الجمعة 19 / رمضان / 1445 - 29 / مارس 2024
[17] من قوله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا} الآية 97 إلى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ} الآية 100.
تاريخ النشر: ٢٩ / ذو الحجة / ١٤٢٨
التحميل: 2640
مرات الإستماع: 2165

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المصنف -رحمه الله- في تفسير قوله تعالى:

مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [سورة النحل:97].

هذا وعد من الله تعالى لمن عمل صالحاً -وهو العمل المتابع لكتاب الله تعالى وسنة نبيه ﷺ من ذكر أو أنثى، من بني آدم وقلبه مؤمن بالله ورسوله، وأن هذا العمل المأمور به مشروع من عند الله- بأن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا، وأن يجزيه بأحسن ما عمله في الدار الآخرة، والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت.

وقد روي عن ابن عباس -ا- وجماعة إنهم فسروها بالرزق الحلال الطيب، وعن علي بن أبي طالب - - أنه فسرها بالقناعة، وكذا قال ابن عباس -ا- وعكرمة ووهب بن منبه.

وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس -ا: إنها هي السعادة، وقال الحسن ومجاهد وقتادة: لا يطيب لأحد حياة إلا في الجنة، وقال الضحاك: هي الرزق الحلال والعبادة في الدنيا، وقال الضحاك أيضاً: هي العمل بالطاعة والانشراح بها، والصحيح أن الحياة الطيبة تشمل هذا كله، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو -ا: أن رسول الله ﷺ قال: قد أفلح من أسلم، ورُزق كفافاً، وقنَّعه الله بما آتاه[1]، ورواه مسلم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فقوله -تبارك وتعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌَ [سورة النحل:97] لو قال الله -تبارك وتعالى: من عمل صالحاً وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة لفُهم المعنى؛ لأن ”مَن“ تدخل على الذكور والإناث، لكن المجيء بقوله: مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى هو لمزيد التأكيد.

وفي هذه الآية الكريمة شروط قبول العمل الثلاثة: فالعمل الصالح هو العمل الذي يكون خالصاً لله ، ويكون صواباً فيتابع فيه النبي ﷺولا بد من الإيمان فلا يكون العمل مقبولاً إلا إذا كان صاحبه مؤمناً، فإن كان مشركاً كافراً فإن عمله لا يقبل، والله يقول عن الكفار: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا [سورة الفرقان:23]. 

قوله -تبارك وتعالى: فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [سورة النحل:97]، قد حمل الحافظ ابن كثير –رحمه الله– الحياة الطيبة على معنى واسع فقال: ”والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت“. 

وقد فسر بعض أهل العلم الحياة الطيبة بالقناعة، وفسرها بعضهم بالسعادة، وفسرها بعضهم بأنها الرزق الحلال الطيب، والظاهر أن هذه المعاني مترابطة؛ لأن القول بأن الحياة الطيبة هي الرزق الحلال متقارب مع القول بأنها القناعة؛ لأنه لا يرضى بالحلال الطيب إلا من رزق القناعة، فإن الذي يوقع الناس في الحرام هو الشره والطمع وقلة القناعة، ولهذا قال الله : وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [سورة التغابن:16] فربط الفلاح وعلقه بالوقاية والتخلص من شح النفوس، فتبين من هذا أن السعادة إنما توجد مع الطاعة، وهي نتيجة لها، ولا يمكن أن توجد السعادة إلا مع القناعة، وقد يعطى الإنسان القليل ولكنه في قلق دائم، وينظر إلى من فوقه في الدنيا، وقد أرشد النبي ﷺ في الأمور الدنيوية أن ينظر إلى من دونه، بخلاف أمور الآخرة فيستحب للإنسان أن ينظر إلى من فوقه، وقول ابن كثير بأن الحياة الطيبة تشمل ذلك جميعاً هو الذي رجحه الشيخ الأمين الشنقيطي.

فالحياة الطيبة هي جنة الدنيا وهي ما يجده أهل الطاعة والعمل الصالح والإيمان من الانشراح واللذة والسرور بمناجاة الله وعبادته والقرب منه، مع ما يعتريهم من الأسقام والأمراض وضعف الحال، وذلك لأن نفوسهم اطمأنت بطاعة ربهم ، فأنساهم ذلك هموم الدنيا وآلامها ومصاعبها، وما يلقونه فيها من الأكدار، فصار لهم الانشراح والحبور والراحة القلبية، وقد كان النبي ﷺ ينام على الحصير حتى يؤثر في جنبه وهو أطيب الناس عيشاً.

وقد وصف الإمام ابن القيم شيخه ابن تيمية بأنه أطيب الناس عيشاً، مع ما كان يحصل له من إيذاء، وكان يقول –رحمه الله: ”إن جنتي وبستاني في صدري، سجني خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة“.

قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في الجواب الكافي عن الحياة الطيبة: ”ليس المراد منها الحياة المشتركة بين المؤمنين والكفار والأبرار والفجار من طيب المأكل والملبس والمشرب والمنكح، بل ربما زاد أعداء الله على أوليائه في ذلك أضعافاً مضاعفة، وقد ضمن الله سبحانه لكل من عمل صالحاً أن يحييه حياة طيبة، فهو صادق الوعد الذي لا يخلف وعده، وأي حياة أطيب من حياة من اجتمعت همومه كلها وصارت هماً واحداً في مرضات الله، ولم يتشعب قلبه، بل أقبل على الله واجتمعت إرادته وأفكاره -التي كانت متقسمة بكل وادٍ منها شعبة- على الله، فصار ذكره بمحبوبه الأعلى، وحبه والشوق إلى لقائه، والأنس بقربه هو المستولي عليه، وعليه تدور همومه وإرادته وقصوده بكل خطرات قلبه، فإن سكت سكت بالله، وإن نطق نطق بالله، وإن سمع فبه يسمع، وإن أبصر فبه يبصر وبه يبطش وبه يمشي وبه يتحرك وبه يسكن وبه يحيا وبه يموت وبه يبعث“[2].

وقال -رحمه الله تعالى– في مفتاح دار السعادة: ”هذا خبر أصدق الصادقين ومخبره عند أهله عين اليقين، بل هو حق اليقين، ولا بد لكل من عمل صالحاً أن يحييه الله حياة طيبة بحسب إيمانه وعمله، ولكن يغلط الجفاة الأجلاف في مسمى الحياة حيث يظنونها التنعم في أنواع المآكل والمشارب والملابس والمناكح، أو لذة الرياسة والمال وقهر الأعداء، والتفنن بأنواع الشهوات، ولا ريب أن هذه لذة مشتركة بين البهائم، بل قد يكون حظ كثير من البهائم منها أكثر من حظ الإنسان، فمن لم تكن عنده لذة إلا اللذة التي تشاركه فيها السباع والدواب والأنعام فذلك ممن ينادى عليه من مكان بعيد.

ولكن أين هذه اللذة من اللذة بأمر إذا خالط بشاشته القلوب سلى عن الأبناء والنساء والأوطان والأموال والإخوان والمساكن، ورضي بتركها كلها والخروج منها رأساً، وعرض نفسه لأنواع المكاره والمشاق وهو متحل بهذا منشرح الصدر به يطيب له قتل ابنه وأبيه وصاحبه وأخيه، لا تأخذه في ذلك لومة لائم حتى إن أحدهم ليتلقى الرمح بصدره ويقول: فزت ورب الكعبة ويستطيل الآخر حياته حتى يُلقي قوته من يده ويقول: إنها لحياة طويلة إن صبرت حتى آكلها، ثم يتقدم إلى الموت فرحاً مسروراً، ويقول الآخر مع فقره: لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن عليه لجالدونا عليه بالسيوف، ويقول الآخر: إنه ليمر بالقلب أوقات يرقص فيها طرباً، وقال بعض العارفين: إنه لتمر بي أوقات أقول فيها إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب“[3].

قوله: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ۝ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ۝ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ [سورة النحل:98- 100].

هذا أمر من الله تعالى لعباده على لسان نبيه ﷺ إذا أرادوا قراءة القرآن أن يستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم، وقد قدمنا الأحاديث الواردة في الاستعاذة مبسوطة في أول التفسير، ولله الحمد والمنة، والمعنى في الاستعاذة عند ابتداء القراءة لئلا يلبس على القارئ قراءته، ويخلط عليه ويمنعه من التدبر والتفكر؛ ولهذا ذهب الجمهور إلى أن الاستعاذة إنما تكون قبل التلاوة.

وقوله: إنه لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ قال الثوري: ليس له عليهم سلطان أن يوقعهم في ذنب لا يتوبون منه، وقال آخرون: معناه لا حجة له عليهم، وقال آخرون: كقوله: إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ.

إِنَّمَا سُلْطَانه عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ قال مجاهد: يطيعونه، وقال آخرون: اتخذوه وليًا من دون الله، وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ أي: أشركوا في عبادة الله تعالى.

قوله -تبارك وتعالى: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، أي: إذا أردت قراءة القرآن، وهذه الآية كقوله -تبارك وتعالى: فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ [سورة الطلاق:2] أي: إذا قاربن بلوغ الأجل؛ لأن المطلقة إذا بلغت الأجل في العدة تكون قد بانت من زوجها، ولا يستطيع أن يمسكها.

وقال بعض أهل العلم في قوله –تبارك وتعالى: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ: إن الاستعاذة تكون بعد القراءة، وهذا القول على غرابته موجه بتوجيه معقول، وهو أن الاستعاذة بعد القراءة؛ لئلا يحصل للقارئ العجب بالعمل الصالح، فتفسد عليه عبادته.

والراجح -والله أعلم– المعنى الأول وهو أن الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم هي بين يدي القراءة، وذلك نوع طهارة وتهيؤ، كما أن الإنسان يتهيأ للقراءة بالطهارة فكذلك يتهيأ لها بنوع آخر وهو التخلص من الشيطان الرجيم، من أجل ألا يشوش عليه فكره، ويفرق قلبه، كما يحصل لبعض الناس من الوساوس والأفكار الفاسدة أثناء القراءة، ويلبس عليه أمره.

وقد بينت السنة كيفية الاستعاذة، فإذا قال القارئ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أو قال: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، أو زاد: مِن هَمْزه ونفخه ونفثه، فكل ذلك حسن.

ومعنى الشيطان: من شطن أي بعُد، فهو بعيد عن رحمة الله وعن الخير، يقال: شطنت البئر، يعني: بعد قعرها، أو من شاط يشيط، فكل عاتٍ متمرد فهو شيطان، ومنه قول الشاعر:

أيام يدعونني الشيطان من غزل وكن يهوينني إذ كنت شيطانًا

وقول الآخر يمدح سليمان :

أيّما شاطنٍ عصاه عكاه ثم يُلقَى في القيد والأكبال

ورجيم فعيل بمعنى مفعول أي: مرجوم، فهو مُبعَد عن الخير وعن رحمة الله ، وقال بعضهم: رجيم أي: مرجوم بالسب والشتم واللعن، وكل هذا صحيح، وبعضهم يقول: رجيم: فعيل بمعنى فاعل، أي: أنه راجم، يرجم الناس بالوساوس، والخواطر السيئة، لكن المشهور هو الأول.

قوله:  إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ۝ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ [النحل: 99، 100]

قال الثوري: ليس له عليهم سلطان أن يوقعهم في ذنب لا يتوبون منه، وقال آخرون: معناه لا حجة له عليهم، وهذا كثير في القرآن، وهو اختيار كبير المفسرين ابن جرير، وعزاه الواحدي لعامة المفسرين.

وقد أثبت الله –تبارك وتعالى– للشيطان سلطانًا فقال: إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ، ونفى عنه السلطان في سورة إبراهيم فقال:  وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي [إبراهيم: 22]، وقد بين العلامة الشنقيطي -في دفع إيهام الاضطراب- الجمعَ بين الآيتين، وللعلامة ابن القيم –رحمه الله– كلام على هذه المسألة.

وقد قال بعض أهل العلم: إن المراد بسلطان الشيطان هو الحجة، ويكون المعنى: إنما زينت لكم ودعوتكم بلا حجة فاستجبتم لي.

وقال بعضهم: إن المقصود أنه لم يكن له تسلط عليهم بالقدرة والقهر والإجبار، وإنما دعاهم فاستجابوا له، وبين المعنيين ملازمة؛ لأن سلطان الحجة يؤثر ويورث الاستجابة والانقياد فهو يقهر بهذه الحجة؛ ولهذا قال الله : وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا [سورة الإسراء:33]، قيل: حجة، وقيل: تسلطًا على القاتل.

وقيل: إن المقصود أن الشيطان لم يكن له سلطان عليهم ابتداءً، ولكن هم الذين سلطوه على أنفسهم باتباع خطواته، والاستجابة لوساوسه وخواطره السيئة التي يلقيها في قلوبهم، فسلموا قيادهم له فصرعهم وغلبهم وأوقعهم فيما لا يرضي الله -تبارك وتعالى، ولهذا قال: إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ.

(مسألة): قوله –تبارك وتعالى: قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا [سورة الحجرات:14] هذا الخطاب موجه لطائفة مخصوصة وهم الأعراب، الذين لم يدخل الإيمان قلوبهم، وإنما أسلموا إسلامًا ظاهرًا فقط، فنهاهم الله –تبارك وتعالى- عن هذه الدعوى، والمقصود بالإيمان هنا الانقياد والاستجابة والتصديق والإقرار القلبي.

ولا يدل قوله – تبارك وتعالى : فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى [سورة النجم:32] على عدم جواز تزكية النفس، فيجوز للإنسان أن يقول: أنا مؤمن ويجزم بذلك، لكن لا يقول ذلك باعتبار أنه من أهل الجنة وأنه مقطوع له بدخول الجنة.

  1. رواه مسلم، كتاب الزكاة، باب في الكفاف والقناعة (2 / 730)، برقم (1054).
  2. الجواب الكافي (1 / 129- 130).
  3. مفتاح دار السعادة (1/35-36).

مواد ذات صلة