الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فلما ذكر الله -تبارك وتعالى- صفة هؤلاء الذين ينتفعون بآياته: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَاب [آل عمران:190]، هؤلاء من أصحاب العقول الراجحة ذكر الله -تبارك وتعالى- في أول ما ذكر من أوصافهم كثرة الذكر، ثم التفكر: وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، قائلين: رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار [آل عمران:191-192]، تحدثنا عن صدر هذه الآيات التي خُتمت بها هذه السورة الكريمة سورة آل عمران، وبقي الحديث عن قوله -تبارك وتعالى- في ذكر قيلهم وتوسلهم: رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار، هم بهذا يتضرعون إلى الله -تبارك وتعالى- قائلين: نجنا من النار، فهذا مُضمن في هذه الجملة الخبرية وإن لم تكن بصيغة الدعاء والطلب والسؤال صراحة.
مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ فضحته وأهنته وأذللته غاية الإذلال، وَمَا لِلظَّالِمِينَ أصحاب الجرائر والجرائم والكفر والمعاصي، مِنْ أَنصَار ينصروهم من دون الله -تبارك وتعالى- فيدفعون عنهم عذاب الله .
يؤخذ من هذه الآية الكريمة من الفوائد والهدايات: هذا الطلب وهذا السؤال الضمني في هذه الجملة الخبرية كما سبق أن حرف النداء قد حُذف "يا ربنا"، ومثل هذا يُشعر بمزيد من القُرب "ربنا".
وذكرنا من قبل بأن هذا السؤال باسم الرب أنه في غاية المناسبة؛ وذلك أن الربوبية هي التي بها المُلك، والخلق، والتدبير، والعطاء، والمنع، والقيام على أمور الخلق وشؤون المربوبين، ومن معاني الرب أنه الذي يرُب الشيء بمعنى يُصلحه فهم يتوسلون بهذا الاسم الذي من شأن من كان متصفًا بالربوبية أن يوصل الخير والألطاف إلى هؤلاء المربوبين فيُصلح شأنهم وحالهم.
ثم أيضًا فيه ما فيه من الاعتراف بالعبودية أنهم عبيده وهو ربهم، فالرب بمعنى أيضًا السيد والمالك، فهم كأنهم يقولون يا مالكنا، ويا سيدنا، فكل ذلك داخل في ضمن معناه كما هو معلوم.
ثم أيضًا جاءوا بصيغة الإضافة "ربنا" أضافوه إلى ضمير المتكلمين "ربنا" فهذا فيه إشعار بالاختصاص أصحاب الربوبية الخاصة، أو العبودية الخاصة، "ربنا" وهذه النون هي نون الجمع، وقد تُستعمل إذا تكلم الواحد وعبر بمثل هذا فقد يكون ذلك للتعظيم يعني: يقوله المُعظِم نفسه قد يقوله، ولكن هنا هذا ليس مقام تعظيم هو مقام تذلل وخضوع وإخبات وتواضع لله رب العالمين، لكن هذا يمكن أن يكون باعتبار الجمع فهم خلقه وخلقه كثير، كما ذكرنا في قوله -تبارك وتعالى-: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِين [الفاتحة:5]، ما قال: إياك أعبد، "وإياك نستعين" بهذه النون الدالة على الجمع، فبعض أهل العلم يقول: هي للتعظيم؛ لأن من دخل في العبودية كان ذلك شرفًا له، ولكن هذا لا يخلو من بُعد، وذكرنا هناك قول الحافظ ابن القيم -رحمه الله-: "بأن ذلك أبلغ في الثناء على الله -تبارك وتعالى-"[1]، يعني: من قال نحن عبيدك نحن مماليكك نحن تحت تصرفك وما أشبه ذلك ليس كمن أثنى بقوله: أنا وحدي عبدك، وأنا وحدي مملوكك، ونحو ذلك، فليس في هذا من الثناء والتعظيم كما لو قال: نحن جميعًا عبيدك، ولهذا قد يُعبر بصيغة الجمع لهذا المعنى فهو أبلغ في التعظيم، وهذه اللفظة تكررت في هذه الآيات في خواتيم هذه السورة: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَار رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَاد [آل عمران:191-194]، فهذا كله مزيد تذلل وتضرع وإلحاح على الله -تبارك وتعالى- بالدعاء والطلب، والمسألة، والله -تبارك وتعالى- يُحب المُلحين، ومن أكثر طرق الباب فإن ذلك مُؤْذِن بفتحه له، هذا بالإضافة أيضًا إلى أن ذلك فيه ما فيه من الثناء على الله والتوسل عليه كما ذكرنا سابقًا بهذا الاسم الكريم، وأن ذلك من التوسل المشروع أن يتوسل إلى الله بأسمائه وصفاته، "ربنا" وقلنا بأن عامة دعاء الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- بالقرآن هو بهذا الاسم الكريم وذكرنا وجه ذلك، هذا سائل يسأل ومن معاني الرب الذي يُعطي ويُجيب دعاء الداعين، ونحو هذا.
كذلك أيضًا: رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ "إننا" قلنا: بأن "إنّ" هذه تُفيد التأكيد فهي بمنزلة إعادة الجملة مرتين، فهم يؤكدون ذلك: إِنَّنَا سَمِعْنَا مما يدل على كمال اليقين، سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا، أو الآية التي نتحدث عنها: رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ [آل عمران:192]، وهذا يدل على كمال اليقين مع كمال الخوف من الله -تبارك وتعالى- والخشية إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ.
وهنا والآية التي قبلها: فَقِنَا عَذَابَ النَّار، إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ، ما قال: ربنا إنك من تدخل وجاء بالضمير من تُدخلها فقد أخزيته، هنا بالإمكان أن يُكتفى بالضمير الهاء ليُفهم المراد، فهذا مما يجزي فيه الضمير عن الاسم الظاهر، ولكنه جيء بالاسم الظاهر أُظهر في موضع يصح فيه الإضمار رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ ما جاء بالضمير فأظهرها، لا شك أن إظهارها هنا فيه تهويل لأمرها وتعظيم لهولها وعذابها وشدتها: إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ.
وهنا قالوا: إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ ما قالوا إنك من تُعذب بالنار فقد أخزيته وإنما "تُدخل" لم يأتوا بالعذاب، وإنما جاءوا بالكيفية، كيف يصير الإنسان إلى العذاب بإدخاله النار، إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ فهذا فيه ما فيه لو تأمله العاقل من التخويف والتهويل الشيء الكثير، نحن لا نتصور هذا كأننا في سكرة، كأننا في غفلة، لكن تصور ذلك المشهد يوم القيامة والناس يُنادون فآخذ كتابه بيمنيه وآخذ كتابه بشماله، ثم يؤمر به فيُسحب سحبًا إلى النار، لا تسأل عن عويله وصياحه وصُراخه ولا يأسف له أحد؛ لأن الكل في كرب وشدة ومشغول بنفسه، الأب الذي يُشفق على أولاده في الدنيا ويقول: أنا أقطع من جسدي لهم، وإذا مرضوا قال: ليت ذلك كان فيّ ولم يكن فيهم، يبذل لهم كل شيء ويعمل طيلة حياته من أجل أن يوفر لهم حياة كريمة أن لا يحتاجوا إلى أحد، أن لا ينقصهم شيء، يتوجع لهم ويتألم لآلامهم، وإذا مرضوا مرض، وإذا سهروا سهر، وإذا فرحوا فرح، وإذا رآهم في هم وحزن أصابه أضعاف ما أصابهم، هذا مُشاهد في الدنيا كما قال النبي ﷺ: الولد مجبنة مبخلة محزنة[2].
"محزنة" يعني: أنه مجلبة للحزن، مبخلة: سبب للبُخل؛ إذا أراد أن يُنفق بدأ يُفكر بالأولاد، مجبنة: يجبُن يُفكر بالأولاد من بعده، هو محزنة كم يأتيه من الأحزان بسببهم، لكن في الآخرة الكل مشغول بنفسه، فحينما يؤمر به هذا إلى النار -نسأل الله العافية- ويُسحب سحبًا ملائكة أشداء أقوياء ليس فيهم رحمة ثم يلقونه فيها، ولا تسأل عن تلك الحسرة ولا تسأل عن تلك الخسارة، ولا تسأل عن ذلك اليوم الفظيع هو أفظع يوم أتى عليه، حيث خسر كل شيء، الخسارة الكبرى التي ليس بعدها ربح.
فلو بقي الإنسان يتأمل ويتفكر في ذلك المصير لهان عليه ما يبذل في هذه الدنيا من أعمال الصيام في اليوم الحار، والقيام في ليل الشتاء الطويل، وما أشبه ذلك يهون عليهم.
ولذلك تجد أن بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يبكي عند موته ثم يُخبر أنه ما بكى صبابة لأصحابه، ولا جزعًا من الموت، وإنما يبكي على ظمأ الهواجر، الصيام الهجرة في منتصف النهار لا مكيفات وليس عندهم إلا لهيب، ظمأ الهواجر، وقيام ليل الشتاء الطويل، مُكابدة الليل الطويل في الشتاء بالقيام، ومزاحمة العلماء بالرُكب، يبكي على هذه الثلاث لا يبكي على عقارات ولا على أولاد ولا على زوجات ولا على مراكب ولا على دور، ولا على نُزه وأسفار، وما شابه ذلك، وإنما يبكي على هذه الأمور، هؤلاء تعلقت قلوبهم بالله فهانت عليهم الدنيا وما يلقون من المشاق؛ لأنهم أدركوا هذه الحقائق، وعملوا من أجل ذلك اليوم.
فتحصيل النجاة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6]، وهنا: رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ [آل عمران:192]، فجاءوا بـ"قد" عُبر بقد هنا التي دخلت على الفعل الماضي وهي تدل على التحقيق، قد أخزيته تحقق له الخزي التام: فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ، وكلمة الخزي تدل على ذُل وفضيحة ومهانة فهي -نسأل الله العافية- تدل على حال لا تسُر أبدًا، فيجتمع على الإنسان العذاب الحسي الجسدي والعذاب المعنوي، الألم النفسي فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ، تصور إنسان وقع له شيء في الدنيا خسر فيه شيئًا من جاهه في الدنيا أو مرتبته أو نحو ذلك لربما لا يلقى الناس ويُغلق جواله أليس كذلك؟!؛ لأنه يشعر بألم نفسي، هذا ليس بشيء بالنسبة لما يحصل في الآخرة.
هذا هو الخزي الكبير الذي ليس يُدانيه خزي بحال من الأحوال، فهذا مع العذاب الجسدي، الخلود في النار بألوان العذاب، الإنسان لو شمعة فقط يُوضع فيها الأصبع يُوضع على شمعة فقط ويُلزم بهذا لأراد أن يفتدي بالدنيا وما فيها على أن يتخلص من هذا، شمعة! وهذه الشمعة ليست بشيء بالنسبة لنار جهنم، لا شيء لا في الكيف ولا في الصفة، لو جمرة قبض عليها بيده، أو بين أنامله لو قيل له انتظر دقائق فقط خمس دقائق لا يُطيق يطير، كيف بعذاب النار! يُلقى في النار، لو إنسان سيُلقى من مكان مرتفع لأصابه من الهول والهلع ما لا يُقادر قدره، يُلقى من الطابق الثلاثين أو من الطابق المائة أو نحو هذا، بمجرد ما ينظر إلى الأرض تدور به الدنيا لو عرف أنه سيُلقى من هذا المكان وأصابه ما قرُب وما بعُد، النار يُلقى الحجر ويسمع النبي ﷺ وجبة، ويقول: هذا حجر أُلقي في النار منذ سبعين خريفًا[3]، سبعين سنة وهو ينزل، الإنسان لما يُلقى من مائة دور ثواني يصل إلى الأرض ثواني، هذا من سبعين سنة والحجر ينزل.
فهذا القعر البعيد والهول العظيم يحتاج إلى تفكير جاد، يحتاج إلى نظر في المستقبل الذي ينتظر الإنسان قبل أن يندم ولا ينفعه الندم.
وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار، مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ، ولم يقل: وما لهم من أنصار، لا، جاءوا بالاسم الذي يحمل الصفة التي استحقوا بها دخول النار: وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار، فهم دخلوا النار بظلمهم عدلاً من الله -تبارك وتعالى-، والظلم يكون بين العبد وربه بترك عبادته وطاعته، بعبادة غيره، بمعصية الله ، ويكون الظلم أيضًا واقعًا على النفس: وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ [النساء:110]، إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم [يونس:23].
ويكون أيضًا على غيره من عبادة الله ، اقتطع مال هذا، اغتاب هذا، قذف هذا، وما إلى ذلك، وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار فهذا يُشعر بهذه الصفة التي أوجبت لهم دخول النار، فكأنه تعليل لذلك، ومن ثَم فإن العبد يجتنب الظلم بكل أشكاله أول ذلك: الإشراك بالله ، الكفر، الكبائر، المعاصي بجميع أنواعها، ظلم الناس، يوفي للناس حقوقهم، يتحرز من أموالهم، وكذلك أيضًا يحفظ لسانه فلا يقع في أعراضهم، ويحفظ بنانه فلا يكتب إلا ما يُسر إذا وجدته في صحيفته كل شيء مما يقوله الإنسان، أو يفعله، أو يكتبه، أو يُطلق بصره إليه، أو غير ذلك سيجده في صحيفة عمله، كتب هذه التغريدة، وهذا تكلم بكذا، يُعرض عليه ذلك، لا يذهب من هذا شيء، فيتوقى الإنسان مثل هذه الأمور التي يُجازى عليها.
ومن نظر إلى حالنا وما نحن فيه من تضييع للحقوق، وجناية على الخلق، وجُرأة، فإن ذلك يُشعر بأننا نؤمن بهذه الأمور ولكننا بمنأى عن العمل والتطبيق والامتثال، ما هذه الحال حال من يخاف النار وعذاب النار، ويُراقب ربه -تبارك وتعالى-، والله المستعان.
أسأل الله أن ينفعنا وإياكم بالقرآن العظيم، ويجعلنا وإياكم هداة مهتدين، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.
- انظر: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (1/36).
- أخرجه أبو يعلى في مسنده، برقم (1032)، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة، برقم (4764).
- أخرجه مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب في شدة حر نار جهنم وبعد قعرها وما تأخذ من المعذبين، برقم (2844).