى للعالمين، قال الله -تبارك وتعالى- بعد ذلك: فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِين [آل عمران:97].

فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ هذا البيت الذي هو أول بيت وضع للعبادة على وجه الأرض فيه آيات بينات، دلالات، وعلامات ظاهرات، على أن إبراهيم -عليه السلام- بناه كالمقام؛ لأن الله قال بعد ذلك: مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ مع أن هذه اللفظة "مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ" يمكن أن يكون ذلك باعتبار أن المراد المقام المعروف، وهو الحجر الذي كان يقف عليه عند بناء الكعبة، فانطبعت فيه قدماه فبقي هذا الأثر، وتوارثته الأجيال إلى عهد النبي ﷺ ثم ما بعد ذلك، مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ.

ويحتمل أن يكون هذا المفرد المضاف مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ أضافه إلى إبراهيم أن هذه الصيغة تدل على العموم يعني المعنى: مقام إبراهيم، مقام مفرد مُضاف إلى معرفة، وهو إبراهيم العلم، والأعلام معارف، مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ المعنى مقامات إبراهيم، هذا المعنى الثاني الذي تحتمله الآية احتمالاً قريبًا، "مقامات إبراهيم" ما هي مقاماته؟ منها المقام فيدخل فيه دخولاً أوليًّا؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما قال له عمر لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى يعني يُصلى خلف الحجر المعروف، فنزلت وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة:125]، موافقة لما قال عمر[1] وهي إحدى موافقاته -رضي الله عنه وأرضاه-، فيدخل في مقام إبراهيم الحجر المعروف، ويدخل فيه سائر مقاماته، ما هي مقامات إبراهيم؟ الصفا والمروة، فهي من شعائر الله، وكذلك مقاماته في الحج الجمار، مِنى، مزدلفة، ونحو ذلك، فهذه مقاماته.

فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ فبعض أهل العلم يقول: المقصود الحجر المعروف، وبعضهم يزيد في المعنى فيقول: الحجر المعروف، وزمزم، والصفا، والمروة، ونحو ذلك، حتى إن الحافظ ابن القيم -رحمه الله- أوصلها إلى نحو من أربعين علامة فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ[2].

وذكر جماعة من أهل العلم علامات، وذكرنا طرفًا منها في الكلام على "تفسير التسهيل لابن جزي" عند هذه الآية، بعض هذه العلامات صحيحة، وثابتة كما ذكرت مثل مقام إبراهيم ومثل الصفا والمروة، وزمزم، ونحو ذلك، وبعضها قد لا يثبت، يذكرون أشياء -فالله أعلم- يقولون مثلاً: أن الطيور لا تمر فوق البيت، ونحن نرى الحمام تمر فوقه، ويقولون: بأنه لا يجلس عليه الطير، والواقع أننا نرى الطير تجلس عليه، يقولون: هذا فقط لهذا البيت أنه علامة، ذكره بعضهم لكن لا يثبت، وذكروا أشياء ذكر بعضهم بأن الغيث إذا كان شاميًا، يعني من ناحية شمال البيت، يقولون حتى هُذيل هي من ناحيتي مكة، فيقولون هُذيل الشامية، وهُذيل اليمانية، يعني: التي جنوب مكة يُقال لها يمانية، والتي في الشمال يُقال الشامية، الأحياء أيضًا الشامية، الرُكن اليماني، وهكذا، فيقولون إذا كان الغيث شاميًا يعني شمال الكعبة؛ فإن الخِصب يكون في الشام، وإذا كان يمانيًا، يعني جنوب الكعبة؛ كان الخِصب في اليمن، وإذا كان شاميًا، يمانيًا، يعني من الناحيتين؛ عمّ الخصب، الخِصب يعني المطر، والخير، والربيع، ونحو ذلك، هذا قد لا يثبت -الله أعلم- حتى إن العامة يقولون إذا أخصبت الحجاز، صار الخِصب في الحجاز؛ أقفرت نجد، وما والاها، وإذا صار الخِصب في نجد، وما والاه؛ فإن الجدب يكون في الحجاز، لكن هذا الكلام أيضًا غير دقيق.

نحن رأينا في عدد من السنوات الماضية أن الخِصب عم الحجاز، ونجدًا، لكن هذا بالاستقراء يمكن أن يُقال الغالب -كما نُشاهد مثلاً في المدينة النبوية- مع أنه جاء فيه حديث، لكنه لا يصح، لكن الواقع قد يشهد له، لا تكاد ترى السحابة التي تحمل المطر من الناحية الغربية الجنوبية في المدينة النبوية إلا وهي ممطرة، وهذا معروف عند الناس، ورأيته ما لا أُحصيه، إذا رأيتها جنوبية غربية هي ممطرة، بل إنك ترى المطر فيها مثل الشعاع تحتها، كالشعر تحتها، تعرف أنها تُمطر في هذه الناحية، وهي في الطريق حتى إن بعض الناس يتبعها يتبع المطر النازل، وهي تسير، فهذه أمور تُعرف بالاستقراء، حتى إنك تجد بعض أهل المعرفة إذا نظر إلى السحابة قال: هذه ممطرة في هذه الناحية، بل لربما بعضهم -كما هو مُشاهد- يستطيع أن يُحدد الموقع الذي تُمطر فيه، يقول هذه تمطر الآن في الناحية الفلانية، حتى إن بعضهم كان يُحدد المزرعة التي أُصيبت بهذا المطر، يقول لبعض الناس: أرضكم الآن، أو مزرعتكم الآن يغمرها المطر؛ لأنه رأى السحابة من ناحيتها، فيعرفون بالخبرة أنه ينزل في الناحية الفلانية، حتى قال لي بعض كبار السن، ممن جاوز التسعين، يقول: أيام الصبا انطلقت مسرعًا، لا ألوي على شيء، وبينه، وبين مزرعتهم -فيما يبدو- أنه لا يقل عن عشرين كيلو متر، يقول: فانطلقت على قدمي حتى أتيتها، فوجدتها مغمورة بالمطر، فانطلق إلى أبيه يُبشره في عام جدب، فالمقصود أن بعض أهل العلم ذكر علامات بالاستقراء، لكن بعضها قد لا يُثبت، يمكن أن يُقال أن بعضها يكون باعتبار الغالب، لكن الآيات البينات، الثابتات لا شك أن مقام إبراهيم منها، ولا صحة لما قد يقوله بعض أهل العلم إلى أن هذا يرمز إليه، وأن ذلك قد اندثر، هذا توارثته الأجيال، لا يُقال إنه يرمز إليه، بل هو بعينه، وكان ملتصقًا بالكعبة، فأُبعد عنها من أجل الطائفين في عهد عمر ثم أُبعد قبل عقود إلى موضعه الذي ترون، "مقام إبراهيم" فهذا على كل حال قد يُراد به المقام بعينه، وقد يُراد به مقامات إبراهيم لا شك أن هذا من الآيات.

وكذلك قالوا، ومن الآيات ما ذُكر بعده وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا مع أن أهل العلم تكلموا كثيرًا على هذا المعنى ما المراد به؟ هل المقصود بذلك أن يكون ذلك من قبيل المأمور به شرعًا، أن يؤمن من دخله، أو أن هذا كونًا وقدرًا مع وجود الجرائم بالحرم، ووجدت حروب، ووجد القرامطة سطوا على الحرم، وقتلوا الحجيج، ورموهم في بئر زمزم، وحصل أيضًا أن الحجاج حاصر ابن الزبير، ورمى بالمنجنيق، وقُتل من قُتل، وابن الزبير قُتل في الحرم في المسجد نفسه، وحصلت أمور كثيرة -كما هو معلوم في التاريخ- فبعض أهل العلم يقولون: بأن ذلك يُقصد به وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا أنه خبر بمعنى الأمر، أن يؤمن من دخل الحرم، حدود الحرم، كل الحرم، قالوا: وكان أهل الجاهلية يرى الرجل قاتل أبيه، فلا يتعرض له، ولذلك قال بعض الفقهاء لا يُتعرض لمجرم، أو لقاتل، وإنما يُضيق عليه، لا يُتعامل معه، ولا يُباع، ولا يُشترى حتى يُضطر إلى الخروج، ثم يؤخذ، ولكن هذا فيه نظر، والذي عليه كثير من أهل العلم، وهو الراجح أن من وقع منه إجرام، أو نحو ذلك؛ فإنه يؤخذ، سواء كان في الحرم، أو في غير الحرم.

وكذلك ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في توجيه هذا المعنى وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا يعني: هل هذا خبر بمعنى الأمر يتضمن معنى الأمر أمنوه؟ أو أن ذلك من الناحية الكونية مع وجود خروقات، حيث حصل ما حصل في التاريخ؟ فشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- قال: بأن هؤلاء الذين وقع منهم ما وقع كالحجاج، وغيره، ما قصدوا هدم الكعبة، كانوا يقصدون تعظيمها، والله يقول: وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيم [الحج:25]، قال: كان هؤلاء من جملة المعظمين للكعبة، لكن وقع منهم قتال، أو قتل، أو نحو ذلك في الحرم، وما كانوا يقصدون هدم الكعبة، ومحوها، قال: أما الذي أراد محوها، وهدمها فقد أهلكه الله وهو أبرهة، أصحاب الفيل[3] كثير من العلماء كالخطابي وغيره يقولون: هذا باعتبار الغالب[4]وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وما وقع من استثناءات، ونحو ذلك فإن ذلك لا يخرق القاعدة المستمرة، يعني: إذا قارنت الحرم بغيره من البلاد، فهو آمن البلاد، ولهذا قال الله : ممتنًا على قريش، وهم في جاهليتهم، فكيف بأهل الإسلام! أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ [القصص:57]، هذا امتنان على أهل الجاهلية، وقال: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْت ۝ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْف [قريش:3-4]، أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ [القصص:57]، وكذلك أيضًا يقولون بأن كل ما وقع فهو استثناء، وهو خلاف الأصل، أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ [العنكبوت:67]، في البلاد التي تجاورهم يحصل فيها ما يحصل من النهب، والسلب، والغارات، وكان هذا هو الغالب في جزيرة العرب -كما هو معلوم- لكن الحرم كان في أمان.

فهنا الله يقول: وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا فكان الناس يأمنون على أنفسهم، ولا زالوا يأمنون، ولذلك لا يجوز لأحد أن يصدر عنه ما يُخالف هذا من عدوان على الناس بدمائهم، أو أنفسهم، أو بأموالهم، أو أعراضهم، أو غير ذلك، الناس آمن ما يكونون في حرم الله -تبارك وتعالى- الحرم كله، وليس فقط خصوص المسجد، أيضًا لا يصح بحال من الأحوال إشاعة الخوف، والشائعات بحيث نجعل الناس يتوجسون من حرم الله -تبارك وتعالى- ولذلك للأسف الشديد أن البعض تصدر منهم مثل هذه التصرفات من غير وعي، من غير أن يعقل هذا التصرف، يعني في النهاية ما هي الرسالة التي تريد إيصالها؟!

أعطيكم مثالين لما يُبث، ويُنشر في هذه المقاطع، بعضها لا حقيقة لها أصلاً، يعني هو تصوير لأشياء غير حقيقية، وتُنشر في المسجد النبوي صور أحدهم، تعرفون إذا فُتح للنساء الروضة الشريفة تسابق كثير من النساء جريًا، وبصوت أحيانًا يتسابقن ليصلن إلى الروضة قبل غيرهن لكثرة العدد، والرجال إذا سُد الطريق المؤدي إلى النساء ناحية النساء كثير منهم يُهرول، يجرون جريًا، بعض الناس صور هذا المشهد، والرجال يجرون، قال: انظروا هؤلاء يفرون؛ لأنه يوجد إرهابي، وسيُفجر، وكذا، الذين لا يعرفون حقيقة الأمر يصدقون، طيب أنت حينما تنشر مثل هذه الصورة ماذا تريد؟ تصل إلى ماذا؟ يجعل الناس يترقبون، وفي المسجد الحرام ربما اشتعل حريق أثناء البناء، وعمارة المسجد، ونحو ذلك، ويأتي أحد هؤلاء، ويصور -لا حول ولا قوة إلا بالله، إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم سلم المعتمرين، اللهم سلم الحجاج، اللهم سلمهم من هذا الحريق، اللهم أنجهم، اللهم خلصهم- ما هذا؟! هو يُريد ماذا؟ يريد ماذا؟ ويُنشر، ثم تسير هذه الصورة مسير الشمس، ويتناقلها الناس، يعني: معنى هذا في النهاية في المؤدى أنك إذا دخلت الحرم كن على حذر، المخاطر تحتف بك من كل جانب، هذا يخدم من؟!

هذا يخدم من تعرفون، وقنواتهم السيئة المُضلة، قناة العالم، وغير قناة العالم، أنك في خطر، أنه لا يوجد هناك أمن في الحرم، في الحج، إلى غير ذلك، ورأينا آثار هذه الأشياء.

ولعلي ذكرت في بعض المناسبات أني رأيت في الحج سيارة لما مرت على علبة من عُلب العصير الفارغة، صدر صوت -كما هو معروف- فإذا بأعجمي من الحجاج معه عربة فيها امرأة مُسنة، لما سمع هذا الصوت؛ فزع، وذُهل عن هذه العربة، وعن المرأة، أظن أنها لربما هي أمه، ذُهل عنها تمامًا، وصار ينظر بفزع، فقلت له: يا رجل ليس عليك بأس هنا، أنت في أمان، لا تبتأس، ولا تلتفت، ولا تبحث، ولا تتلفت، ولا تفزع، اذهب في سبيلك، جلست أتأمل، وأفكر ما الذي أوصلهم إلى هذا المستوى؟ نحن أحيانًا سبب من الأسباب بهذه الرسائل الذكية، بهذه الرسائل غير المحسوبة، بهذه الرسائل التي لا نعقل معها ما نتصرف، مجموع هذه التصرفات توصل رسالة أنك في مكان غير آمن، والله يقول: وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا فهذا هو الذي ينبغي أن يُقر في نفوس الناس، وأن يكون ركيزة عندهم، سواء في الحرم، أو في غير الحرم، يعني بث الرُعب في نفوس الناس هذا يخدم من؟! لما يُفعل هذا؟! هذا يخدم الأعداء.

لكن على كل حال وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً يعني: من استطاع إليه سبيلا، لله على كل الناس، فإن الناس صيغة عموم، ثم جاء ما يُخصصه بالمستطيعين، مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً فمن استطاع إليه سبيلا هؤلاء بعض الناس، ولهذا يُقال أن قوله: مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً هو بدل بعض من كل، يعني: الكل هو لفظ الناس، فإذا نزعت لفظة الناس قلت، ولله حج البيت على من استطاع إليه سبيلا، فهنا الكلام واضح، فقال: وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ لو وقف عندها لكان واجبًا على كل أحد، المستطيع، وغير المستطيع، فلما قال: مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً فهذا بدل بعض من كل، الكل لفظة الناس، مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ هذا بعض الناس، ومن هنا فدل ذلك على أن الحج يجب على المستطيعين دون غيرهم، ومن هم المستطيعون؟ سيأتي الإشارة إلى هذا في الكلام على الفوائد، وما هو السبيل؟

قال: وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِين حمله أهل العلم هنا الكفر على الجحود -جحود وجوب الحج-، وأما إذا كان مستطيعًا، ولم يحج فقالوا: هذا من كُفران النعمة[5]، وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِين والله غني عن خلقه أجمعين، والله الغني، وأنتم الفقراء، إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ [الزمر:7]، انتهى الوقت، وكان الكلام على بيان معنى الآية، وأترك الفوائد -إن شاء الله تعالى- في الليلة الآتية، وأسأل الله أن ينفعنا، وإياكم بما سمعنا، ويجعلنا، وإياكم هداة مهتدين، والله أعلم.

وصلى الله على نبينا محمد، وآله، وصحبه.

  1. أخرجه الترمذي، أبواب تفسير القرآن، باب ومن سورة البقرة، برقم (2960)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، برقم (1009)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، برقم (825).
  2. انظر بدائع الفوائد، لابن القيم (2/45).
  3. انظر منهاج السنة (4/576-577).
  4. انظر غريب الحديث، للخطابي (2/406).
  5. انظر تفسير ابن عطية (1/480).

مواد ذات صلة